الحمد لله الذي أرسل رسوله بالحق المبين وأيده الآيات بينات لتقوم الحجة على المعاندين ليهلك من هلك عن بينه ويحيأ من حي عن بينه وأن الله لسميع عليم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما...
أما بعد
فإن الله تعالى أرسل الله تعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولذلك أيدهم بالآيات البينات الدالة على صدقهم وعلى صحة رسالتهم قال الله عز وجل ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْط)(الحديد: من الآية25) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر) فأيدهم الله تعالى بالآيات البينات لتقوم الحجة على كل معاند وليؤمن من آمن عن إقتناع وبصيرة فينشرح صدرة للإيمان ويطمئن إليه قلبه ولقد كان لنبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الآيات أعظمها وأدلها كانت آيات النبي صلى الله عليه وسلم آياتٍ شرعية وآياتٍ كونية أما الآيات الشرعية فأعظمها هذا القرآن العظيم كلام الله عز وجل كلام رب العالمين تكلم به حقيقة بلفظه الدال على معناه وألقاه إلى جبريل ثم ألقاه جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا القرآن العظيم أعظم آية للنبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال الله ردا على الذين يطلبون الآيات للنبي صلى الله عليه وسلم قال لهم ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت:51)وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم ، أي أكثر الأنبياء تابعا يوم القيامة) ، نعم أيها المسلمون إن هذا القرآن العظيم لآية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه جاء مصدقا للكتب السابقة وخاتماً عليها وناسخا لها و( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)(المائدة: من الآية48) كان هذا القرآن آية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان على وصف رسالته في عمومها وشمولها وصلاحها وإصلاحها فهو كتاب عام شامل صالح لكل زمان ومكان مصلح لأمور الدنيا والآخرة القرآن العظيم أساس الشريعة والشريعة شاهدة له كان القرآن العظيم آية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لما يشتمل عليه من الأفكار الصادقة الهادفة والقصص الحسنى المملوءة عبرةً وتربية والأحكام العاجلة المرئية والإصلاحات الإجتماعية والفردية وكان القرآن آية كبرى في لفظه ومعناه وفي أجله في النصوص وآثاره في الأمة وهو آية للأمة كلها من أولها إلى آخرها كل المسلمين يتلونه اليوم كما يتلوه أول هذه الأمة ويمكنهم أن ينهلوا من مزيد أحكامهم وحكمه فما نهله الرعيل الأول )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)) وأَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء)(النحل: من الآية89) ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشريعة الكاملة الكاملة في العقيدة العبادة والأخلاق والآداب والمعاملات وتنظيم سلوك العبد فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين الخلق فلو أجتمع العالم كلهم على أن يأتوا بمثل هذه الشريعة ما أستطاعوا إلى ذلك سبيلا لأنها شريعة الله لأنها شريعة الله العليم بما يصلح خلقه الحكيم بما يشرحه لهم الرحيم لما يكلفهم به وإن كل ما جاء من صلاح أو إصلاح في أي نظام من النظم فإن الشريعة المحمدية الإسلامية فيها ما هو أصلح منه وأنفع للخلق ، وإذا كان البشر إذا كان البشر لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الشريعة في صلاحها وإصلاحها كان ذلك آيةً وبرهاناً على أن شريعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم هي شريعة الله عز وجل ، أما الآيات الكونية الدالة على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فكثيرةٌ جداً لا تمكن الإحاطة بها فمن آياته الكونية ما جبله الله عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق ومعالي الآداب ومحاسن الأعمال قال ملك غسان وقد دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والله قال هذا الملك والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له وإنه يغلب فلا يظفر ويُغلب فلا يضجر ويفي بالعهد وينجز الموعود وأشهد أنه نبي ، وقال شيخ الإسلام إبن تيميه في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح وهو كتاب قيّم ينبغي للمسلم قراءته لا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه إنتشار النصارى بين المسلمين في القطاع الحكومي والشعبي ليكون الإنسان على بصيرة من أمر هولاء النصارى قال شيخ الإسلام رحمه الله إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وأقواله وأفعاله وشريعته من آياته فإنه صلى الله عليه وسلم كان من أشرف أهل الأرض نسبا من صميم سلالة إبراهيم وكان من أكمل الناس تربية ونشأة لم يزل صلى الله عليه وسلم معروفا بالصدق والبر والعدل ومكارم الأخلاق وترك الفواحش والظلم لا يعرف له شيء يعاب به ولا جرت عليه كلمة قط ولا ظلم ولا فاحشة بل كان أصدق الناس وأعدلهم وأوفاهم بالعهد مع إختلاف الأحوال عليه من حرب وسلم , وأمر وخوف وفقر وظهور على العدو تارة وظهور العدو عليه تارة أخرى ، وإن من آيات النبي صلى الله عليه وسلم الكونية ما شاهده الناس في الآفاق السماوية والآفاق الأرضية ففي الآفاق السماوية كثرت الشهب في السماء لإحراق الشيطاطين التي تجتمع أخبار السماء كثرت الشهب حال رسالة النبي صلى الله عليه وسلم حماية لوحي الله الذي ينزله عليه قال الله تعالى عن الجن )وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً) (الجـن:9) وطلبت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم القمر شقين حتى رأوا غار حراء بينهما وكانت كل شقة منه على حذاء جبل فأسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وأجتمع إليه الأنبياء فصلى بهم إماما ثم عرج به إلى السموات وقابل في كل سماء من قابل من الأنبياء والرسل وسلم عليهم فردوا عليه وحيوه وبلغ سدرة المنتهى ومكانا سمع فيه صريف الأقلام وسلمه الرب جل وعلا بما أراد وتراجع بين الله وبين موسى فيما فرض الله عليه من الصلوات وعرضت عليه الجنة وأدخلها وعرضت عليه النار فرأها كل هذا في ليلة بل في بعض ليلة وهو من أعظم آيات الله الدالة على صدق نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) (لنجم:18)وجاءه رجل وهو يخطب يوم الجمعة فقال أدعو الله أن يغيثنا فدعا فصار السحاب أمثال الجبال فما نزل على المنبر حتى كان المطر يتحاذر على لحيته فبقي إسبوعا حتى دخل رجل في الجمعة الآخرى فقال أدعو الله أن يمسكها عنا فدعا وجعل يشير إلى السحاب كما يشير إلى ناحية إلا إنفرجت فخرج الناس يمشون في الشمس ، وفي الآفاق الأرضية شاهد الناس من آيات النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً كبيرا فمنها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال عطش الناس وكان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ركوة والركوة إناء من جلد فجهش الناس نحوه فقال ما لكم؟ قالوا ليس عندنا ماء نشرب ولا نتوضأ إلا ما بين يديك فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا قيل لجابر كم كنتم؟ قال كنا ألفا وخمسمائة ولو كنا مائة ألف لكفانا ، وأتى أنس إلى رسول الله صلى عليه وسلم وهو في جملة من أصحابه وقد عصب النبي صلى الله عليه وسلم بطنه من الجوع فذهب أنس إلى أبي طلحة وهو زوج أمه فأخبره بما شاهد من النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو طلحة لأم سليم زوجته هل من شيء عندكم؟ قالت نعم كسر من خبز وتمرات إن جاء النبي صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه وإن جاء معه آخر قل عنهم قال أنس فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إليّ فقلت أجب أبا طلحة وقال النبي صلى الله عليه وسلم بمن معه قوموا فإذا أبوطلحة على الباب فقال يا رسول الله إنا ما هو شيء يسير فقال هاته فإن الله سيجعل فيه البركة ثم أمر بسمن فكب عليه ودعا فيه ثم قال إذن لعشرة فجاء العشرة فقال كلوا وسموا الله ثم أدخلهم عشرة عشرة وكانوا ثمانون رجلا حتى شبعوا ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل البيت حتى شبعوا وأهدوا البقية للجيران وكان صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة يخطب إلى جزع نخلة في المسجد فلما صُنع له المنبر وقام عليه أول جمعه حنّ الجزع إلى رسول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تحن العشار إلى أولادها حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فوضع يده عليه يسكنه حتى سكت ، وكان من آياته صلى الله عليه وسلم ما أخبر به من أمور الغيب التي جاءت صدقا لما أخبر صلى الله عليه وسلم كأنما يشاهدها بعينه مثل قوله صلى الله عليه وسلم : (يأتي في آخر الزمان قوم هدفاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) ..
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك) فقد كان ذلك ولله الحمد فما زال في هذه الأمة أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم على كثرة ما غزي دينهم من أعدائهم حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى والمشركين الذين غزوا هذا الدين بكل قواهم ، فعن أنس رضي الله عنه قال كان رجل نصرانا فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فعاد نصرانيا رجع عن الإسلام إلى نصرانيته فكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبته له فأماته الله فدفنوه وأصبح وقد لفظته الأرض فقال أصحابه هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له وأعمقوا فدفنوه وأصبح وقد لفظته الأرض مرة ثانية فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه ثم حفروا له فأعمقوا في الأرض ما أستطاعوا فأصبح وقد لفظته الأرض للمرة الثالثة فعلموا أنه ليس من الناس فتركوه منبوذا وهكذا ينتصر الله من أعدائه ويري الناس فيهم آياته حتى يتبين لهم الحق ، أيها المسلمون إن هذه الآيات التي أعطاها رب العالمين رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم لهي أكبر آية على الله عز وجل وأكبر دلالة على صدق رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وهي من رحمة الله لعباده حيث يزدادون بها إيمانا إلى إيمانهم ولله الحمد رب العالمين فأتقوا الله أيها المسلمون وتدبروا في آيات لعلكم توقنون وأعلموا أن وعد الله حق وأن الله لا يهدي القوم الظالمين ،أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله خالق السموات والأرض بديع السموات والارض رب السموات والأرض رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القدير على كل شيء )إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عبد الله ورسوله المبلّغ رسالته إلى العالمين عبدٌ وليس رباً عبدٌ لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولكنه رسول صادق مصدوق بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...
أما بعد
فإن الله تعالى أرسل الله تعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولذلك أيدهم بالآيات البينات الدالة على صدقهم وعلى صحة رسالتهم قال الله عز وجل ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْط)(الحديد: من الآية25) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر) فأيدهم الله تعالى بالآيات البينات لتقوم الحجة على كل معاند وليؤمن من آمن عن إقتناع وبصيرة فينشرح صدرة للإيمان ويطمئن إليه قلبه ولقد كان لنبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الآيات أعظمها وأدلها كانت آيات النبي صلى الله عليه وسلم آياتٍ شرعية وآياتٍ كونية أما الآيات الشرعية فأعظمها هذا القرآن العظيم كلام الله عز وجل كلام رب العالمين تكلم به حقيقة بلفظه الدال على معناه وألقاه إلى جبريل ثم ألقاه جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا القرآن العظيم أعظم آية للنبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال الله ردا على الذين يطلبون الآيات للنبي صلى الله عليه وسلم قال لهم ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت:51)وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم ، أي أكثر الأنبياء تابعا يوم القيامة) ، نعم أيها المسلمون إن هذا القرآن العظيم لآية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه جاء مصدقا للكتب السابقة وخاتماً عليها وناسخا لها و( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)(المائدة: من الآية48) كان هذا القرآن آية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان على وصف رسالته في عمومها وشمولها وصلاحها وإصلاحها فهو كتاب عام شامل صالح لكل زمان ومكان مصلح لأمور الدنيا والآخرة القرآن العظيم أساس الشريعة والشريعة شاهدة له كان القرآن العظيم آية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لما يشتمل عليه من الأفكار الصادقة الهادفة والقصص الحسنى المملوءة عبرةً وتربية والأحكام العاجلة المرئية والإصلاحات الإجتماعية والفردية وكان القرآن آية كبرى في لفظه ومعناه وفي أجله في النصوص وآثاره في الأمة وهو آية للأمة كلها من أولها إلى آخرها كل المسلمين يتلونه اليوم كما يتلوه أول هذه الأمة ويمكنهم أن ينهلوا من مزيد أحكامهم وحكمه فما نهله الرعيل الأول )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)) وأَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء)(النحل: من الآية89) ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشريعة الكاملة الكاملة في العقيدة العبادة والأخلاق والآداب والمعاملات وتنظيم سلوك العبد فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين الخلق فلو أجتمع العالم كلهم على أن يأتوا بمثل هذه الشريعة ما أستطاعوا إلى ذلك سبيلا لأنها شريعة الله لأنها شريعة الله العليم بما يصلح خلقه الحكيم بما يشرحه لهم الرحيم لما يكلفهم به وإن كل ما جاء من صلاح أو إصلاح في أي نظام من النظم فإن الشريعة المحمدية الإسلامية فيها ما هو أصلح منه وأنفع للخلق ، وإذا كان البشر إذا كان البشر لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الشريعة في صلاحها وإصلاحها كان ذلك آيةً وبرهاناً على أن شريعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم هي شريعة الله عز وجل ، أما الآيات الكونية الدالة على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فكثيرةٌ جداً لا تمكن الإحاطة بها فمن آياته الكونية ما جبله الله عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق ومعالي الآداب ومحاسن الأعمال قال ملك غسان وقد دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والله قال هذا الملك والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له وإنه يغلب فلا يظفر ويُغلب فلا يضجر ويفي بالعهد وينجز الموعود وأشهد أنه نبي ، وقال شيخ الإسلام إبن تيميه في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح وهو كتاب قيّم ينبغي للمسلم قراءته لا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه إنتشار النصارى بين المسلمين في القطاع الحكومي والشعبي ليكون الإنسان على بصيرة من أمر هولاء النصارى قال شيخ الإسلام رحمه الله إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وأقواله وأفعاله وشريعته من آياته فإنه صلى الله عليه وسلم كان من أشرف أهل الأرض نسبا من صميم سلالة إبراهيم وكان من أكمل الناس تربية ونشأة لم يزل صلى الله عليه وسلم معروفا بالصدق والبر والعدل ومكارم الأخلاق وترك الفواحش والظلم لا يعرف له شيء يعاب به ولا جرت عليه كلمة قط ولا ظلم ولا فاحشة بل كان أصدق الناس وأعدلهم وأوفاهم بالعهد مع إختلاف الأحوال عليه من حرب وسلم , وأمر وخوف وفقر وظهور على العدو تارة وظهور العدو عليه تارة أخرى ، وإن من آيات النبي صلى الله عليه وسلم الكونية ما شاهده الناس في الآفاق السماوية والآفاق الأرضية ففي الآفاق السماوية كثرت الشهب في السماء لإحراق الشيطاطين التي تجتمع أخبار السماء كثرت الشهب حال رسالة النبي صلى الله عليه وسلم حماية لوحي الله الذي ينزله عليه قال الله تعالى عن الجن )وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً) (الجـن:9) وطلبت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم القمر شقين حتى رأوا غار حراء بينهما وكانت كل شقة منه على حذاء جبل فأسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وأجتمع إليه الأنبياء فصلى بهم إماما ثم عرج به إلى السموات وقابل في كل سماء من قابل من الأنبياء والرسل وسلم عليهم فردوا عليه وحيوه وبلغ سدرة المنتهى ومكانا سمع فيه صريف الأقلام وسلمه الرب جل وعلا بما أراد وتراجع بين الله وبين موسى فيما فرض الله عليه من الصلوات وعرضت عليه الجنة وأدخلها وعرضت عليه النار فرأها كل هذا في ليلة بل في بعض ليلة وهو من أعظم آيات الله الدالة على صدق نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) (لنجم:18)وجاءه رجل وهو يخطب يوم الجمعة فقال أدعو الله أن يغيثنا فدعا فصار السحاب أمثال الجبال فما نزل على المنبر حتى كان المطر يتحاذر على لحيته فبقي إسبوعا حتى دخل رجل في الجمعة الآخرى فقال أدعو الله أن يمسكها عنا فدعا وجعل يشير إلى السحاب كما يشير إلى ناحية إلا إنفرجت فخرج الناس يمشون في الشمس ، وفي الآفاق الأرضية شاهد الناس من آيات النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً كبيرا فمنها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال عطش الناس وكان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ركوة والركوة إناء من جلد فجهش الناس نحوه فقال ما لكم؟ قالوا ليس عندنا ماء نشرب ولا نتوضأ إلا ما بين يديك فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا قيل لجابر كم كنتم؟ قال كنا ألفا وخمسمائة ولو كنا مائة ألف لكفانا ، وأتى أنس إلى رسول الله صلى عليه وسلم وهو في جملة من أصحابه وقد عصب النبي صلى الله عليه وسلم بطنه من الجوع فذهب أنس إلى أبي طلحة وهو زوج أمه فأخبره بما شاهد من النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو طلحة لأم سليم زوجته هل من شيء عندكم؟ قالت نعم كسر من خبز وتمرات إن جاء النبي صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه وإن جاء معه آخر قل عنهم قال أنس فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إليّ فقلت أجب أبا طلحة وقال النبي صلى الله عليه وسلم بمن معه قوموا فإذا أبوطلحة على الباب فقال يا رسول الله إنا ما هو شيء يسير فقال هاته فإن الله سيجعل فيه البركة ثم أمر بسمن فكب عليه ودعا فيه ثم قال إذن لعشرة فجاء العشرة فقال كلوا وسموا الله ثم أدخلهم عشرة عشرة وكانوا ثمانون رجلا حتى شبعوا ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل البيت حتى شبعوا وأهدوا البقية للجيران وكان صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة يخطب إلى جزع نخلة في المسجد فلما صُنع له المنبر وقام عليه أول جمعه حنّ الجزع إلى رسول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تحن العشار إلى أولادها حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فوضع يده عليه يسكنه حتى سكت ، وكان من آياته صلى الله عليه وسلم ما أخبر به من أمور الغيب التي جاءت صدقا لما أخبر صلى الله عليه وسلم كأنما يشاهدها بعينه مثل قوله صلى الله عليه وسلم : (يأتي في آخر الزمان قوم هدفاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) ..
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك) فقد كان ذلك ولله الحمد فما زال في هذه الأمة أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم على كثرة ما غزي دينهم من أعدائهم حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى والمشركين الذين غزوا هذا الدين بكل قواهم ، فعن أنس رضي الله عنه قال كان رجل نصرانا فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فعاد نصرانيا رجع عن الإسلام إلى نصرانيته فكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبته له فأماته الله فدفنوه وأصبح وقد لفظته الأرض فقال أصحابه هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له وأعمقوا فدفنوه وأصبح وقد لفظته الأرض مرة ثانية فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه ثم حفروا له فأعمقوا في الأرض ما أستطاعوا فأصبح وقد لفظته الأرض للمرة الثالثة فعلموا أنه ليس من الناس فتركوه منبوذا وهكذا ينتصر الله من أعدائه ويري الناس فيهم آياته حتى يتبين لهم الحق ، أيها المسلمون إن هذه الآيات التي أعطاها رب العالمين رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم لهي أكبر آية على الله عز وجل وأكبر دلالة على صدق رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وهي من رحمة الله لعباده حيث يزدادون بها إيمانا إلى إيمانهم ولله الحمد رب العالمين فأتقوا الله أيها المسلمون وتدبروا في آيات لعلكم توقنون وأعلموا أن وعد الله حق وأن الله لا يهدي القوم الظالمين ،أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله خالق السموات والأرض بديع السموات والارض رب السموات والأرض رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القدير على كل شيء )إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عبد الله ورسوله المبلّغ رسالته إلى العالمين عبدٌ وليس رباً عبدٌ لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولكنه رسول صادق مصدوق بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...
تعليق