الشبيه ..
منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا مهتم بالغرائب والخوارق ، سواء ما عايشه بعض المقربين بأنفسهم أو ما سمعوه ونقلوه على لسان أقاربهم وأصدقاءهم او قراتة على صفحات الكتب او النت . اهتمامي بهذه التجارب آت بالدرجة الأساس من كونها نابعة عن بيئتنا وثقافتنا العربية مما يعطيها نكهة مميزة وطابع خاص يختلف في أنماطه وأطواره عن ذاك السائد في الأدب والفلكلور الغربي .
بعض ما وجدتة لا يتعدى كونه شطحة من شطحات الخيال أو شكل من أشكال الهلوسة البصرية والسمعية الناتجة عن الخوف والتفكير الزائد في أمور العالم الآخر . القليل فقط مما وجدتة يستحق التوقف عنده مليا من أجل البحث والتحقيق في الظواهر التي يتناولها ، وأنا اليوم سأتوقف عند ظاهرة عالمية يطلق عليها البعض تسمية أشباح الأحياء ، وتعرف على نحو أوسع بظاهرة الشبيه .
قصص من واقع الحياة
ظاهرة الشبيه معروفة منذ القدم ولها أصداء في فلكلور أغلب الشعوب . يطلق عليها بالانجليزية أسم (doppelganger ) وهي كلمة مأخوذة عن الألمانية وتعني المزدوج ، تعني عمليا وجود شبيه أو نسخة ثانية لإنسان مازال على قيد الحياة ، هذا الشبيه يكون ذو طبيعة أثيرية ويتجلى للآخرين بشكل منفصل تماما عن صاحبه فيثير الدهشة والرعب في النفوس .
لتوضيح الأمر أكثر دعونا نأخذ بعض الأمثلة الواقعية إضافة إلى تجارب أخرى جمعتها من مواقع ومنتديات أجنبية .
فائزة الحبيب كتبت في تجربة لها :
" في حوالي الثالثة صباحا فوجئت بابنة أختي الصغرى توقظني من نومي لأذهب معها إلى الحمام لأنها تخاف الذهاب لوحدها ولا أحد من أخواتها يريد الاستيقاظ للذهاب معها . فوافقت على الفور لأني لم أردها أن تتبول في فراشها , وكان الطقس باردا , وفيما نحن نذهب للحمام انتبهت إلى أنها حافية القدمين , فأصررت أن تذهب لغرفتها وتلبس حذاءها , لكنها بقيت في مكانها من دون حراك . فذهبت أنا لجلب حذاءها من حجرتها , وعندما فتحت النور وجدتها نائمة على سريرها , وفي الردهة تقف النسخة الأخرى وأنا أنظر إليها مصدومة ومذعورة لا أعرف ماذا أفعل سوى الصراخ , عندها شاهدت الفتاة الأخرى تدخل في الحائط وتختفي ! " .
أما هنري فقد سرد تفاصيل تجربته المخيفة على منتدى أجنبي كالآتي :
" عدت إلى المنزل عصر أحد الأيام ، أدخلت السيارة للمرآب ثم دخلت إلى المنزل وصعدت السلم متوجها إلى حجرتي لأبدل ملابسي . حين وصلت إلى أعلى السلم نظرت إلى الأسفل فرأيت زوجي تقف هناك وهي تنظر إلي بغرابة ، ظننت بأنها تريد شيئا مني ، لكنها لم تكلمني واكتفت بالوقوف هناك تحدق بي بلا حراك ، فالتفتت ورائي ظنا مني بأنها تنظر لشيء ما خلفي ، وكانت هناك نافذة مفتوحة ورائي مباشرة ، فنظرت عبرها وصعقت عندما شاهدت زوجتي وهي تشذب الأشجار في الحديقة الخلفية للمنزل .. من تكون إذن هذه التي تقف أسفل السلم ؟! .. استدرت مرة أخرى وكانت النسخة الثانية من زوجتي لا تزال واقفة بالأسفل تنظر إلي ، ثم رأيتها تمشي مبتعدة فنزلت السلم مسرعا محاولا اللحاق بها ، لكنها اختفت .. تبخرت .. كان هذا أغرب موقف مررت به في حياتي ولم أخبر زوجتي عنه حتى لا تصاب بالهلع " .
شجون هي الأخرى مرت بتجربة غريبة مع الشبيه ، وقد نشرنا قصتها في الموقع ، تقول :
" بعد أن غادر زوجي ذهبت للنوم , كنت مستلقية على سريري لا اعلم كم المدة , وفجأة رأيت زوجي بوضوح وهو يمر من أمام الغرفة ويدخل دورة المياه , أغلق الباب لثواني قبل أن يفتح الباب مرة أخرى ويخرج , وفي هذه الفترة كنت أراه وأناديه بأسمه لكنه لم يلتفت لي وذهب . وعند ذهابه استيقظت كليا وأمسكت الجوال وكلمته ... سألته عن مكانه , فاخبرني انه في مكان عمله , فعرفت بعدها أن الزائر الذي رأيته قبل قليل لم يكن زوجي " .
وعلى صفحات أحد المنتديات الأجنبية كتب دريمر تفاصيل تجربته كالآتي :
" استيقظت صباحا وبقيت في فراشي لبعض الوقت أشاهد نشرة الأخبار ، وفيما أنا مشغول بذلك ، دخلت أمي فجأة إلى الحجرة ، لم تنظر إلي بل سارت بخط مستقيم حتى وصلت إلى النافذة فمرت عبرها واختفت !! .. شعرت برعب شديد .. فأمي عجوز جاوزت الثمانين من عمرها ، وهي مريضة لا تستطيع المشي وتعاني مشاكل في الذاكرة ، وتعيش في دار لرعاية المسنين يبعد أميالا عن منزلي .. كيف ظهرت في حجرتي إذن ؟ .. لقد توقعت الأسوأ ، ظننت بأنها ماتت ، فاتصلت بدار الرعاية لكنهم أخبروني بأنها لا تعاني من أي خطب . وفي المساء ذهبت لزيارتها ، كانت نائمة ، والمفاجأة الكبرى هي أنها كانت ترتدي نفس الثوب الذي رأيتها تلبسه عندما ظهرت في حجرتي صباح ذلك اليوم ! " .
أحيانا الشبيه قد يتجلى بالصوت فقط ، حدث مثل هذا لبشورة مروان التي نشرت تجربتها في الموقع قائلة :
" بعد أن أصبحت بالسرير بقليل ولم أكن نائمة بعد ، سمعت أبي يناديني ويدخل غرفتي يسألني إن كنت بحاجة إلى مال ، فأجبته بالنفي دون أن أنظر إليه فقد كان وجهي للناحية الأخرى ، وفي نفس اللحظة التي كان أبي يكلمني فيها رن هاتفي ، فرأيت اسم المتصل وصعقت ، لقد كان الاتصال من أبي يخبرني انه نسي محفظته الشخصية عندما خرج من المنزل ويطلب مني إحضارها له ! " .
ستيفاني لها شبيه أيضا ، لكنه لا يكشف عن وجهه أبدا ! .. هو يشبهها بالملابس والهيئة العامة وبلون شعرها الأحمر المميز ، أما الوجه فالله وحده يعلم كيف يكون . شقيقة ستيفاني وأمها كان لهن تجارب مخيفة مع هذا الشبيه الغامض ، وقد سردن جانبا من تلك التجارب على أحد المواقع الأجنبية ، ننقل منها الآتي :
كان شعرها منسدلا على وجهها ..
" تقول والدة ستيفاني : في صباح أحد الأيام استيقظت من النوم قرابة الساعة العاشرة وفوجئت بوجود أبنتي ستيفاني في المنزل ، شعرت بالغضب لأني اعتقدت بأنها فوتت حافلة المدرسة وبأني يجب أن أقلها بنفسي الآن إلى المدرسة وأعتذر عن تأخرها . ومما زاد في غضبي هو أنها كانت تتحرك من دون توقف كالمكوك متنقلة من حجرة إلى أخرى ، كانت ترتدي زيها المدرسي لكني لم أر وجهها بوضوح لأن شعرها كان منسدلا عليه وكانت تضع منشفة حول رأسها كأنها خرجت للتو من الحمام . كانت تمشي بسرعة عجيبة كأنها شخصية من شخصيات الأفلام الصامتة القديمة . أخذت امشي خلفها وأصرخ بها لتأخرها عن المدرسة ، ثم رأيتها تدخل حجرتها فدخلت ورائها .. لكن عندما دخلت فوجئت بكون الحجرة فارغة تماما ولا أثر لابنتي فيها ! . حين عادت ستيفاني من المدرسة ظهيرة ذلك اليوم سألتها عن سبب تأخرها صباحا فتعجبت من كلامي وقالت بأنها غادرت المنزل مبكرا واستقلت الحافلة كالعادة مع شقيقتها ، وبأنها كانت جالسة داخل فصلها في الوقت الذي شاهدتها أنا في المنزل ، وقد أكدت شقيقتها كلامها .
أخت ستيفاني الصغرى ، صوفي ، كان لها هي أيضا تجربة مزعجة مع شبيه شقيقتها تقول عنها : ذات مساء كنت متمددة على سريري وأنا شبه النائمة عندما دخلت ستيفاني إلى حجرتي وأخذت تعبث بأغراضي ، فغضبت بشدة ورحت أصرخ بها لكي تخرج لأني أريد أن أنام . لم أرى ملامحها جيدا لأن شعرها كان منسدلا على وجهها ، لكنها كانت ترتدي نفس ملابس ستيفاني ، وحين صرخت بها قامت وسارت إلى خارج الحجرة فلاحظت فورا بأنها مشيتها غريبة ، كانت تمشي بسرعة فائقة ! . وعندما غادرت أخيرا تملكني غضب عارم لأنها طيرت النوم من عيني فذهبت إلى حجرتها لألومها ، لكن حين فتحت باب الحجرة فوجئت بأنها نائمة في فراشها ، وحين أخبرتها عما حدث صباح اليوم التالي أقسمت بأنها لم تأتي إلى حجرتي أبدا مساء البارحة " .
لعل أغرب حوادث الشبيه هي تلك التي يرى الإنسان فيها شبيهه بنفسه ، ولنأخذ قصة جاك التي كتبها على أحد المواقع الأجنبية كمثال ، يقول :
" في بداية حياتي كانت ظروفي صعبة ، كنت يتيما ووحيدا ومفلسا أعيش وأعمل في مزرعة كبيرة في الريف لدى أناس أجلاف قساة ، كان عملي شاقا ، وكانت من واجباتي أن أذهب كل مساء قرابة الساعة العاشرة لكي أغلق وأقفل البوابة الرئيسية للمزرعة المحاذية للطريق العام ، كان علي أن أسير قرابة ميلين . وفي ذات مساء خرجت كالعادة لأقفل البوابة ، كان الجو شديد البرودة ، كنت امشي ببطء مستغرقا في مشاكلي وهمومي ، فجأة راودني أحساس بوجود شخص ما يمشي قربي ، فرحت أتلفت حولي ، كان القمر بدرا والرؤية واضحة ، لكني لم أر أحد ، فاستأنفت المشي ، وبعد برهة راودني نفس الإحساس ، فنظرت خلفي ولم أجد أحدا ، لكن حين استدرت لأكمل طريقي شاهدت رجلا يقف قبالتي .. لا أدري من أين أتى وكيف ظهر هكذا فجأة ، العجيب هو أنه كان نسخة مني في كل شيء ، نفس الوجه والجسم والملابس وحتى تسريحة الشعر ، كأني كنت أنظر لنفسي في المرآة . وقفنا ننظر لبعضنا ، لم نتكلم مطلقا ، لكن فيما أنا أنظر إليه سمعت صوتا يهمس داخل عقلي قائلا : لا تهتم .. جميع المشاكل ستحل قريبا وكل شيء سيكون على ما يرام .. ثم رأيت ملامح شبيهي تبهت حتى تلاشى واختفى تماما ، ولسبب ما أجهله لم أشعر بالخوف أبدا ، بالعكس .. ملئني شعور بالرضا والاطمئنان لم أعرفه سابقا في حياتي ، أكملت طريقي نحو البوابة ، هذه المرة بهمة ونشاط كأن احدهم رفع جميع الهموم والأعباء عن عاتقي مرة واحدة ، ولم يطل الوقت حتى بدأت أموري تتحسن فعلا ، تركت العمل في تلك المزرعة ووجدت وظيفة محترمة ، تزوجت وأنجبت وأسست لحياة أسرية سعيدة ... مرت السنين مسرعة لكني لم أنس أبدا تلك الليلة .. ولا املك أي تفسير لما حدث " .
يتبع
تعليق