الوسطاء
هناك أطفال من مختلف أرجاء العالم يزعمون رؤيتهم لكائنات خفية. لكن ما هي طبيعة هذه الكائنات الغامضة .. هل هي أشباح ؟ .. هل هي جن أو شياطين أو ملائكة ؟ .. لا نعلم .. هي بكل الأحوال كائنات غير مرئية نعجز نحن الكبار عن إدراك وجودها. وقد تكون أنت واحدا من أولئك الذين مروا في طفولتهم بتجارب مماثلة، أي أنك شاهدت أطياف وظلال، أو سمعت أصوات، تظهر وتختفي من دون أن يدركها ويشعر بها سواك. وقد تكون أخبرت أهلك وأصدقاءك عن تلك الأمور فلم يصدقوك، أو ربما توقعت مسبقا أن لا يصدقك أحد ففضلت كتمان الأمر والاحتفاظ به لنفسك.
بعض الناس يعتقدون بأن براءة الطفل ونقاء سريرته تعطيه أحيانا القدرة على رؤية ما لا يراه الكبار. ونلمس انعكاس هذا الاعتقاد واضحا في الموروث والمعتقدات الشعبي، فأحيانا نرى أطفال صغار دون العامين يضحكون ويحركون أطرافهم بغبطة أثناء استلقائهم في فراشهم من دون أن يكون قربهم أحد، هذه الحالة تكون عفوية ويفسرها بعض كبار السن بقدرة الأطفال الصغار على رؤية الملائكة المناط بها حراسة كل إنسان وتسجيل أعماله، وهي قدرة يفقدها الطفل بالتدريج كلما كبر سنه وأشتد عوده. ونلاحظ أيضا بأن السحرة والمشعوذين دائما ما يستعينون بفتية وفتيات صغار لكشف المستقبل والمستور، وذلك لكون هؤلاء الصغار تكون لديهم قدرة أكبر على التواصل مع كائنات العالم الآخر التي يسخرها الساحر لخدمته.
ساعدوني .. أبني يرى الأشباح!
إحدى الأمهات كتبت تقول : "أبني ذو العشرة أعوام يشاهد أشباحا في منزلنا وهي تلاحقه في كل مكان وتشوش تفكيره وإرادته إلى درجة أنه يعجز عن الكلام .. أخبروني ماذا أفعل أرجوكم ؟ .. في المدرسة يعتقدون بأنه مجنون ويقولون بأني يجب أن أضعه في مصحة عقلية.
أنا وزوجي شاهدنا أمورا غريبة في المنزل، وكذلك فعلت أبنتا، ونحن عاجزون عن مساعدة أبننا. هو يقول بأن الأشباح تسلبه إرادته، وهو يتحدث عن وجود العديد من الأشباح في منزلنا، يخبرنا عن فتاة من دون وجه وبلا أطراف!، وعن فتاة أخرى ترتدي ثوب زفاف يرافقها أبوها الذي يقوم باقتلاع عينيه من محجريهما بواسطة فأس.
وهناك شبح آخر لصبي يطارده رجل غاضب وهو ينعته بالكلب!. لقد حاولنا تطهير المنزل مرارا، والآن زوجي يشعر بأنه مستنزف ومرهق مما يجري. أبنتنا ذات الثلاثة عشر ربيعا أخبرتنا مؤخرا بأنها هي أيضا شاهدت تلك الأشباح التي يتكلم عنها أخوها، وبأن تلك الأشباح قامت بضربها على وجهها .... ماذا أفعل ؟ .. الرجاء ساعدوني".
أم أخرى كتبت تقول : "أعيش مع عائلتي في شقة منذ سنتين، وقبل حوالي 4 - 5 أشهر بدأ أبني ذو الأربعة أعوام يتحدث فجأة عن الأشباح، خصوصا عن شبح يعيش في غرفة نومه. أحيانا كنت أجده يتحدث إلى نفسه كأنه يكلم شخصا آخر غير مرئي يجلس إلى جواره. ظننت في البداية بأن الأمر طبيعي، وبأنه مثل بقية الأطفال اخترع صديقا خياليا ليتحدث ويلعب معه. لكن في الأسابيع الأخيرة أصبح أبني في غاية الرعب من شبح غرفة نومه إلى درجة انه يرفض النوم أو اللعب هناك، يقول بأن الشبح سيمسك به إذا دخل الغرفة، أصبح يخاف حتى من مجرد الدخول لجلب ألعابه ما لم أرافقه وأكون إلى جانبه .. لا ادري هل أصدقه ؟ .. وماذا بإمكاني أن أفعل كي أزيل خوفه ؟ .. أرجوكم ساعدوني".
وكتب أحد الآباء يقول : "أبني عمره ثلاثة أعوام ونصف الآن. وقبل حوالي العام كنت أحلق ذقني في الحمام وتركت الباب مواربا قليلا لأراقبه وهو يلعب في الغرفة المجاورة. وبعد خمسة دقائق على شروعي بالحلاقة سمعته يصرخ : "أوه". فسألته ما المشكلة، فأجابني قائلا : "إنها المرأة التي في الغرفة .. لقد أمسكت بقدمي". فظننت بأن الأمر غير مهم وبأن أبني يتخيل أمورا غير حقيقية. لكن عبارة "المرأة التي في الغرفة" استمرت تتردد على لسان أبني لستة أشهر أخرى. واليوم وقع أمر في غاية الغرابة، فقد كان أبني يرسم على الورق، وقد رسم صورة لامرأة شعرها طويل، فسألته ممازحا فيما أذا كان يرسم صورة لأمه، فأجاب قائلا : "كلا .. هذه صورة المرأة التي في الغرفة". ولقد أرعبني رده حقا، فأنا أعتقد بأن طفل بريء في سن أبني لا يمكنه اختلاق الأكاذيب واختراع القصص .. فهل هو يرى أشباح حقا ؟".
طبعا هذه القصص هي مجرد عينة صغيرة لقصص كثيرة تدور حول نفس المعنى والموضوع، وللعلم فأن هذه القصص لا تقتصر على الغربيين، ففي بلداننا هناك أيضا قصص عن رؤية الأطفال لكائنات خفية لا يراها الكبار، لكنها عادة ما تنسب إلى الجن وليس إلى الأشباح، وأنا بنفسي كنت شاهدا على إحدى تلك القصص، ففي أحد الأيام طرقت بابنا سيدة كانت قد استأجرت منزلا في الجوار، أتت لتسأل أمي فيما أذا كانت تعرف شيئا عن تاريخ المنزل الذي استأجرته، وعن ما يتردد حول انتحار فتاة حرقا فيه قبل أعوام طويلة.
والدتي تعجبت لهذا السؤال كثيرا ونفت سماعها بشيء كهذا علما بأننا نسكن الحي منذ مدة طويلة، واستفسرت من السيدة عن سبب سؤالها، فردت قائلة بأن أطفالها يشاهدون أحيانا في جوف الليل، وهم بين الصحو والنوم، طيف فتاة محروقة تظهر فجأة وتتجول بين حجراتهم، أحيانا تصرخ فيهم بغضب تطلب منهم مغادرة المنزل وأحيانا تسحب الغطاء عن أجسادهم، وقد تسبب ذلك برعب شديد للأسرة.
وظنت تلك السيدة للوهلة الأولى بأن أطفالها يتخيلون أمورا غير حقيقية، لكن أحد كبار السن في الحي أخبرها بأن هناك فتاة شابة انتحرت فعلا في المنزل قبل أكثر من أربعين عام، أحرقت نفسها في الحمام لأن أهلها أرادوا إرغامها على الزواج من رجل عجوز. وحين أخبرتني والدتي عن قدوم تلك السيدة وحديثها عن طيف الفتاة المحروقة عادت بي الذاكرة سريعا إلى أيام الطفولة، فتذكرت بأن إحدى العائلات التي سكنت ذلك المنزل قبل سنوات بعيدة كان لديهم ولد في نفس عمري أسمه ياسر، كان يلعب معنا في الشارع أيام الطفولة، وكان يحدثنا عن فتاة محروقة تظهر فجأة في حجرته ليلا، لكننا لم نكن نصدقه، كنا نظن بأنه يريد تخويفنا فقط.
وسطاء روحانيون
بعض الناس، لا يتكلمون عن قدراتهم الروحانية ويبقونها طي الكتمان خوفا من أن لا يصدقهم أحد أو أن يتهموا بالجنون، وعلى العكس من ذلك فهناك آخرين استغلوا تلك القدرات فتجاوبوا مع الكائنات الخفية وحاولوا فهم ماذا تريد منهم، وهذه القدرة على الاتصال مع كائنات العالم الآخر أكسبت هؤلاء الناس صيتا وشهرة واسعة، فصاروا يعرفون بالوسطاء الروحانيون، وبلغوا أوج شهرتهم وشعبيتهم خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث وجدت الأمور الروحية سوقا مزدهرة ورائجة في أوروبا وأمريكا الشمالية وظهرت الكثير من المؤسسات والجمعيات الروحية المهتمة بالتواصل مع كائنات العالم الآخر.
ويزعم معظم الوسطاء الروحانيون بأنهم مروا بتجارب مخيفة في طفولتهم، وعن طريق تلك التجارب اكتشفوا مواهبهم الخارقة في التواصل مع كائنات العالم الآخر. ولعل أشهر القصص في هذا المجال هي قصة الشقيقتان كاتي ومارغريت فوكس (Fox sisters )، فأينما ذهبت الطفلتان كانت هناك أصوات مجهولة المصدر تلاحقهم كظلهما، كانت تشبه صوت الدق والطرق على الجدار، وعن طريق تقليد تلك الأصوات امكن للشقيقات التواصل مع الأشباح المزعومة، ولاحقا أصبحت الشقيقتان، إضافة إلى شقيقتهن الكبرى ليا، من أشهر الوسيطات الروحانيات في أمريكا القرن التاسع عشر.
من الوسيطات الشهيرات أيضا في القرن التاسع عشر اللائي مررن بتجارب مماثلة في طفولتهن هي الوسيطة الحسناء كلارا سكوت (Cora L. V. Scott ) التي اكتشفت في سن الثانية عشر قدرة غريبة على منح جسدها للأشباح لكي تتكلم وتكتب من خلاله. كلارا كانت تدخل في حالة تحول مؤقت، فيتغير صوتها، وتبيض عيناها، وتتيبس ملامحها، ثم تبدأ يدها بالتحرك سريعا لتكتب على الورق ما تقوله الأشباح. الأمر مشابه تماما لمشهد الوسيطة الروحية العجوز في فلم الرعب الآخرون "The Others " من بطولة نيكول كدمان.
هناك في الحقيقة عدد كبير من الوسطاء الذين مروا في طفولتهم بتجارب مماثلة لتلك التي مرت بها الشقيقات فوكس وكلارا سكوت، وقد نعود لذلك كله في مقال مفصل عن الوساطة الروحية وجلسات تحضير الأرواح. لكن مما ينبغي ذكره هنا، هو أن بعض تلك القصص لا تخلو من الكذب والدجل والاحتيال، فالوساطة الروحية كانت وما تزال سبيلا سهلا لابتزاز الأموال من جيوب الناس المتطلعين للاتصال بأرواح أحبائهم الراحلين. وهناك قضايا وفضائح شهيرة لبعض هؤلاء الوسطاء الدجالين.
ختاما فأن الكثير من الأطفال حول العالم يمتلكون موهبة رؤية الأشباح وإدراك وجودها، لكن بما أننا في هذا الموقع دأبنا دوما على تحكيم العقل والمنطق، فلابد أن نسأل .. هل هذه القصص هي انعكاس حقيقي للواقع أم أنها في حالات كثيرة لا تعدو عن كونها تخيلات وهلوسات ازدحمت في عقل طفل صغير مازال يلتمس طريقه لمعرفة أبعاد هذا العالم.
هناك أطفال من مختلف أرجاء العالم يزعمون رؤيتهم لكائنات خفية. لكن ما هي طبيعة هذه الكائنات الغامضة .. هل هي أشباح ؟ .. هل هي جن أو شياطين أو ملائكة ؟ .. لا نعلم .. هي بكل الأحوال كائنات غير مرئية نعجز نحن الكبار عن إدراك وجودها. وقد تكون أنت واحدا من أولئك الذين مروا في طفولتهم بتجارب مماثلة، أي أنك شاهدت أطياف وظلال، أو سمعت أصوات، تظهر وتختفي من دون أن يدركها ويشعر بها سواك. وقد تكون أخبرت أهلك وأصدقاءك عن تلك الأمور فلم يصدقوك، أو ربما توقعت مسبقا أن لا يصدقك أحد ففضلت كتمان الأمر والاحتفاظ به لنفسك.
بعض الناس يعتقدون بأن براءة الطفل ونقاء سريرته تعطيه أحيانا القدرة على رؤية ما لا يراه الكبار. ونلمس انعكاس هذا الاعتقاد واضحا في الموروث والمعتقدات الشعبي، فأحيانا نرى أطفال صغار دون العامين يضحكون ويحركون أطرافهم بغبطة أثناء استلقائهم في فراشهم من دون أن يكون قربهم أحد، هذه الحالة تكون عفوية ويفسرها بعض كبار السن بقدرة الأطفال الصغار على رؤية الملائكة المناط بها حراسة كل إنسان وتسجيل أعماله، وهي قدرة يفقدها الطفل بالتدريج كلما كبر سنه وأشتد عوده. ونلاحظ أيضا بأن السحرة والمشعوذين دائما ما يستعينون بفتية وفتيات صغار لكشف المستقبل والمستور، وذلك لكون هؤلاء الصغار تكون لديهم قدرة أكبر على التواصل مع كائنات العالم الآخر التي يسخرها الساحر لخدمته.
ساعدوني .. أبني يرى الأشباح!
إحدى الأمهات كتبت تقول : "أبني ذو العشرة أعوام يشاهد أشباحا في منزلنا وهي تلاحقه في كل مكان وتشوش تفكيره وإرادته إلى درجة أنه يعجز عن الكلام .. أخبروني ماذا أفعل أرجوكم ؟ .. في المدرسة يعتقدون بأنه مجنون ويقولون بأني يجب أن أضعه في مصحة عقلية.
أنا وزوجي شاهدنا أمورا غريبة في المنزل، وكذلك فعلت أبنتا، ونحن عاجزون عن مساعدة أبننا. هو يقول بأن الأشباح تسلبه إرادته، وهو يتحدث عن وجود العديد من الأشباح في منزلنا، يخبرنا عن فتاة من دون وجه وبلا أطراف!، وعن فتاة أخرى ترتدي ثوب زفاف يرافقها أبوها الذي يقوم باقتلاع عينيه من محجريهما بواسطة فأس.
وهناك شبح آخر لصبي يطارده رجل غاضب وهو ينعته بالكلب!. لقد حاولنا تطهير المنزل مرارا، والآن زوجي يشعر بأنه مستنزف ومرهق مما يجري. أبنتنا ذات الثلاثة عشر ربيعا أخبرتنا مؤخرا بأنها هي أيضا شاهدت تلك الأشباح التي يتكلم عنها أخوها، وبأن تلك الأشباح قامت بضربها على وجهها .... ماذا أفعل ؟ .. الرجاء ساعدوني".
أم أخرى كتبت تقول : "أعيش مع عائلتي في شقة منذ سنتين، وقبل حوالي 4 - 5 أشهر بدأ أبني ذو الأربعة أعوام يتحدث فجأة عن الأشباح، خصوصا عن شبح يعيش في غرفة نومه. أحيانا كنت أجده يتحدث إلى نفسه كأنه يكلم شخصا آخر غير مرئي يجلس إلى جواره. ظننت في البداية بأن الأمر طبيعي، وبأنه مثل بقية الأطفال اخترع صديقا خياليا ليتحدث ويلعب معه. لكن في الأسابيع الأخيرة أصبح أبني في غاية الرعب من شبح غرفة نومه إلى درجة انه يرفض النوم أو اللعب هناك، يقول بأن الشبح سيمسك به إذا دخل الغرفة، أصبح يخاف حتى من مجرد الدخول لجلب ألعابه ما لم أرافقه وأكون إلى جانبه .. لا ادري هل أصدقه ؟ .. وماذا بإمكاني أن أفعل كي أزيل خوفه ؟ .. أرجوكم ساعدوني".
وكتب أحد الآباء يقول : "أبني عمره ثلاثة أعوام ونصف الآن. وقبل حوالي العام كنت أحلق ذقني في الحمام وتركت الباب مواربا قليلا لأراقبه وهو يلعب في الغرفة المجاورة. وبعد خمسة دقائق على شروعي بالحلاقة سمعته يصرخ : "أوه". فسألته ما المشكلة، فأجابني قائلا : "إنها المرأة التي في الغرفة .. لقد أمسكت بقدمي". فظننت بأن الأمر غير مهم وبأن أبني يتخيل أمورا غير حقيقية. لكن عبارة "المرأة التي في الغرفة" استمرت تتردد على لسان أبني لستة أشهر أخرى. واليوم وقع أمر في غاية الغرابة، فقد كان أبني يرسم على الورق، وقد رسم صورة لامرأة شعرها طويل، فسألته ممازحا فيما أذا كان يرسم صورة لأمه، فأجاب قائلا : "كلا .. هذه صورة المرأة التي في الغرفة". ولقد أرعبني رده حقا، فأنا أعتقد بأن طفل بريء في سن أبني لا يمكنه اختلاق الأكاذيب واختراع القصص .. فهل هو يرى أشباح حقا ؟".
طبعا هذه القصص هي مجرد عينة صغيرة لقصص كثيرة تدور حول نفس المعنى والموضوع، وللعلم فأن هذه القصص لا تقتصر على الغربيين، ففي بلداننا هناك أيضا قصص عن رؤية الأطفال لكائنات خفية لا يراها الكبار، لكنها عادة ما تنسب إلى الجن وليس إلى الأشباح، وأنا بنفسي كنت شاهدا على إحدى تلك القصص، ففي أحد الأيام طرقت بابنا سيدة كانت قد استأجرت منزلا في الجوار، أتت لتسأل أمي فيما أذا كانت تعرف شيئا عن تاريخ المنزل الذي استأجرته، وعن ما يتردد حول انتحار فتاة حرقا فيه قبل أعوام طويلة.
والدتي تعجبت لهذا السؤال كثيرا ونفت سماعها بشيء كهذا علما بأننا نسكن الحي منذ مدة طويلة، واستفسرت من السيدة عن سبب سؤالها، فردت قائلة بأن أطفالها يشاهدون أحيانا في جوف الليل، وهم بين الصحو والنوم، طيف فتاة محروقة تظهر فجأة وتتجول بين حجراتهم، أحيانا تصرخ فيهم بغضب تطلب منهم مغادرة المنزل وأحيانا تسحب الغطاء عن أجسادهم، وقد تسبب ذلك برعب شديد للأسرة.
وظنت تلك السيدة للوهلة الأولى بأن أطفالها يتخيلون أمورا غير حقيقية، لكن أحد كبار السن في الحي أخبرها بأن هناك فتاة شابة انتحرت فعلا في المنزل قبل أكثر من أربعين عام، أحرقت نفسها في الحمام لأن أهلها أرادوا إرغامها على الزواج من رجل عجوز. وحين أخبرتني والدتي عن قدوم تلك السيدة وحديثها عن طيف الفتاة المحروقة عادت بي الذاكرة سريعا إلى أيام الطفولة، فتذكرت بأن إحدى العائلات التي سكنت ذلك المنزل قبل سنوات بعيدة كان لديهم ولد في نفس عمري أسمه ياسر، كان يلعب معنا في الشارع أيام الطفولة، وكان يحدثنا عن فتاة محروقة تظهر فجأة في حجرته ليلا، لكننا لم نكن نصدقه، كنا نظن بأنه يريد تخويفنا فقط.
وسطاء روحانيون
بعض الناس، لا يتكلمون عن قدراتهم الروحانية ويبقونها طي الكتمان خوفا من أن لا يصدقهم أحد أو أن يتهموا بالجنون، وعلى العكس من ذلك فهناك آخرين استغلوا تلك القدرات فتجاوبوا مع الكائنات الخفية وحاولوا فهم ماذا تريد منهم، وهذه القدرة على الاتصال مع كائنات العالم الآخر أكسبت هؤلاء الناس صيتا وشهرة واسعة، فصاروا يعرفون بالوسطاء الروحانيون، وبلغوا أوج شهرتهم وشعبيتهم خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث وجدت الأمور الروحية سوقا مزدهرة ورائجة في أوروبا وأمريكا الشمالية وظهرت الكثير من المؤسسات والجمعيات الروحية المهتمة بالتواصل مع كائنات العالم الآخر.
هناك في الحقيقة عدد كبير من الوسطاء الذين مروا في طفولتهم بتجارب مماثلة لتلك التي مرت بها الشقيقات فوكس وكلارا سكوت، وقد نعود لذلك كله في مقال مفصل عن الوساطة الروحية وجلسات تحضير الأرواح. لكن مما ينبغي ذكره هنا، هو أن بعض تلك القصص لا تخلو من الكذب والدجل والاحتيال، فالوساطة الروحية كانت وما تزال سبيلا سهلا لابتزاز الأموال من جيوب الناس المتطلعين للاتصال بأرواح أحبائهم الراحلين. وهناك قضايا وفضائح شهيرة لبعض هؤلاء الوسطاء الدجالين.
ختاما فأن الكثير من الأطفال حول العالم يمتلكون موهبة رؤية الأشباح وإدراك وجودها، لكن بما أننا في هذا الموقع دأبنا دوما على تحكيم العقل والمنطق، فلابد أن نسأل .. هل هذه القصص هي انعكاس حقيقي للواقع أم أنها في حالات كثيرة لا تعدو عن كونها تخيلات وهلوسات ازدحمت في عقل طفل صغير مازال يلتمس طريقه لمعرفة أبعاد هذا العالم.