الجزء الأول
جزار بلينفيلد ..
ايد جين، أسوء سفاح في تاريخ أمريكا – برأي البعض - وصاحب أشهر "سلخانة" للنساء في بلاد العم سام، القاتل الذي حول أجساد ضحاياه إلى قطع أثاث في منزله وخاط لنفسه ثوبا من جلودهم !!. وها نحن اليوم نتناول القلم ونشحذ الهمم لنكتب عن ذلك المزارع المغمور الذي غدا بين ليلة وضحاها حديث الإذاعات والجرائد في طول الولايات المتحدة وعرضها. ذلك الرجل الذي تصوره الناس كوحش كاسر لا يعرف الرحمة، بينما كان هو في الحقيقة ضحية لجنون وتطرف الآخرين.
الرجل الحقيقي الذي يقف خلف شخصية ايد جين التي نراها في السينما
كانت الشمس تتأهب للمغادرة وراء الأفق حين توقف المأمور آرثر شلي وبضعة من رجاله أمام منزل آل جين، خلع الرجل قبعته ووقف يتأمل المنزل الخشبي ذو الطابقين في عتمة الغروب، عادت به الذاكرة سنوات عديدة إلى الوراء فتذكر سيدة المنزل، أوجستا جين، تلك المرأة غريبة الأطوار التي اعتزلت الناس في هذه المزرعة الموحشة ومنعت أولادها من مخالطة الآخرين في البلدة، كان منزلها كئيبا على الدوام، لكن منذ موتها قبل عقد من الزمان، غدا المنزل أكثر كآبة من أي وقت مضى، وقد زاد من سوداوية الصورة وبؤس المنظر انقطاع التيار الكهربائي عن المنزل منذ سنين طويلة بسبب الامتناع عن دفع الفواتير. لذا حين استفاق المأمور شيلي من ذكرياته أخيرا كان كل شيء حوله قد غرق في عتمة حالكة، فتناول الرجل فانوسا من يد أحد مساعديه ثم سار متمهلا نحو المنزل وهو يروم الدخول إليه عبر باب السقيفة الكبيرة الملحقة به.
عرين الشيطان
منزل ايد جين في بلينفيلد
داخل المنزل لم يكن أفضل حالا من خارجه، كان الظلام دامس والهواء ثقيل مشبع برائحة كريهة لا تطاق، فتوقف المأمور عند الباب يغالب شعوره بالاشمئزاز، وراح يلوح بفانوسه يمنة ويسرة محاولا استكشاف أرجاء المكان، كانت هناك أكوام من النفايات في كل مكان، وفي طرف السقيفة القصي كان هناك شيء معلق إلى السقف، بدا لوهلة كأنه جسد غزال أو حيوان ما، لكن المأمور لم يستطع تبين ماهيته جيدا من مكانه حيث يقف، أقترب منه على مهل حتى توقف على بعد خطوات قليلة منه، وهنا تقلصت ملامح وجهه وانفرجت شفتاه وأحس بنبضات قلبه تتسارع، فما خاله جثة غزال، لم يكن في الحقيقة سوى جسد بشري معلق إلى السقف بواسطة الحبال ومثبت بخطاف، كان الرأس مقطوع والبطن مبقورة والأعضاء التناسلية منزوعة بالكامل، وبدا واضحا بأنها جثة امرأة، وقد أرتاب المأمور في كونها جثة السيدة التي جاءوا يبحثون عنها، فطفق هو ورجاله يفتشون بقية أرجاء المنزل
جثة السيدة واردن معلقة داخل منزل ايد جين
أملا في العثور على الرأس للتثبت من هوية صاحبة الجثة، ولم يدم بحثهم طويلا، فقد عثروا على الرأس في المطبخ داخل كيس من القماش السميك، وقد صدق حدس المأمور، لأنه كان فعلا رأس السيدة بيرنيس واردن التي اختفت من متجرها بصورة غامضة مساء اليوم السابق. لكن ذلك الرأس الدامي لم يكن الشيء الوحيد الذي عثرت عليه الشرطة داخل منزل الرعب في تلك الليلة، فقائمة الموجودات الطويلة اشتملت أيضا على ثلاجة مليئة بالأحشاء واللحوم البشرية مع عشرة رؤوس مبعثرة في أرجاء المنزل تعود لنساء تم نزع القسم العلوي من جماجمهن لتحويله إلى وعاء للطعام!، وهناك أيضا تسعة أقنعة صنعت من وجوه بشرية مسلوخة، وثوب طويل مصنوع من الجلد البشري وقد ركبت له أثداء حقيقية، كما أحتوى المنزل على قطع أثاث ومصابيح وأسرة تم صنعها أو تطعيمها بالعظام والأوصال البشرية إضافة إلى بضعة كراسي كسيت بطانتها بالجلد البشري. أما أغرب الموجودات وأكثرها إثارة للاشمئزاز فقد تمثلت في صندوق أحذية يحتوي على تسعة أعضاء جنسية أنثوية منزوعة بالكامل ومدبوغة بعناية كبيرة! مع أربعة أنوف مجذوعة وبضعة شفاه مبتورة علقت جميعها بالخيوط كزينة للنوافذ! وكان هناك أيضا حزام جلدي مصنوع من حلمات أثداء النساء!!.
رأس السيدة واردن
أخيرا حين انتهى المأمور شلي ورجاله من التفتيش، كان الجميع في حالة من الصدمة والذهول، لم يتخيلوا أبدا، حتى في أسوء كوابيسهم رؤية مناظر بشعة كتلك التي شاهدوها داخل منزل ايد جين. كان أمرا لا يصدق، خصوصا في بلدة صغيرة وهادئة مثل بلينفيلد، لا عهد لها بالجرائم الدموية. ويقال بأن تلك المناظر المرعبة، إضافة للاعترافات المروعة التي أدلى بها ايدي لاحقا، كانت سببا رئيسيا في تدهور صحة المأمور شلي خلال السنوات القليلة التالية، فقد ظلت كوابيس الرؤوس المقطوعة والجثث المسلوخة تطارد الرجل وتقض مضجعه حتى قضت عليه في النهاية. أما سكان بلدة بلينفيلد فقد شعروا بمزيج من المرارة والحيرة والخوف، لم يستطع معظمهم استيعاب حقيقة أن ايدي، ذلك الشخص الخجول الذي عرفوه لسنوات طويلة، هو في الحقيقة سفاح مجنون يتلذذ بتقطيع أوصال النساء وتشويههن، لا بل أن البعض منهم، كاد أن يغشى عليه من هول الصدمة، خصوصا أولئك الذين اعتادوا تركه كجليس لأطفالهم خلال تواجدهم خارج المنزل.
أخبار منزل الرعب في بلينفيلد سرعان ما انتشرت بسرعة البرق في طول البلاد وعرضها، فتدفق الصحفيين من أنحاء الولايات المتحدة إلى شوارع البلدة الهادئة زرافات زرافات وجميعهم يسألون سؤالا واحدا لا غير .. من هو إيد جين ؟.
طفولة مضطربة
أسمه الحقيقي هو ادوارد ثيودور جين (Edward Theodore Gein )، أبصر النور في مدينة لاكروسي في ولاية وسيكنسن الأمريكية في 27 آب / أغسطس عام 1906، والده جورج كان مدمنا على الكحول وزوجا ضعيفا مهزوز الشخصية خاضع بالكامل لسيطرة زوجته أوجستا التي كانت هي المعيل والمدبر لشؤون العائلة الصغيرة المكونة من الزوجين وطفليهما إيدي الصغير وأخوه الأكبر هنري.
كانت أوجستا امرأة قوية وحازمة، شديدة التدين، متطرفة في معتقداتها، الناس في نظرها مجموعة من الخطاة والمذنبين الذين يجب تجنبهم والابتعاد عنهم، خصوصا النساء، فجميع نساء العالم لم يكن بنظرها سوى أدوات شيطانية لإغواء البشر .. مجرد عاهرات وساقطات .. باستثناءها هي طبعا!.
وقد تحول توجسها من الناس وخوفها من الوقوع في الخطيئة إلى نوع من الهوس والوسواس القهري، فباعت منزل العائلة ومتجر البقالة الصغير الذي كانت تديره في لاكروسي واشترت بثمنهما مزرعة كبيرة نسبيا في ضواحي بلدة بلينفيلد، وحولت تلك المزرعة إلى ما يشبه السجن أو المعتقل، منعت الغرباء من الاقتراب منه وحرمت أطفالها من مخالطة الآخرين، وهكذا أصبحت آراءها الدينية المتشددة ونظرتها العوراء للحياة هي الطاغية والمهيمنة على تفكير وسلوك أبنيها، فنجحت في تشويه وتدمير تلك الروحين الطاهرتين البريئتين.
حتى عندما سجل الطفلين في المدرسة، حرصت أوجستا أشد الحرص على منعهما من اللعب والتواصل مع زملائهما وعاقبتهما بقسوة كلما حاولا التعرف على أصدقاء جدد، وقد تجلى تأثير أوجستا السيئ والمدمر بصورة أوضح على ايدي، الابن الأصغر والأشد تعلقا بأمه، فشب المسكين طفلا خجولا مضطربا مذعورا، وجد فيه زملائه فريسة سهلة ودعوة سانحة ومفتوحة للسخرية والضحك والتنمر، وهكذا تحولت المدرسة للأسف من فرصة ذهبية لتحسين وتطوير سلوكه الاجتماعي إلى عامل أضافي ساهم في تعزيز اضطرابه، لكن قد تكون الحسنة الوحيدة للمدرسة في حياة ايدي هي التعليم بحد ذاته، فمع أنه لم يكن طالبا لامعا أو بارزا في صفه، إلا أنه كان متفوقا بالقراءة ومولعا بشكل خاص بمطالعة المجلات والجرائد.
ايدي وهنري قضيا معظم فترة الطفولة والصبا والشباب معا، لم يكن لديهما أي أصدقاء، قاما بجميع أعمال المزرعة واجتهدا لإرضاء أمهما، لكنها نادرا ما أسمعتهما كلاما جميلا أو شكرتهما، بالعكس .. غالبا ما تعرضا للإهانة والتعنيف من قبلها لسبب ومن دون سبب.
ايد جين، أسوء سفاح في تاريخ أمريكا – برأي البعض - وصاحب أشهر "سلخانة" للنساء في بلاد العم سام، القاتل الذي حول أجساد ضحاياه إلى قطع أثاث في منزله وخاط لنفسه ثوبا من جلودهم !!. وها نحن اليوم نتناول القلم ونشحذ الهمم لنكتب عن ذلك المزارع المغمور الذي غدا بين ليلة وضحاها حديث الإذاعات والجرائد في طول الولايات المتحدة وعرضها. ذلك الرجل الذي تصوره الناس كوحش كاسر لا يعرف الرحمة، بينما كان هو في الحقيقة ضحية لجنون وتطرف الآخرين.
الرجل الحقيقي الذي يقف خلف شخصية ايد جين التي نراها في السينما
كانت الشمس تتأهب للمغادرة وراء الأفق حين توقف المأمور آرثر شلي وبضعة من رجاله أمام منزل آل جين، خلع الرجل قبعته ووقف يتأمل المنزل الخشبي ذو الطابقين في عتمة الغروب، عادت به الذاكرة سنوات عديدة إلى الوراء فتذكر سيدة المنزل، أوجستا جين، تلك المرأة غريبة الأطوار التي اعتزلت الناس في هذه المزرعة الموحشة ومنعت أولادها من مخالطة الآخرين في البلدة، كان منزلها كئيبا على الدوام، لكن منذ موتها قبل عقد من الزمان، غدا المنزل أكثر كآبة من أي وقت مضى، وقد زاد من سوداوية الصورة وبؤس المنظر انقطاع التيار الكهربائي عن المنزل منذ سنين طويلة بسبب الامتناع عن دفع الفواتير. لذا حين استفاق المأمور شيلي من ذكرياته أخيرا كان كل شيء حوله قد غرق في عتمة حالكة، فتناول الرجل فانوسا من يد أحد مساعديه ثم سار متمهلا نحو المنزل وهو يروم الدخول إليه عبر باب السقيفة الكبيرة الملحقة به.
عرين الشيطان
منزل ايد جين في بلينفيلد
داخل المنزل لم يكن أفضل حالا من خارجه، كان الظلام دامس والهواء ثقيل مشبع برائحة كريهة لا تطاق، فتوقف المأمور عند الباب يغالب شعوره بالاشمئزاز، وراح يلوح بفانوسه يمنة ويسرة محاولا استكشاف أرجاء المكان، كانت هناك أكوام من النفايات في كل مكان، وفي طرف السقيفة القصي كان هناك شيء معلق إلى السقف، بدا لوهلة كأنه جسد غزال أو حيوان ما، لكن المأمور لم يستطع تبين ماهيته جيدا من مكانه حيث يقف، أقترب منه على مهل حتى توقف على بعد خطوات قليلة منه، وهنا تقلصت ملامح وجهه وانفرجت شفتاه وأحس بنبضات قلبه تتسارع، فما خاله جثة غزال، لم يكن في الحقيقة سوى جسد بشري معلق إلى السقف بواسطة الحبال ومثبت بخطاف، كان الرأس مقطوع والبطن مبقورة والأعضاء التناسلية منزوعة بالكامل، وبدا واضحا بأنها جثة امرأة، وقد أرتاب المأمور في كونها جثة السيدة التي جاءوا يبحثون عنها، فطفق هو ورجاله يفتشون بقية أرجاء المنزل
جثة السيدة واردن معلقة داخل منزل ايد جين
أملا في العثور على الرأس للتثبت من هوية صاحبة الجثة، ولم يدم بحثهم طويلا، فقد عثروا على الرأس في المطبخ داخل كيس من القماش السميك، وقد صدق حدس المأمور، لأنه كان فعلا رأس السيدة بيرنيس واردن التي اختفت من متجرها بصورة غامضة مساء اليوم السابق. لكن ذلك الرأس الدامي لم يكن الشيء الوحيد الذي عثرت عليه الشرطة داخل منزل الرعب في تلك الليلة، فقائمة الموجودات الطويلة اشتملت أيضا على ثلاجة مليئة بالأحشاء واللحوم البشرية مع عشرة رؤوس مبعثرة في أرجاء المنزل تعود لنساء تم نزع القسم العلوي من جماجمهن لتحويله إلى وعاء للطعام!، وهناك أيضا تسعة أقنعة صنعت من وجوه بشرية مسلوخة، وثوب طويل مصنوع من الجلد البشري وقد ركبت له أثداء حقيقية، كما أحتوى المنزل على قطع أثاث ومصابيح وأسرة تم صنعها أو تطعيمها بالعظام والأوصال البشرية إضافة إلى بضعة كراسي كسيت بطانتها بالجلد البشري. أما أغرب الموجودات وأكثرها إثارة للاشمئزاز فقد تمثلت في صندوق أحذية يحتوي على تسعة أعضاء جنسية أنثوية منزوعة بالكامل ومدبوغة بعناية كبيرة! مع أربعة أنوف مجذوعة وبضعة شفاه مبتورة علقت جميعها بالخيوط كزينة للنوافذ! وكان هناك أيضا حزام جلدي مصنوع من حلمات أثداء النساء!!.
رأس السيدة واردن
أخيرا حين انتهى المأمور شلي ورجاله من التفتيش، كان الجميع في حالة من الصدمة والذهول، لم يتخيلوا أبدا، حتى في أسوء كوابيسهم رؤية مناظر بشعة كتلك التي شاهدوها داخل منزل ايد جين. كان أمرا لا يصدق، خصوصا في بلدة صغيرة وهادئة مثل بلينفيلد، لا عهد لها بالجرائم الدموية. ويقال بأن تلك المناظر المرعبة، إضافة للاعترافات المروعة التي أدلى بها ايدي لاحقا، كانت سببا رئيسيا في تدهور صحة المأمور شلي خلال السنوات القليلة التالية، فقد ظلت كوابيس الرؤوس المقطوعة والجثث المسلوخة تطارد الرجل وتقض مضجعه حتى قضت عليه في النهاية. أما سكان بلدة بلينفيلد فقد شعروا بمزيج من المرارة والحيرة والخوف، لم يستطع معظمهم استيعاب حقيقة أن ايدي، ذلك الشخص الخجول الذي عرفوه لسنوات طويلة، هو في الحقيقة سفاح مجنون يتلذذ بتقطيع أوصال النساء وتشويههن، لا بل أن البعض منهم، كاد أن يغشى عليه من هول الصدمة، خصوصا أولئك الذين اعتادوا تركه كجليس لأطفالهم خلال تواجدهم خارج المنزل.
أخبار منزل الرعب في بلينفيلد سرعان ما انتشرت بسرعة البرق في طول البلاد وعرضها، فتدفق الصحفيين من أنحاء الولايات المتحدة إلى شوارع البلدة الهادئة زرافات زرافات وجميعهم يسألون سؤالا واحدا لا غير .. من هو إيد جين ؟.
طفولة مضطربة
أسمه الحقيقي هو ادوارد ثيودور جين (Edward Theodore Gein )، أبصر النور في مدينة لاكروسي في ولاية وسيكنسن الأمريكية في 27 آب / أغسطس عام 1906، والده جورج كان مدمنا على الكحول وزوجا ضعيفا مهزوز الشخصية خاضع بالكامل لسيطرة زوجته أوجستا التي كانت هي المعيل والمدبر لشؤون العائلة الصغيرة المكونة من الزوجين وطفليهما إيدي الصغير وأخوه الأكبر هنري.
كانت أوجستا امرأة قوية وحازمة، شديدة التدين، متطرفة في معتقداتها، الناس في نظرها مجموعة من الخطاة والمذنبين الذين يجب تجنبهم والابتعاد عنهم، خصوصا النساء، فجميع نساء العالم لم يكن بنظرها سوى أدوات شيطانية لإغواء البشر .. مجرد عاهرات وساقطات .. باستثناءها هي طبعا!.
وقد تحول توجسها من الناس وخوفها من الوقوع في الخطيئة إلى نوع من الهوس والوسواس القهري، فباعت منزل العائلة ومتجر البقالة الصغير الذي كانت تديره في لاكروسي واشترت بثمنهما مزرعة كبيرة نسبيا في ضواحي بلدة بلينفيلد، وحولت تلك المزرعة إلى ما يشبه السجن أو المعتقل، منعت الغرباء من الاقتراب منه وحرمت أطفالها من مخالطة الآخرين، وهكذا أصبحت آراءها الدينية المتشددة ونظرتها العوراء للحياة هي الطاغية والمهيمنة على تفكير وسلوك أبنيها، فنجحت في تشويه وتدمير تلك الروحين الطاهرتين البريئتين.
حتى عندما سجل الطفلين في المدرسة، حرصت أوجستا أشد الحرص على منعهما من اللعب والتواصل مع زملائهما وعاقبتهما بقسوة كلما حاولا التعرف على أصدقاء جدد، وقد تجلى تأثير أوجستا السيئ والمدمر بصورة أوضح على ايدي، الابن الأصغر والأشد تعلقا بأمه، فشب المسكين طفلا خجولا مضطربا مذعورا، وجد فيه زملائه فريسة سهلة ودعوة سانحة ومفتوحة للسخرية والضحك والتنمر، وهكذا تحولت المدرسة للأسف من فرصة ذهبية لتحسين وتطوير سلوكه الاجتماعي إلى عامل أضافي ساهم في تعزيز اضطرابه، لكن قد تكون الحسنة الوحيدة للمدرسة في حياة ايدي هي التعليم بحد ذاته، فمع أنه لم يكن طالبا لامعا أو بارزا في صفه، إلا أنه كان متفوقا بالقراءة ومولعا بشكل خاص بمطالعة المجلات والجرائد.
ايدي وهنري قضيا معظم فترة الطفولة والصبا والشباب معا، لم يكن لديهما أي أصدقاء، قاما بجميع أعمال المزرعة واجتهدا لإرضاء أمهما، لكنها نادرا ما أسمعتهما كلاما جميلا أو شكرتهما، بالعكس .. غالبا ما تعرضا للإهانة والتعنيف من قبلها لسبب ومن دون سبب.
تعليق