الطفل الزوهري
تروى قصص كثيرة عن الجن معظمها من نسج الخيال ومن تفسيرات خاطئة لبس الشيطان على أصحابها فأصبحوا يعتقدون في صحتها لكثرة تردادها ولأنهم لم يجدوا من يصوب الخطأ/الأصل فتمادوا في ذكرها وروايتها وأصبحوا هم الأبطال وليس الجن لأن الأنظار اتجهت إليهم وأصبحت لهم قيمة معرفية/بطولية يتباهون بها... لكنها قيمة بنيت على وهم...
حكاية الطفل "الزُهري" أو "الزهراوي" كبقية حكايات متعددة ارتبطت بالجن وبعالمهم المثير...هي أيضا من نسج خيال البعض... استعملها أصحاب الدجل والسحر والشعوذة لإخافة ذوو العقول الرهيفة للوصول إلى كنوز قد تكون موجودة في أعماق المغارات...
يدعي أصحاب هذه القصة أن الصبي الذي يمتلك خطا متواصلا في يده يكون "زوهري" أي محظوظ
كلمة زهري مشتقة من كلمة " الزهر"وهي من أصل عربي "الزهر" (ارتبطت بلعبة الزهر أو النرد التي تعتمد على الحظ)
ترجمت هذه الكلمة إلى الفرنسية بـ: HAZARD التي أصلها AZZAHR التي تعني "الحظ"
(L'origine est un mot arabe signifiant le dé, ou le jeu de dés.)
والزَّاهِرُ والأَزْهَرُ: الحسن الأَبيض من الرجال، وقيل: هو الأَبيض فيه حمرة.
ويعني أيضا النور : الزهراوين
لكن ما مفهوم " الزوهري" في الذاكرة الشعبية المغربية :
هو إنسان ذكر أو أنثى قصير النظر - لا يستطيع رؤية الأشياء البعيدة- ومن علاماته التي تميزه عن باقي البشر، وجود خط متصل يقطع راحة يده بشكل عرضي، وقد تكون له علامة أخرى على مستوى لسانه بحيث يكون مفلوقا أي يقطع صفحة لسانه خط بشكل طولي، ويضيف البعض أن شكل عينيه يختلف تماما عن باقي الأعين الأدمية، حيث تتميز ببريق خاص، كما يمكن أن يتميز باختلاف بينهما وهذا الاختلاف عبارة عن تمزق غير واضح في منتهى الجفن...
وتذهب الذاكرة الخرافية الشعبية إلى أن أصل الطفل الزوهري هو الجن وقصته ترجع إلى لحظة الولادة حيث تم استبداله بأحد أبناء البشر... فهو كائن غير عادي يرى أحيانا أشياء لا يراها البشر...كما أنه لا يتأثر بالسحر أو الطلاسم أو ما شابه ذلك...
يعتبر الزهري مفتاح الكنوز المختبئة تحت باطن الأرض، ولأنه مرتبط بالجن (لاعتباره أحد أبنائهم) فهو لا يخاف من الجن حتى وإن اقترب من الكنز الذي يحرسه زبانيتهم... لهذا الغرض يلجأ "المشعوذون" للاستعانة به لكشف الكنوز ونقلها مباشرة بعد ما تظهر معالمها... ينزل الزوهري إلى المغارات والكهوف لحمل المحتويات الكنوز من نقود وذهب وفضة وجواهر وما إلى ذلك..، في غفلة من الجن الذين يحرسونها... لو نزل ساحر أو "مشعوذ " لهذا الغرض لتعرض لعقوبات شديدة قد تكلفه حياته أو نفيه إلى مكان بعيد...
لقد جعلت بعض القصص والأساطير الشعبية الطفل الزوهري صاحب الخط المتواصل في بؤرة الخطر، بل ساهمت في اهتمام السحرة والمشعوذين به، لذا فإنها قد تؤدي إلى نهاية مأساوية لا تحمد عقباها ينتهي بها "للزوهري" إلى البتر أو القتل، قد يتعرض هذا الطفل البريء للذبح فوق مكان الكنز أو إلى بتر أحد أطرافه قربانا للجن ...لأن الجن الذين يحرسون هذه الخزائنن، يقول العارفون، متعطشون لهذا النوع من الدم...
خلاصة القول أن هذا الشخص الزهراوي يعتقد أنه يجلب الحظ والخير وهذا المعتقد شائع خاصة عند المشعوذين والسحرة لأنهم يعتقدون أن هذا الصبي يستعمل في البحث عن الكنوز "الخبيئة" والعثور على الثروات الباطنية لذلك هو مطلوب كما هو الحال في قصة "علاء الدين والمصباح السحري"....
أصل قصةالطفل الزهري
راجت قصص ألف ليلة وليلة في زمن التخلف العلمي والديني، سيطرة الخرافة والخيال مكنت الجماهير الغفيرة البسيطة والساذجة من التمسك بأحلام اليقظة ، في زمن طغا فيه البحث عن الحلول السهلة التي تمكن الانسان المضغوط اجتماعيا من تخطي صعوبات الحياة اليومية...
في زمن الخيال والسحر والظلام ... في هذا الزمن جاءت قصة علاء الدين ذلك الفتى النبيه الطموح الذي يحمل مواصفات الطفل المحظوظ الذي سوف يحظى، رغم أصوله الفقيرة، بأميرة حسناء جميلة عاشت في القصر طول حياتها...
اتصل رجل غني بالطفل ، رجل مشعوذ ، همه جمع المال، ليستغل براءته في عملية سحرية تمكنه من الوصول إلى مكان الكنز ، مكان الدفائن الثمينة، حلم الكسالى والمتخاذلين الذين يبحثون عن الربح السريع دون عناء ومشقة...
خوف المشعوذ من الجني حارس المكان قاده إلى البحث عن طفل بريء،(زهري) ساذج يستعمله للوصول إلى ما يريد، حبه للامتلاك تعدى حب المال والذهب والفضة إلى امتلاك القوة والسلطة التي يمتلكها الجني المحبوس في مصباح سحري قديم... جني المصباح هذا بعبارته الشهيرة "شبيك لبيك" هو من سيحقق الأرباح ويمنح القوة والسلطة ...
هذه هي قصة الطفل "الزهري" "علاء الدين في قصص ألف ليلة وليلة" قصة الطفل المحظوظ التي تناقلتها الركبان وحكتها العجائز حول المواقد للصبيان ... عبرت الأودية والشطآن حتى وصلت بلاد المغرب... بعد مرور الزمن لم يعد للقصة أصل لذلك تحولت إلى حقيقة يلهث وراءها كل من يبحث عن الربح السهل ...مستعملا - كما فعل المشعوذ مع علاء الدين -طفلا بريئا ليدله على الكنز الدفين...
طورت الذاكرة الشعبية المغربية هذه القصة وأخرجتها عن سياقها السردي القصصي الخيالي ، من طفل يقول "افتح يا سمسم" ليفتح له "المارد" الباب المقفول ويدخل ويحصل على المصباح والسحري والخاتم العجيب ...إلى طفل بريئ، ولد وبكفه خط متصل ليس عند أقرانه مثله، ليذبح على باب مغارة نائية أو في واد سحيق أو داخل كهف عميق...
ويظن المشعوزون انة يستطيع ان يقترب من الكنوز المرصودة والمحروسة من طرف الجن ويحملها دون أن يتعرض لأي مكروه.
مازالت قضية إختفاء الطفل ( حسام . ر ) في مدينة القنيطرة ، تثير تساؤولات وفرضيات أسباب إختفائه المفاجئ الذي أعاد إلى ساكنة عاصمة الغرب حالات مماثلة مازالت لغزها لم يفك حتى الساعة ، خصوصا الأطفال " الزوهريين " المستهدفين من طرف عصابات إستخراج الكنوز وممارسي والشعوذة الذين أضحوا يشكلون خطرا حقيقيا على الأطفال الأبرياء . وبالعودة إلى تفاصيل إختفاء الطفل حسام ( 14 سنة ) ، فإن آخر المعطيات تشير إلى إختفائه ، ليلة الخميس الماضي، بالقنيطرة، حوالي منتصف الليل. وعلى أن والدته شاهدته آخر مرة حوالي الحادية عشرة من ليلة الخميس. وحسب روايات بعض أصدقاء الطفل حسام، فالأمر قد يتعلق بعملية إختطاف الغرض منها إستغلال الطفل في عمليات شعوذة ودجل بهدف تيسير عمليات إستخراج الكنوز. وإستنادا إلى شهادات عائلة الطفل وجيرانها، أن حسام كانت تبدو على محياه وأطراف من جسده علامات مميزة يعتمدها المشعوذون والدجالون لتحديد الأطفال الذين يصلحون لمثل هذه الأغراض . وقالت والدة الطفل حسام إنه ساعة إختفائه أو( إختطافه ) ، كان يرتدي قميصا أزرق اللون وسروالا قصيرا مزركشا برسومات . و أن والد الطفل إتصل بالمصالح الأمنية في مدينة القنيطرة ، التي أصدرت تعليمات ومذكرة وطنية إلى كافة المصالح الأمنية للبحث عن الطفل حسام المفقود. كما ربطت العائلة الإتصال بعدة جمعيات مدنية بهدف مساعدتها على البحث عن إبنها المختفي. يذكر أنه خلال نهاية السنة الماضية ، عاشت عائلة بحي بئر الرامي بالقنيطرة ، واقعة مشابهة لواقعة الطفل حسام ، راح ضحيتها طفل إسمه ( عدنان. ق ) ، والذي لم يتجاوز عمره حينها أربع سنوات. وكانت عائلة الطفل قد ذكرت في بلاغها إلى المصالح الأمنية أن واقعة الإختطاف خلفت هلعا ورعبا كبيرين في صفوف سكان الحي المذكور، خصوصا والمدينة عموما، حتى أن بعض العائلات صارت تحول دون خروج أطفالها إلى الشارع للعب مع أقرانهم، فيما يضطر آخرون إلى مرافقة أبنائهم من وإلى مؤسساتهم التعليمية وأماكن أخرى . |
تعليق