ينبوع الشباب
ينبوع الشباب...شجرة الحياة... حلم الخلود...
كلها قصص وروايات كان مصدرها الرغبة بالحياة، بالصحة الدائمة، وبالشباب الذي لا يذوب مع الأيام...
حلم جميع النساء الذي تم تخليده في كثير من الحكايات الأسطورية والقصص الخيالية هو الشباب والجمال الدائمان... وهذا الحلم مكنعدداً كبيراً من الشركات من الاستفادة من الآمال المستحيلة للسيدات بتقديم منتجات يدعي منتجوها أنها تعيد للبشرة رونقها وتزيل التجاعيد... لكن الحقيقة غير ذلك.
استفسر البعض عن طول أعمار الناس، فأجاب ملك إثيوبيا بأن كثيرين يصلون إلى 120 عاماً وفي بعض الأحيان يتجاوزون ذلك العمر... استغرب السائلون من هذا الأمر؛ فأخذهم الملك إلى ينبوع يستحم فيه الإثيوبيون... عند انتهائهم تكون أجسادهم المبتلة لامعة كما لو كانت مغطاة بطبقة من الزيت...
الينبوع كان يصدر عنه عطر كرائحة أزهار البنفسج... أما الماء نفسه، فكان "خفيفاً" للغاية؛ إذ لم تطف? على سطحه أي مواد، حتى الخشب
...« بفضل هذا الماء، يعيش الإثيوبيون طويلاً » ...
هذه هي القصة التي رواها المؤرخ هيرودوتس في القرن الخامس قبل الميلاد... لكن، من أين جاءت قصص كهذه؟ وما أصلها؟
أول رواية من هذا النوع تعود لقبل أربعة آلاف عام، وتتحدث عن الملك السومري غلغامش الذي، ولحزنه بسبب وفاة صديقه إنكيدو، يبحث عن دواء للألم: سر الحياة الأبدية... بعد سفر طويل، من يكشف له السر هو أوتنابشتم؛ وهو أحد الناجين من الطوفان العظيم... ويصف له السر بأنه سر الآلهة، وأنه نبتة قام بإعطائه كافة مواصفاتها... جلجامش يجد النبتة، إلا أن أفعى تسرقها منة ...
الآلهه وخطيئة الشياب الدائم
هذه الحكاية تذكرنا بأخرى هي قصة شجرة الحياة في سفر التكوين بالكتاب المقدس... إذ عندما يطرد الرب آدم وحواء من الجنة يحرمهما من أكل ثمرها الذي يعطي الحياة الأبدية والخلود... إذا نجد أن عناصر القصة الأسطورية قائمة في كل هذه الروايات، العلاج موجود، لكنه سر من أسرار الآلهة، ولذلك لا يمكن الوصول إليه...
الحقيقة هي أنه بنظر القدماء، الرغبة في الحفاظ على الشباب دائماً تعادل الرغبة في التحول إلى إله؛ إذ أن الخلود مرادف للألوهية.
آلهة الأولمبوس، وفق الأسطورة الإغريقية، كانوا يتناولون مشروب أمبروسيا الذي يهب الحياة الأبدية، وكانوا يعاقبون أي إله أو شخص يعطي الشراب إلى البشر... لهذا كانت الرغبة في الخلود تعد خطيئة وإثماً، وكل من جرى وراءها تكون نهايته مؤلمة ومأساوية.
لوحة ينبوع الشباب للفنان الإيطالي جاكومو جاكويريو 1458-137
تصور وصول عدد من كبار السن من مستويات اجتماعية مختلفة إلى الينبوع لغسل أجسادهم المترهلة فيه بغرض استعادة الصحة والقوة والشباب... ثم يخرجوا من الحوض بعد ذلك لارتداء ملابس "على الموضة" والانطلاق للاستمتاع بملذات الحياة.
إكسير الحياة والاسكندر الأكبر
أسطورة الحياة الخالدة وصلت كذلك إلى سير شخصيات تاريخية أخرى مثل ( سيرة الإسكندر) Alexander romance ،" من أجل العثور على الينبوع، يقطع القائد المقدوني العظيم ما أطلق عليها اسم "أرض الظلام" في غابات أبخازيا ويضل طريقه فيها... ليجد الجندي البسيط أندرياس ذلك الينبوع ويتحول هو إلى إله...
قصة شهيرة أخرى كان المحرك الرئيسي لظهورها هو اكتشاف أمريكا الذي فتح الأبواب أمام مخيلة الكثيرين فيما يتعلق بإمكانية العثور على ينبوع الحياة هناك...
المستكشف الأسباني خوان بونسي وإكسير الحياه
في عام 1513 ، انطلق المستكشف الإسباني خوان بونسي دي ليون، للبحث عن الينبوع، إلا أنه لم يجده بل اكتشف فلوريدا واختار اسمها... وتكريماً له، تم إنشاء متتره ينبوع الشباب في سانت أغوستين بالولاية الأمريكية.
تم إنشاء منتزه ينبوع الشباب في سانت أغوستين بالولاية ذاتها
لكن علينا كذلك ألا ننسى أن فكرة الخلود والحياة الأبدية تقدمها الأديان، لكن في صيغة الحياة التالية أو الآخرة...
وهي بذلك تتعهد بتقديم الشباب الدائم لجميع الصالحين، لكن بعد الموت.. ولهذا السبب أيضاً، تحولت صورة من يريد –أو يمتلك- الحياة الأبدية في عالمنا هذا إلى صورة مرتبطة بالشر والشيطان والظلام... ومن عالم الظلام خرجت قصص مثل دراكولا الذي يتمتع بحياة أبدية ينبوعها دماء الشباب التي يشربها عند قتلهم.
وللاستمتاع بصحة أفضل وحياة أطول لا يتوجب علينا حقن أنفسنا بمحلول من خلاصة خصيتي كلب كما كان اقترح عام 1889 تشارلز- إدوارد براون-سيكارد الطبيب بالمستشفى الوطني للأمراض العصبية بالعاصمة البريطانية... الحقائق حول هذا الموضوع تم نشرها في مجلة the American Geriatrics Society أغسطس الماضي وكانت فيها ما توصل إليه بحث قام به نيل بارزيلاي مدير معهد أبحاث الشيخوخة في نيويورك...
نتائج البحث تؤكد أن العوامل الجينية أهم من أسلوب الحياة فيما يتعلق بطول العمر: وأهم تلك العوامل هو
الجنس ( 75 % من الأشخاص المعمرين هم من النساء)... كذلك كان هناك معمر من كل ثلاثة والداه كانا من المعمرين... أما ما يتعلق بأسلوب الحياة فقد كان الأثر أقل فعلياً؛ إذ وجد بارزيلاي أن عدداً صغيراً من المعمرين كان بديناً مثلاً... لكن ما هي نصيحة بارزيلاي للأشخاص الذين لا تلعب الجينات دوراً يخدمهم في طول العمر؟ إجابته كانت مباشرة:
( عليك المحافظة على وزن معتدل... تجنب التدخين... ومارس الرياضة )
ينبوع الشباب...شجرة الحياة... حلم الخلود...
كلها قصص وروايات كان مصدرها الرغبة بالحياة، بالصحة الدائمة، وبالشباب الذي لا يذوب مع الأيام...
حلم جميع النساء الذي تم تخليده في كثير من الحكايات الأسطورية والقصص الخيالية هو الشباب والجمال الدائمان... وهذا الحلم مكنعدداً كبيراً من الشركات من الاستفادة من الآمال المستحيلة للسيدات بتقديم منتجات يدعي منتجوها أنها تعيد للبشرة رونقها وتزيل التجاعيد... لكن الحقيقة غير ذلك.
استفسر البعض عن طول أعمار الناس، فأجاب ملك إثيوبيا بأن كثيرين يصلون إلى 120 عاماً وفي بعض الأحيان يتجاوزون ذلك العمر... استغرب السائلون من هذا الأمر؛ فأخذهم الملك إلى ينبوع يستحم فيه الإثيوبيون... عند انتهائهم تكون أجسادهم المبتلة لامعة كما لو كانت مغطاة بطبقة من الزيت...
الينبوع كان يصدر عنه عطر كرائحة أزهار البنفسج... أما الماء نفسه، فكان "خفيفاً" للغاية؛ إذ لم تطف? على سطحه أي مواد، حتى الخشب
...« بفضل هذا الماء، يعيش الإثيوبيون طويلاً » ...
هذه هي القصة التي رواها المؤرخ هيرودوتس في القرن الخامس قبل الميلاد... لكن، من أين جاءت قصص كهذه؟ وما أصلها؟
أول رواية من هذا النوع تعود لقبل أربعة آلاف عام، وتتحدث عن الملك السومري غلغامش الذي، ولحزنه بسبب وفاة صديقه إنكيدو، يبحث عن دواء للألم: سر الحياة الأبدية... بعد سفر طويل، من يكشف له السر هو أوتنابشتم؛ وهو أحد الناجين من الطوفان العظيم... ويصف له السر بأنه سر الآلهة، وأنه نبتة قام بإعطائه كافة مواصفاتها... جلجامش يجد النبتة، إلا أن أفعى تسرقها منة ...
الآلهه وخطيئة الشياب الدائم
هذه الحكاية تذكرنا بأخرى هي قصة شجرة الحياة في سفر التكوين بالكتاب المقدس... إذ عندما يطرد الرب آدم وحواء من الجنة يحرمهما من أكل ثمرها الذي يعطي الحياة الأبدية والخلود... إذا نجد أن عناصر القصة الأسطورية قائمة في كل هذه الروايات، العلاج موجود، لكنه سر من أسرار الآلهة، ولذلك لا يمكن الوصول إليه...
الحقيقة هي أنه بنظر القدماء، الرغبة في الحفاظ على الشباب دائماً تعادل الرغبة في التحول إلى إله؛ إذ أن الخلود مرادف للألوهية.
آلهة الأولمبوس، وفق الأسطورة الإغريقية، كانوا يتناولون مشروب أمبروسيا الذي يهب الحياة الأبدية، وكانوا يعاقبون أي إله أو شخص يعطي الشراب إلى البشر... لهذا كانت الرغبة في الخلود تعد خطيئة وإثماً، وكل من جرى وراءها تكون نهايته مؤلمة ومأساوية.
لوحة ينبوع الشباب للفنان الإيطالي جاكومو جاكويريو 1458-137
تصور وصول عدد من كبار السن من مستويات اجتماعية مختلفة إلى الينبوع لغسل أجسادهم المترهلة فيه بغرض استعادة الصحة والقوة والشباب... ثم يخرجوا من الحوض بعد ذلك لارتداء ملابس "على الموضة" والانطلاق للاستمتاع بملذات الحياة.
أسطورة الحياة الخالدة وصلت كذلك إلى سير شخصيات تاريخية أخرى مثل ( سيرة الإسكندر) Alexander romance ،" من أجل العثور على الينبوع، يقطع القائد المقدوني العظيم ما أطلق عليها اسم "أرض الظلام" في غابات أبخازيا ويضل طريقه فيها... ليجد الجندي البسيط أندرياس ذلك الينبوع ويتحول هو إلى إله...
قصة شهيرة أخرى كان المحرك الرئيسي لظهورها هو اكتشاف أمريكا الذي فتح الأبواب أمام مخيلة الكثيرين فيما يتعلق بإمكانية العثور على ينبوع الحياة هناك...
المستكشف الأسباني خوان بونسي وإكسير الحياه
في عام 1513 ، انطلق المستكشف الإسباني خوان بونسي دي ليون، للبحث عن الينبوع، إلا أنه لم يجده بل اكتشف فلوريدا واختار اسمها... وتكريماً له، تم إنشاء متتره ينبوع الشباب في سانت أغوستين بالولاية الأمريكية.
تم إنشاء منتزه ينبوع الشباب في سانت أغوستين بالولاية ذاتها
لكن علينا كذلك ألا ننسى أن فكرة الخلود والحياة الأبدية تقدمها الأديان، لكن في صيغة الحياة التالية أو الآخرة...
وهي بذلك تتعهد بتقديم الشباب الدائم لجميع الصالحين، لكن بعد الموت.. ولهذا السبب أيضاً، تحولت صورة من يريد –أو يمتلك- الحياة الأبدية في عالمنا هذا إلى صورة مرتبطة بالشر والشيطان والظلام... ومن عالم الظلام خرجت قصص مثل دراكولا الذي يتمتع بحياة أبدية ينبوعها دماء الشباب التي يشربها عند قتلهم.
وللاستمتاع بصحة أفضل وحياة أطول لا يتوجب علينا حقن أنفسنا بمحلول من خلاصة خصيتي كلب كما كان اقترح عام 1889 تشارلز- إدوارد براون-سيكارد الطبيب بالمستشفى الوطني للأمراض العصبية بالعاصمة البريطانية... الحقائق حول هذا الموضوع تم نشرها في مجلة the American Geriatrics Society أغسطس الماضي وكانت فيها ما توصل إليه بحث قام به نيل بارزيلاي مدير معهد أبحاث الشيخوخة في نيويورك...
نتائج البحث تؤكد أن العوامل الجينية أهم من أسلوب الحياة فيما يتعلق بطول العمر: وأهم تلك العوامل هو
الجنس ( 75 % من الأشخاص المعمرين هم من النساء)... كذلك كان هناك معمر من كل ثلاثة والداه كانا من المعمرين... أما ما يتعلق بأسلوب الحياة فقد كان الأثر أقل فعلياً؛ إذ وجد بارزيلاي أن عدداً صغيراً من المعمرين كان بديناً مثلاً... لكن ما هي نصيحة بارزيلاي للأشخاص الذين لا تلعب الجينات دوراً يخدمهم في طول العمر؟ إجابته كانت مباشرة:
( عليك المحافظة على وزن معتدل... تجنب التدخين... ومارس الرياضة )
تعليق