الحضارة اليهودية
حضارة بدون تاريخ، وشعب بلا ارض
ان لمحة صغيرة لتاريخ العلوم الصغير نسبيا (بضعة مئات من السنين)، يعطي الباحث نظرة معبرة على الطريق التي سلكتها تلك العلوم وصولا الى يومنا هذا. ان علمي التاريخ والأركيولوجيا خطوا خطوات عملاقة، في مسيرتهما القصيرة، كانا ولا يزالا بيضة الميزان في الحفاظ على توازن منطقي تسلسلي في كتابة التاريخ العلمي، ومعالجة كل الأحداث التاريخية التي حصلت، لتأريخها بمنطق رصين. ان تلك المئات القليلة من السنين لتلك العلوم أخرج العقل البشري من مجاهل تلك السيطرة المسطحة الأحادي الإتجاه "الدين دائما على حق"، ووضعه في مكان افضل نسبيا (حتى الآن)، في مستوى المنطق العلمي المنفتح الى حد ما على كل الإحتمالات.
حتى خمسينيات القرن الماضي، كان هناك فلكين تدور حولهما كل العلوم الإنسانية، انه الفلك اليهودي بشقيه العسكري والديني، عمر الكون 4000 سنة منذ الخلق، ولا شيىء ممكن ان يحدث قبل ذلك، وسيطرة هذا الشعب بطريقة او بأخرى بكل مفاصل الأحداث التي حدثت في تلك الـ 4000 سنة، وتصوير الموقف كالتالي:
لا يمكن لتلك الأحداث ان تحدث لولا هذا الوجود الجوهري، وهم اي اليهود اصل الشعوب بأكملها لذلك لا يمكن ان توجد امة او مملكة او امبرطوية على وجه الأرض من دون ان تكون متحدرة من هذا الشعب العظيم، بكلمة واحدة "لا يهود، لا انسانية ولا تطور ولا مجتمعات ولا فنون ولا اي شيىء على الإطلاق".
الفلك الثاني: الفلك العقلي والحضاري المتمثل بالإغريقي- اليوناني- الروماني ومن بعده الأوروبي، اي ان اليهودي بعد ان انحدر استلمت تلك الحضارة من بعدهم الى ان وصلنا الى يومنا هذا، وكل شعب آخر ليس سوى "غويم"، كلاب، برابرة، متخلفون.
تلك العقليتين صبغا العلوم بكل الوانها، الى ان بدأت الأرض نفسها تتلفظ بالحقيقة الأخرى، فخرجت أوغاريت من تحت الأرض، وتبعتها أيبلا، ثم قمران لتضع هذين الفلكين تحت المجهر العلمي الأركيولوجي التاريخي الدقيق، وتغرق العلوم الإنسانية كافة بكم هائل من المعطيات الجديدة كليا والمختلفة اختلافا جذريا عما كان يقال او يعلـّم لمئات من السنوات، ويقلب المنطق العلمي التقليدي الى آخر جديد غير اعتيادي. وانتهى القرن الماضي معاكسا عما بدأ به، فقد تم القضاء نهائيا على ما كان يدعى بالعظمة اليهودية إن من الناحية الإجتماعية او الحضارية، فلم بجدو اي من الأخبار البطولية التي كانوا يتغنون بها، وصنفوها بخانة الخرافات الشعبية على اقرب تقدير، وتخلوا نهائيا على ما كان فيما مضى بالديانة اليهودية، لأن المعطيات الجديدة ثبّتت انتمائها الى غيرها من الحضارات، وما كان فيما مضى معروفا بأم الحضارات العقلية والفلسفية وأقصد الحضارة الإغريقية اليونانية الرومانية، انتهى القرن بها قزمة صغيرة متخلفة امام العظمة الفينيقية والكنعانية في كل النواحي، وما كان بناء واختراعا ونبوغ اغريقي ويوناني فما مضى، عاد الى ذويه ومخترعيه وبنائيه، فهذا بيتاغور (وليس بيتاغوراس) وهذا موخ (وليس موخوس)، وهذا ادون (وليس أدونيس) وزينون وسنخونياتون كلهم عادوا الى فينيقيتهم، انهم فينيقيون- كنعانيون- ايليون، يتبعون خطى الههم "ايل" ووصيته الواحدة: ازرعوا في الارض سلاما، واكثروا من الحب بين الحقول..
ان هذا الفجر الجديد في العلوم التاريخية والأركيولوجية يتحتم علينا مراجعة جذرية دقيقة، لكل تلك المعطيات، وفي كل الأحوال انها نظرة جديدة غير عادية تحمل في طياتها مسلمات جديدة جدا، مختلفة كليا عما كان سابقا، وتلك النظرة الجديدة لها تداعياتها الكثيرة والكبيرة جدا على كل الأصعدة بدأ من النواحي الإجتماعية وصولا الى النظرة اللاهوتية التي كانت العلوم في نسختها القديمة تتغنى بها.
وبعد، ان القرن الجديد، وهو في الوقت ذاته الألفية الثالثة، ستكون بدون شك، الفية "أيل الجديد"، وعبّاده الإيليين الفينيقيين والكنعانيين
يتبع
حضارة بدون تاريخ، وشعب بلا ارض
ان لمحة صغيرة لتاريخ العلوم الصغير نسبيا (بضعة مئات من السنين)، يعطي الباحث نظرة معبرة على الطريق التي سلكتها تلك العلوم وصولا الى يومنا هذا. ان علمي التاريخ والأركيولوجيا خطوا خطوات عملاقة، في مسيرتهما القصيرة، كانا ولا يزالا بيضة الميزان في الحفاظ على توازن منطقي تسلسلي في كتابة التاريخ العلمي، ومعالجة كل الأحداث التاريخية التي حصلت، لتأريخها بمنطق رصين. ان تلك المئات القليلة من السنين لتلك العلوم أخرج العقل البشري من مجاهل تلك السيطرة المسطحة الأحادي الإتجاه "الدين دائما على حق"، ووضعه في مكان افضل نسبيا (حتى الآن)، في مستوى المنطق العلمي المنفتح الى حد ما على كل الإحتمالات.
حتى خمسينيات القرن الماضي، كان هناك فلكين تدور حولهما كل العلوم الإنسانية، انه الفلك اليهودي بشقيه العسكري والديني، عمر الكون 4000 سنة منذ الخلق، ولا شيىء ممكن ان يحدث قبل ذلك، وسيطرة هذا الشعب بطريقة او بأخرى بكل مفاصل الأحداث التي حدثت في تلك الـ 4000 سنة، وتصوير الموقف كالتالي:
لا يمكن لتلك الأحداث ان تحدث لولا هذا الوجود الجوهري، وهم اي اليهود اصل الشعوب بأكملها لذلك لا يمكن ان توجد امة او مملكة او امبرطوية على وجه الأرض من دون ان تكون متحدرة من هذا الشعب العظيم، بكلمة واحدة "لا يهود، لا انسانية ولا تطور ولا مجتمعات ولا فنون ولا اي شيىء على الإطلاق".
الفلك الثاني: الفلك العقلي والحضاري المتمثل بالإغريقي- اليوناني- الروماني ومن بعده الأوروبي، اي ان اليهودي بعد ان انحدر استلمت تلك الحضارة من بعدهم الى ان وصلنا الى يومنا هذا، وكل شعب آخر ليس سوى "غويم"، كلاب، برابرة، متخلفون.
تلك العقليتين صبغا العلوم بكل الوانها، الى ان بدأت الأرض نفسها تتلفظ بالحقيقة الأخرى، فخرجت أوغاريت من تحت الأرض، وتبعتها أيبلا، ثم قمران لتضع هذين الفلكين تحت المجهر العلمي الأركيولوجي التاريخي الدقيق، وتغرق العلوم الإنسانية كافة بكم هائل من المعطيات الجديدة كليا والمختلفة اختلافا جذريا عما كان يقال او يعلـّم لمئات من السنوات، ويقلب المنطق العلمي التقليدي الى آخر جديد غير اعتيادي. وانتهى القرن الماضي معاكسا عما بدأ به، فقد تم القضاء نهائيا على ما كان يدعى بالعظمة اليهودية إن من الناحية الإجتماعية او الحضارية، فلم بجدو اي من الأخبار البطولية التي كانوا يتغنون بها، وصنفوها بخانة الخرافات الشعبية على اقرب تقدير، وتخلوا نهائيا على ما كان فيما مضى بالديانة اليهودية، لأن المعطيات الجديدة ثبّتت انتمائها الى غيرها من الحضارات، وما كان فيما مضى معروفا بأم الحضارات العقلية والفلسفية وأقصد الحضارة الإغريقية اليونانية الرومانية، انتهى القرن بها قزمة صغيرة متخلفة امام العظمة الفينيقية والكنعانية في كل النواحي، وما كان بناء واختراعا ونبوغ اغريقي ويوناني فما مضى، عاد الى ذويه ومخترعيه وبنائيه، فهذا بيتاغور (وليس بيتاغوراس) وهذا موخ (وليس موخوس)، وهذا ادون (وليس أدونيس) وزينون وسنخونياتون كلهم عادوا الى فينيقيتهم، انهم فينيقيون- كنعانيون- ايليون، يتبعون خطى الههم "ايل" ووصيته الواحدة: ازرعوا في الارض سلاما، واكثروا من الحب بين الحقول..
ان هذا الفجر الجديد في العلوم التاريخية والأركيولوجية يتحتم علينا مراجعة جذرية دقيقة، لكل تلك المعطيات، وفي كل الأحوال انها نظرة جديدة غير عادية تحمل في طياتها مسلمات جديدة جدا، مختلفة كليا عما كان سابقا، وتلك النظرة الجديدة لها تداعياتها الكثيرة والكبيرة جدا على كل الأصعدة بدأ من النواحي الإجتماعية وصولا الى النظرة اللاهوتية التي كانت العلوم في نسختها القديمة تتغنى بها.
وبعد، ان القرن الجديد، وهو في الوقت ذاته الألفية الثالثة، ستكون بدون شك، الفية "أيل الجديد"، وعبّاده الإيليين الفينيقيين والكنعانيين
يتبع
تعليق