بكر باشا صوباشي بين الطموح والخيانة والغدر
تعتبر حركة بكر باشا صوباشي من اكثر الحركات التي جلبت الويلات والخراب على أهل العراق وبغداد خاصة، فقد طمع الباشا بالسلطة ودخل في لعبه نصفه فيها انه كان عبارة عن لاعب صغير بين لاعبين كبار وهما الدولة العثمانية السُنية والدولة الصفوية الشيعية. بكر باشا كان رئيس شرطة بغداد وأحد قادة الإنكشارية وكان تحت قيادته 1200 من العزاب. وتبدأ قصة هذا الباشا المتمرد عندما أقدم على قتل يوسف باشا والي بغداد، وعلينا ان نشرح بإيجاز كيفية وثوبه على السلطة، فقد خرج بكر باشا على رأس مجموعة من اتباعه عام 1621م غلى منطقة الفرات الأوسط بعد أن أناب ابنه محمد آغا بدلا عنه في بغداد.وتضاربت اراء المؤرخين حول سبب توجه بكر صوباشي الى منطقة الفرات الأوسط، فاسكندر بك يقول إنه توجه الى الحلة لجباية الضرائب من الفلاحين الذين امتنعوا عن دفعها الى السباهية، ويوافقه في الرأي مرتضى نظمي زاده، أما مصطفى نعيما فيذكر أن صراعا عنيفا خاضه بكر صوباشي مع الجورجية وبعض كبار الإنكشارية الذين لجؤوا الى السماوة فأخذوا يحرضون الفلاحين للتمرد على السباهية. لقد وجد المعارضون لبكر صوباشي ان غياب خصمهم خير فرصة لهم للإطاحة به وابعاده عن بغداد، كان على رأس هؤلاء محمد آغا قمبر الذي اجتمع مع بعض كبار الإنكشارية وأشراف المدينة وأوضح لهم نوايا صوباشي وانفراده بالسلطة. ثم أعلن عن عزمه على التخلص منه.
توجه محمد آغا قمبر مع اتباعه نحو دار صوباشي فنهبها غير إنه جوبه بمقاومة عنيفة من قبل ابن صوباشي والكهية الذين استطاعا ان يجبراه على اللجوء الى القلعة الداخلية حيث كان يقيم والي بغداد يوسف باشا الذي كان متواطئاً معه. وعندما تلقى بكرا صوباشي خبر تمرد محمد آغا قمبر أسرع في العودة الى بغداد، وأول عمل قام بع ان فرض حصارا شديدا على القلعة وأمر بقصفها من الجوانب كلها، وقد قتل في أثناء الحصار والي بغداد يوسف باشا إذ اصابته رصاصة عندما كان يصدر أوامره العسكرية إلى المدافعين عن القلعة التي أخذت تعاني نقصا في الذخيرة والعتاد. ولم يبق آغا قمبر ازاء هذه الحال الا طلب الأمان والإستسلام لبكر صوباشي فسلم نفسه لخصمه الذي عامله بمنتهى القسوة والكراهية، إذ وضعه واتباعه في قارب وأمر ان يصب الكبريت والقار عليهم فأحرقوا جميعا.
أصبح بكر صوباشي بعد القضاء على التمرد الأخير سيد بغداد بلا منازع، وكتب إلى الباب العالي في الأستانة يطلب ان ينعم عليه السلطان بباشوية بغداد لقاء قضائه على التمرد الأخير، وقبل أن يتلقى جوابا وزع منشوراً مزوراً أعلن فيه انه اصبح واليا على بغداد، ورفض السلطان العثماني آنذاك السلطان مصطفى الأول طلب صوباشي وعين سليمان باشا واليا على بغداد وكان هذا واليا لديار بكر. فأرسل متسلمه علي آغا بتسليم الباشوية. ورفض بكر صوباشي مقابلة المتسلم وأعلن تمرده على أوامر الباب العالي فأصدر السلطان أوامره لوالي ديار بكر حافظ باشا لتوجيه حملة عسكرية تتولى الإطاحة بالصوباشي واستعادة بغداد.
توجه حافظ باشا علي زاده على رأس حملة عسكرية الى بغداد لتأديب الثائر صوباشي ووصلت قواته مشارف بغداد وفرض حصاراً عليها. أراد صوباشي منذ اليوم الأول من الحصار ان يباغت الجيش العثماني ليلا ويلحق به خسائر فادحة حتى استطاع مرة ان يفرق شمل الجيش العثماني الذي تراجعت قطاعاته الى ديالا. وجمع حافظ باشا جيشه المشتت وقرر القيام بهجوم شامل على المدينة بعد قطع جميع الطرق الموصله اليها بهدف فرض حصار اقتصادي على المدينة.
وعلى الرغم من هذا الهجوم فقد بدت أثار الحصار واضحة في المدينة التي بدأت تعاني المجاعة القاتلة وأصبح هلاك المحاصرين في بغداد قاب قوسين أو أدنى وهو ما حدا ببكر صوباشي ان يبعث إلى الزعيم الصفوي الشاه عباس الكبير بواسطة حاكم لرستان حسين خان مفاتيح بغداد مقابل ان ينقذ الشاه مدينة بغداد من حافظ باشا وجيشه، وفي الواقع كان الشاه عباس يراقب التطورات العسكرية عن كثب، اذ كانت الإستعدادت قد اتخذت قبل مدة فالحدود الشرقية كانت تشهد كل يوم حشد فريد من القوات الصفوية، فجاء طلب صوباشي بمثابة فرصة ذهبية لشاه عباس الكبير.
عقد حافظ باشا اجتماعا مع قادته بعد ان تأكد له اتصال صوباشي مع الشاه عباس واحتمال قيام بكر صوباشي بصك النقود باسم الشاه. وعندما كانت المنافسات مستمرة حول كيفية حل هذه المشكلة جاء رسول من القائد الصفوي (قرقجي خان) الى حافظ باشا يطلب منه الإنسحاب من حول بغداد لأنها اصبحت فارسية واستعمل القائد الصفوي سياسة الوعيد لإرهاب حافظ باشا واجباره على الإنسحاب بينما اصبح الهم الأول لحافظ باشا بعد رجوع الرسول الفارسي هو اقناع بكر صوباشي بالعدول عن رأيه بالتعاون مع الشاه عباس الصفوي فعرض عليه باشوية الرقة وعلى ابنه حكم سنجق الحلة إلا أن هذا العرض رفضه صوباشي بشدة فاستمر الحصار على بغداد. غير ان حافظ باشا قرر في النهاية الخوع للأمر الواقع حقنا للدماء من جهة وحفظا لكرامة الدولة العثمانية من جهة أخرى وذلك بمنح حكم ولاية بغداد لبكر صوباشي واسناد مهمة الدفاع عنها إليه.
كتب بكر صوباشي الى الشاه عباس يخبره ويرجوه سحب جنوده وكان الجيش الصفوي قد وصل أطراف خانقين. فلما تسلم الشاه الكتاب المذكور تملكه الغضب الشديد فقرر دخول بغداد بنفسه عقابا لصوباشي. وألقى الحصار عليه لمدة ثلاثة أشهر وكان محافظ قلعة بغداد محمد اغا ابن بكر صوباشي قد شعر بأن لا قبل لأبيه بالإستمرار على المقاومة بعد ان تملك اليأس النفوس بسبب المجاعة التي اودت بحياة الوف البشر. اكل الناس فيها لحوم الكلاب والدواب وبلغت قيمة الحمار 1000 أقجة فضغط الحصار بشدة على الأهالي وامتلأ الجو بدوي الألغام المتفجرة، ولم يكن من المستغرب ازاء هذا الوضع المزري ان ينسال الى معسكر الشاه كل ليلة اتباع لينجوا بأنفسهم من الموت المحتوم.
استطاع الشاه استمالة ابن بكر صوباشي المسى محمد الى جانبه بعد ان اغراه بمنصب الولاية حال فتح ابواب سور بغداد للجيش الصفوي وبالفعل قام محمد هذا بفتح ابواب سور بغداد للغزاة فدخلت جيوش الشاه واستولت عليها في 21 تشرين الثاني 1623.
أمر الشاه عباس بالقبض على بكر باشا صوباشي وتلقى تعذيباً شديداً، وأمر الشاه بإيقاد النار، وخلعت ملابس بكر باشا وعرض على النار حتى بدأت شحوم جسمه تذوب كي يعترف بمكان أمواله، حتى اعترف بها جميعا، ثم وضعوه في قفص حديدي، وعذبوه 7 أيام بلياليها، وكل هذا تحت نظر ابنه الخائن محمد، ثم أمر الشاه بوضع بكر باشا في قارب مملوء بالزفت والكبريت واضرموا النار وألقوه في نهر دجله، فاحترق داخل القارب أمام أعين الناس. أما ولده الذي كان يطمح بحكم بغداد فقد خُذل ونكب ولقي جزاءه، وأعطى الشاه حكم بغداد لصاري خان.
وبهذه النهاية المأساوية طويت صفحة بكر باشا صوباشي وابنه محمد وخرجت بغداد من السيطرة العثمانية لتصبح بيد الصفويين، وفي عام 1638 قاد السلطان مراد الرابع الحملة العسكرية لإسترداد بغداد وبعد حصار دام أكثر من أربعين يوماً دخل مراد الرابع بغداد، لتعود العراق مرة أخرى تحت السيطرة العثمانية.
توجه محمد آغا قمبر مع اتباعه نحو دار صوباشي فنهبها غير إنه جوبه بمقاومة عنيفة من قبل ابن صوباشي والكهية الذين استطاعا ان يجبراه على اللجوء الى القلعة الداخلية حيث كان يقيم والي بغداد يوسف باشا الذي كان متواطئاً معه. وعندما تلقى بكرا صوباشي خبر تمرد محمد آغا قمبر أسرع في العودة الى بغداد، وأول عمل قام بع ان فرض حصارا شديدا على القلعة وأمر بقصفها من الجوانب كلها، وقد قتل في أثناء الحصار والي بغداد يوسف باشا إذ اصابته رصاصة عندما كان يصدر أوامره العسكرية إلى المدافعين عن القلعة التي أخذت تعاني نقصا في الذخيرة والعتاد. ولم يبق آغا قمبر ازاء هذه الحال الا طلب الأمان والإستسلام لبكر صوباشي فسلم نفسه لخصمه الذي عامله بمنتهى القسوة والكراهية، إذ وضعه واتباعه في قارب وأمر ان يصب الكبريت والقار عليهم فأحرقوا جميعا.
أصبح بكر صوباشي بعد القضاء على التمرد الأخير سيد بغداد بلا منازع، وكتب إلى الباب العالي في الأستانة يطلب ان ينعم عليه السلطان بباشوية بغداد لقاء قضائه على التمرد الأخير، وقبل أن يتلقى جوابا وزع منشوراً مزوراً أعلن فيه انه اصبح واليا على بغداد، ورفض السلطان العثماني آنذاك السلطان مصطفى الأول طلب صوباشي وعين سليمان باشا واليا على بغداد وكان هذا واليا لديار بكر. فأرسل متسلمه علي آغا بتسليم الباشوية. ورفض بكر صوباشي مقابلة المتسلم وأعلن تمرده على أوامر الباب العالي فأصدر السلطان أوامره لوالي ديار بكر حافظ باشا لتوجيه حملة عسكرية تتولى الإطاحة بالصوباشي واستعادة بغداد.
توجه حافظ باشا علي زاده على رأس حملة عسكرية الى بغداد لتأديب الثائر صوباشي ووصلت قواته مشارف بغداد وفرض حصاراً عليها. أراد صوباشي منذ اليوم الأول من الحصار ان يباغت الجيش العثماني ليلا ويلحق به خسائر فادحة حتى استطاع مرة ان يفرق شمل الجيش العثماني الذي تراجعت قطاعاته الى ديالا. وجمع حافظ باشا جيشه المشتت وقرر القيام بهجوم شامل على المدينة بعد قطع جميع الطرق الموصله اليها بهدف فرض حصار اقتصادي على المدينة.
وعلى الرغم من هذا الهجوم فقد بدت أثار الحصار واضحة في المدينة التي بدأت تعاني المجاعة القاتلة وأصبح هلاك المحاصرين في بغداد قاب قوسين أو أدنى وهو ما حدا ببكر صوباشي ان يبعث إلى الزعيم الصفوي الشاه عباس الكبير بواسطة حاكم لرستان حسين خان مفاتيح بغداد مقابل ان ينقذ الشاه مدينة بغداد من حافظ باشا وجيشه، وفي الواقع كان الشاه عباس يراقب التطورات العسكرية عن كثب، اذ كانت الإستعدادت قد اتخذت قبل مدة فالحدود الشرقية كانت تشهد كل يوم حشد فريد من القوات الصفوية، فجاء طلب صوباشي بمثابة فرصة ذهبية لشاه عباس الكبير.
عقد حافظ باشا اجتماعا مع قادته بعد ان تأكد له اتصال صوباشي مع الشاه عباس واحتمال قيام بكر صوباشي بصك النقود باسم الشاه. وعندما كانت المنافسات مستمرة حول كيفية حل هذه المشكلة جاء رسول من القائد الصفوي (قرقجي خان) الى حافظ باشا يطلب منه الإنسحاب من حول بغداد لأنها اصبحت فارسية واستعمل القائد الصفوي سياسة الوعيد لإرهاب حافظ باشا واجباره على الإنسحاب بينما اصبح الهم الأول لحافظ باشا بعد رجوع الرسول الفارسي هو اقناع بكر صوباشي بالعدول عن رأيه بالتعاون مع الشاه عباس الصفوي فعرض عليه باشوية الرقة وعلى ابنه حكم سنجق الحلة إلا أن هذا العرض رفضه صوباشي بشدة فاستمر الحصار على بغداد. غير ان حافظ باشا قرر في النهاية الخوع للأمر الواقع حقنا للدماء من جهة وحفظا لكرامة الدولة العثمانية من جهة أخرى وذلك بمنح حكم ولاية بغداد لبكر صوباشي واسناد مهمة الدفاع عنها إليه.
كتب بكر صوباشي الى الشاه عباس يخبره ويرجوه سحب جنوده وكان الجيش الصفوي قد وصل أطراف خانقين. فلما تسلم الشاه الكتاب المذكور تملكه الغضب الشديد فقرر دخول بغداد بنفسه عقابا لصوباشي. وألقى الحصار عليه لمدة ثلاثة أشهر وكان محافظ قلعة بغداد محمد اغا ابن بكر صوباشي قد شعر بأن لا قبل لأبيه بالإستمرار على المقاومة بعد ان تملك اليأس النفوس بسبب المجاعة التي اودت بحياة الوف البشر. اكل الناس فيها لحوم الكلاب والدواب وبلغت قيمة الحمار 1000 أقجة فضغط الحصار بشدة على الأهالي وامتلأ الجو بدوي الألغام المتفجرة، ولم يكن من المستغرب ازاء هذا الوضع المزري ان ينسال الى معسكر الشاه كل ليلة اتباع لينجوا بأنفسهم من الموت المحتوم.
استطاع الشاه استمالة ابن بكر صوباشي المسى محمد الى جانبه بعد ان اغراه بمنصب الولاية حال فتح ابواب سور بغداد للجيش الصفوي وبالفعل قام محمد هذا بفتح ابواب سور بغداد للغزاة فدخلت جيوش الشاه واستولت عليها في 21 تشرين الثاني 1623.
أمر الشاه عباس بالقبض على بكر باشا صوباشي وتلقى تعذيباً شديداً، وأمر الشاه بإيقاد النار، وخلعت ملابس بكر باشا وعرض على النار حتى بدأت شحوم جسمه تذوب كي يعترف بمكان أمواله، حتى اعترف بها جميعا، ثم وضعوه في قفص حديدي، وعذبوه 7 أيام بلياليها، وكل هذا تحت نظر ابنه الخائن محمد، ثم أمر الشاه بوضع بكر باشا في قارب مملوء بالزفت والكبريت واضرموا النار وألقوه في نهر دجله، فاحترق داخل القارب أمام أعين الناس. أما ولده الذي كان يطمح بحكم بغداد فقد خُذل ونكب ولقي جزاءه، وأعطى الشاه حكم بغداد لصاري خان.
وبهذه النهاية المأساوية طويت صفحة بكر باشا صوباشي وابنه محمد وخرجت بغداد من السيطرة العثمانية لتصبح بيد الصفويين، وفي عام 1638 قاد السلطان مراد الرابع الحملة العسكرية لإسترداد بغداد وبعد حصار دام أكثر من أربعين يوماً دخل مراد الرابع بغداد، لتعود العراق مرة أخرى تحت السيطرة العثمانية.
تعليق