لقد دلت القياسات الإشعاعية لصخور الأرض أن عمر هذه الأرض بحدود 4.6 بليون سنة، حيث كانت الأرض في بداياتها عملاقاً ملتهباً مغلفة بالصخور الملتهبة، وهناك ملايين النيازك التي تصطدم بسطحها كل يوم، لقد كانت هذه الاصطدامات بمثابة مطرقة تدق وتسوِّي هذه الأرض حتى أخذت شكلها الكروي.
ثم بدأت هذه الأرض بالتبرد شيئاً فشيئاً، وبدأ بخار الماء بالتكثف حولها في الغلاف الجوي، وبدأت الغيوم بالتشكل والأمطار بالتساقط بغزارة، مما أدى إلى تبريد الأرض ونشوء البحار التي غلَّفت الأرض بالكامل.
ثم بدأت القشرة الأرضية بالتشكل وبدأت التشققات تظهر على هذه القشرة فشكلت ما يسمى بالألواح الأرضية، وبدأت هذه الألواح بالحركة والتصادم فيما بينها لتتشكل الجبال وتنشأ الأنهار، ويظن العلماء أن الحياة بدأت على هذه الأرض قبل 3 بليون سنة ويقول العلماء حدث انقراض مفاجئ للعديد من أنواع الكائنات الحية مثل الديناصورات التي انقرضت قبل 65 مليون سنة، بعد أن أفسدت في الأرض وقامت المذابح وسفكت دماء بعضها، فنزل نيزك ضخم اخترق الغلاف الجوي للأرض وسبب الحرائق والدمار والتلوث فهلك هذا النوع من المخلوقات بالكامل.
تكرار تلوث الأرض
إن العلماء عندما درسوا تاريخ الأرض وجدوا أن الأرض في بدايات خلقها كانت ملوثة بالغازات السامة بشكل كبير، بل لم يكن الأكسجين قد ولد بعد، بل كان الغلاف الجوي عبارة عن غازات سامة وبخار ماء.
ثم وعبر ملايين السنين ونتيجة عمليات فيزيائية قدَّرها الله تم تنقية جو الأرض من هذه الغازات وامتلأ بالهواء النقي، وهكذا أصلح الله الأرض للحياة، أي لتكون صالحة للحياة على ظهرها.
ويخبرنا العلماء بأن كمية غاز الكربون وغاز الميثان كانت أعظم بمئات المرات مما هي عليه اليوم، أي كان هناك فساد في جو الأرض وأصلحه الله من خلال خلق النباتات التي امتصت هذا الغاز لصنع غذائها، ومن خلال ذوبان جزء هذا الغاز السام في المحيطات. وبنفس الوقت خلق الله كميات هائلة من البكتريا التي تنتج الأكسجين بكميات كبيرة، واستمرت هذه العملية ملايين السنين وكانت البكتريا والنباتات بمثابة أجهزة لتنقية جو الأرض!
كانت الأرض ذات يوم ملوثة بشدة فأصلحها الله لنا، ويقول العلماء إن نسبة غاز الكربون كانت تزيد على ما هي عليه اليوم مئات المرات، ثم حدثت عمليات فيزيائية وحيوية معقدة نتج عنها الغلاف الجوي النقي، ولكن الدراسات تشير إلى ازدياد نسبة غاز الكربون من جديد وتنذر بالخطر والكوارث الطبيية.
نعمة غاز الكربون
لقد اختار الله برحمته أن ينقِّي أرضنا من غاز الكربون السام، هذا الغاز كان في عصر من العصور يغطي الأرض بشكل كثيف، أصبحت نسبته اليوم بحدود 0.035 % بكلمة أخرى في كل مئة ألف غرام هواء هناك 35 غرام من غاز الكربون.
ولو تأملنا بقية كواكب المجموعة الشمسية نلاحظ أن جوها فاسد وغير صالح للحياة، فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة غاز الكربون على سطح المريخ 96 % أما على سطح كوكب الزهرة فتبلغ نسبة هذا الغاز أكثر من 98 % ، وطبعاً عندما نجد نسبة غاز الكربون منخفضة جداً على سطح الأرض (نسبة 35 بالمئة ألف)، فهذا من رحمة الله تعالى علينا.
ويؤكد العلماء في بحث أجروه في جامعة شيكاغو أن غاز الكربون هو بحق نعمة من نعم الخالق فهو يعمل على تنظيم درجة الحرارة على سطح الأرض، وإن أي تغيير في نسبة هذا الغاز سوف يسبب الكوارث والأعاصير.
نعمة الأكسجين
لماذا جعل الله نسبة الأكسجين في جو الأرض بحدود 21 بالمئة؟ طبعاً لأن هذه النسبة هي المناسبة لاستمرار الحياة، ويقول الباحثون لو كانت نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي أقل من 15 بالمئة فإن النار لن تشتعل، لأن كمية الأكسجين لن تكون كافية لإتمام التفاعل. ولو كانت كمية الأكسجين أكبر من 25 بالمئة سوف يحترق كل شيء على الأرض من دون شرارة فقط بسبب حرارة الشمس!
والشيء الغريب الذي يعجب منه العلماء هو أن الكائنات الدقيقة على الأرض إذا تعرضت لأشعة الشمس مباشرة فإنها تموت على الفور، ولكن من رحمة الله تعالى أنه زوَّد الغلاف الجوي بطبقة من غاز الأوزون هذه الطبقة تمتص الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس، ولولا هذه الطبقة لماتت المخلوقات على الأرض منذ زمن، بل لم يكن ممكناً للحياة أن تنشأ أبداً!
طبعاً قد يسأل سائل: كيف يعرف العلماء بنسبة الأكسجين أو الكربون في جو الأرض قبل ملايين السنين؟ لقد وجد العلماء أثناء أخذهم عينات من الجليد في جبال الألب مثلاً، أن هذا الجليد يحوي فقاعات من الغاز، وبعد دراسة هذه الفقاعات وما تحويه من عناصر تدعى النظائر المشعة، فإنهم يستطيعون من خلال كمية الإشعاع المتبقية في هذه العناصر أن يحسبوا عمر هذه الفقاعات، وكيف كان الجو السائد في ذلك الزمن.
من رحمة الله علينا أنه هيَّأ لنا الجو المناسب لنعيش فيه على الأرض، فالأرض تملك غلافاً جوياً رائعاً يحوي بحدود 0.03 % من غاز الكربون (أي نسبة مئوية تقدر بثلاثة بالعشرة آلاف) وهذه النسبة مناسبة للحياة على الأرض، بينما نجد أن كوكب المريخ له غلاف جوي رقيق ممتلئ بغاز الكربون، وكذلك كوكب الزهرة، وهذه من النعم التي ينبغي علينا أن نشكر الله عليها.
مستقبل لا يبشر بالخير!
لقد دلت الدراسات أن نسبة غاز الكربون في الجو الآن أعلى بثلاثين في المئة من العصور السابقة، أما نسبة غاز الميثان فهي أعلى بنسبة مئة بالمئة من السنوات الماضية. ونسبة غاز الكربون تزداد بمعدل واحد بالمئة كل عام، وهذه الزيادة خطيرة جداً، وهذه الزيادة المتسارعة هي بسبب النشاط البشري في حرق الوقود وإنتاج الطاقة. ولذلك إذا استمرت الزيادة كما هي عليه الآن، فإنه خلال مئة عام ستكون نسبة غاز الكربون في الهواء أعلى من أي وقت مضى على تاريخ الأرض خلال المليون سنة الماضية.
إن زيادة نسبة غاز الكربون سوف تتسبب بتغيرات مفاجئة بالمناخ، وهذا سوف يسبب بعض الكوارث الطبيعية، وينتج عن ذلك مجاعة قد تجتاح العالم الفقير خصوصاً، سوف يرتفع مستوى سطح البحر عدة أمتار بسبب ذوبان الجبال الجليدية في القارة المتجمدة الشمالية والجنوبية. وهذا سيؤدي إلى غرق مدن ساحلية بأكملها نتيجة هذا الارتفاع الكبير.
إن زيادة نسبة الكربون في الجو خلال العصور السابقة للأرض كانت بفعل الظواهر الجيولوجية كالبراكين وما تقذفه من غازات، وعلى الرغم من الكميات الهائلة التي أطلقتها البراكين فيما مضى، إلا أنها تبقى أقل بكثير مما يطلقه البشر اليوم من ملوثات!
منحني يمثل ازدياد نسبة غاز الكربون منذ عام 1958 وحتى عام 2004، ويظهر الازدياد المتسارع في نسبة هذا الغاز السام، فقد صعدت النسبة من 300 جزءاً في المليون، إلى 400 جزءاً في المليون خلال الخمسين عاماً الماضية!
القرآن يتحدث عن دورة تلوث الأرض
كما رأينا فإن الدراسات الحديثة لتاريخ الأرض تدل على أن هناك دورة للغلاف الجوي للأرض، حيث كان ذات يوم مليئاً بالغازات السامة، ثم انخفضت نسبة الغازات السامة تدريجياً وفق عملية دقيقة ومعقدة تم عبرها إصلاح هذا الخلل في جو الأرض ولولا هذه العمليات لم يكن للحياة أن تنشأ على الأرض.
واليوم يخبرنا العلماء أن نسبة التلوث ازدادت من جديد فنجد العلماء يطلقون الصيحات المحذرة للبشر ألا يلوّثوا هذه الأرض لأن ذلك سيؤدي إلى الكثير من الكوارث البيئية ولذلك فقد سبق القرآن هؤلاء العلماء للإشارة إلى هذه الحقيقة العلمية فأكد لنا القرآن أن الأرض كانت ذات يوم غير صالحة للحياة فأصلحها الله وأمرنا ألا نفسد فيها وأن ندعو الله ليجنبنا شر الكوارث فقال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[الأعراف: 56].
فهذه الآية تضمنت عدة إشارات:
1- الإشارة إلى تجنب الإفساد في الأرض وتلويثها في قوله تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ).
2- الإشارة إلى أن الأرض كانت ذات يوم ملوثة فأصلحها اله لنا وأمرنا ألا نفسدها بعد إصلاحها في قوله تعالى: (بَعْدَ إِصْلَاحِهَا).
3- الإشارة إلى أهمية الدعاء في هذا العصر لأن الفساد البيئي اليوم يهدد الأرض بالكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والتسونامي والأمطار الحامضية وغير ذلك، فقال: (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا).
4- الإشارة إلى ألا نفقد الأمل في رحمة الله تعالى وأن نستبشر بالخير وأن الله قادر على إصلاح هذا الخلل البيئي، فقال: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
500 عالم يجمعون على هذه الحقيقة!
في مؤتمر باريس 2 الذي عقد في مطلع العام 2007 واجتمع فيه أكثر من 500 عالم من مختلف أنحاء العالم خرجوا بنتائج أهمها أن الفساد البيئي والتلوث قد شمل البر والبحر وحتى البشر والنبات والحيوان، وأن الإنسان هو المسؤول عن هذا الإفساد، وأن هناك إمكانية للرجوع إلى النسب الطبيعية لغاز الكربون في الغلاف الجوي.
والعجيب أن القرآن لخَّص لنا هذه النتائج بآية واحدة فقط تشير إلى ظهور هذا الفساد في البر والبحر بسبب الإنسان، يقول تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41].
الأعاصير وما تجرّه من أخطار هي أهم نتائج التلوث البيئي، وهذا أحد نتائج الفساد الذي حذرنا القرآن منه، يقول تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[الأعراف: 56].
ثم بدأت هذه الأرض بالتبرد شيئاً فشيئاً، وبدأ بخار الماء بالتكثف حولها في الغلاف الجوي، وبدأت الغيوم بالتشكل والأمطار بالتساقط بغزارة، مما أدى إلى تبريد الأرض ونشوء البحار التي غلَّفت الأرض بالكامل.
ثم بدأت القشرة الأرضية بالتشكل وبدأت التشققات تظهر على هذه القشرة فشكلت ما يسمى بالألواح الأرضية، وبدأت هذه الألواح بالحركة والتصادم فيما بينها لتتشكل الجبال وتنشأ الأنهار، ويظن العلماء أن الحياة بدأت على هذه الأرض قبل 3 بليون سنة ويقول العلماء حدث انقراض مفاجئ للعديد من أنواع الكائنات الحية مثل الديناصورات التي انقرضت قبل 65 مليون سنة، بعد أن أفسدت في الأرض وقامت المذابح وسفكت دماء بعضها، فنزل نيزك ضخم اخترق الغلاف الجوي للأرض وسبب الحرائق والدمار والتلوث فهلك هذا النوع من المخلوقات بالكامل.
تكرار تلوث الأرض
إن العلماء عندما درسوا تاريخ الأرض وجدوا أن الأرض في بدايات خلقها كانت ملوثة بالغازات السامة بشكل كبير، بل لم يكن الأكسجين قد ولد بعد، بل كان الغلاف الجوي عبارة عن غازات سامة وبخار ماء.
ثم وعبر ملايين السنين ونتيجة عمليات فيزيائية قدَّرها الله تم تنقية جو الأرض من هذه الغازات وامتلأ بالهواء النقي، وهكذا أصلح الله الأرض للحياة، أي لتكون صالحة للحياة على ظهرها.
ويخبرنا العلماء بأن كمية غاز الكربون وغاز الميثان كانت أعظم بمئات المرات مما هي عليه اليوم، أي كان هناك فساد في جو الأرض وأصلحه الله من خلال خلق النباتات التي امتصت هذا الغاز لصنع غذائها، ومن خلال ذوبان جزء هذا الغاز السام في المحيطات. وبنفس الوقت خلق الله كميات هائلة من البكتريا التي تنتج الأكسجين بكميات كبيرة، واستمرت هذه العملية ملايين السنين وكانت البكتريا والنباتات بمثابة أجهزة لتنقية جو الأرض!
كانت الأرض ذات يوم ملوثة بشدة فأصلحها الله لنا، ويقول العلماء إن نسبة غاز الكربون كانت تزيد على ما هي عليه اليوم مئات المرات، ثم حدثت عمليات فيزيائية وحيوية معقدة نتج عنها الغلاف الجوي النقي، ولكن الدراسات تشير إلى ازدياد نسبة غاز الكربون من جديد وتنذر بالخطر والكوارث الطبيية.
نعمة غاز الكربون
لقد اختار الله برحمته أن ينقِّي أرضنا من غاز الكربون السام، هذا الغاز كان في عصر من العصور يغطي الأرض بشكل كثيف، أصبحت نسبته اليوم بحدود 0.035 % بكلمة أخرى في كل مئة ألف غرام هواء هناك 35 غرام من غاز الكربون.
ولو تأملنا بقية كواكب المجموعة الشمسية نلاحظ أن جوها فاسد وغير صالح للحياة، فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة غاز الكربون على سطح المريخ 96 % أما على سطح كوكب الزهرة فتبلغ نسبة هذا الغاز أكثر من 98 % ، وطبعاً عندما نجد نسبة غاز الكربون منخفضة جداً على سطح الأرض (نسبة 35 بالمئة ألف)، فهذا من رحمة الله تعالى علينا.
ويؤكد العلماء في بحث أجروه في جامعة شيكاغو أن غاز الكربون هو بحق نعمة من نعم الخالق فهو يعمل على تنظيم درجة الحرارة على سطح الأرض، وإن أي تغيير في نسبة هذا الغاز سوف يسبب الكوارث والأعاصير.
نعمة الأكسجين
لماذا جعل الله نسبة الأكسجين في جو الأرض بحدود 21 بالمئة؟ طبعاً لأن هذه النسبة هي المناسبة لاستمرار الحياة، ويقول الباحثون لو كانت نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي أقل من 15 بالمئة فإن النار لن تشتعل، لأن كمية الأكسجين لن تكون كافية لإتمام التفاعل. ولو كانت كمية الأكسجين أكبر من 25 بالمئة سوف يحترق كل شيء على الأرض من دون شرارة فقط بسبب حرارة الشمس!
والشيء الغريب الذي يعجب منه العلماء هو أن الكائنات الدقيقة على الأرض إذا تعرضت لأشعة الشمس مباشرة فإنها تموت على الفور، ولكن من رحمة الله تعالى أنه زوَّد الغلاف الجوي بطبقة من غاز الأوزون هذه الطبقة تمتص الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس، ولولا هذه الطبقة لماتت المخلوقات على الأرض منذ زمن، بل لم يكن ممكناً للحياة أن تنشأ أبداً!
طبعاً قد يسأل سائل: كيف يعرف العلماء بنسبة الأكسجين أو الكربون في جو الأرض قبل ملايين السنين؟ لقد وجد العلماء أثناء أخذهم عينات من الجليد في جبال الألب مثلاً، أن هذا الجليد يحوي فقاعات من الغاز، وبعد دراسة هذه الفقاعات وما تحويه من عناصر تدعى النظائر المشعة، فإنهم يستطيعون من خلال كمية الإشعاع المتبقية في هذه العناصر أن يحسبوا عمر هذه الفقاعات، وكيف كان الجو السائد في ذلك الزمن.
من رحمة الله علينا أنه هيَّأ لنا الجو المناسب لنعيش فيه على الأرض، فالأرض تملك غلافاً جوياً رائعاً يحوي بحدود 0.03 % من غاز الكربون (أي نسبة مئوية تقدر بثلاثة بالعشرة آلاف) وهذه النسبة مناسبة للحياة على الأرض، بينما نجد أن كوكب المريخ له غلاف جوي رقيق ممتلئ بغاز الكربون، وكذلك كوكب الزهرة، وهذه من النعم التي ينبغي علينا أن نشكر الله عليها.
مستقبل لا يبشر بالخير!
لقد دلت الدراسات أن نسبة غاز الكربون في الجو الآن أعلى بثلاثين في المئة من العصور السابقة، أما نسبة غاز الميثان فهي أعلى بنسبة مئة بالمئة من السنوات الماضية. ونسبة غاز الكربون تزداد بمعدل واحد بالمئة كل عام، وهذه الزيادة خطيرة جداً، وهذه الزيادة المتسارعة هي بسبب النشاط البشري في حرق الوقود وإنتاج الطاقة. ولذلك إذا استمرت الزيادة كما هي عليه الآن، فإنه خلال مئة عام ستكون نسبة غاز الكربون في الهواء أعلى من أي وقت مضى على تاريخ الأرض خلال المليون سنة الماضية.
إن زيادة نسبة غاز الكربون سوف تتسبب بتغيرات مفاجئة بالمناخ، وهذا سوف يسبب بعض الكوارث الطبيعية، وينتج عن ذلك مجاعة قد تجتاح العالم الفقير خصوصاً، سوف يرتفع مستوى سطح البحر عدة أمتار بسبب ذوبان الجبال الجليدية في القارة المتجمدة الشمالية والجنوبية. وهذا سيؤدي إلى غرق مدن ساحلية بأكملها نتيجة هذا الارتفاع الكبير.
إن زيادة نسبة الكربون في الجو خلال العصور السابقة للأرض كانت بفعل الظواهر الجيولوجية كالبراكين وما تقذفه من غازات، وعلى الرغم من الكميات الهائلة التي أطلقتها البراكين فيما مضى، إلا أنها تبقى أقل بكثير مما يطلقه البشر اليوم من ملوثات!
منحني يمثل ازدياد نسبة غاز الكربون منذ عام 1958 وحتى عام 2004، ويظهر الازدياد المتسارع في نسبة هذا الغاز السام، فقد صعدت النسبة من 300 جزءاً في المليون، إلى 400 جزءاً في المليون خلال الخمسين عاماً الماضية!
القرآن يتحدث عن دورة تلوث الأرض
كما رأينا فإن الدراسات الحديثة لتاريخ الأرض تدل على أن هناك دورة للغلاف الجوي للأرض، حيث كان ذات يوم مليئاً بالغازات السامة، ثم انخفضت نسبة الغازات السامة تدريجياً وفق عملية دقيقة ومعقدة تم عبرها إصلاح هذا الخلل في جو الأرض ولولا هذه العمليات لم يكن للحياة أن تنشأ على الأرض.
واليوم يخبرنا العلماء أن نسبة التلوث ازدادت من جديد فنجد العلماء يطلقون الصيحات المحذرة للبشر ألا يلوّثوا هذه الأرض لأن ذلك سيؤدي إلى الكثير من الكوارث البيئية ولذلك فقد سبق القرآن هؤلاء العلماء للإشارة إلى هذه الحقيقة العلمية فأكد لنا القرآن أن الأرض كانت ذات يوم غير صالحة للحياة فأصلحها الله وأمرنا ألا نفسد فيها وأن ندعو الله ليجنبنا شر الكوارث فقال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[الأعراف: 56].
فهذه الآية تضمنت عدة إشارات:
1- الإشارة إلى تجنب الإفساد في الأرض وتلويثها في قوله تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ).
2- الإشارة إلى أن الأرض كانت ذات يوم ملوثة فأصلحها اله لنا وأمرنا ألا نفسدها بعد إصلاحها في قوله تعالى: (بَعْدَ إِصْلَاحِهَا).
3- الإشارة إلى أهمية الدعاء في هذا العصر لأن الفساد البيئي اليوم يهدد الأرض بالكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والتسونامي والأمطار الحامضية وغير ذلك، فقال: (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا).
4- الإشارة إلى ألا نفقد الأمل في رحمة الله تعالى وأن نستبشر بالخير وأن الله قادر على إصلاح هذا الخلل البيئي، فقال: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
500 عالم يجمعون على هذه الحقيقة!
في مؤتمر باريس 2 الذي عقد في مطلع العام 2007 واجتمع فيه أكثر من 500 عالم من مختلف أنحاء العالم خرجوا بنتائج أهمها أن الفساد البيئي والتلوث قد شمل البر والبحر وحتى البشر والنبات والحيوان، وأن الإنسان هو المسؤول عن هذا الإفساد، وأن هناك إمكانية للرجوع إلى النسب الطبيعية لغاز الكربون في الغلاف الجوي.
والعجيب أن القرآن لخَّص لنا هذه النتائج بآية واحدة فقط تشير إلى ظهور هذا الفساد في البر والبحر بسبب الإنسان، يقول تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41].
الأعاصير وما تجرّه من أخطار هي أهم نتائج التلوث البيئي، وهذا أحد نتائج الفساد الذي حذرنا القرآن منه، يقول تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[الأعراف: 56].
تعليق