أوتزي
مومياء الثلج ....
في عام 1991 م في أعلى جبال الآلب أكتشف الزوجان الألمانيان أيريكا وهلموت سيمون ، في منطقة تدعى هاوسلابيوخ على الحدود بين النمسا وإيطاليا أقدم جثة مومياء طبيعية تعود للعصر النحاسي أو نهاية العصر الحجري الحديث
أطلق على هذه المومياء رجل الثلج أو أوتزي Otzi نسبة إلى وادي "أوتزتال" , وهي تعتبر أقدم مومياء بشرية طبيعية عرفها العالم , و تم وضع المومياء في متحف بولزانو في إيطاليا في غرفة مبردة تنخفض حرارتها إلى ست درجات تحت الصفر ويصل معدل الرطوبة فيها إلى ثمانة وتسعين بالمئة لحفظ الجثة من غزو العفن .
يرى بعض العلماء حسب تقدير نسبة الكربون المشع أن عمر المومياء يعود إلى 5300ق.م , وقد بقى المومياء محفوظاً بفضل الجو القاسي التي تتعرض له المنطقة , باستثناء الانكماش والتصلب الذي حصل للجثة مع مرور الزمن
ويرى الباحث ريلارهيمر أن الجثة تختلف عن كل الجثث المتجمدة الي يكون فيها الجلد متشمع بينما الجلد في المومياء أوتزي كان شبيه بالمومياوات المصرية التي تم تحنيطها
مواصفات المومياء
توضح البحوث التي قامت على أوتزي أنه في عمر الخامسة و الأربعين, وله عيون بنيه و له لحية , وشعر داكن طويل ملقى بجانب الجثة ، وهو مجعد الوجه ، وخديه غارقة
يوجد ايضاً وراء الركبة اليمنى للمومياء وشم الكربون على هيئة صليب , ويعتقد الباحثين أن هذا النوع من الوشم كانت يستخدم كعلاج لتخفيف من الألم !!
ولكن الفرق بين المومياوات الفرعونية والمومياء أوتزي أن المومياء الفرعونية تكون دائماً مفرغه من الاحشاء ومفرغة من المخ بعكس المومياء أوتزي
مقتنيات المومياء
تم اكتشاف العديد من المقتنيات مع المومياء أوتزي ومنها :
سكين راسها مصنوع من الحجر الصوان , وهذا النوع من السكاكين البدائية كانت تستخدم في العصر الحجري.
بلطة أو فأس تعود للعصر البرونزي مما جعل العلماء في حيره من عمر هذه المومياء والعصر الذي تعود إليه .
محفظة وبعض السلاسل والجلود , و بعض ادوات صيد السمك .
قوس و14 سهم و 2من السهام مكسورة وفأس نحاسية النصل .
ويوجد بين ممتلكات أوتزي بعض التوت ، وسلتين لحاء البتولا ، ونوعين من الفطر و السلاسل والجلود , و أيضا يوجد مع أوتزي فطر البتولا، التي من المعروف أن لها خصائص مضادة للجراثيم ، و كانت تستخدم للأغراض طبية .
كان المومياء أوتزي يرتدي قبعة من فراء الدب وسروالا وسترة من جلود الأغنام والأبقار وحذاء من جلد الدب وفراء الوعل مبطناً بالعشب ورداء محاكا من العشب.
وطرح عالم الآثار البريطاني "جاكي وود" فرضية أكثر حداثة حيث يقول إن "حذاء" اوتزي كان في الواقع جزء من أحذية التزلج , وأن الجلود التي كانت برفقته كانت لتغطية الوجه أثناء التزلج هل ممكن أن تكون أحذية أوتزي مصممه خصيصاً للمشي على الثلج !؟
فرضيات موت المومياء
يرى بعض الخبراء أن الجثة ماتت بسبب البرد والصقيع , وقد قامت الرياح العنيفة بتجفيف الجسد ، وكانت طبقة الثلج التي تغطي الجثة كفيلة بحفظها للآلف من السنين
قال خبير الأشعة وقائد فريق البحث بول كوستنر أنه في عام 2001 كشفت الأشعة السينية والاشعة المقطعية أن رأس سهم حجري قد استقر في كتف أوتزي الأيسر عندما مات ، بالإضافة إلى تمزق صغير مطابق على معطفه.
وقد وجد الباحثون نصل أو رأس سهم استقر بالقرب من الرئة اليسرى ، وعند اختراق السهم الكتف اليسرى، قطع أحد الشرايين وأدّى ذلك إلى نزيف داخلي حاد قاتل.
توصّل العلماء إلى التأكيد بأن هذه الجريمة التي حدثت منذ خمسين قرناً ، وقعت أحداثها في فصل الربيع ، فحبيبات البوغ التي وُجدت على المومياء، كانت سليمة وكاملة الأمر الذي يدلّ على أن أوتزي قد التقطها مباشرة بعد الإزهار قبيل فصل الصيف
تبيّن أيضاً من تحليل بقايا الدماء الموجودة على السهام التي حملها أوتزي ، أنها تعود إلى أربع أشخاص حيث كانت عينات الدم الموجودة على السهام تعود إلى شخصين مختلفين ، بينما يعود الدم الذي يلطّخ سكينه إلى شخص ثالث ، والدم الموجود على معطفه إلى شخص رابع.
وخلاصة القول أن أوتزي ربما دخل في نزاع مسلّح عنيف ، اشترك فيه عدّة فرقاء أدّى به في النهاية إلى الإصابة بسهم أودى بحياته.
دفع اكتشاف رأس السهم الباحثين إلى وضع فرضيات وفاة أوتزي من فقدان الدم من الجرح ، والذي ربما كان قاتلا وأودى بحياته .
أبحاث أخرى
وجدت أبحاث أخرى أن رمح السهم قد تم إزالتها قبل الموت ، وبعد فحص دقيق للجثة عثر على كدمات وجروح في اليدين والرأس والصدر والصدمات الدماغية تدل على وجود ضربة على الرأس.
هل ممكن أن يكون سبب الموت نتيجة فقد الدم بسبب السهم الذي استقر في كتفة الأيسر !؟
هناك عدد من الباحثين يعتقدون أن الموت كان سببه ضربة على الرأس ، على الرغم من الباحثين غير متأكدين من إذا كان هذا نتيجة لسقوطه ، أو من التعرض للضرب بحجر من قبل شخص آخر .
في عام 2010 افترض عالم الآثار "اليساندرو فانزيتي" من جامة سابينزا روما فرضية تقول أن أوتزي قد توفي على ارتفاع أقل من ذلك بكثير ودفن في أعالي الجبال , وقد ضل مدفوناً لفترة من الزمن ولكن تم نقله من مدفنه في وقت لاحق مع كل دورة ذوبان للجليد التي خلقت مزيج مائي تتدفق مدفوعة الجاذبية قبل أن يتم إعادة تجميدها.
و يوافق "كلاوس أويجل" من جامعة انسبروك على أن عملية طبيعية وصفها على الأرجح بالتسبب في انتقال الجسم من التلال التي تتضمن تشكيل الحجر، وأشار إلى أن الابحاث لم تقدم أي أدلة دامغة تثبت أن الحجارة المتناثرة شكلت منصة الدفن , ويرى عالم الأنثروبولوجيا البيولوجية "ألبرت زنك جادل " بأن عظام رجل الثلج تعرضت لاختلالات والتي من شأنها أن تكون ناجمة عن انزلاق إلى أسفل المنحدر ، كما يرى "جادل" بأن تقرير موت أوتزي الذي يدعي أنه توفي بسبب الإصابة بسهم بكتفه اليسرى أدى إلى فقد كمية من الدم غير صحيح حيث أن تجلط الدم قد يكون كفيل في وقف الدم و إعادة ترميم مكان الإصابة ، و في كلتا الحالتين ، فإن نظرية الدفن لا تتعارض مع احتمال وجود سبب عنيفة للموت كما ورد في النظريات السابقة
خصائص مكان الدفن
يتسأل العلماء لماذا الجثة كانت صامدة كل هذه القرون ولم تتعرض للتآكل أو التعفن أو لماذا لم تتعرض لحيوانات أو طيور أو حشرات أدت إلى تآكل الجثة !!؟ حيث يعتقد بعض العلماء أن المكان الذي حفظت فيه الجثة كل هذا الوقت له خصائص مميزة ساهمت في حفظ الجثة , حيث وجدت الجثة في حفرة منخفضة محاطة بحواف صخرية كما أن المومياء محاطة في تجويفين و مغطاة بطبقة من الثلج .
تحليلات الحمض النووي
لم تنشر تحليلات الحمض النووي لأوتزي ، وبالتالي غير مؤكد الزعم باكتشاف آثار دماء من أربعة أشخاص آخرين على ملابسه ، واحد من سكين له، وهما من نفس رأس السهم، ورابعة من معطفه كانت التفسيرات لهذه النتائج أن أوتزي قتل شخصين من السهم نفسه ، وكان قادرا على استرجاعه في كلتا الحالتين ، وكان الدم على معطفه من رفيق جريح ويكون قد حمله على ظهره. أن موت المومياء أوتزي غير طبيعي حيث ان الجسم مجمد ، والوجه للأسفل ، بينما ذراعه اليسار عازمة عبر الصدر وهذا يشير إلى أن نظرية الموت الانفرادي من فقدان الدم والجوع والبرد وضعف لا يمكن الدفاع عنها.
اكتشاف أقدم خلايا دم حمراء في مايو 2012 باستخدام "الناو تكنولوجي"
أعلن العلماء عن اكتشاف أقدم اثار خلايا دم في التاريخ تعود لأوتزي حيث لا تزال خلايا دم سليمة. وخلايا الدم عادة ما تكون إما منكمشة أو مجرد بقايا، ولكن في أوتزي له نفس الأبعاد حيث تعيش خلايا الدم الحمراء وخلايا تشبه عينة من العصر الحديث. حتى الان لا يوجد أي تفسير لبقاء خلايا الدم كل هذه القرون في جسد أوتزي ، هل ممكن أن تكون خلايا الدم محفوظة كل هذه المدة بسبب الثلج !؟
لعنة أوتزي !
نشرت عدد من الادعاءات حول لعنة المومياء أوتزي في وسائل الإعلام وفي الصحف عن وفاة عدد من الناس لهم صلة باكتشاف وفحص المومياء أوتزي ، فمنهم من زعم أنهم لقوا حتفهم في ظروف غامضة ، ويشمل هؤلاء الأشخاص الذي شاركوا في الاكتشاف هلموت سيمون، وكونراد سبيندلر ومن بينهم سبعة من الأشخاص قد توفوا
هل ممكن أن تكون للجثث المحنطة بشكل طبيعي أو بتدخل خارجي لعنة تؤثر بمصير بعض البشر !؟