عصابات الماراس as gangs
ارتكبت ألما جريمتها الأولى حينما كانت تبلغ من العمر خمس عشرة سنة ..و كانت هي القاعدة الاولى للانضمام الى صفوف
صابات الاجرامية ..في البداية يجب التعرض اما لوابل من الضربات الموجعة او التعرض للاغتصاب على يد خمسة عشر شابا ( هي فضلت الضرب على الاغتصاب) بعد ذلك..القتل عندما ينزل الأمر.. تقول ألما "في منزل معزول كانت هناك فتاة تكبرني قليلا شقراء ..ترجتنا بكل ما أوتيت حتى لا نجهز عليها..كنت رافضة الأمر..لكنني قتلتها في الأخير..لأنني كنت متأكدة انه إذا لم اخضع للقرار ..سأكون ( ألما الضحية)
ترعرعت ألما في أحد أخطر أحياء غواتيمالا سيتي عاصمة البلاد..اذ قضت ثماني سنوات بين أحضان عصابة "باريو18" هل كان لها الاختيار..تائهة بسبب موت والدها المدمن على المخدرات و غياب امها المنهكة بالعمل..انتهى بها المطاف للالتحاق بمجموعة الاقوياء ..مدفوعة بطاقة حيوية كانت كافية لتلحق العنف اكثر من ان تتعرض اليه قامت ألما بالقتل و المشاركة في عمليات اعتداء و ابتزاز..كما تعرضت للضرب و دخلت السجن..ملأت جسدها بوشم لا يمحى..لتخفي انوثتها و تثير الرعب..غير ان هذه الحياة كلفتها غاليا..حمل لمدة ستة أشهر تم اجهاضه بعد تلقيها ضربات عشيقها..ثم تلقيها لرصاصتين تركها مصابة بشلل على مستوى النصف السفلي عندما قررت ترك العصابة..حاليا يبلغ ألما أربعة و عشرين عاما و تعلم أنها تحت رحمة حكم بالاعدام بسبب رفاقها السابقين..لقد تركت الحي الذي كانت تعيش فيه لتنتقل الى غرفة قذرة و تصنع علب الهدايا بمحل كبير لتتمكن من الحصول على لقمة عيشها .."كنت أنتظر حنان أمي و حبها بفارغ الصبر غير ان وقتها لم يسمح لها بذلك ..لقد اعتقدت اني عثرت على الحس الأسري و الحماية وسط العصابة ..لكنها خذلتني...)
العنف المرضي الذي يعصف بغواتيمالا يلتهم أطفال البلد التهاما ..بعضهم لم يتجاوز عشر سنوات ..و اخرون نادرا ما يبلغون خمسا و عشرين سنة ..فتيان مسلحون بشكل كبير يخوضون حروبا في وديان الضواحي ..و تشتبك عصابات الماراس اقواها ( ماراس سالفاتروتشا ) و (الباريو 18 ) فيما بينها من أجل السيطرة على الأراضي..بعيدا عن أي قانون أو حق ..وسط الفقراء و فاقدي الأمل في غد مشرق ..هذا العنف المستشري و المؤمم مرده الى فشل سياسات القمع و الوقاية التي تخزضها الحكومات المتعاقبة ..الغارقة بدورها في الفساء.
بعد مرور أربع عشرة سنة على توقيع اتفاقيات السلام التي وضعت حدا للابادات التي كان العسكر يرتكبها ضد سكان المايا..أصبح بلد الازيد من ثلاثة عشر مليون نسمة من أكثر الاماكن خطورة على وجه الارض.. فبمعدل ثماني عشرة جريمة في اليوم..98 في المئة منها لا يفتح فيها تحقيق.. و تصنف بدون متابعة ..فمن تهريب المخدرات الى الاتجار في البشر..مرورا باغتيال النساء و الاتجار في الاسلحة..مصائب كثيرة يساعد على ظهورها الفقر و البطالة و الاسر المخربة بسبب الحرب و الهجرة.
في غواتيمالا سيتي ..يتعلمون بسرعة ان الموت ينتظرهم في زاوية الحي .. و منذ عدة شهور ..يتعرض سائقو الحافلات الى الاغتيال في واضحة النهار على يد شبان مبتزين ..هذا جعل شركات النقل تضع جلا مسلحا في بعض العربات..و الأشخاص الذين قضوا ساعات في التعليم على استعمال السلاح يعيشون في خوف اكثر منه اقتناع..و في الليل يعتقد المرء ان هناك حظرا للتجول في فوط رؤية شوارع المقفرة..و لا احد يتوقف في الاشارة الحمراء مخافة اقتحام سايرته.
و في ميثكيتال ..الحي الذي كبرت فيه ألما..يحكم زعماء العصابات الشباب سيطرتهم على ملتقيات الطرق..بينما يراقب الصغار الذي تتراوح اعمارهم بين ثماني و عشر سنوات..الشوارع و ممرات الشرطة غير المنتظمة..
ظهر الماراس في سنوات التسعينيات و بعد توقيع اتفاقية السلام تم ارجاع الاف الغواتيماليين الى بلدهم .. و هؤلاء ادخلوا معهم ثقافة العصابات التي كانت منتشرة في الغيتوات في لوس انجليس .. و اعادوا انتاجها..نفس قواعد الشرف و نفس الطقوس.. و كذا نفس الاقتصاد المبني على التهريب و الابتزاز و الاغتيالات ..ففي بلد شخص من اصل اثنين لا يجد عملا و يحيا كيفما اتفق..
تجتذب العصابات المراهقين الذين رأوا ابائهم يتصببون بذل العرق دما و دماء من اجل الحصول على حفنة من الكتزالات..العملة المحلية.. اذ يوفرون لهم عائلة بظروف عيش قاسية معروفة بأوشامها..و بعضهم يغطي بها جسده و حتى وجهه..اما بجماجم او ارقام أو نسيج العنكبوت لأو الصلبان..و الاكثر اتساعا هي النقط الثلاث التي ترمز الى الحياة الحمقاء هذه الحياة التي غالبا ما تتلخص في ثلاث مراحل..المستشفى و السجن و مستودع الاموات
العصابات السبب في حد ذاته و انما هم نتيجة للعنف الذي يجتاح غواتيمالا..و يحلل هذا الأمر عالم الاجتماع خوان كارلوس مولينا ..الذي يعمل منذ سنوات مع الماراس .محرك هذه الظاهرة هو الحقد..فالضربات التي يراها الاطفال تنهال على أمهاتهم..و الذكورية و الادمان على الخمر..و زنا المحارم كل هذا يحدث طاقة سلبية جدا و مبكرة فلا يتبقى امامهم في هذا العالم الا القتال و تمنحهم الماراس الفرصة لتفريغ كل حقدهم ..كما تقوم باطعامهم و تزويدهم بالمخدرات ..انه بلد العجائب..باستطاعتك فعل ما شئت و امتلاك ما لم يمنحه لك أي احد.
يعد دخول ..الماراس.. اختبارا حاسما و مغادرة مجموعتك يعني الخيانة و الحكم على نفسك بالاعدام..
قرر طوماس 23 سنة و أب لرضيع يبلغ من العمر خمسة أشهر فجاة مغادرة حيه ليستقر مع زوجة ابيه التي تعيش على حافة الخط الحديدي القديم بغواتيمالا سيتي ..شارع الورد ..هذا الفعل دفع الماراس الى اغتيال جميع افراد أسرته خلال عملية تصفية حسابات..لذلك وجد نفسه مضطرا الى الاختفاء و تغيير كل شيئ..طريقة النظر و الكلام و اللباس يقول طوماس (كنت اعتقد ان الناس سيساعدونني لكي اصبح مواطنا عاديا لكن الامر لم يكن كذلك و حاليا لا اتوفر على عمل ..و ليس لي أية رغبة ان اصبح قاتلا مأجورا..لقد حاولت ذلك في غير ما مرة..انهم يدفعون بشكل جيد..العقد الواحد يصل الى عشرة الاف كيتزال ..)
كغالبية الماراس السابقين يشكل طوماس تناقضا يمشي على قدميه ..محياه محيا طفل رضيع ..فهو لطيف مع ابنه و مولع بالرسم لكنه عاد و حمل مؤخرا السلاح من اجل حل مشكل عاطفي شخصي.
حاول فيكتور من جهته أن يغادر عصابته الا ان مجموعته كانت أكثر قدرة اذ كان على وشك القيام بذلك يقول فيكتور(لقد بلغت القعر ..قتلت و تلقيت الكثير من الضرب ..كما حضرت عمليات اغتصاب..كل هذا حدث و سني لم يتجاوز الثانية عشرة ..فحينما رأيت رفاقي يحومون حول اخوتي و أخواتي ..اذاك قررت الرحيل)
على امتداد سنة أغلق فيكتور على نفسه داخل بيت أمه رفقة زوجته و طفله و حصل على عدة شهادات دراسية لكنه ظل سنوات بدون عمل..أما الان هو يبلغ 27 سنة و يدرس الاعلاميات في مدرسة (من بين مائة و خمسين من الماراس قتل 140 خلال ثماني سنوات..هذه الحياة مثلها مثل ثمن يجب دفعه لاعادة الاندماج ..لقد قتلنا أشخاصا كانت لهم عائلات ..علينا تقبل فكرة أن الأخطاء قد تقود الى الموت)
يعاني فيكتور حاليا من وصمة العار التي تلاحق الماراس السابقين و تعتبر الأوشام المحدد الرئيس (عندما نتقدم بطلب ترشيحنا لأي عمل دائما ما يطلبون منا نزع ملابسنا للتأكد ان كانت أجسادنا تحمل أوشاما و اذا كان الحال كذلك هذا يعني أنه ليس هناك عمل ..هذه الاوشام هي علامتنا انها تشعرني بالخجل..حتى بين أفراد أسرتي)
خلال مسيرته للبحث عن عمل اشتغل فيكتور كمهرج داخل الجامعات و سرعان ما مرت الأمور على ما يرام ..و غالبا ما كان يظهر أوشامه بشكل مؤقت قصد تسلية أطفال الأحياء الثرية..و عندما استعمل الماكياج تقبله المجتمع أخيرا.
في العصمة ..تحولت صفارات سيارات المطافئ الى موسيقى الخلفية الدائمة ..و اعتاد الكل عليها مثلها مثل أصوات اطلاث النيران المهيمنة أمام المحلات التجارية و محطات التزود بالوقود و داخل الحافلات و سيارات الأجرة
هناك ثلاثة ملايين شخص و مليونان من السلاح تتجول بين أيديهم... حتى الدكاكين تختبئ وراء قضبان حديدية ..هذا في الوقت الذي يعيش الاغنياء محاطين بأسوار معززة بكاميرات ..فاذا كان أصل العنف هو الأسر فانه يتغذى كذلك على الفساد المنتشر و ضعف الجهاز القضائي.
تحولت السجون الى مراكز قيادة خاصة بالماراس فبفضل متواطئين من الخارج..يتوفرون على الهواتف المحمولة و الاسلحة و المخدرات على قدر حاجياتهم..هذا الامر لا يفاجئ فيكتور الذي كان ينتمي سابقا الى الماراس ..( كانت لنا اتصالات مقربة من السلطة و اعضاء من مدرسة المحامين و أشخاص يستقلون سيارات مرسيدس كانوا يأتون لنا بأشياء كثيرة و حتى رجال الشرطة أنفسهم..
و يقول خوليو كويوي غاضبا و هو مسؤول عن اعادة التأهيل الاجتماعي للنظام السجني ( في السجن الوضع يعكس حالة البلاد الاجتماعية التي تهمش الانسان و تطرده و تدمره كل ما تم القيام به على امتداد 20 سنة لم يكن وظيفيا على الاطلاق ..لا يوجد عمل يكفي الجميع و لا توجد أي الية لمساعدة الشباب على انشاء مشروعهم الخاص .. كما ان الفساد تستفيد منه اللوبيات المقتدرة و العمال المنحرفون و هم وحدهم المسؤولون عن استمرار هذا الشبح ..نحن نتهم الماراس بكل ما يحدث من أشرار غير أن عنفهم لا يخدم الا الأشخاص الاكثر قوة )
قضى ارنستو الوكيل السابق زمنا طويلا بالميدان اذ ترك النيابة و هو متعب من كثرة تكديس التحقيقات التي تم اجهاضها ..حاليا يعمل كمستشار من أجل انشاء قوة جديدة من الشرطة بالتعاون مع اسبانيا ( نحن نقوم بتأهيل شباب لديهم رغبة جامحة في الذهاب بالتحقيقات حتى النهاية ..لكن السكان لا يصدقون ذلك اطلاقا ..ضعفاء من الخوف ..دائما ما يترجوننا ان نقتل الماراس الذين يرهبونهم بشكل يومي).
ارتكبت ألما جريمتها الأولى حينما كانت تبلغ من العمر خمس عشرة سنة ..و كانت هي القاعدة الاولى للانضمام الى صفوف
صابات الاجرامية ..في البداية يجب التعرض اما لوابل من الضربات الموجعة او التعرض للاغتصاب على يد خمسة عشر شابا ( هي فضلت الضرب على الاغتصاب) بعد ذلك..القتل عندما ينزل الأمر.. تقول ألما "في منزل معزول كانت هناك فتاة تكبرني قليلا شقراء ..ترجتنا بكل ما أوتيت حتى لا نجهز عليها..كنت رافضة الأمر..لكنني قتلتها في الأخير..لأنني كنت متأكدة انه إذا لم اخضع للقرار ..سأكون ( ألما الضحية)
ترعرعت ألما في أحد أخطر أحياء غواتيمالا سيتي عاصمة البلاد..اذ قضت ثماني سنوات بين أحضان عصابة "باريو18" هل كان لها الاختيار..تائهة بسبب موت والدها المدمن على المخدرات و غياب امها المنهكة بالعمل..انتهى بها المطاف للالتحاق بمجموعة الاقوياء ..مدفوعة بطاقة حيوية كانت كافية لتلحق العنف اكثر من ان تتعرض اليه قامت ألما بالقتل و المشاركة في عمليات اعتداء و ابتزاز..كما تعرضت للضرب و دخلت السجن..ملأت جسدها بوشم لا يمحى..لتخفي انوثتها و تثير الرعب..غير ان هذه الحياة كلفتها غاليا..حمل لمدة ستة أشهر تم اجهاضه بعد تلقيها ضربات عشيقها..ثم تلقيها لرصاصتين تركها مصابة بشلل على مستوى النصف السفلي عندما قررت ترك العصابة..حاليا يبلغ ألما أربعة و عشرين عاما و تعلم أنها تحت رحمة حكم بالاعدام بسبب رفاقها السابقين..لقد تركت الحي الذي كانت تعيش فيه لتنتقل الى غرفة قذرة و تصنع علب الهدايا بمحل كبير لتتمكن من الحصول على لقمة عيشها .."كنت أنتظر حنان أمي و حبها بفارغ الصبر غير ان وقتها لم يسمح لها بذلك ..لقد اعتقدت اني عثرت على الحس الأسري و الحماية وسط العصابة ..لكنها خذلتني...)
العنف المرضي الذي يعصف بغواتيمالا يلتهم أطفال البلد التهاما ..بعضهم لم يتجاوز عشر سنوات ..و اخرون نادرا ما يبلغون خمسا و عشرين سنة ..فتيان مسلحون بشكل كبير يخوضون حروبا في وديان الضواحي ..و تشتبك عصابات الماراس اقواها ( ماراس سالفاتروتشا ) و (الباريو 18 ) فيما بينها من أجل السيطرة على الأراضي..بعيدا عن أي قانون أو حق ..وسط الفقراء و فاقدي الأمل في غد مشرق ..هذا العنف المستشري و المؤمم مرده الى فشل سياسات القمع و الوقاية التي تخزضها الحكومات المتعاقبة ..الغارقة بدورها في الفساء.
بعد مرور أربع عشرة سنة على توقيع اتفاقيات السلام التي وضعت حدا للابادات التي كان العسكر يرتكبها ضد سكان المايا..أصبح بلد الازيد من ثلاثة عشر مليون نسمة من أكثر الاماكن خطورة على وجه الارض.. فبمعدل ثماني عشرة جريمة في اليوم..98 في المئة منها لا يفتح فيها تحقيق.. و تصنف بدون متابعة ..فمن تهريب المخدرات الى الاتجار في البشر..مرورا باغتيال النساء و الاتجار في الاسلحة..مصائب كثيرة يساعد على ظهورها الفقر و البطالة و الاسر المخربة بسبب الحرب و الهجرة.
في غواتيمالا سيتي ..يتعلمون بسرعة ان الموت ينتظرهم في زاوية الحي .. و منذ عدة شهور ..يتعرض سائقو الحافلات الى الاغتيال في واضحة النهار على يد شبان مبتزين ..هذا جعل شركات النقل تضع جلا مسلحا في بعض العربات..و الأشخاص الذين قضوا ساعات في التعليم على استعمال السلاح يعيشون في خوف اكثر منه اقتناع..و في الليل يعتقد المرء ان هناك حظرا للتجول في فوط رؤية شوارع المقفرة..و لا احد يتوقف في الاشارة الحمراء مخافة اقتحام سايرته.
و في ميثكيتال ..الحي الذي كبرت فيه ألما..يحكم زعماء العصابات الشباب سيطرتهم على ملتقيات الطرق..بينما يراقب الصغار الذي تتراوح اعمارهم بين ثماني و عشر سنوات..الشوارع و ممرات الشرطة غير المنتظمة..
ظهر الماراس في سنوات التسعينيات و بعد توقيع اتفاقية السلام تم ارجاع الاف الغواتيماليين الى بلدهم .. و هؤلاء ادخلوا معهم ثقافة العصابات التي كانت منتشرة في الغيتوات في لوس انجليس .. و اعادوا انتاجها..نفس قواعد الشرف و نفس الطقوس.. و كذا نفس الاقتصاد المبني على التهريب و الابتزاز و الاغتيالات ..ففي بلد شخص من اصل اثنين لا يجد عملا و يحيا كيفما اتفق..
تجتذب العصابات المراهقين الذين رأوا ابائهم يتصببون بذل العرق دما و دماء من اجل الحصول على حفنة من الكتزالات..العملة المحلية.. اذ يوفرون لهم عائلة بظروف عيش قاسية معروفة بأوشامها..و بعضهم يغطي بها جسده و حتى وجهه..اما بجماجم او ارقام أو نسيج العنكبوت لأو الصلبان..و الاكثر اتساعا هي النقط الثلاث التي ترمز الى الحياة الحمقاء هذه الحياة التي غالبا ما تتلخص في ثلاث مراحل..المستشفى و السجن و مستودع الاموات
العصابات السبب في حد ذاته و انما هم نتيجة للعنف الذي يجتاح غواتيمالا..و يحلل هذا الأمر عالم الاجتماع خوان كارلوس مولينا ..الذي يعمل منذ سنوات مع الماراس .محرك هذه الظاهرة هو الحقد..فالضربات التي يراها الاطفال تنهال على أمهاتهم..و الذكورية و الادمان على الخمر..و زنا المحارم كل هذا يحدث طاقة سلبية جدا و مبكرة فلا يتبقى امامهم في هذا العالم الا القتال و تمنحهم الماراس الفرصة لتفريغ كل حقدهم ..كما تقوم باطعامهم و تزويدهم بالمخدرات ..انه بلد العجائب..باستطاعتك فعل ما شئت و امتلاك ما لم يمنحه لك أي احد.
يعد دخول ..الماراس.. اختبارا حاسما و مغادرة مجموعتك يعني الخيانة و الحكم على نفسك بالاعدام..
قرر طوماس 23 سنة و أب لرضيع يبلغ من العمر خمسة أشهر فجاة مغادرة حيه ليستقر مع زوجة ابيه التي تعيش على حافة الخط الحديدي القديم بغواتيمالا سيتي ..شارع الورد ..هذا الفعل دفع الماراس الى اغتيال جميع افراد أسرته خلال عملية تصفية حسابات..لذلك وجد نفسه مضطرا الى الاختفاء و تغيير كل شيئ..طريقة النظر و الكلام و اللباس يقول طوماس (كنت اعتقد ان الناس سيساعدونني لكي اصبح مواطنا عاديا لكن الامر لم يكن كذلك و حاليا لا اتوفر على عمل ..و ليس لي أية رغبة ان اصبح قاتلا مأجورا..لقد حاولت ذلك في غير ما مرة..انهم يدفعون بشكل جيد..العقد الواحد يصل الى عشرة الاف كيتزال ..)
كغالبية الماراس السابقين يشكل طوماس تناقضا يمشي على قدميه ..محياه محيا طفل رضيع ..فهو لطيف مع ابنه و مولع بالرسم لكنه عاد و حمل مؤخرا السلاح من اجل حل مشكل عاطفي شخصي.
حاول فيكتور من جهته أن يغادر عصابته الا ان مجموعته كانت أكثر قدرة اذ كان على وشك القيام بذلك يقول فيكتور(لقد بلغت القعر ..قتلت و تلقيت الكثير من الضرب ..كما حضرت عمليات اغتصاب..كل هذا حدث و سني لم يتجاوز الثانية عشرة ..فحينما رأيت رفاقي يحومون حول اخوتي و أخواتي ..اذاك قررت الرحيل)
على امتداد سنة أغلق فيكتور على نفسه داخل بيت أمه رفقة زوجته و طفله و حصل على عدة شهادات دراسية لكنه ظل سنوات بدون عمل..أما الان هو يبلغ 27 سنة و يدرس الاعلاميات في مدرسة (من بين مائة و خمسين من الماراس قتل 140 خلال ثماني سنوات..هذه الحياة مثلها مثل ثمن يجب دفعه لاعادة الاندماج ..لقد قتلنا أشخاصا كانت لهم عائلات ..علينا تقبل فكرة أن الأخطاء قد تقود الى الموت)
يعاني فيكتور حاليا من وصمة العار التي تلاحق الماراس السابقين و تعتبر الأوشام المحدد الرئيس (عندما نتقدم بطلب ترشيحنا لأي عمل دائما ما يطلبون منا نزع ملابسنا للتأكد ان كانت أجسادنا تحمل أوشاما و اذا كان الحال كذلك هذا يعني أنه ليس هناك عمل ..هذه الاوشام هي علامتنا انها تشعرني بالخجل..حتى بين أفراد أسرتي)
خلال مسيرته للبحث عن عمل اشتغل فيكتور كمهرج داخل الجامعات و سرعان ما مرت الأمور على ما يرام ..و غالبا ما كان يظهر أوشامه بشكل مؤقت قصد تسلية أطفال الأحياء الثرية..و عندما استعمل الماكياج تقبله المجتمع أخيرا.
في العصمة ..تحولت صفارات سيارات المطافئ الى موسيقى الخلفية الدائمة ..و اعتاد الكل عليها مثلها مثل أصوات اطلاث النيران المهيمنة أمام المحلات التجارية و محطات التزود بالوقود و داخل الحافلات و سيارات الأجرة
هناك ثلاثة ملايين شخص و مليونان من السلاح تتجول بين أيديهم... حتى الدكاكين تختبئ وراء قضبان حديدية ..هذا في الوقت الذي يعيش الاغنياء محاطين بأسوار معززة بكاميرات ..فاذا كان أصل العنف هو الأسر فانه يتغذى كذلك على الفساد المنتشر و ضعف الجهاز القضائي.
تحولت السجون الى مراكز قيادة خاصة بالماراس فبفضل متواطئين من الخارج..يتوفرون على الهواتف المحمولة و الاسلحة و المخدرات على قدر حاجياتهم..هذا الامر لا يفاجئ فيكتور الذي كان ينتمي سابقا الى الماراس ..( كانت لنا اتصالات مقربة من السلطة و اعضاء من مدرسة المحامين و أشخاص يستقلون سيارات مرسيدس كانوا يأتون لنا بأشياء كثيرة و حتى رجال الشرطة أنفسهم..
و يقول خوليو كويوي غاضبا و هو مسؤول عن اعادة التأهيل الاجتماعي للنظام السجني ( في السجن الوضع يعكس حالة البلاد الاجتماعية التي تهمش الانسان و تطرده و تدمره كل ما تم القيام به على امتداد 20 سنة لم يكن وظيفيا على الاطلاق ..لا يوجد عمل يكفي الجميع و لا توجد أي الية لمساعدة الشباب على انشاء مشروعهم الخاص .. كما ان الفساد تستفيد منه اللوبيات المقتدرة و العمال المنحرفون و هم وحدهم المسؤولون عن استمرار هذا الشبح ..نحن نتهم الماراس بكل ما يحدث من أشرار غير أن عنفهم لا يخدم الا الأشخاص الاكثر قوة )
قضى ارنستو الوكيل السابق زمنا طويلا بالميدان اذ ترك النيابة و هو متعب من كثرة تكديس التحقيقات التي تم اجهاضها ..حاليا يعمل كمستشار من أجل انشاء قوة جديدة من الشرطة بالتعاون مع اسبانيا ( نحن نقوم بتأهيل شباب لديهم رغبة جامحة في الذهاب بالتحقيقات حتى النهاية ..لكن السكان لا يصدقون ذلك اطلاقا ..ضعفاء من الخوف ..دائما ما يترجوننا ان نقتل الماراس الذين يرهبونهم بشكل يومي).
تعليق