السحر و الأديان :
حرم الدين الإسلامي السحر والشعوذة ويعد الساحر كافرا ومن أتاه وصدقه. من جهة أخرى كان الاعتقاد بدور السحر كعامل في التأثير على الطبيعة وما وراء الطبيعة سائدا في معظم الديانات التي كانت سائدة قبل الديانات التوحيدية وخاصة في الديانة الزرادشتية التي كانت عاملا مهما في الاعتقاد بوجود كينونة الشر التي هي في صراع أزلي مع كينونة الخير ويعتقد أن كلمة السحر بالإنجليزية Magic قد أتت من أفراد قبيلة ماجاي الميدية الذين كانوا رجال الدين الرئيسيين في الديانة الزردشتية ويرجع بعض المؤرخين جذور السحر في إطار ديني إلى فترة العصر الحجري الحديث حيث كان الانتقال من حياة التنقل إلى حياة الزراعة والاستقرار دور في تحول رئيس القبيلة إلى ملك والمؤمن بالخرافات والأساطير والعلوم الخفية إلى كاهن كان مهمته نقل تعليمات الإله إلى المجتمع.
كانت الوسيلة الرئيسية للسحر في المعتقد الديني هي التعويذة والتي كانت عبارة عن كلمات أو كتابات مخلوطة بمواد خاصة يقوم بتحضيرها الرجل الديني في طقوس خاصة وكان هدف التعويذة يتراوح من تغيير للمستقبل إلى السيطرة على شخص ما أو عامل ما وكانت هذه التعاويذ عادة ما تتم تحت مزاعم استحضار قوى إلهية وغالبا ما كانت التعويذة تتم على مراحل منها:
التحضير بأيام قبل طقوس التعويذة بالصوم أو الصلاة
تهيئة جو خاص بالطقوس باستعمال روائح خاصة أو مواد معينة وكان أتباع دين معين يعتقدون باحتوائها على قوى خارقة.
طقوس استحضار القوى الخارقة أو الإلهية التي كانت تختلف باختلاف الدين المتبع.
إلقاء التعويذة
تقديم القرابين
هناك إجماع على أن مفهوم السحر في الديانات القديمة كانت نابعة من عدم إدراك الإنسان لقوى الطبيعة وعدم وجود تحليل علمي لظواهر كانت تعتبر غامضة للإنسان القديم. بصورة عامة كان استعمال السحر من منطلق ديني نابعا من إيمان صاحب الدين بقدرة الإله في تغير حياته ومصيره وكانت الطقوس السحرية من هذا المنظور دعاء الشخص للإله بالتدخل. ويمكن ملاحظة هذا في تشابه إلى نوع ما لفكرة الدعاء والصلاة وتقديم القرابين في ديانات متعددة لا تزال تمارس لحد هذا اليوم حيث إن فكرة طلب المساعدة من الخالق الأعظم هي نفس الفكرة القديمة ولكنها أكثر عمقوفلسفية مالدت البدائية.
السحر عبر العصور :
هناك بعض الآثار القديمة تشير إلى استعمال السحر من منظور ديني لدى الإنسان القديم وتشير بعض الرسومات القديمة في كهوف فرنسا إلى استعمال السحر للمساعدة في عملية الصيد وتم العثور على آثار مماثلة لدى قدماء المصريين والبابليين واستنادا إلى مارغريت موري (1863 - 1963) المتخصصة في العلوم المصرية القديمة فإن كل طقوس السحر والشعوذة يمكن اقتفاء آثارها إلى طقوس دينية قديمة لديانات كانت تعبد الظواهر الطبيعة وإن بعض التعويذات التي كانت تستعمل في أوروبا في القرون الوسطى مشابهة إلى حد كبير لكتابات هيروغليفية عمرها 2500 سنة على أقل تقدير وإن فكرة تقديم القرابين للإله ترجع إلى العصر الحجري حيث تم العثور على منصة ذبح القرابين في العديد من الكهوف القديمة في أوروبا
عرف الإنسان السحر منذ القدم وهناك كتابات تتحدث عن السحر في قصائد هوميروس وكتابات قدماء المصريين التي تركزت على استعمال ورق البردي في السحر وكتابات بلاد فارس القديمة وخاصة كتابات رجال دين الزرادشتية الذي يعتقد أن كلمة السحر بالإنجليزية Magic قد أتت من أفراد قبيلة ماجاي الميدية الذين كانوا رجال الدين الرئيسيين في الديانة الزردشتية. هناك نقاط تشابه حول الكتابات القديمة حول السحر منها على سبيل المثال:
استعمال ما يسمى الكلمات السحرية وهي كلمات يعتقد البعض إنها قادرة على تطويع وتوجيه الأرواح.
استعمال آلات موسيقية بدائية مصنوعة من الخشب وإحداث أصوات متناغمة نوعا ما أثناء الطقوس.
استعمال رموز وكتابات وشيفرات غامضة لغرض استحضار الأرواح.
استعمال وسيط بين القوى الخفية والسحرة وكان الوسيط في العادة أشخاص كانوا يزعمون القدرة على استقبال رسائل من القوى الغير مرئية.
في العصور الوسطى قام ألبرت الكبير (1206 - 1280) Albertus Magnus بجمع عدد كبير من التعويذات السحرية ومن الجدير بالذكر إن ألبرت لم يكن ساحرا بل كان رجل دين مسيحي مهتم بعلم الخيمياء وكان غرضه الرئيسي هو البحث العلمي.
مع بداية عصر النهضة والثورة الصناعية حل التفسير العلمي محل الخرافات والأساطير. قام الكيميائي البروسي كارل رايخنباخ (1788 - 1869) في عام 1850 بتجربة على البرافين والفينول لغرض معرفة ما اسماه بالقوة الغريبة أو القوة الغامضة لبعض المواد التي استعملت في السابق من قبل السحرة في طقوسهم واستخلص إلى نتيجة أن هناك "تدفق" إيجابي وسلبي في المادتين وقدم نظريته بان هناك استعمالات أخرى غير معلومة للمواد بجانب الاستعمالات المعلومة ولكن نظريته لم تلق قبولا من قبل علماء عصره
في القرن التاسع عشر ومع موجة الاستعمار الأوروبي للشرق تعرف العالم الغربي عن كثب على أساطير الشرق الغامضة وخاصة في الهند ومصر وبدأ ولع جديد بالسحر وطقوسه وتشكلت جماعات منظمة تحاول دراسة السحر وفي عام 1951 تم إلغاء قانون منع الشعوذة في بريطانيا والذي كان ساري المفعول منذ عام 1401 وتم تأسيس جماعة ويكا التي لاقت أفكارها قبولا عند Hippie الهيبيين
السحر من وجهة نظر العلم
السحر من وجهة نظر العلم
هناك قياسات علمية متفقة عليها لتحديد فيما إذا كانت ظاهرة أو طريقة أو تحليل أو اعتقاد معين يمكن تصنيفه كعلم حقيقي أم لا وإذا لم يتم تجاوز بعض الاختبارات فإنها ستنتهي إلى تصنيف يسمى العلوم الكاذبة. بعض من القياسات المتفقة عليها ويجب توفرها في العلم الحقيقي هي التالية:
القدرة على الحصول على نفس النتائج أو نتائج متقاربة عند إجراء اختبار معين مرات عديدة وإذا لم يتم الحصول على نتائج متقاربة عند تكرار عملية أو خطوة ما فإن الطريقة أو الظاهرة تعتبر غير علمية على سبيل المثال اختبار تعويذة معينة على عدد من الأشخاص المتطابقين في العمر والجنس والحالة الاجتماعية والثقافية لرؤية فيما إذا كانت التعويذة لها نفس التأثير.
القدرة على حصول تأثير مع توفر شرط عدم معرفة الأشخاص المشتركين بالتجربة فيما إذا قد تعرضوا للمادة الحقيقية أو مادة وهمية شبيهة بالشكل للمادة الأصلية ولتوضيح هذه النقطة يقسم المتطوعون للتجربة إلى نصفين متشابهين قدر الإمكان من ناحية العمر والثقافة ونواحي أخرى بحيث يكون تعاطيهم للمادة الحقيقية أو المادة الوهمية الفرق الرئيسي بين المجموعتين. على سبيل المثال إذا تم التوصل إلى معرفة فيما إذا كانت تعويذة معينة ذات فعالية حقيقية فإنه يصمم نوعين من التعويذات إحداهما مصمم من قبل شخص يدعي السحر والأخر شبيه بالظاهر للأولى ولكنها ليست حقيقية ويتم توزيعها على مجموعتي الاختبار الذين لايعرفون فيما إذا تلقوا التعويذة الحقيقية أو الوهمية وبعد فترة مراقبة يتم معرفة فيما إذا كان هناك فرق حقيقي وملموس بين تأثير الحقيقي والوهمي.
الغاية الرئيسية في هذه التجارب هو معرفة احتمال دور عامل الصدفة أو عوامل نفسية أو اجتماعية أو أي عامل آخر في حدوث التأثير الملاحظ. ومعظم مدعوا السحر أو الباراسايكولوجي يفشلون أمام هذه الاختبارات.
يتبع
تعليق