جذور عقائد هؤلاء الفرسان:
يقول كاتبا مفتاح حيرام: "ليس هناك من دليل على أنَّ فرسان المعبد كانوا يقومون بحماية الحجاج المسيحيِّين، ولكنَّنا نملك أدلة قوية على قيامهم بحفريات كثيرة قرب خرائب معبد هيرود[29]"... وهو المعبد الذي شيد، كإعادة لمعبد سليمان وفي المكان نفسه.
ويقول المؤرخ الفرنسي "غيتان لافروج Gaetam De Laforge" بأن الغاية الرئيسة لفرسان المعبد كانت العثورَ على الكتابات والآثار التي تشرحُ بقايا العادات والتقاليد السرية اليهودية والمصرية القديمة.
ويُبيِّن كتاب "مفتاح حيرام" أن البحوث والحفريات التي قام بها فرسان المعبد قرب خرائب معبد سليمان لم تذهب هباءً، بل حصلوا على ما غيَّر نظرتَهم للحياة، لقد توصلوا إلى "كابالاCabala[30] من فروع الباطنية الصوفية الحلولية اليهودية السرية، وتبنَّوْها، فانحرفوا عن عقيدتهم النصرانية.
وإلى هذا يشير الماسوني التركي "مراد أوزكن آيفر"Murat Ozgan Ayfer في كتابه:
"ما الماسونية؟"، فيقول: "لا أحدَ يدري على التحقيق كيف ومتى ولد "كابالا"، ولكن المعلوم هو أنَّه مرتبط بالدين اليهودي، ويَحمل صيغةً ميتافيزيقية وتعاليم باطنية، ومع أنه يُذكَر وكأنَّه باطني يهودي، إلا أنَّ معظم تعاليمه قديمة، وكانت موجودةً قبل ظهور التوراة"[31].
أمَّا المؤرخ اليهودي ثيودور رينخ Theodur Reinach، فيصف كابالا بأنه السمُّ السري الذي دخل إلى عروق الدين اليهودي.
والمؤرخ اليهودي "شلمون رينخ" Salomon Ranch يصف كابالا بأنَّه أسوأ انحراف للعقل الإنساني.
فما الكابالا[32]؟
الاسم مُشتق من كلمة عبرية، تفيد معنى التواتر، أو القَبول، أو التقبُّل، أو ما تلقاه المرء عن السلف؛ أي: التقاليد والتُّراث أو التقليد المتوارث.
وكان يُقصَد بالكلمة أصلاً تراثُ اليهودية الشفوي، المتناقل فيما يُعرَف باسم الشريعة الشفوية، ثم أصبحت الكلمة تعني - من أواخر القرن الثاني عشر -: أشكال التصوف والعلم الحاخامي المتطورة، إلى جانب مدلولها الأكثر عمومًا باعتبارها دالة على سائر المذاهب اليهودية الباطنية منذ بداية العصر المسيحي، وقد أطلق العارفون بأسرارِ القبالاه - مقوباليم بالعبرية، والقباليون بالعربية - على أنفسِهم لقب "العارفون بالفيض الرباني"[33] .
فالتراث الصوفي اليهودي يعرف باسم القبالاه، وقد مرت بمراحل عديدة، أهمها قبالاة الزوهار، وتُسمَّى أيضًا القبالاه النبوية، والقبالاه اللوريانية، التي يُمكن أن تُسمَّى (القبالاه المشيحانية).
وهي ذات طابع حلولي قوي، تراكمت داخله عقائد مختلفة، ابتداءً من العهد القديم، مرورًا بالشريعة الشفوية، وقد انعكست هذه الحلولية من خلال شيوع أفكار، مثل: الشعب المختار، وأمَّة الروح، والأرض المقدَّسة.
و(الكابالاه) هي واحدة من أعقد الفلسفات الدينية، فهي تتعمَّق برموز غامضة وباطنية في (ماهية) الله والكون، وهي معقدة جدًّا؛ حيث طيلة قرون لم يسمح بها سوى لرجال اليهود المتدينين جدًّا، ممن يناهزون الأربعين، وكرَّسوا حياتَهم في الدين اليهودي، يسمح لهم بدراستها فقط.
تعليق