بالفيديو والصور.. السحر الأسود يعيد جثث الموتى للحياة.. المتوفي يسير على قدميه في الجنازة.. وإيقاظ الموتى للتنزه مع الأسرة كل 3 سنوات.. دفن الأطفال في الأشجار.. والميت يعود للتابوت بعد زيارة أهله
وصف فرانسوا لاروشفوكو الأديب الفرنسى، الموت، قائلا: "إنّ ثمّة شيئين لا يمكن أن يحدّق فيهما المرء "الشمس والموت"، أمّا الفيلسوف الفرنسي الفرنسي باسكال فهــو يتجاهــــل التفكير في الموت أو يتناساه، كما يفعل غالبية الناس فيقول: "لما كان الناس لم يهتدوا إلى علاج للموت والشقاء والجهل، فقـــــد وجدوا أن خير الطرق للتنعّم بالسعادة هي ألاّ يفكروا في هذه الأمـور على الإطلاق، وفي أدبنا العربي يفسّر لنا الشاعر المتنبي ظاهرة الخوف من المـوت في البيتين التاليين:
إلفُ هــذا الهواءِ أوقع في الأنـ فسِ أنَ الحمــام َمرُّ المــذاقِ
والأسى قبلَ فرقة الروحِ عجزٌ والأسى لا يكونُ بعـدَ الفراقِ
فحسب رأي المتنبي يعود خوفنا من الموت إلى اعتيادنا على الحياة، أمّا الموت نفسه فهو ظاهـــــرة، شأنه شأن الحياة، سواء بسواء، لا تستدعي الخوف.
تضاربـــت الآراء وتنوعت الفلسفات بخصوص الموت، ففلسفة الكارما الهندية تعتقد بتناسخ الأرواح، التي تعود إلى الحياة من جديد وتحل في كائنات تحمل صفات مقاربة لصفاتها.
أما طبقًا لمعتقدات شعب الماماسا في جزيرة توراجا، التي تقع في مقاطعة سولاويزي جنوب إندونسيا، فإنه يجب على الميت العودة إلى قريته الأصلية للقاء أقاربه لكي يوجهونه إلى رحلة ما بعد الحياة، بعد أن ينتهوا من مراسم الجنازة ويمارسون من أجل ذلك طقوس "مانينى" وهى إحدى طقوس السحر الأسود، وهي خاصة بإيقاظ الجثث لتمشي بنفسها إلى مواطن نشأتها.
وترجع تلك الطقوس إلى الماضي، عندما كانت قرى "تانا توراجا "معزولة تمامًا ومن الصعب الوصول إليها، يقال إن لبعض الأشخاص القدرة على جعل الميت يمشي حتى يصل إلى قريته لكي يحضر جنازته الخاصة.
ووفقًا لمعتقدات شعب "الماماسا"، فإذا توفي شخص أثناء رحلةٍ فيجب استئجار خبير لتوجيه الميت للعودة إلى قريته، إلا إذا كان لدى الميت قوى سحرية خارقة، فعلى الميت أن يمشي عائدًا مهما كانت قريته بعيدة، وفي طريق العودة يحذر مرافقو الجثة من يجتمع من الناس بألا يتحدثوا مع الميت مباشرة.
وفي هذه الأيام، أصبحت ممارسات مشي الأموات إلى مواطنهم الأصلية نوعًا من الطقوس، هدفها جمع العائلة واستعادة ذكريات أجدادهم فكل 3 سنوات يخرجون جثث موتاهم من التوابيت ويلبسونها أجمل الملابس، وبعد ذلك يطوفون بهم في شوارع القرية اعتقادًا منهم أن الميت يعيش معهم حتى بعد موته ويشعرون بأن الحب والاحترام يقضي بأن يخرجونه من التابوت والسير به بعض الوقت وتصويره صور تذكارية قبل أن يعيدوه إلى القبر مرة أخرى في انتظار جولة أخرى من الاحترام والنزهة بعد 3 أعوام، ويقدمون جاموس الماء كأضحية في الاحتفال.
كهوف مدافن توراجا لها شبابيك وبلكونات، ويقال إن كهوف الدفن في توراجا فيها جثث بشرية سليمة منذ عام 1905، الأطفال يدفنون في الأشجار، وما يساعد أهالي إقليم "توارجا" في ذلك هو أنهم يقومون بدفن الميت بطريقة خاصة تمنعه من التحلل السريع بحيث يصبح كالمومياء حتى يتمكنوا من زيارته كل 3 سنوات.
الحمد لله على نعمة الإسلام أن وراء أمر الموت والحياة سر التكليف والابتلاء، وصهر الإنسان في هذه الدار الفانية ليعد للخلود في الدار الباقية (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) "الملك").لو آمنو بمنطق الدين لعلمو أن الموت ليس فناء محضًا، ولا عدمًا صرفًا، كما يتصور الجهلة والضالون . إنما الموت هو انتقال من حال إلى حال . ومن طور إلى طور، ومن دار إلى دار، كما قال عمر بن عبد العزيز:. " إنكم خلقتم للأبد، وإنما تنقلون من دار إلى دار ". وقال الشاعر:. وما الموت إلا رحلة غير أنها من المنزل الفاني إلى المنزل الباقي.
تعليق