رنين الهاتف
في ليلة هادئة بأحد بيوت ونديرمر (المملكة المتحدة) عام 1982 ، قرر زوجين شابين إحضار جليسة أطفال لأبنائهم الثلاثة تراقبهم و تعتني بهم عند غيابهم لحضور حفلة مسائية يستمتعان بها مع الأصدقاء
بعد نصف ساعة من الانتظار دق الباب .. لقد حضرت فتاة شابة تدعى هيلين في السادسة عشر من العمر ، أخبراها أن الأطفال نيام و أنهما سيرجعان إلى البيت بعد ساعات قليلة من الآن .
ذهبت هيلين لتطمئن على الأطفال لبرهة قصيرة و فضلت الابتعاد عنهم و الجلوس بالصالة لكي لا تصدر صوتا من شأنه أن يوقظهم من النوم ، و غادرت بالفعل .. أخرجت من حقيبتها كتابا تتسلى به في هذا الوقت ، فمضت عشرون دقيقة من الصمت و الهدوء قطعها صوت رنين هاتف البيت .. قامت مسرعة و رفعت السماعة تنتظر من سيتكلم لكنها لم تتلقى أي صوت ثم أغلقتها دون اهتمام . لكن سرعان ما عاد الرنين مجددا ، هذه المرة سمعت صوتا خشنا مرتجفا يقول : هل ذهبت لتفقد الأطفال ؟ ثم انقطع الخط ..
ظنت هيلين أن الاتصال كان من الأب ليسأل هل كل شيء على ما يرام و ربما حصل له خلل بالهاتف و سيعود للاتصال مجددا .. و هذا بالفعل ما حصل ، عاد الهاتف للرنين .. هذه المرة كان الصوت مخيفا أكثر من السابق و قد ردد نفس العبارة : هل ذهبت لتفقد الأطفال ؟ ردت عليه هيلين بنبرة قلقة : هل أنت السيد ستيوارت ؟ .. ساد الهدوء من جديد و انقطع الخط ..
أحست هيلين بشعور بعدم الاطمئنان ، فتذكرت أنها تمتلك رقم هاتف مطعم قريب من الجوار خمنت أن أصحاب البيت قد يذهبان إليه للحصول على وجبة العشاء قبل بداية الحفل .. اتصلت بالرقم فرد عليها صاحب المطعم و أخبرها أنهما بالفعل كانا هنا لكنهما انصرفا قبل عشر دقائق .
زاد توترها و اتصلت هذه المرة بالشرطة فردوا عليها بجواب محبط : لا يسعنا أن نفعل أي شيء بخصوص الخدع الهاتفية .. لم تمر إلا ثوان قليلة على إغلاق السماعة حتى رن مجددا هذه المرة بنبرة صارخة غاضبة : لماذا لا تذهبين لتفقد الأطفال ؟
أفزعها الصوت و كاد أن يغمى عليها و سمعت صوت خشخشة خفيفة يصدر من بعيد فاتصلت بالشرطة لتخبرهم أنها تشعر بأن هذا الغريب معها في البيت ، لكن للأسف لم يهتم كثيرا الشرطي لكلامها معتبرا أن الخوف فقط يجعلها تتوهم .. فحاول طمأنتها و طلب منها الهدوء و أخذ رقمها لكي يتعقب مكان المتصل في حين عاود الاتصال .
كان حجم الصالة الكبير و منظر اللوحات المعلقة التي تزينه يزيد من الخوف و الرعب .. لهذا أطفأت هيلين النور و لم تتجرأ على السير إلا إلى أقرب غرفة مجاورة لكي تشعر بالاطمئنان .. فأغلقت على نفسها و وضعت الهاتف بالقرب منها تترقب اتصال الغريب من جديد .. و بمجرد أن رن الهاتف استجمعت قواها و صرخت بشدة : ماذا تريد مني ؟ أجابها برد جعل بدنها يقشعر : لماذا أطفئت الأنوار ؟ حاولت مواجهة مخاوفها من جديد و ردت عليه بنفس الشدة : من أنت ؟ ماذا تريد ؟ هل تريد أن تخيفني ، أحسنت لقد نجحت ، هل أنت سعيد الآن ؟ ..
أجابها بضحكة خفيفة و برودة دم : لا ليس هذا ما أريده ، بل أريد أن أسبح في دمائك .
تسارعت دقات قلبها و رن الهاتف من جديد ، بدأت تصرخ و تبكي و تكرر : اتركني و شأني .. قبل أن تنتبه إلى أنه صوت الشرطي يحذرها بعبارات خوف سريعة : هيلين اخرجي من البيت بسرعة ، لقد تتبعنا الاتصال ، مصدر المكالمة من نفس مكان تواجدك ، هذا الغريب موجود معك ، هيا اهربي ..
اندفعت إلى الباب كالمجنونة و حاولت فتحها و يديها ترتجف .. أسقطت المفتاح ثم حملته من جديد و نجحت بمغادرة الغرفة و أخذت تلهت و هي تجري دون أن تلتفت إلى الوراء .. صوت الخشخشة قد رجع من جديد مصحوبا بضحكات شيطانية قوية .. فوصلت إلى باب الخروج ثم التفت لترى هالة من الضوء في غرفة الأطفال تعكس ظل رجل ينظر باتجاهها ..
وأخيراً ، غادرت ذلك البيت و سقطت على الأرض ثم رفعت نظرها لتجد الشارع يعم بأضواء سيارات الشرطة و رجال الدفاع المدني و قد اقتحم بعضهم البيت .. فاستدارت لترى ذلك الشخص الغريب و هو مكبل الأيادي و قد تغطت ملابسه كلها بدماء أطفال البيت .
تعليق