لوسي هو الاسم الشائع لمستحاثة هيكل عظمي يحمل الرمز (A.L.288-I)، ويعود لأنثى من نوع أوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس، عاشت وماتت قبل 3.2 مليون سنة. عثر على المستحاثة في أثيوبيا عام 1974 في متاهة من الأودية الضيقة في عفار بأثيوبيا دونالد جونسون وموريس تاييب وتوم جاري.
اكتشاف لوسي
اكتشف لوسي (A.L.288-I) في عام 1974 في متاهة من الأودية الضيقة في إقليم العفر في أثيوبيا دونالد جونسون وموريس تاييب وتوم جاري. وبعد اكتشاف 40% من هيكلها العظمي قرر العلماء أنها لشبيه الإنسان أو ما يعرف وصنفت على أنها من نوع أوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس Australopithecus afarensis. وقدر عمرها بحوالي 3.2 مليون سنة، وأنها في حياتها بلغ طولها 1.1 مترا ووزنها 29 كيلوجراما، واستنتجوا أن الهيكل يعود لأنثى أطلقوا عليها اسم "لوسي" تيمنا بأغنية لفريق البيتيلز البريطاني (لوسي في السماء مع الماسات)، وقد كانت الأغنية تتردد باستمرار في معسكر التنقيب.
في عام 2000 تم اکتشاف المستحاثة سلام في أثیوبیا وهي ترجع لطفلة من النوع الانتقالي Australopithecus Afarensis عاشت قبل مایقرب من 3،3 ملیون سنة من الآن. استغرق استخراجه من المتحجرة من قبل فریق من العلماء زهاء 6 سنوات متواصلة من العمل.
لوسي في تكوينها التشريحي تشبه إلى حد كبير الشمبانزي، وبالرغم من صغر حجم المخ بالنسبة للإنسان العاقل فإن عظام الحوض والأطراف السفلية تتطابق وظيفياً مع نظيرتها عندنا، وتوضح بجلاء أن شبيه الإنسان هذا استطاع المشي منتصباً علي قدمين. في عام 1975 اكتشف العلماء 13 هيكلاً آخر من نفس الجنس في ما يدل علي الجماعة قد أصيبت بكارثة طبيعية كفيضان أو غيره. هذا الاكتشاف أدى إلى معرفة الكثير عن حياة هذا الجنس شبه البشري وعلاقاته الاجتماعية.
الأبحاث التي أجريت علي هيكل لوسي:
نشرت أول صورة لهيكل لوسي في نفس العاموفي العام التالي نشر عنها أول بحث والذي بين أن الحوض يحمل بعض أوجه الشبه بـ(STS14 ،Australopitheus Africans) أحد الأنواع الأخرى الشبيهة بالإنسان. وعظام الركبة متشابهة مع A.L. 129 (حفرية من نفس الجنس).
وفي العام 1976 نشر بحث يقرر ان عظام الركبة والرضفة ولقيمات عظمة الفخذ AL129 تتشابه مع الصفات الحركية (للإنسان الحديث (العاقل) homo sapiens) بالإضافة إلى القدرة على فرد المفصل بشكل شبه مستقيم وهي صفة يتميز بها الإنسان الحديث وتؤهل للسير منتصب القامة علي قدمين. وبعدها بسنة ظهرت دراسة تقيم القدرات الحركية للوسي وأوضحت أن القدرة التناوبية لعظمة القصبة تزيد عن مثيلها في الإنسان بثلاث إلى أربع مرات.
وفي عام 1979 أثناء مؤتمر الجمعية الأمريكية للأنثروبولجيين قدم لوفجوي بحثه حول تجميع هيكل لوسي. وخاصة عظام الحوض والذي بين قدرات التأقلم مع المشي علي قدمين وذلك نظرا لعرض عظام الحوض وبالتحديد العظم اللوحي.
وفي نفس العام قدم "هاري" اكتشافه بتوثيق بصمة قدم (Laetoli Hominid) والذي بين قدرته على الوقوف منتصبا علي قدمين والمشي بخطوات متزنة. ثم قام "لفجوي" بنشر بحثه الثاني عن تكيف السلوك الجنسي لل A.afarensis مع المشي منتصباً. وتلا ذلك بحثان عن Hominid Laetoli عن تماثل حركة المشي مع الإنسان الحديث.
وفي نفس الوقت قام باحثون آخرون بدراسة الأطراف العلوية للوسي ولاحظوا تشابه تكوين عظام العضد والساعد والكتف مع القردة واستنتجوا قدرة لوسي علي التعلق وتسلق الأشجار.
استمرت الأبحاث حول عظام الركبة والفخذ ونشر "تراديوس" أبحاثه التي فحص خلالها تشكيل الأطراف السفلية وقام بقياس انحناءات عظام الحوض والفخذ والساق. وقدر أن قدرة لوسي على المشي علي قدمين أقل من قدرة الإنسان الحديث، ولكنها تتميز بقدرة أعلى على التسلق، وإن كانت أقل من قدرات القردة العليا. ومما أكد الاستنتاج الأخير الفحوصات التي أجراها Tuttle على عقلات الأصابع، والتي بينت مقدار تقوسها مما قد يناسب تسلق الأشجار.
في العام التالي نشر "جونسون وإيدي" كتابهما “لوسي، بدايات الجنس البشري"، وذكروا فيه أن لوسي لم تكن تستطيع تسلق الأشجار بكفاءة، وأن الطول النسبي لعظام الأصابع وانحناء عظام الرسغ وإن كان يقترب من عظام القردة؛ إلا انه لا يسمح بالتسلق بنفس الكفاءة، وأن هذا يمثل مرحلة وسيطة بين الإنسان والقردة. بالإضافة إلى أن فحوصات الحوض والفخذ والركبة بينت القدرة علي المشي بخطوات تكاد تطابق الأداء الحركي للإنسان الحديث. وأكد هذه الملاحظات Laetoli (سبق ذكره).
في عام 1983 نشر "جونكارز" أبحاثه عن النسب القياسية لأطراف لوسي وأوضح قصر عظام الفخذ والعضد مقارنة بالإنسان الحديث، واستنتج أن قدرتها علي تسلق الأشجار أقل من القردة، وقدرتها علي الركض أقل من سرعة الإنسان الحديث. وهو ما يتفق مع استنتاجات "جونسون وإيدي".
في عام 1982 قام "فلدسمان" بسلسلة أبحاث قارن فيها بين القياسات المترية لعظام الساعد لدي مجموعات القردة والإنسان الحديث وبعض الهياكل والحفريات. وقرر ان لوسي تمثل مرحلة بدائية قد تكون النقطة التي بدأ عندها الانفصال النوعي بين Hominid (شبيه الإنسان) وPongid (وهي العائلة التي تجمع الشمبانزي والغوريلا والأورانج).
في عام 1983 نشر "ستيرن وجونكارز" بحثهم عن الأداء الحركي للوسي، وتبعه على مدي عقدين مجموعة هامة من الأبحاث المتصلة التي أوضحت بشكل محدد التشابه والاختلاف بين لوسي والإنسان الحديث من جهة وبينها وبين القردة العليا من الجهة الأخرى.
ومما أوضحته هذه المجموعة من الأبحاث هو التكوين التشريحي للوسي، والذي يهئ لها القدرة على المشي على قدمين. مثل قصر الفقرات العحزية، والإزاحة الخلفية لمفصل الفخذ، وأزدياد زاوية لقيمات عظام الفخذ في اتصالها مع الركبة. كما أوضحت القصور في بعض هذه الصفات التشريحة عن أن تتطابق مع مثيلها في الإنسان الحديث. مثل انعدام التمدد الكامل لمفصلي الفخذ والركبة أثناء الوقوف. وقصر المسافة بين نتوءات عضلات الآلية مما لا يوفر الدعم الكافي لتقليل التأرجح أثناء السير (وهو ما يقترب من خطوة الشمبانزي والغوريلا أثناء المشي علي قدمين).
وبالتوازي، استمرت الأبحاث من مجموعات بحثية مختلفة علي عظام الساعد واليد والتي حددت مدى القدرة علي التسلق.
ومن الأبحاث المتفق على نتائجها، ولم يتم معارضتها إلى الآن بشكل قوي، ما نشره "كوري" في 1990 وأوضح فيه نسبة طول عظام الساعد إلى عظام الفخذ لدي لوسي مقارنة بفصيلتين من الشمبانزي (أقرب القردة العليا الحالية للإنسان الحديث) والغوريلا من جهة، ومن جهة أخرى بينها وبين عظام الإنسان الحديث. وكانت النائج أن الإنسان يمتلك أذرع أقصر من الشمبانزي (مقارنة بطول الأرجل)، ووضعت النسب لوسي بين الاثنين تماماً. وكانت نسبة عظمة الساعد إلى عظمة الفخذ 84.6% عند لوسي، و71.8% عند الإنسان الحديث، و97.8% عند الشمبانزي.
العظام المكتشفة للوسي
بتأمل الهيكل في الصورة نري ان عظام الذراع الأيمن والأيسر وعظام الساعدين موجودة بالإضافة الي بعض عظام اليد اليسري وبعض فقرات الاصابع والترقوة اليمني. عظام الأطراف السفلي تتكون من عظام العجز وعظمة الحوض اليسري والفخذ اليسري والساق اليمني بالإضافة الي احدي عظام مفصل القدم اليمني هذا بالإضافة الي الجمجمة (غير مكتملة) وبعض الضلوع والفقرات
الدراسات على شكل القدم والأصابع
في عام 1978 قام العالمان "وايت" و"سيو" ببناء تقديري لقدم لوسي. واعتمدوا في هذا علي الصفات التشريحية لباقي العظام آخذين في عين الاعتبار الدراسات التي قام بها Tuttle وفريقه والدراسات الأخرى التي قام بها "سترن" و"سوسمان". وبمقارنة نتائجهم مع آثار الأقدام المكتشفة في تنزانيا توصلوا إلى أن أفارينيسيس يمثل النموذج الأرجح لهذه الآثار. وأظهرت الدراسات أن طول أصابع الأقدام بالنسبة لطول القدم يقع بين الغوريلا والإنسان. ويمثل زيادة مقدارها 45% إلى 50% من النسبة المقابلة في الإنسان الحديث. بينما كانت نسبة طول القدم إلى طول عظمة الفخذ مساوية للحد الأعلي لمتوسط النسبة المماثلة في الإنسان الحديث. في المقابل أظهرت دراسة "لاتيمير" عام 1990بعد مقارنة مع عظام العينة أن الطول المتوقع لعقلات أصابع الأقدام أقصر من تقدير البحث السابق. بعدها قام "سترن" بمقارنة مع عدد من الحفريات الأخرى من نفس الجنس (AL 333 – AL 115) واستنتج أن طول أصابع قدم لوسي يماثل طول أصابع طفلة عمرها سنتين.
أظهرت نتائج فحص الجزء السفلي من عظمة الساق أن وضع المفصل يسمح بمدي حركة أكبر من الموجود لدي الإنسان. ثم قام "آسفاو" بتكرار التجربة باستخدام عدد أكثر من العينات البشرية ووجد أن هذا المدى من الحركة موجود عند 9% من البشر. ومن بعده أوضح "مكلاتشي" أن عظمة الفخذ تتخذ وضعاً متباعداً عن الأخرى في الوضع السالب للساق وهو أكثر من نظيره في الإنسان.
كانت التسعينات بداية لسلسلة جديدة من الأبحاث التي أوضحت نقاط الاختلاف حول بعض التقاصيل. في بحث أجراه "راك" أوضح أن مدى الحركة للأطراف السفلية حول المحور الأفقي متماثل بين لوسي والإنسان الحديث ولكنه يختلف عن الحركة على المستوي الرأسي، وبين أن هذا التكوين يمكّن لوسي من المشي بخطى قريبة من خطى البشر بالرغم من قصر عظام الأرجل، ويرجع هذا لعرض عظام الحوض واتساع مدي الحركة ومن ثم يؤدي إلى ازدياد استهلاك الطاقة (وقدم هذا في أبحاث أخرى علي أنه تفسير لعدم استمرار هذا التكوين التشريحي حيث أن التكوينات التالية في القردة والأنسان أكثر كفاءة من حيث استخدام الطاقة.. ولكن لم تجر أبحاث أخرى تؤيد أو تنفي).
ثم قامت "بيرج" بأبحاثها التي توصلت من خلالها إلى تصميم نموذجين للحركة العضلية لمحاور الحوض والركبة ومفصل القدم للوسي – أحدهم يمثل التوزيع العضلي للقردة. والأخر للتوزيع العضلي للإنسان بما يتناسب مع تكوين هيكل لوسي. وكانت المفاجأة, التكوين العضلي الخاص بالقردة أكثر ملائمة لهيكل لوسي ويمكنها من المشي علي قدمين بشكل أفضل من التكوين العضلي البشري مما أكد مرة اخري الاستهلاك العالي في معدل الطاقة المطلوبة نظراً لقوة العضلات والتي يمكنها تحريك الفخذ أكثر من تثبيته. واشتمل تحليلها النهائي علي أنه بالرغم من أن هذا التكوين العضلي يناسب المشي علي قدمين إلا أنه يوفر مدي أوسع للحركة مما يلائم الحركة فوق الأشجار. وهو ما يشير الي قدرة لوسي المتوازنة علي المشي والتسلق. وهو ما أكدته أبحاث "راف" فيما بعد.
قام "كرومبتون" بتطبيق نموذج رياضي حسابي علي نمط الحركة لدي لوسي واقترح زيادة حرارة الجسم نتيجة المشي بانتصاب ولكن أبحاث أخرى أثبتت أن الزيادة في الجهد الحراري مقبولة عندما يكون الهدف هو البحث عن الغذاء وهو ما يماثل الجهد الحراري الناتج عن حركة القردة العليا بما فيها الإنسان.
نتائج أبحاث أخرى
مجموعة أخرى من الأبحاث على الأطراف العلوية والسفلية للوسي أوضحت الآتي:
وبتأمل كل الأبحاث السابقة لم يكن من الغريب أن يقوم العلماء بتصميم نموذجي لشكل لوسي بما فيه القدم وبما يتناسب مع اكتشافاتهم وتحليلاتهم. والعمل علي تعديل النموذج وتطويره بهدف فهم أكثر للنظام الحركي وأسلوب المعيشة.
ولعل واحدة من أحدث المحاولات لتصميم هذا النموذج هي ما قامت به Berge&Daynes وقد استخدموا الآتي:
وفي تصميم القدم تحديداً استعانوا بنماذج تقديرية بعد اختبارها علي الشمبانزي والقردة العليا والإنسان لتحديد نقاط الارتكاز وتحمل الوزن وانتقال مركز ثقل الجسم أثناء الوقوف والحركة والركض بالإضافة إلى توزيع الجهد العضلي في حالة استخدام قدمين أو أربعة.
ومما يؤكد دقة هذا النموذج هو الدراسة التي قام بها سيلرز عام 2005 وفيها قام ببناء نموذج حاسوبي لحساب النمط الحركي الأكثر ملائمة من حيث القامة والتكوين التشريحي والنشاط المعيشي وتوفير الطاقة. وقبل تطبيق النوذج على لوسي قام باختباره لتحديد النمط الحركي للإنسان. وأثبت النموذج درجة تماثلية في توقع الأنماط الحركية. ومن ثم قام بتطبيقه على لوسي في مختلف ظروف الحركة والتسلق والركض، وبقياس معدلات انقباض العضلات وطول الخطوات وسرعتها، بين النموذج أن لوسي كانت كائناً يتحرك علي قدمين بشكل كامل.
وهكذا مع تسلسل الأبحاث وأعادة بعضها واخنلافها في أساليب البحث والتفاصيل وطرق الاستدلال نراها تشير بوضوح إلى نقطتين:
نتائج ما تم من أبحاث
يعتقد العلماء أن لوسي تمثل إحدى الحلقات الانتقالية الهامة بين القردة العليا والإنسان وتمثل صفاتها التشريحية مرحلة وسيطة بين الصفات التشريحية للإنسان الحديث والقردة العليا.
و تتمثل هذه الصفات في:
الرأي المخالف
عود الرأي المخالف لاعتبار لوسي سلفاً بشرياً إلى الطريقة العلمية التي تعتمد لتحديد إحدى الكائنات الرئيسية التاريخية كأحد أسلاف البشر وهي وفق الاعتبارات التي تعد ميزات بشرية:
وتعتبر لوسيي أو أسترالوبيثكس عفرنسيس من أسلاف البشر بحسب التصنيف الشائع لأنها تمشي على قدمين ولأن وجهها مسطح، وهذه الصفة للوجه معروفة لقرد أورنتاغان الياباني الحالي، وهي تفتقد لحجم الدماغ البشري المميز الرئيسي للبشر كما لم يثبت استعمالها للنار أو الأدوات؛ ولذلك يعتبرها بعض الباحثين مجرد قردة منقرضة أثير حولها حملة إعلامية، وهي مستحاثة لا يوجد من بقاياها سوى 40% من الهيكل وأثير حولها ضجة إعلامية فما سمي بطفل لوسي يسبقها بمائة ألف عام
اكتشاف لوسي
اكتشف لوسي (A.L.288-I) في عام 1974 في متاهة من الأودية الضيقة في إقليم العفر في أثيوبيا دونالد جونسون وموريس تاييب وتوم جاري. وبعد اكتشاف 40% من هيكلها العظمي قرر العلماء أنها لشبيه الإنسان أو ما يعرف وصنفت على أنها من نوع أوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس Australopithecus afarensis. وقدر عمرها بحوالي 3.2 مليون سنة، وأنها في حياتها بلغ طولها 1.1 مترا ووزنها 29 كيلوجراما، واستنتجوا أن الهيكل يعود لأنثى أطلقوا عليها اسم "لوسي" تيمنا بأغنية لفريق البيتيلز البريطاني (لوسي في السماء مع الماسات)، وقد كانت الأغنية تتردد باستمرار في معسكر التنقيب.
في عام 2000 تم اکتشاف المستحاثة سلام في أثیوبیا وهي ترجع لطفلة من النوع الانتقالي Australopithecus Afarensis عاشت قبل مایقرب من 3،3 ملیون سنة من الآن. استغرق استخراجه من المتحجرة من قبل فریق من العلماء زهاء 6 سنوات متواصلة من العمل.
لوسي في تكوينها التشريحي تشبه إلى حد كبير الشمبانزي، وبالرغم من صغر حجم المخ بالنسبة للإنسان العاقل فإن عظام الحوض والأطراف السفلية تتطابق وظيفياً مع نظيرتها عندنا، وتوضح بجلاء أن شبيه الإنسان هذا استطاع المشي منتصباً علي قدمين. في عام 1975 اكتشف العلماء 13 هيكلاً آخر من نفس الجنس في ما يدل علي الجماعة قد أصيبت بكارثة طبيعية كفيضان أو غيره. هذا الاكتشاف أدى إلى معرفة الكثير عن حياة هذا الجنس شبه البشري وعلاقاته الاجتماعية.
الأبحاث التي أجريت علي هيكل لوسي:
نشرت أول صورة لهيكل لوسي في نفس العاموفي العام التالي نشر عنها أول بحث والذي بين أن الحوض يحمل بعض أوجه الشبه بـ(STS14 ،Australopitheus Africans) أحد الأنواع الأخرى الشبيهة بالإنسان. وعظام الركبة متشابهة مع A.L. 129 (حفرية من نفس الجنس).
وفي العام 1976 نشر بحث يقرر ان عظام الركبة والرضفة ولقيمات عظمة الفخذ AL129 تتشابه مع الصفات الحركية (للإنسان الحديث (العاقل) homo sapiens) بالإضافة إلى القدرة على فرد المفصل بشكل شبه مستقيم وهي صفة يتميز بها الإنسان الحديث وتؤهل للسير منتصب القامة علي قدمين. وبعدها بسنة ظهرت دراسة تقيم القدرات الحركية للوسي وأوضحت أن القدرة التناوبية لعظمة القصبة تزيد عن مثيلها في الإنسان بثلاث إلى أربع مرات.
وفي عام 1979 أثناء مؤتمر الجمعية الأمريكية للأنثروبولجيين قدم لوفجوي بحثه حول تجميع هيكل لوسي. وخاصة عظام الحوض والذي بين قدرات التأقلم مع المشي علي قدمين وذلك نظرا لعرض عظام الحوض وبالتحديد العظم اللوحي.
وفي نفس العام قدم "هاري" اكتشافه بتوثيق بصمة قدم (Laetoli Hominid) والذي بين قدرته على الوقوف منتصبا علي قدمين والمشي بخطوات متزنة. ثم قام "لفجوي" بنشر بحثه الثاني عن تكيف السلوك الجنسي لل A.afarensis مع المشي منتصباً. وتلا ذلك بحثان عن Hominid Laetoli عن تماثل حركة المشي مع الإنسان الحديث.
وفي نفس الوقت قام باحثون آخرون بدراسة الأطراف العلوية للوسي ولاحظوا تشابه تكوين عظام العضد والساعد والكتف مع القردة واستنتجوا قدرة لوسي علي التعلق وتسلق الأشجار.
استمرت الأبحاث حول عظام الركبة والفخذ ونشر "تراديوس" أبحاثه التي فحص خلالها تشكيل الأطراف السفلية وقام بقياس انحناءات عظام الحوض والفخذ والساق. وقدر أن قدرة لوسي على المشي علي قدمين أقل من قدرة الإنسان الحديث، ولكنها تتميز بقدرة أعلى على التسلق، وإن كانت أقل من قدرات القردة العليا. ومما أكد الاستنتاج الأخير الفحوصات التي أجراها Tuttle على عقلات الأصابع، والتي بينت مقدار تقوسها مما قد يناسب تسلق الأشجار.
في العام التالي نشر "جونسون وإيدي" كتابهما “لوسي، بدايات الجنس البشري"، وذكروا فيه أن لوسي لم تكن تستطيع تسلق الأشجار بكفاءة، وأن الطول النسبي لعظام الأصابع وانحناء عظام الرسغ وإن كان يقترب من عظام القردة؛ إلا انه لا يسمح بالتسلق بنفس الكفاءة، وأن هذا يمثل مرحلة وسيطة بين الإنسان والقردة. بالإضافة إلى أن فحوصات الحوض والفخذ والركبة بينت القدرة علي المشي بخطوات تكاد تطابق الأداء الحركي للإنسان الحديث. وأكد هذه الملاحظات Laetoli (سبق ذكره).
في عام 1983 نشر "جونكارز" أبحاثه عن النسب القياسية لأطراف لوسي وأوضح قصر عظام الفخذ والعضد مقارنة بالإنسان الحديث، واستنتج أن قدرتها علي تسلق الأشجار أقل من القردة، وقدرتها علي الركض أقل من سرعة الإنسان الحديث. وهو ما يتفق مع استنتاجات "جونسون وإيدي".
في عام 1982 قام "فلدسمان" بسلسلة أبحاث قارن فيها بين القياسات المترية لعظام الساعد لدي مجموعات القردة والإنسان الحديث وبعض الهياكل والحفريات. وقرر ان لوسي تمثل مرحلة بدائية قد تكون النقطة التي بدأ عندها الانفصال النوعي بين Hominid (شبيه الإنسان) وPongid (وهي العائلة التي تجمع الشمبانزي والغوريلا والأورانج).
في عام 1983 نشر "ستيرن وجونكارز" بحثهم عن الأداء الحركي للوسي، وتبعه على مدي عقدين مجموعة هامة من الأبحاث المتصلة التي أوضحت بشكل محدد التشابه والاختلاف بين لوسي والإنسان الحديث من جهة وبينها وبين القردة العليا من الجهة الأخرى.
ومما أوضحته هذه المجموعة من الأبحاث هو التكوين التشريحي للوسي، والذي يهئ لها القدرة على المشي على قدمين. مثل قصر الفقرات العحزية، والإزاحة الخلفية لمفصل الفخذ، وأزدياد زاوية لقيمات عظام الفخذ في اتصالها مع الركبة. كما أوضحت القصور في بعض هذه الصفات التشريحة عن أن تتطابق مع مثيلها في الإنسان الحديث. مثل انعدام التمدد الكامل لمفصلي الفخذ والركبة أثناء الوقوف. وقصر المسافة بين نتوءات عضلات الآلية مما لا يوفر الدعم الكافي لتقليل التأرجح أثناء السير (وهو ما يقترب من خطوة الشمبانزي والغوريلا أثناء المشي علي قدمين).
وبالتوازي، استمرت الأبحاث من مجموعات بحثية مختلفة علي عظام الساعد واليد والتي حددت مدى القدرة علي التسلق.
ومن الأبحاث المتفق على نتائجها، ولم يتم معارضتها إلى الآن بشكل قوي، ما نشره "كوري" في 1990 وأوضح فيه نسبة طول عظام الساعد إلى عظام الفخذ لدي لوسي مقارنة بفصيلتين من الشمبانزي (أقرب القردة العليا الحالية للإنسان الحديث) والغوريلا من جهة، ومن جهة أخرى بينها وبين عظام الإنسان الحديث. وكانت النائج أن الإنسان يمتلك أذرع أقصر من الشمبانزي (مقارنة بطول الأرجل)، ووضعت النسب لوسي بين الاثنين تماماً. وكانت نسبة عظمة الساعد إلى عظمة الفخذ 84.6% عند لوسي، و71.8% عند الإنسان الحديث، و97.8% عند الشمبانزي.
العظام المكتشفة للوسي
بتأمل الهيكل في الصورة نري ان عظام الذراع الأيمن والأيسر وعظام الساعدين موجودة بالإضافة الي بعض عظام اليد اليسري وبعض فقرات الاصابع والترقوة اليمني. عظام الأطراف السفلي تتكون من عظام العجز وعظمة الحوض اليسري والفخذ اليسري والساق اليمني بالإضافة الي احدي عظام مفصل القدم اليمني هذا بالإضافة الي الجمجمة (غير مكتملة) وبعض الضلوع والفقرات
الدراسات على شكل القدم والأصابع
في عام 1978 قام العالمان "وايت" و"سيو" ببناء تقديري لقدم لوسي. واعتمدوا في هذا علي الصفات التشريحية لباقي العظام آخذين في عين الاعتبار الدراسات التي قام بها Tuttle وفريقه والدراسات الأخرى التي قام بها "سترن" و"سوسمان". وبمقارنة نتائجهم مع آثار الأقدام المكتشفة في تنزانيا توصلوا إلى أن أفارينيسيس يمثل النموذج الأرجح لهذه الآثار. وأظهرت الدراسات أن طول أصابع الأقدام بالنسبة لطول القدم يقع بين الغوريلا والإنسان. ويمثل زيادة مقدارها 45% إلى 50% من النسبة المقابلة في الإنسان الحديث. بينما كانت نسبة طول القدم إلى طول عظمة الفخذ مساوية للحد الأعلي لمتوسط النسبة المماثلة في الإنسان الحديث. في المقابل أظهرت دراسة "لاتيمير" عام 1990بعد مقارنة مع عظام العينة أن الطول المتوقع لعقلات أصابع الأقدام أقصر من تقدير البحث السابق. بعدها قام "سترن" بمقارنة مع عدد من الحفريات الأخرى من نفس الجنس (AL 333 – AL 115) واستنتج أن طول أصابع قدم لوسي يماثل طول أصابع طفلة عمرها سنتين.
أظهرت نتائج فحص الجزء السفلي من عظمة الساق أن وضع المفصل يسمح بمدي حركة أكبر من الموجود لدي الإنسان. ثم قام "آسفاو" بتكرار التجربة باستخدام عدد أكثر من العينات البشرية ووجد أن هذا المدى من الحركة موجود عند 9% من البشر. ومن بعده أوضح "مكلاتشي" أن عظمة الفخذ تتخذ وضعاً متباعداً عن الأخرى في الوضع السالب للساق وهو أكثر من نظيره في الإنسان.
كانت التسعينات بداية لسلسلة جديدة من الأبحاث التي أوضحت نقاط الاختلاف حول بعض التقاصيل. في بحث أجراه "راك" أوضح أن مدى الحركة للأطراف السفلية حول المحور الأفقي متماثل بين لوسي والإنسان الحديث ولكنه يختلف عن الحركة على المستوي الرأسي، وبين أن هذا التكوين يمكّن لوسي من المشي بخطى قريبة من خطى البشر بالرغم من قصر عظام الأرجل، ويرجع هذا لعرض عظام الحوض واتساع مدي الحركة ومن ثم يؤدي إلى ازدياد استهلاك الطاقة (وقدم هذا في أبحاث أخرى علي أنه تفسير لعدم استمرار هذا التكوين التشريحي حيث أن التكوينات التالية في القردة والأنسان أكثر كفاءة من حيث استخدام الطاقة.. ولكن لم تجر أبحاث أخرى تؤيد أو تنفي).
ثم قامت "بيرج" بأبحاثها التي توصلت من خلالها إلى تصميم نموذجين للحركة العضلية لمحاور الحوض والركبة ومفصل القدم للوسي – أحدهم يمثل التوزيع العضلي للقردة. والأخر للتوزيع العضلي للإنسان بما يتناسب مع تكوين هيكل لوسي. وكانت المفاجأة, التكوين العضلي الخاص بالقردة أكثر ملائمة لهيكل لوسي ويمكنها من المشي علي قدمين بشكل أفضل من التكوين العضلي البشري مما أكد مرة اخري الاستهلاك العالي في معدل الطاقة المطلوبة نظراً لقوة العضلات والتي يمكنها تحريك الفخذ أكثر من تثبيته. واشتمل تحليلها النهائي علي أنه بالرغم من أن هذا التكوين العضلي يناسب المشي علي قدمين إلا أنه يوفر مدي أوسع للحركة مما يلائم الحركة فوق الأشجار. وهو ما يشير الي قدرة لوسي المتوازنة علي المشي والتسلق. وهو ما أكدته أبحاث "راف" فيما بعد.
قام "كرومبتون" بتطبيق نموذج رياضي حسابي علي نمط الحركة لدي لوسي واقترح زيادة حرارة الجسم نتيجة المشي بانتصاب ولكن أبحاث أخرى أثبتت أن الزيادة في الجهد الحراري مقبولة عندما يكون الهدف هو البحث عن الغذاء وهو ما يماثل الجهد الحراري الناتج عن حركة القردة العليا بما فيها الإنسان.
نتائج أبحاث أخرى
مجموعة أخرى من الأبحاث على الأطراف العلوية والسفلية للوسي أوضحت الآتي:
- الأطراف العلوية: الانحناء الموجود في عقل الأصابع يتناسب مع القدرة علي تسلق الأشجار.
- الأطراف السفلية: لقيمات عظام الفخذ السفلية للوسي والتي تكون جزء من مفصل الركبة لها نفس التكوين التشريحي لعظام أطفال الإنسان الحديث... وفي المقابل تختلف كليا عن صغار الغوريلا والبابون والشمبانزي والمكاك.
وبتأمل كل الأبحاث السابقة لم يكن من الغريب أن يقوم العلماء بتصميم نموذجي لشكل لوسي بما فيه القدم وبما يتناسب مع اكتشافاتهم وتحليلاتهم. والعمل علي تعديل النموذج وتطويره بهدف فهم أكثر للنظام الحركي وأسلوب المعيشة.
ولعل واحدة من أحدث المحاولات لتصميم هذا النموذج هي ما قامت به Berge&Daynes وقد استخدموا الآتي:
- حفريات من نفس الجنس (AL417 – AL 444-2 – AL 288).
- الصفات التشريحية والنظام البيوميكانيكي للقردة العليا لتصميم الجهاز العضلي ومعادلات التوازن الحركي.
- آثار الأقدام المكتشفة والتي تعود للـ hominids (Laetoli footprint).
- نتائج الأبحاث السابقة عن الوظائف الحركية والبيولوجية للوسي مع الأخذ في الاعتبار الدرجات المتفاوتة من الشبه والاختلاف بينها وبين القردة والإنسان.
وفي تصميم القدم تحديداً استعانوا بنماذج تقديرية بعد اختبارها علي الشمبانزي والقردة العليا والإنسان لتحديد نقاط الارتكاز وتحمل الوزن وانتقال مركز ثقل الجسم أثناء الوقوف والحركة والركض بالإضافة إلى توزيع الجهد العضلي في حالة استخدام قدمين أو أربعة.
ومما يؤكد دقة هذا النموذج هو الدراسة التي قام بها سيلرز عام 2005 وفيها قام ببناء نموذج حاسوبي لحساب النمط الحركي الأكثر ملائمة من حيث القامة والتكوين التشريحي والنشاط المعيشي وتوفير الطاقة. وقبل تطبيق النوذج على لوسي قام باختباره لتحديد النمط الحركي للإنسان. وأثبت النموذج درجة تماثلية في توقع الأنماط الحركية. ومن ثم قام بتطبيقه على لوسي في مختلف ظروف الحركة والتسلق والركض، وبقياس معدلات انقباض العضلات وطول الخطوات وسرعتها، بين النموذج أن لوسي كانت كائناً يتحرك علي قدمين بشكل كامل.
وهكذا مع تسلسل الأبحاث وأعادة بعضها واخنلافها في أساليب البحث والتفاصيل وطرق الاستدلال نراها تشير بوضوح إلى نقطتين:
- قدرة لوسي على تسلق الأشجار واحتفاظها بشكل يشبه الأطراف العلوية للقردة.
- قدرة لوسي على المشي منتصبة علي قدمين واقتراب نمط خطواتها من الإنسان الحديث.
نتائج ما تم من أبحاث
يعتقد العلماء أن لوسي تمثل إحدى الحلقات الانتقالية الهامة بين القردة العليا والإنسان وتمثل صفاتها التشريحية مرحلة وسيطة بين الصفات التشريحية للإنسان الحديث والقردة العليا.
و تتمثل هذه الصفات في:
- تكوين عظام الحوض والساقين والساعدين مما يؤهلها للمشي منتصبة القامة علي قدمين.
- بالرغم من التشابه بين الصفات التشريحية للإنسان ولوسي إلا أن قدرتها علي المشي لا ترقي لقدرة الإنسان من حيث الكفاءة ومعدلات استهلاك الطاقة.
- احتفظت لوسي بقدرة علي تسلق الأشجار بشكل يقارب قدرة القردة ويتفوق علي قدرة الإنسان علي ذلك.
- حجم المخ عند لوسي يعتبر كبيراً نسبياً إذا ما قورن بحجم المخ عند القرود، ولكنه يعد صغيراً نسبياً مقارنة بحجم المخ عند الإنسان.
الرأي المخالف
عود الرأي المخالف لاعتبار لوسي سلفاً بشرياً إلى الطريقة العلمية التي تعتمد لتحديد إحدى الكائنات الرئيسية التاريخية كأحد أسلاف البشر وهي وفق الاعتبارات التي تعد ميزات بشرية:
- المشي على قدمين
- استخدام النار
- استخدام الأدوات
- حجم الدماغ
- شكل الوجه
- ارتباط الرأس بالرقبة وتفاصيل هيكلية أخرى
وتعتبر لوسيي أو أسترالوبيثكس عفرنسيس من أسلاف البشر بحسب التصنيف الشائع لأنها تمشي على قدمين ولأن وجهها مسطح، وهذه الصفة للوجه معروفة لقرد أورنتاغان الياباني الحالي، وهي تفتقد لحجم الدماغ البشري المميز الرئيسي للبشر كما لم يثبت استعمالها للنار أو الأدوات؛ ولذلك يعتبرها بعض الباحثين مجرد قردة منقرضة أثير حولها حملة إعلامية، وهي مستحاثة لا يوجد من بقاياها سوى 40% من الهيكل وأثير حولها ضجة إعلامية فما سمي بطفل لوسي يسبقها بمائة ألف عام
المصدر: الموسوعة الحرة