الغاز عجز المحققون عن حلها
(1)
الطمع هو خصلة مزروعة في نفوس غالبية الناس , فكلنا نحب المال , لكن ما قد نفعله للحصول عليه يختلف من شخص الى اخر , و مع الاسف , هناك بعض بنو البشر على استعداد في ان ينحدر الى الدرك الاسفل من الانحطاط الخلقي في سبيل هذه الغاية , فالقتل من اجل المال هو احد اقدم تجليات هذا الانحطاط , و النساء لسن استثناء من ذلك , فرغم ضعف بنيتهن الجسدية مقارنة بالرجل , غير ان الكثيرات برزن عبر التاريخ و خلدن اسمائهن في عالم الجريمة , و السمة المشتركة لدى اغلب القاتلات الشهيرات هي الاسلوب الناعم و المريح في ازهاق النفوس البشرية , فالسم مثلا هو اكثر وسائل الموت تفضيلا عند المجرمات من بنات حواء , فهو لا يحتاج الى جهد عضلي و لا يتسبب استعماله بمشاهد مخيفة و مقززة من تمزق الاجساد و تدفق الدماء و كذلك فأن الضحية لا يشعر بما يدبر له , فيمكن تسميم الشخص اثناء تبادل حديث مفعم بالحب و العاطفة معه على مائدة الطعام , الا ان هناك قاتلات اخريات , رغم ندرتهن , يفضلن استعمال الوسائل التقليدية في القتل , و قصتنا لهذا اليوم هي حول احدى تلك النسوة اللواتي تركن اثرا و ذكرا لا يبلى في عالم الجريمة , انها ليزي بوردين (Lizzie Borden ) , الفتاة المتعلمة و المؤدبة و الغنية التي اتهمت بقتل ابيها و زوجته عام 1892 , و رغم انها برئت من تهمتها و ان خيوط الجريمة لم تحل بشكل كامل , الا ان الاعتقاد السائد لدى المحققين سابقا و حاليا , هو انها المذنبة الرئيسية في جريمة القتل البشعة تلك , و التي اصبحت لعقود طويلة جزءا من الفلكلور الامريكي و اصبحت موضوعا للكثير من القصص و ملهما للكثير من افلام الرعب الشهيرة.
خيوط الجريمة
ليزي بوردين ولدت عام 1860 في مدينة فيل ريفر التابعة الى ولاية ماساشيوستس الأمريكية , توفت والدتها عندما كانت في الثالثة من العمر و تركتها يتيمة هي و أختها الكبرى أيما بعهدة والدهما اندرو بوردين و الذي سرعان ما تزوج امرأة أخرى عام 1865 و هي السيدة آبي بوردين , و رغم ان رب العائلة هو احد أغنياء المدينة إلا ان العائلة كانت تعيش في بيت مزرعة قديم الطراز و مكون من طابقين و نصف , و قد كان في نظر الكثيرين لا يتناسب مع ثراء العائلة و مستواها الاجتماعي , فالسيد بوردين كان رجل أعمال ثري و ناجح و لكنه كان شحيحا و حريصا على ماله و قاسيا في عالم التجارة و المال مما خلق له الكثير من الأعداء , إلا انه لم يكن يقصر أبدا في الإنفاق على ابنتيه , فقد تلقتا أفضل تربية و تعليم , و لكنهما لم تكونا راضيتين عن طريقة حياة العائلة و كانتا تلحان دائما على والدهن من اجل شراء بيت اكبر و في منطقة أرقى من المدينة , كما ان علاقتهما مع زوجة أبيهما السيدة بوردين , لم تكن على ما يرام , حيث كانت متوترة و مشحونة , خصوصا مع ليزي , و مما زاد الطين بلة و العلاقة سوءا , هو قيام السيد بوردين بتسجيل المنزل بأسم زوجته , رغم انه اشترى في نفس الوقت بيتا لا يقل حجما و قيمتا لكل من ابنتيه على حدة , الا ان ذلك لم يقلل من غضبهن , فقد تناهى الى سمعهن بأن والدهن بصدد تغيير وصيته التي ترك بموجبها ثروته كلها لهن و انه ينوي إشراك زوجته معهن في الإرث.
قبل يومين من وقوع الجريمة , أصيب السيد و السيدة بوردين بوعكة صحية , كانت عوارضها أشبه بتلك المرافقة للنزلة المعوية و التسمم , و قد شخص طبيب العائلة حالتهما على انها بسبب تناول غذاء رديء , و في مساء ذلك اليوم حضر الى المنزل السيد جون مورس , و هو خال ايما و ليزي و لكن علاقته معهما كانت سيئة بسبب مساندته لزوجة أبيهما في محاولتها إقناع السيد بوردين لتسجيل المزرعة بأسمها , حيث كانت قد وعدته بتعيينه وكيلا عليها.
و في صباح يوم 4 آب / أغسطس عام 1892 , استيقظ السيد بوردين و السيد موريس باكرا و تناولا الفطور الذي أعدته لهما الآنسة بيردكيت سيولفان , و هي مهاجرة ايرلندية شابة كانت تعمل كخادمة لدى العائلة منذ ثلاث سنوات و تقطن في غرفة صغيرة في علية المنزل , و في حوالي الثامنة و النصف صباحا , غادر السيد بوردين و السيد موريس المنزل من اجل القيام ببعض الأعمال في المدينة , و كانت أيما تقضي عطلة خارج المدينة , و لم يكن في المنزل سوى السيدة بوردين التي صعدت الى الطابق العلوي لترتيب أغطية الأسرة , و ليزي التي كانت قد عادت الى المنزل في الليلة السابقة حيث قطعت فجأة عطلتها القصيرة التي كانت تمضيها مع بعض الصديقات , أما الخادمة بيردكيت فكانت تقوم بتنظيف زجاج شبابيك المنزل حيث أمرتها السيدة بوردين بذلك , و قد شرعت بعملية التنظيف من الخارج و عادت لتكمل عملها من الداخل قرابة الساعة العاشرة و النصف صباحا و هو الوقت الذي عاد به السيد بوردين الى المنزل , و قد نزلت ليزي من الطابق العلوي و أخبرت أباها بأن السيدة بوردين غادرت المنزل على عجل بعد أن استلمت قصاصة من إحدى الجارات تطلب مساعدتها , و بعد ذلك بقليل تمدد السيد بوردين على إحدى الأرائك في غرفة الاستقبال طلبا للراحة و تبادلت ليزي حديثا قصيرا مع الخادمة بيردكيت التي سرعان ما أنهت عملها و ذهبت الى غرفتها في العلية لترتاح قليلا , و لكن لم يمض وقت طويل , أي بعد الساعة الحادية عشر صباحا بقليل , حتى سمعت الخادمة بيردكات صرخات الآنسة ليزي بأن شخصا ما قام بقتل ابيها , و عندما نزلت الخادمة الى الطابق الاسفل وجدت السيد بوردين و هو مستلقي على الأريكة و الدم ينزف بغزارة من رأسه , حيث يبدو انه تعرض الى ضربة قوية من الة حادة مزقت وجهه و أخرجت عينه اليسرى من محجرها و دمرت جزءا من انفه و خده , و في هذه الاثناء , بدء الجيران يهرعون الى المنزل للمساعدة , و عندما قام بعضهم بتفتيش المنزل بحثا عن القاتل , اكتشفوا جثة السيدة بوردين في غرفة الضيوف في الطابق الثاني و قد تعرضت الى ضربات متوالية هشمت رأسها بشكل كامل.
التحقيق
سرعان ما وصلت الشرطة الى مكان الحادث , و بدئت بفحص الجثث و جمع الأدلة , حيث تبين ان القاتل استعمل فأسا قصيرا (بلطة) كسلاح للجريمة , و انه استعمل عنصر المفاجأة في القيام بجريمته , فيبدو انه هاجم السيدة بوردين خلسة من الخلف بينما كانت منحنية لترتيب أغطية الأسرة و عالجها بحوالي تسعة عشر ضربة قوية هشمت جمجمتها و نثرت دمها على الحائط و انحاء الغرفة , اما السيد بوردين فتعرض الى ضربة قوية في وجهه بينما كان مستغرقا بالنوم على الأريكة , كما انهم اكتشفوا بأن السيدة بوردين قتلت أولا في حوالي الساعة التاسعة و النصف صباحا و ان السيد بوردين قتل بعدها بحوالي الساعة أي بعد الساعة العاشرة و النصف صباحا بقليل.
و عند سؤال الشرطة لليزي حول مكان تواجدها عندما قتل والدها , أخبرتهم بأنها خرجت الى الحظيرة لجلب بعض الأغراض في حين كانت الخادمة بيردكيت تستريح في غرفتها في العلية.
أثناء التحقيقات عثرت الشرطة على بلطة مخفية بعناية في رماد موقد القبو و قد كان مقبضها مفقودا , و رغم انها كانت نظيفة من اثار الدماء الا ان المحققين اعتقدوا بأنها كانت سلاح الجريمة و ان مقبضها تم كسره و اخفائه , الا ان الشرطة لم تستفد من هذا الدليل بسبب عدم رفعها للبصمات الموجودة على البلطة و التي كانت تعتبر في ذلك الزمان تكنولوجيا جديدة و متطورة في عالم التحقيقات الجنائية.
الشرطة لم تعثر على أية ملابس مغطاة بالدماء , الا انه بعد عدة ايام من الجريمة تم مشاهدة ليزي و هي تقطع احد ملابس النوم و تقوم بحرقه في موقد المطبخ مدعية بأنه لباس قديم ملوث بالصبغ.
و خلال التحقيقات اكتشف المحققون ان ليزي بوردين حاولت شراء نوع من السموم من احدى الصيدليات و هو مما جعلهم يشكون بأن السيد و السيدة بوردين تعرضوا لمحاولة قتل عن طريق السم خاصة و انهم اشتكوا من أعراض شبيهة بتلك المرافقة للتسمم قبل يومين من مقتلهما , الا ان تشريح الجثتين لم يجد أي اثر للسم فيهما.
و بعد أسبوع من حدوث الجريمة , قامت الشرطة بإلقاء القبض على ليزي بوردين بتهمة قتل والدها و زوجة أبيها , الا انه و بعد محاكمة قصيرة تمت تبرئتها من قبل هيئة المحلفين و أطلق سراحها و ذلك بسبب عدم وجود الأدلة الدامغة التي تدينها , أضف الى ذلك الصدمة الاجتماعية التي سببها القاء القبض عليها حيث لم يتقبل المجتمع ان تقوم فتاة محافظة و متعلمة و غنية بقتل عائلتها.
نظريات حول الجريمة
خلال مئة عام من حدوث الجريمة , قام العديد من المحققين و الباحثين بمحاولة وضع نظرية منطقية و معقولة لما حدث في منزل عائلة بوردين في ذلك اليوم المشئوم , و إليك عزيزي القارئ أشهر هذه النظريات , تاركين الحكم لك حول أقربها الى الحقيقة و التصديق :
- [*=right]البعض يظن ان القاتل دخل الى المنزل خلسة و قام بقتل السيدة بوردين ثم انتظر لساعة من الزمن حتى عاد السيد بوردين الى المنزل فقتله و فر هاربا , و هذه النظرية يصعب تصديقها , فمن ناحية كيف دخل هذا الشخص الى المنزل خاصة و ان السيد بوردين كان معروفا بحرصه الشديد و كانت جميع الأبواب في المنزل فيها أقفال قوية , ثم كيف لم تشاهده الخادمة او ليزي بوردين و كيف اختبأ لساعة كاملة داخل المنزل ليقوم بجريمته الثانية و ما أدراه بموعد عودة السيد بوردين ؟ ماذا لو لم يعد السيد بوردين الى المنزل حتى المساء ؟
[*=right]ان ليزي قامت أولا بقتل زوجة أبيها في الطابق العلوي ثم قامت بتغيير ملابسها المغطاة بالدم و انتظرت لساعة من الزمن حتى عودة أبيها من خارج المنزل حيث أخبرته ان السيدة بوردين قد استلمت قصاصة من الجيران غادرت على اثرها المنزل , رغم ان المحققين لم يجدوا أثرا لهذه القصاصة المزعومة و ان السيدة بوردين لم تغادر المنزل ذلك الصباح بل كانت في تلك الأثناء تسبح في دمها في الطابق العلوي. ثم قامت ليزي بأجراء حديث مع الخادمة و بعد ان تأكدت من صعودها إلى غرفتها قامت بقتل والدها أثناء نومه ثم غيرت ملابسها للمرة الثانية و نادت على الخادمة مدعية ان شخصا ما هاجم والدها و قتله. غير ان نقاط الضعف في هذه النظرية , هي ان الضربات التي تلقتها الضحية كانت من الشدة و القسوة بحيث انتشرت الدماء على الجدران و في أنحاء الغرفة و لا بد من انها غطت ملابس القاتل أيضا , لكن الشرطة لم تجد أبدا أي ملابس مغطاة بالدم , و هو الأمر الذي دفع البعض الى الاعتقاد بأن ليزي قامت بجريمتها و هي عارية تماما ثم قامت بغسل جسدها في الحظيرة , لكن الوقت القصير الذي يفصل بين مقتل والدها و نزول الخادمة من غرفتها تجعل من هذه النظرية صعبة التصديق.
[*=right]نظرية أخرى , ظهرت في أربعينيات القرن المنصرم , تقول بأنه كان للسيد بوردين ابن غير شرعي اسمه وليم , و ان هذا الابن كان يلح على والده لكي يعترف به و يدخله في وصيته الا ان السيد بوردين رفض ذلك خشية الفضيحة فقام وليم بقتله و زوجته انتقاما.
[*=right]نظرية أخرى تعتقد ان القاتل الحقيقي هو أيما بوردين , الشقيقة الكبرى لليزي , و التي كانت في يوم الحادثة تقضي عطلة مع مجموعة من الأصدقاء في منطقة تبعد خمسة عشر كيلومترا عن منزل العائلة , فحسب هذه النظرية فأن أيما عادت الى المنزل خلسة في يوم الجريمة و قامت بقتل والدها و زوجته ثم عادت أدراجها مسرعة لتمضي بقية اليوم مع أصدقائها خارج المدينة , و ان ليزي كانت متواطئة معها , حيث رغم ظهور أيما أثناء المحاكمات على انها الشقيقة الداعمة و المساندة لأختها , الا ان احدى السجانات ادعت بأنها سمعت الأختين تتشاجران بحدة في احدى المقابلات بينهما أثناء الفترة التي قضتها ليزي في السجن.
[*=right]إحدى النظريات التي تلقى رواجا , تعتقد ان الخادمة بيردكيت كانت متواطئة مع ليزي في قتل السيد و السيدة بوردين مقابل المال او بسبب حقدها على السيدة بوردين التي كانت تعاملها بقسوة , و ان الاثنتين نفذتا الجريمة و قامتا بمسح أثارها بهدوء و روية , ثم قامتا بالصراخ و أخبار الجيران بعد ان أعدتا مسرح الجريمة بدقة , و ذلك يفسر كيف ان قاتل السيدة بوردين تمكن من الانتظار بهدوء داخل المنزل لساعة من الزمن دون أن يكتشفه احد ثم نفذ جريمته الثانية , و يفسر أيضا إخفاء سلاح الجريمة و الملابس المغطاة بالدم , و ان ليزي و الخادمة بيردكات لم تلتقيا أبدا بعد يوم الحادثة.
و هناك نظريات أخرى كثيرة و متهمون آخرون , بعضهم يظن ان لجون موريس يدا فيما جرى و آخرون يتهمون طبيب العائلة و هناك من يعتقد ان القاتل هو احد أعداء السيد بوردين في العمل التجاري و فريق آخر يظن ان أيما و ليزي و بيردكات كن جميعهن متواطئات في الإعداد للجريمة و تنفيذها , لكن يبقى اللغز بدون حل و أظنه سيبقى كذلك الى الأبد خصوصا بعد ان رحل , و منذ زمن طويل , جميع المتهمون و الشهود إلى الدار الآخرة
بعد الجريمة
بعد تبرئة ليزي , آلت ثروة السيد بوردين الى بناته مناصفة و لم تمض سوى خمسة أسابيع حتى قامتا بشراء قصر ضخم في احد أرقى أجزاء المدينة , فثروة السيد بوردين كانت تقدر بنصف مليون دولار , و لا تنسى عزيزي القارئ بأننا نتحدث عن عام 1892 , أي ما يعادل مئات الملايين من الدولارات في عصرنا الحالي ,
و رغم ان أيما بوردين ساندت أختها ليزي أثناء اعتقالها و محاكمتها الا ان العلاقة بين الأختين تدهورت تدريجيا بعد ذلك , و في عام 1905 تشاجرت الأختان بسبب ما كان يشاع حول علاقة ليزي مع الممثلة المسرحية نانسي اونيل (Nance O'Neil ) و هي إحدى أشهر فنانات ذلك الزمان , حيث يعتقد بأن علاقة جنسية شاذة كانت تربط بين المرأتين و ان ليزي كانت تنفق الأموال ببذخ على اونيل , لذلك غادرت أيما المنزل غاضبة و انتقلت للعيش في مدينة أخرى و ظلت العلاقة مقطوعة بين الأختين بشكل كامل حتى وفاتهن.
بالنسبة لليزي فقد عاشت بقية حياتها وحيدة و لم تتزوج ابدا , و رغم انها قامت بتغيير اسمها الى ليزابث اندرو بوردين , الا انها ظلت غير مرحب بها في المناسبات الاجتماعية و ظل الكثير من الناس يعتقد بقوة بأنها قاتلة ابيها و زوجته و في سنواتها الاخيرة اصيبت بمرض رئوي الزمها الفراش حتى ماتت وحيدة عام 1927 , و رغم ان أختها أيما علمت بموتها الا انها لم تحضر الى مراسم دفنها , و تشاء الصدف او الحكمة الالهية , ان تلحق بأختها بعد اقل من أسبوعين , حيث وقعت من السلم في منزلها و ماتت وحيدة أيضا حيث لم تنجب أي أطفال , و قد دفنت الاثنتان في مقابر العائلة الى جانب قبري والدهما و زوجته.
و في وصيتهما , تركت ليزي و أيما جل ثروتهن الى المؤسسات الخيرية و رصدت ليزي مبلغ من المال للعناية بقبر والديها , و هكذا فأن المال الذي كان سببا لتوتر العلاقة بينهن و بين والدهن آل في النهاية الى الجمعيات الخيرية !! , اما الخادمة بيردكات فقد تركت العمل عند آل بوردين في اليوم التالي لحدوث الجريمة و لم تلتق بليزي و أيما ثانية و قد ماتت عام 1940 في وحدة و فقر مدقع.
اشباح منزل آل بوردين
بعد سنوات من حدوث الجريمة تحول منزل آل بوردين الى فندق و متحف , و قد زاره الكثيرين من أنحاء الولايات المتحدة ليمضوا ليلة في الغرفة التي قتلت فيها السيدة بوردين , الا ان تلك الليالي لم تكن جميعها هادئة , حيث يبدو ان بعض الأرواح المعذبة لازالت تجوب المنزل بعد مئة عام على حدوث الجريمة.
و قد تقاسم الزوار و العاملين في المنزل تجارب غريبة , البعض منهم كان يسمع صوت بكاء امرأة في الطابق العلوي و لكنهم لم يكونوا يجدوا أي شيء في الغرف عندما يفتشوها , البعض الأخر اقسموا بأنهم شاهدوا امرأة ترتدي ملابس تعود الى العصر الفيكتوري (زمن حدوث الجريمة) و هي تتنقل داخل المنزل لتمسح التراب عن الأثاث و الأسرة , و أحيانا كان هذا يحدث بينما ضيوف الفندق لازالوا في أسرتهم مما كان يسبب موجة من الصراخ و الهستريا المرعبة في أرجاء المنزل , آخرون سمعوا أصوات أقدام تصعد و تهبط السلم دون ان يكون هناك أي احد في المنزل و أحيانا تفتح الأبواب و تغلق من تلقاء نفسها و يتناهى الى الأسماع أصوات أشخاص يتحدثون الى بعضهم في مكان ما من المنزل , و ربما كانت اشد تلك التجارب رعبا هي رؤية شبح لشخص تظهر علامات الحيرة و الاضطراب على حركاته كأنه لا يصدق ما تعرض له , يدور في المنزل كأنما يبحث عن شيء فقده و قد تحولت عينه اليسرى الى تجويف مظلم كبير.
تعليق