بسم الله الرحمن الرحيم
من محـظورات اللسان فى الحوار والأخلاق عند المسلمين
هى تلخيصات لما يتعلق بمحظورات اللسان من كتاب المحظورات للشيخ ياسين رشدى رأيت فيه فوائد جمة يحتاج إليها المحاورون فإننا محاسبين على ثمار ألسنتنا
------------------------------
ينقسم الكلام إلى أربع أقسام :
نفع محض
ضرر محض
فيه خير و فيه ضرر
لا نفع فيه و لا ضرر و هو اللغو الذي لا طائل وراءه
و كل الكلام
لا يترتب على عدم قوله إثم ..
قد يترتب على قوله إثم ..
و هنا نتبين فضيلة الصمت
و ذلك لأنك إذا تكلمت بالكلمة ملكتك
و إذا لم تتكلم بها ملكتها ..
فالمرء يكسب بالصمت أمرين :
سلامة الدين
الفهم عن الناس
و قد قال البعض :
" إذا كان لابد من الكلام , فاجعله نصف الاستماع .. لأن لك لسانا واحداً و أذنين !!"
محظورات الكلام و أمراض اللسان
الكلام فيما لا يعنيك
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "
* رواه الترمذى و ابن ماجه عن أبى هريرة( رضى الله عنه )
فضول الكلام
هو الكلام الزائد عن الحاجة بمعنى أنك لو استطعت أن تعبر عن المراد بكلمتين فعبرت بثلاث .. كانت الكلمة الثالثة من فضول الكلام الذي لا داعي له , و كلما كثر اللغط .. كثر الغلط .
و اعلم بأنه بقدر ما يتكلم المرء تمتلئ صحائفه , فيظل في موقف الحساب يُسأل عن كل كلمة سُطرت عليه ..
مثل الكلام عن المعاصي و أهلها مثل الكلام الذي ينشأ عنه تحريك الشهوات و الغرائز أو الغيبة أو الاعتراض على الغير والطعن فيه أو ترديد الإشاعات التي تتناول الناس
الخوض في الباطل
وقد نهانا ربنا عن الجلوس مع مثل هؤلاء :
فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً
المراء
هو ابتغاء الخلل في كلام الغير ملتسماً لو الخطأ .. سواء أكان ذلك من حيث اللفظ أو المعنى أو الموضوع .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أنا زعيم ببيت فى ربض الجنة لمن ترك المراء و لو كان محقاً "
* الترمذى (1993) , و أبو داود بإسناد صحيح (4800) عن أنس ( رضى الله عنه ) و الطبرانى في الصغير (166) .
و علينا أن نتجنب هذا المرض بأن نصدق المتكلم و نحسن الظن به طالما أن الكلام لا يتعلق بأمور الدين و السكوت عليه لا يعرضنا للأثم ..
أما إذا كان متعرضاً لأمور الدين وجب الرد بلباقة و بأدب بشرط العلم بالصواب ..
الجدل
يختلف الجدل عن المراء في أن هدفه ليس تخطئة المتكلم و إنما هدفه أن يظهر المجادل بمظهر العالم .
و الجدال قد يكون بحق و قد يكون بالباطل أو بغير علم , فأما أن يكون بالحق وجب أن يكون بالحسنى لقوله تعالى :
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ النحل – 125
بل و يقول الإمام أبو حنيفة النعمان : " ما ناقشت أحداَ في مسألة , إلا و تمنيت أن يظهر الله الحق على لسانه "
و أما أن يكون الجدال عن باطل فذاك ليس هدفه إظهار الحق و إنما هدفه التفاخر و الكبر .
و خير علاج لهذا المرض أن يسكت الإنسان إذا ما أشتهي الكلام و ألا يتكلم إذا أشتهي السكوت .. فانه عندئذٍ لن يتكلم إلا بالحق .. و لا يتعرض لفضول الكلام .. و إن أراد تصحيح فكر أو رأى لأحد فليكن ذلك سراُ , فقد قيل :
" النصيحة في العلن فضيحة "
الخُصومة
الخُصومة باللسان
هي اللجاج بالكلام لاستيفاء مال أو حق لدى الغير سواء أكان ذلك بالحق أو بالباطل .. و هي نتيجة طبيعية لما سبق الإشارة إليه من جِدال و مِراء و خوض في الباطل .. و قد يكون الشُح هو منشأ الخُصومة.. فإذا كانت الخُصومة بحق , و لم يتعرض المخاصم لمراء أو جدال أو فحش في الكلام أو إيذاء لمن يخاصم , فالأولى الصلح و الصلح خير .. أما إذا كانت الخُصومة بالباطل أو الهدف منها العناد فهي حرام قطعا َ .. فليس هناك أذهب للدين أو أشغل للقلب من الخُصومة و ذلك لأنها ليست مرتبطة بحقوق الله فقط و لكن بحقوق العباد كذلك .
أشد أنواع الخُصومة ظلماَ .. الخُصومة بغير علم , أى بأن تخاصم شخصاَ من أجل شخصاَ آخر أو بأن تسمع من طرف دون الآخر .
و علاج الخُصومة يكون بالعفو و الصفح , قال تعالى :
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ النور – 22
الفُحش و بذاءة اللسان :
الفُحش هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة و الباعث عليه إما الرغبة في الإيذاء أو الاعتياد عليه نتيجة لسوء التربية أو مخالطة أصدقاء السوء .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ليس المؤمن بالطَّعان , و لا اللعان , ولا الفاحش , و لا البذيء "
* الترمذى بإسناد صحيح 1978 عن ابن مسعود ( رضى الله عنه ) , و أحمد 3839 , و صححه ابن حبَّان و الحاكم 1/12 .
فالمؤمن عفيف اللسان , يختار البارات اللبقة و خير ما نتعلم منه القرآن .. فحين أراد الكلام عن الجِماع , عبر عنه بألفاظ غاية في الرقة :
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ
الأعراف – 189
اللعن
أصل اللعن هو الطرد و الإبعاد من رحمة الله و قد ورد في القرآن موجهاَ لإبليس حين قال له رب العزة :
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
فإذا لُعن إنسان آخر فكأنما فرض على الله أو حكم عليه أن يلعن ذلك الشخص .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا يرمى رجلٌ رجلاً بالكفر و لا يرميه بالفِسق إلا ارتدت عليه إذا لم يكن صاحبه كذلك "
* متفق عليه عن أبى ذر ( رضى الله عنه )
و لا تصح اللعنة إلا بالتعميم الذي ورد في القرآن :فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ
لّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الأعراف – 77
و الظلم هنا بمعنى الشرك .. و عليه فلا يستحق اللعن إلا كافراً أو مُشرك بشرط أن يموت على ذلك .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن اللعانين لا يكونون شفعاء و لا شهداء يوم القيامة "
* مسلم 2598 عن أبى الدرداء ( رضى الله عنه ) و أبو داود 4907
فأى حرمان هذا ؟؟؟؟!!!!
المُزاح
إن المُزاح سُمى مُزاحاً لأنه أزاح صاحبه عن الحق و منه ما هو مباح و هو لا يُسخط الرب و لا يغضب من تُمازح .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إني لأمزح و لا أقول إلا حقا "
* الترمذى 2058 عن أبى هريرة ( رضى الله عنه ) 6/126 , 127 , و معناه عند أبى الدنيا في الصمت 397.
و من المُزاح ما هو محظور و هو ما يذهب بالوقار و يؤدى إلى كثرة الضحك و البعد عن الله فان كثرة الضحك تُميت القلب .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إن الرجل ليتكلم بالكلمة يُضحك بها جُلساءه يهوى بها في النار أبعد من الثريا "
* ابن أبى الدنيا عن أبى هريرة ( رضى الله عنه ) بسند حسن .
و الثريا هى مجموعة نجوم بعيدة لها شكل مميز .
السخرية
السخرية هي الاستهزاء بشخص أو تحقيره بذكر عيوبه أو نقائصه سواء بالقول أو التقليد أو الإشارة أو الكتابة أو الرسم و قد ورد النهى عنها مشدداً في القرآن في قوله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ الحجرات – 11
و يُفهم من الآية أن الساخر دائماً يكون أقل شأناً ممن يسخر منه بسخريته .
ولتعلم أنه لا يجوز أن يسخر أحد من معصية أخيه بدلاً من نصحه
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"من عَير أخاه بذنبٍ تاب منه .. لم يمت حتى يعمله"
* الترمذى دون قوله ( قد تاب منه ) عن معاذ بن جبل ( رضى الله عنه ) .
الخلف في الوعد
يكفى أن تعرف أن الخلف في الوعد من علامات النفاق ..
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً .. و من كانت فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلة ٌ من النفاق حتى يدعه : إذا حدث كذب , و إذا وعد أخلف , و إذا عاهد غدر , و إذا خاصم فجر"
* مُتفق عليه عن عبد الله بن عمرو ( رضى الله عنه) البخاري 1 / 84 , و مسلم 58 .
و لذلك فانه يجب عليك ألا تعد إلا إذا كنت عازما الوفاء مع تعليق الأمر بالمشيئة بقول " إن شاء الله"
إفشاء السر
حديث أخيك لك في السر أمانة و لو لم يطلب منك الكتمان .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إذا حدث الرجل أخاه بحديث ثم التفت فهو أمانة "
* أبو داود و الترمذى و حَسنه عن جابر ( رضى الله عنه ) .
كما أن إفضاء أخيك لك بسره ثقة منه فيك .. فعليك أن تشير عليه بالصالح و بما تحبه لنفسك و مما سمعناه ممن سبقنا قولهم :
" المُستشار مؤتمن "أي مؤتمن على السر و الرأي الذي يشير به .
الكــــــــذب
الكذب هو الإخبار عن شئ بخلاف حقيقته و الصدق و الكذب يتصارعان حتى يُخرج أحدهما الآخر .
المؤمن لا يكذب , فقد سُئل رسول الله صلى الله عليه و سلم : "هل يزنى المؤمن؟ قال : " نعم" .. قيل : و هل يسرق المؤمن ؟ قال : " نعم " .. قيل : و هل يشرب المؤمن الخمر ؟ قال : " نعم " .. قيل : و هل يكذب المؤمن ؟ قال : " لا " ثم تلا قول الله : إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ
* ابن عبد البر و ابن أبى الدنيا فى الصمت مقتصراً على الكذب و جعل السائل أبا الدرداء ( رضى الله عنه )
الكذب درجات منها :
( 1 )الكذب على الله أو على رسول الله :
و هو أشد أنواع الكذب ...
- و مثال للكذب على رسول الله هو نسبة أحاديث إليه لم تصدر عنه .
- و مثال للكذب على الله هو الكذب في الرؤيا .
قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أفرى الفِرى من ادعى إلى غير أبيه , و أفرى الفِرى من أرى عينيه ما لم ير "
* فتح البارى : 12/449 باب : من كذب فى حُلمه , كتاب : التعبير شرح رقم 7042 , 7043 .
شهادة الزور :
قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قالوا : بلى .. قال : الشِرك بالله و عقوق الوالدين , و كان متكئاً فجلس , و قال : ألا و شهادة الزور ألا و شهادة الزور " و أخذ يكررها حتى فال الأصحاب ليته سكت
* متفق عليه عن أبى بكرة ( رضى الله عنه )
الكذب في اليمين :
و هو أنواع .. لكل نوع حكم :
أولاً : يمين اللغو :
و هو يأتى على اللسان من و من دون قصد الحلف مثل قول الرجل لضيفه "بالله تأكل" و قيه يقول الحق تبارك و تعالى :
لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ البقرة – 225
و لغو اليمين و إن كان الإنسان غير مؤاخذ به و لكن عليه أن يتجنبه حتى لا يفقد الناس ثقتهم في الحالف و حتى لا يؤدى إلى الحلف الكذب .
ثانياً : يمين الكفارة :
و هو كما أن يحلف أحدهم أن يفعل شيئاً أو ألا يفعل شيئاً ثم يظهر أنه قد أخطأ و يريد أن يعود في عزمه ... فله أن يكفر ن يمينه كالآتي :
فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ المائدة – 89
مع العلم أن الصيام هنا لا يجوز للقادر على الإطعام أو الكسوة .
ثالثاً : اليمين الغموس :
و سُمى كذلك لأنه يغمس صاحبه في النار و هو أن يحلف الشخص متعمداً الكذب و هذا اليمين لا كفاره له إلا بالتوبة و إصلاح ما أفسده اليمين كضياع الحقوق و أحكام القضاء المترتبة عليه .
و لما كان الإنسان قد يترض لأسئلة لا يريد الإجابة عليها أو لأمور لا يريد التصريح بها فقد أوجدت السُنة مخرجاً لذلك فقد
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب "
* فتح البارى 10 / 609 و أورده البخاري أيضاً فى الأدب المفرد
و المعاريض هو أن تعرض بالكلام بدلاً من أن تصرح به بشرط أن يكون صدقاً و أن تكون هناك ضرورة و مثال التعريض ما حدث في قصة الهجرة فحين كان الناس يسألون أبى بكر عن النبي صلى الله عليه و سلم و ما في طريقهما إلى المدينة " من هذا الذي معك يا أبا بكر ؟ " كان يجيب قائلاً " انه رجل يهديني الطريق " هو يقصد بذلك الطريق إلي الله .
و هناك من الكذب ما هو مصرح به فقد روى عن بعض الصحابة : " ما سمعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يرخص في شئ من الكذب إلا في ثلاث : الرجل يقول القول يريد به الإصلاح .. الرجل يقول القول في الحرب .. الرجل يحدث امرأته و المرأة تحدث زوجها "
* متفق عليه عن أم كلثوم (رضى الله عنها)
و قد يكون الكذب واجباً إذا ما أدى الصدق إلى سفك الدماء أو هتك الأعراض .. باستثناء ذلك علينا أن ننتبه لنصيحة سيد الخلق صلى الله عليه و سلم حين يقول :
" عليكم بالصدق : فإن الصدق يهدى إلي البر , و إن البر يهدى إلي الجنة .. وإياكم و الكذب : فإن الكذب يهدى إلي الفجور و إن الفجور يهدى إلي النار "
* متفق عليه عن ابن مسعود ( رضى الله عنه)
الغيـــــــــــــــبة
سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الغيبة فقال :
"ذكرك أخاك بما يكره " , فقال السائل أرأيت إن كان فيه ما أقول ؟ .. فأجاب رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته .. و إن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"
* مسلم عن أبى هريرة ( رضى الله عنه )
و البهتان أعظم الكذب !!!
يشبه الله المغتاب بآكل الميتة في قوله تعالى :
وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ الحجرات – 12
ويشرح البهتان في قوله :
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً الأحزاب – 58
بل و ينذر النبي صلى الله عليه و سلم المغتابين فيقول :
"يا معشر من آمن بلسانه و لم يؤمن قلبه . لا تغتابوا المسلمين و لا تتبعوا عوراتهم . فان من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته . و من تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته "
* أبو داود عن أبى برزة ( رضى الله عنه ) بإسناد جيد , و ابن أبى الدنيا عن البراء( رضى الله عنه )
و الغيبة يستوي فيها : التصريح , التعريض , الإيماء , الإشارة , الحركة , التقليد , الغمز , اللمز , الكتابة .. بحيث يُُفهم مقصود الكلام .
و كما يرتبط البهتان بالغيبية , يرتبط بها الإفك , و الإفك هو أن تقول عن شخص ما نقل إليك عنه – دون أن تتيقن من صدقه و إن كنت أميناً في النقل و جاء مثاله في قوله تعالى :
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ النور – 15
و قد يلبس الشيطان الغيبة ثوب الحق فتبدو سليمة من حيث الشكل و يقع صاحبها في المحظور و من أمثلة ذلك :
الاغتياب تحت مظلة الكاره للمنكر
و النصح بلباقة أولى و في السر .
الاغتياب تحت مظلة الغضب لله أن تنتهك محارمه .
الاغتياب تحت مظلة الرحمة بمن تغتابه و الحرص عليه .
الاغتياب تحت مظلة التعجب و الاندهاش و عدم التصديق .
و كثير من العلماء لا يرون العبادة الحقة في كثرة الصلاة و الصيام إذ ليس فيها مشقة و قد يقوم بها البر و الفاجر و إنما يرونها في الكف عن أعراض الناس و هذا هو التعبد الحقيقي الذي يحتاج إلى جهاد النفس .
بواعث الغيبة :
- إفشاء الغيظ الناتج عن الحقد و الغضب .
- موافقة الجلساء و مجاملتهم .
- الاستهزاء و السخرية .
- تزكية النفس بتنقيص الغير .
- الحسد الذي يؤدى إلى إظهار عيوب المحسود حتى يتوقف الناس عن مدحه و الإعجاب به .
- تمضية الوقت و التسلية ( الفراغ )
العلاج :
(1)العلم بغضب الله على المُغتاب و أنه تبارك و تعالى يعاقبه على الغيبة و أن قبول توبته غير مضمون إذ أن الغيبة قد تكون أشد من الزنا لأن الزنا حق متعلق بالله , فقد يتوب الزاني و يقبل الله توبته بل و يبدل سيئاته حسنات أما المغتاب إن تاب قلا بد لقبول التوبة من مسامحة من وقع في عرضه له .
النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
" كل المسلم على المسلم حرام : دمه و ماله و عرضه "
* مسلم عن أبى هريرة ( رضى الله عنه) , و ابن ماجه عن ابن عمر (رضى الله عنهما)
و العرض هو موضع المدح و الذم من الإنسان
(2) الإنشغال بعيوب النفس عن عيوب الغير .
(3)البحت في النفس عن الباعث على الغيبة و محاولة دفعه , قال تعالى :
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ النور – 22
فمثلاً :
- إذا كان الباعث هو مجاملة الجلساء :
فلتنتبه إلى قول النبي صلى الله عليه و سلم :
"من التمس رضا الله بسخط الناس , رضى الله عنه و أرضى عنه الناس ... و من التمس رضا الناس بسخط الله , سخط الله عليه و أسخط عليه الناس"
* ابن حبان في صحيحه عن عائشة (رضى الله عنها) بلفظه , و الترمذى , و أبو نعيم في : الحلية بطريق معاوية ( رضى الله عنه)
أما إذا لم يستطع رد غيبة المسلم لسبب أو لآخر فليه القيام من هذا المجلس التزاماً لقول الله تعالى :
فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ النساء – 140
- إذا كان الباعث على الغيبة هو تزكية النفس عند الناس بتنقيص الغير :
فهو واهم في ذلك و ليسأل نفسه أولاً : هل زكاها عند الله؟؟؟؟
قال الله تعالى :قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا الشمس –9 , 10
كما أن تزكية النفس عند الناس من الأمور المحظورة و الله تبارك و تعالى يشير إلى ذلك :
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً* انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً النساء – 49 , 50
- إذا كان الباعث على الغيبة هو الحسد
فقد جمع المغتاب لنفسه عذاب الدنيا و الآخرة ...
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب"
* أبو داود 4903 عن أبى هريرة ( رضى الله عنه ) و ابن ماجه 4210 عن أنس ( رضى الله عنه)
الأعذار المبيحة للغيبة :
هناك أنواع من الغيبة يعفو الله عنها لضرورتها مع العلم أن الله خبير بما في الصدور و منها :
(1) التظلم
إن المباح للمتظلم أن يبين الظلم الذي يقع عليه حتى يصل إليه حقه ( مثل شكوته للقاضى)
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن لصاحب الحق مقالاً "
*متفق عليه ن أبى هريرة (رضى الله عنه)
(2) تغير المنكر و رد المعاصي إلى نهج الصلاح بالتصريح :
بشرط صدق النية و عدم المغالاة (كذكر الأم عيوب أولادها لأبيهم لإصلاح شأنهم)
(3) الاستفتاء لمعرقة الصواب :
مثل استفتاء هند بنت عتبة للنبي صلى الله عليه و سلم : "إن أبا سفيان رجل مسيك ....."
*متفق عليه عن عائشة (رضى الله عنها)
أي تشكو من إمساك زوجها و هل عليها إثم إن أخذت من ماله دون علمه .
4 التعريف بالشخص :
بذكر فيه أشتهر به مثل الأعور , الأسود , .... إن كنت لا تقصد التشهير و كان المعيوب لا يكره أن يذكر به مثل قوله تعالى :
عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَن جَاءَهُ الأَعْمَى عبس – 1 , 2
(5) تنبيه الناس و تذكيرهم :
حتى لا يقعوا فيما وقع فيه من تغتاب به كما حكى القرآن عن قارون و أمثاله .
(6) الأمانة في إبداء الرأي :
إذ أن المستشار مؤتمن , فإذا دعت الضرورة للتصريح بعيوب من يؤخذ برأيك فيه جاز ذلك (كأخذ رأى الخاطب للفتاه أو المشارك في تجارة)
(7) التحذير لمن يهمك أمره :
كما حدث في قصة يوسف , قال تعالى :
قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ يوسف – 5
تم بحمــــــــــــد الله و حوله و قوته
وأعوذ بالله من أن أذكركم ..... و أنسى !!
=======
منقول من منتدى حراس العقيدة
من محـظورات اللسان فى الحوار والأخلاق عند المسلمين
هى تلخيصات لما يتعلق بمحظورات اللسان من كتاب المحظورات للشيخ ياسين رشدى رأيت فيه فوائد جمة يحتاج إليها المحاورون فإننا محاسبين على ثمار ألسنتنا
------------------------------
ينقسم الكلام إلى أربع أقسام :
نفع محض
ضرر محض
فيه خير و فيه ضرر
لا نفع فيه و لا ضرر و هو اللغو الذي لا طائل وراءه
و كل الكلام
لا يترتب على عدم قوله إثم ..
قد يترتب على قوله إثم ..
و هنا نتبين فضيلة الصمت
و ذلك لأنك إذا تكلمت بالكلمة ملكتك
و إذا لم تتكلم بها ملكتها ..
فالمرء يكسب بالصمت أمرين :
سلامة الدين
الفهم عن الناس
و قد قال البعض :
" إذا كان لابد من الكلام , فاجعله نصف الاستماع .. لأن لك لسانا واحداً و أذنين !!"
محظورات الكلام و أمراض اللسان
الكلام فيما لا يعنيك
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "
* رواه الترمذى و ابن ماجه عن أبى هريرة( رضى الله عنه )
فضول الكلام
هو الكلام الزائد عن الحاجة بمعنى أنك لو استطعت أن تعبر عن المراد بكلمتين فعبرت بثلاث .. كانت الكلمة الثالثة من فضول الكلام الذي لا داعي له , و كلما كثر اللغط .. كثر الغلط .
و اعلم بأنه بقدر ما يتكلم المرء تمتلئ صحائفه , فيظل في موقف الحساب يُسأل عن كل كلمة سُطرت عليه ..
مثل الكلام عن المعاصي و أهلها مثل الكلام الذي ينشأ عنه تحريك الشهوات و الغرائز أو الغيبة أو الاعتراض على الغير والطعن فيه أو ترديد الإشاعات التي تتناول الناس
الخوض في الباطل
وقد نهانا ربنا عن الجلوس مع مثل هؤلاء :
فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً
المراء
هو ابتغاء الخلل في كلام الغير ملتسماً لو الخطأ .. سواء أكان ذلك من حيث اللفظ أو المعنى أو الموضوع .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أنا زعيم ببيت فى ربض الجنة لمن ترك المراء و لو كان محقاً "
* الترمذى (1993) , و أبو داود بإسناد صحيح (4800) عن أنس ( رضى الله عنه ) و الطبرانى في الصغير (166) .
و علينا أن نتجنب هذا المرض بأن نصدق المتكلم و نحسن الظن به طالما أن الكلام لا يتعلق بأمور الدين و السكوت عليه لا يعرضنا للأثم ..
أما إذا كان متعرضاً لأمور الدين وجب الرد بلباقة و بأدب بشرط العلم بالصواب ..
الجدل
يختلف الجدل عن المراء في أن هدفه ليس تخطئة المتكلم و إنما هدفه أن يظهر المجادل بمظهر العالم .
و الجدال قد يكون بحق و قد يكون بالباطل أو بغير علم , فأما أن يكون بالحق وجب أن يكون بالحسنى لقوله تعالى :
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ النحل – 125
بل و يقول الإمام أبو حنيفة النعمان : " ما ناقشت أحداَ في مسألة , إلا و تمنيت أن يظهر الله الحق على لسانه "
و أما أن يكون الجدال عن باطل فذاك ليس هدفه إظهار الحق و إنما هدفه التفاخر و الكبر .
و خير علاج لهذا المرض أن يسكت الإنسان إذا ما أشتهي الكلام و ألا يتكلم إذا أشتهي السكوت .. فانه عندئذٍ لن يتكلم إلا بالحق .. و لا يتعرض لفضول الكلام .. و إن أراد تصحيح فكر أو رأى لأحد فليكن ذلك سراُ , فقد قيل :
" النصيحة في العلن فضيحة "
الخُصومة
الخُصومة باللسان
هي اللجاج بالكلام لاستيفاء مال أو حق لدى الغير سواء أكان ذلك بالحق أو بالباطل .. و هي نتيجة طبيعية لما سبق الإشارة إليه من جِدال و مِراء و خوض في الباطل .. و قد يكون الشُح هو منشأ الخُصومة.. فإذا كانت الخُصومة بحق , و لم يتعرض المخاصم لمراء أو جدال أو فحش في الكلام أو إيذاء لمن يخاصم , فالأولى الصلح و الصلح خير .. أما إذا كانت الخُصومة بالباطل أو الهدف منها العناد فهي حرام قطعا َ .. فليس هناك أذهب للدين أو أشغل للقلب من الخُصومة و ذلك لأنها ليست مرتبطة بحقوق الله فقط و لكن بحقوق العباد كذلك .
أشد أنواع الخُصومة ظلماَ .. الخُصومة بغير علم , أى بأن تخاصم شخصاَ من أجل شخصاَ آخر أو بأن تسمع من طرف دون الآخر .
و علاج الخُصومة يكون بالعفو و الصفح , قال تعالى :
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ النور – 22
الفُحش و بذاءة اللسان :
الفُحش هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة و الباعث عليه إما الرغبة في الإيذاء أو الاعتياد عليه نتيجة لسوء التربية أو مخالطة أصدقاء السوء .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ليس المؤمن بالطَّعان , و لا اللعان , ولا الفاحش , و لا البذيء "
* الترمذى بإسناد صحيح 1978 عن ابن مسعود ( رضى الله عنه ) , و أحمد 3839 , و صححه ابن حبَّان و الحاكم 1/12 .
فالمؤمن عفيف اللسان , يختار البارات اللبقة و خير ما نتعلم منه القرآن .. فحين أراد الكلام عن الجِماع , عبر عنه بألفاظ غاية في الرقة :
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ
الأعراف – 189
اللعن
أصل اللعن هو الطرد و الإبعاد من رحمة الله و قد ورد في القرآن موجهاَ لإبليس حين قال له رب العزة :
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
فإذا لُعن إنسان آخر فكأنما فرض على الله أو حكم عليه أن يلعن ذلك الشخص .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا يرمى رجلٌ رجلاً بالكفر و لا يرميه بالفِسق إلا ارتدت عليه إذا لم يكن صاحبه كذلك "
* متفق عليه عن أبى ذر ( رضى الله عنه )
و لا تصح اللعنة إلا بالتعميم الذي ورد في القرآن :فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ
لّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الأعراف – 77
و الظلم هنا بمعنى الشرك .. و عليه فلا يستحق اللعن إلا كافراً أو مُشرك بشرط أن يموت على ذلك .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن اللعانين لا يكونون شفعاء و لا شهداء يوم القيامة "
* مسلم 2598 عن أبى الدرداء ( رضى الله عنه ) و أبو داود 4907
فأى حرمان هذا ؟؟؟؟!!!!
المُزاح
إن المُزاح سُمى مُزاحاً لأنه أزاح صاحبه عن الحق و منه ما هو مباح و هو لا يُسخط الرب و لا يغضب من تُمازح .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إني لأمزح و لا أقول إلا حقا "
* الترمذى 2058 عن أبى هريرة ( رضى الله عنه ) 6/126 , 127 , و معناه عند أبى الدنيا في الصمت 397.
و من المُزاح ما هو محظور و هو ما يذهب بالوقار و يؤدى إلى كثرة الضحك و البعد عن الله فان كثرة الضحك تُميت القلب .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إن الرجل ليتكلم بالكلمة يُضحك بها جُلساءه يهوى بها في النار أبعد من الثريا "
* ابن أبى الدنيا عن أبى هريرة ( رضى الله عنه ) بسند حسن .
و الثريا هى مجموعة نجوم بعيدة لها شكل مميز .
السخرية
السخرية هي الاستهزاء بشخص أو تحقيره بذكر عيوبه أو نقائصه سواء بالقول أو التقليد أو الإشارة أو الكتابة أو الرسم و قد ورد النهى عنها مشدداً في القرآن في قوله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ الحجرات – 11
و يُفهم من الآية أن الساخر دائماً يكون أقل شأناً ممن يسخر منه بسخريته .
ولتعلم أنه لا يجوز أن يسخر أحد من معصية أخيه بدلاً من نصحه
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"من عَير أخاه بذنبٍ تاب منه .. لم يمت حتى يعمله"
* الترمذى دون قوله ( قد تاب منه ) عن معاذ بن جبل ( رضى الله عنه ) .
الخلف في الوعد
يكفى أن تعرف أن الخلف في الوعد من علامات النفاق ..
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً .. و من كانت فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلة ٌ من النفاق حتى يدعه : إذا حدث كذب , و إذا وعد أخلف , و إذا عاهد غدر , و إذا خاصم فجر"
* مُتفق عليه عن عبد الله بن عمرو ( رضى الله عنه) البخاري 1 / 84 , و مسلم 58 .
و لذلك فانه يجب عليك ألا تعد إلا إذا كنت عازما الوفاء مع تعليق الأمر بالمشيئة بقول " إن شاء الله"
إفشاء السر
حديث أخيك لك في السر أمانة و لو لم يطلب منك الكتمان .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إذا حدث الرجل أخاه بحديث ثم التفت فهو أمانة "
* أبو داود و الترمذى و حَسنه عن جابر ( رضى الله عنه ) .
كما أن إفضاء أخيك لك بسره ثقة منه فيك .. فعليك أن تشير عليه بالصالح و بما تحبه لنفسك و مما سمعناه ممن سبقنا قولهم :
" المُستشار مؤتمن "أي مؤتمن على السر و الرأي الذي يشير به .
الكــــــــذب
الكذب هو الإخبار عن شئ بخلاف حقيقته و الصدق و الكذب يتصارعان حتى يُخرج أحدهما الآخر .
المؤمن لا يكذب , فقد سُئل رسول الله صلى الله عليه و سلم : "هل يزنى المؤمن؟ قال : " نعم" .. قيل : و هل يسرق المؤمن ؟ قال : " نعم " .. قيل : و هل يشرب المؤمن الخمر ؟ قال : " نعم " .. قيل : و هل يكذب المؤمن ؟ قال : " لا " ثم تلا قول الله : إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ
* ابن عبد البر و ابن أبى الدنيا فى الصمت مقتصراً على الكذب و جعل السائل أبا الدرداء ( رضى الله عنه )
الكذب درجات منها :
( 1 )الكذب على الله أو على رسول الله :
و هو أشد أنواع الكذب ...
- و مثال للكذب على رسول الله هو نسبة أحاديث إليه لم تصدر عنه .
- و مثال للكذب على الله هو الكذب في الرؤيا .
قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أفرى الفِرى من ادعى إلى غير أبيه , و أفرى الفِرى من أرى عينيه ما لم ير "
* فتح البارى : 12/449 باب : من كذب فى حُلمه , كتاب : التعبير شرح رقم 7042 , 7043 .
شهادة الزور :
قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قالوا : بلى .. قال : الشِرك بالله و عقوق الوالدين , و كان متكئاً فجلس , و قال : ألا و شهادة الزور ألا و شهادة الزور " و أخذ يكررها حتى فال الأصحاب ليته سكت
* متفق عليه عن أبى بكرة ( رضى الله عنه )
الكذب في اليمين :
و هو أنواع .. لكل نوع حكم :
أولاً : يمين اللغو :
و هو يأتى على اللسان من و من دون قصد الحلف مثل قول الرجل لضيفه "بالله تأكل" و قيه يقول الحق تبارك و تعالى :
لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ البقرة – 225
و لغو اليمين و إن كان الإنسان غير مؤاخذ به و لكن عليه أن يتجنبه حتى لا يفقد الناس ثقتهم في الحالف و حتى لا يؤدى إلى الحلف الكذب .
ثانياً : يمين الكفارة :
و هو كما أن يحلف أحدهم أن يفعل شيئاً أو ألا يفعل شيئاً ثم يظهر أنه قد أخطأ و يريد أن يعود في عزمه ... فله أن يكفر ن يمينه كالآتي :
فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ المائدة – 89
مع العلم أن الصيام هنا لا يجوز للقادر على الإطعام أو الكسوة .
ثالثاً : اليمين الغموس :
و سُمى كذلك لأنه يغمس صاحبه في النار و هو أن يحلف الشخص متعمداً الكذب و هذا اليمين لا كفاره له إلا بالتوبة و إصلاح ما أفسده اليمين كضياع الحقوق و أحكام القضاء المترتبة عليه .
و لما كان الإنسان قد يترض لأسئلة لا يريد الإجابة عليها أو لأمور لا يريد التصريح بها فقد أوجدت السُنة مخرجاً لذلك فقد
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب "
* فتح البارى 10 / 609 و أورده البخاري أيضاً فى الأدب المفرد
و المعاريض هو أن تعرض بالكلام بدلاً من أن تصرح به بشرط أن يكون صدقاً و أن تكون هناك ضرورة و مثال التعريض ما حدث في قصة الهجرة فحين كان الناس يسألون أبى بكر عن النبي صلى الله عليه و سلم و ما في طريقهما إلى المدينة " من هذا الذي معك يا أبا بكر ؟ " كان يجيب قائلاً " انه رجل يهديني الطريق " هو يقصد بذلك الطريق إلي الله .
و هناك من الكذب ما هو مصرح به فقد روى عن بعض الصحابة : " ما سمعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يرخص في شئ من الكذب إلا في ثلاث : الرجل يقول القول يريد به الإصلاح .. الرجل يقول القول في الحرب .. الرجل يحدث امرأته و المرأة تحدث زوجها "
* متفق عليه عن أم كلثوم (رضى الله عنها)
و قد يكون الكذب واجباً إذا ما أدى الصدق إلى سفك الدماء أو هتك الأعراض .. باستثناء ذلك علينا أن ننتبه لنصيحة سيد الخلق صلى الله عليه و سلم حين يقول :
" عليكم بالصدق : فإن الصدق يهدى إلي البر , و إن البر يهدى إلي الجنة .. وإياكم و الكذب : فإن الكذب يهدى إلي الفجور و إن الفجور يهدى إلي النار "
* متفق عليه عن ابن مسعود ( رضى الله عنه)
الغيـــــــــــــــبة
سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الغيبة فقال :
"ذكرك أخاك بما يكره " , فقال السائل أرأيت إن كان فيه ما أقول ؟ .. فأجاب رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته .. و إن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"
* مسلم عن أبى هريرة ( رضى الله عنه )
و البهتان أعظم الكذب !!!
يشبه الله المغتاب بآكل الميتة في قوله تعالى :
وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ الحجرات – 12
ويشرح البهتان في قوله :
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً الأحزاب – 58
بل و ينذر النبي صلى الله عليه و سلم المغتابين فيقول :
"يا معشر من آمن بلسانه و لم يؤمن قلبه . لا تغتابوا المسلمين و لا تتبعوا عوراتهم . فان من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته . و من تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته "
* أبو داود عن أبى برزة ( رضى الله عنه ) بإسناد جيد , و ابن أبى الدنيا عن البراء( رضى الله عنه )
و الغيبة يستوي فيها : التصريح , التعريض , الإيماء , الإشارة , الحركة , التقليد , الغمز , اللمز , الكتابة .. بحيث يُُفهم مقصود الكلام .
و كما يرتبط البهتان بالغيبية , يرتبط بها الإفك , و الإفك هو أن تقول عن شخص ما نقل إليك عنه – دون أن تتيقن من صدقه و إن كنت أميناً في النقل و جاء مثاله في قوله تعالى :
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ النور – 15
و قد يلبس الشيطان الغيبة ثوب الحق فتبدو سليمة من حيث الشكل و يقع صاحبها في المحظور و من أمثلة ذلك :
الاغتياب تحت مظلة الكاره للمنكر
و النصح بلباقة أولى و في السر .
الاغتياب تحت مظلة الغضب لله أن تنتهك محارمه .
الاغتياب تحت مظلة الرحمة بمن تغتابه و الحرص عليه .
الاغتياب تحت مظلة التعجب و الاندهاش و عدم التصديق .
و كثير من العلماء لا يرون العبادة الحقة في كثرة الصلاة و الصيام إذ ليس فيها مشقة و قد يقوم بها البر و الفاجر و إنما يرونها في الكف عن أعراض الناس و هذا هو التعبد الحقيقي الذي يحتاج إلى جهاد النفس .
بواعث الغيبة :
- إفشاء الغيظ الناتج عن الحقد و الغضب .
- موافقة الجلساء و مجاملتهم .
- الاستهزاء و السخرية .
- تزكية النفس بتنقيص الغير .
- الحسد الذي يؤدى إلى إظهار عيوب المحسود حتى يتوقف الناس عن مدحه و الإعجاب به .
- تمضية الوقت و التسلية ( الفراغ )
العلاج :
(1)العلم بغضب الله على المُغتاب و أنه تبارك و تعالى يعاقبه على الغيبة و أن قبول توبته غير مضمون إذ أن الغيبة قد تكون أشد من الزنا لأن الزنا حق متعلق بالله , فقد يتوب الزاني و يقبل الله توبته بل و يبدل سيئاته حسنات أما المغتاب إن تاب قلا بد لقبول التوبة من مسامحة من وقع في عرضه له .
النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
" كل المسلم على المسلم حرام : دمه و ماله و عرضه "
* مسلم عن أبى هريرة ( رضى الله عنه) , و ابن ماجه عن ابن عمر (رضى الله عنهما)
و العرض هو موضع المدح و الذم من الإنسان
(2) الإنشغال بعيوب النفس عن عيوب الغير .
(3)البحت في النفس عن الباعث على الغيبة و محاولة دفعه , قال تعالى :
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ النور – 22
فمثلاً :
- إذا كان الباعث هو مجاملة الجلساء :
فلتنتبه إلى قول النبي صلى الله عليه و سلم :
"من التمس رضا الله بسخط الناس , رضى الله عنه و أرضى عنه الناس ... و من التمس رضا الناس بسخط الله , سخط الله عليه و أسخط عليه الناس"
* ابن حبان في صحيحه عن عائشة (رضى الله عنها) بلفظه , و الترمذى , و أبو نعيم في : الحلية بطريق معاوية ( رضى الله عنه)
أما إذا لم يستطع رد غيبة المسلم لسبب أو لآخر فليه القيام من هذا المجلس التزاماً لقول الله تعالى :
فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ النساء – 140
- إذا كان الباعث على الغيبة هو تزكية النفس عند الناس بتنقيص الغير :
فهو واهم في ذلك و ليسأل نفسه أولاً : هل زكاها عند الله؟؟؟؟
قال الله تعالى :قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا الشمس –9 , 10
كما أن تزكية النفس عند الناس من الأمور المحظورة و الله تبارك و تعالى يشير إلى ذلك :
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً* انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً النساء – 49 , 50
- إذا كان الباعث على الغيبة هو الحسد
فقد جمع المغتاب لنفسه عذاب الدنيا و الآخرة ...
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب"
* أبو داود 4903 عن أبى هريرة ( رضى الله عنه ) و ابن ماجه 4210 عن أنس ( رضى الله عنه)
الأعذار المبيحة للغيبة :
هناك أنواع من الغيبة يعفو الله عنها لضرورتها مع العلم أن الله خبير بما في الصدور و منها :
(1) التظلم
إن المباح للمتظلم أن يبين الظلم الذي يقع عليه حتى يصل إليه حقه ( مثل شكوته للقاضى)
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن لصاحب الحق مقالاً "
*متفق عليه ن أبى هريرة (رضى الله عنه)
(2) تغير المنكر و رد المعاصي إلى نهج الصلاح بالتصريح :
بشرط صدق النية و عدم المغالاة (كذكر الأم عيوب أولادها لأبيهم لإصلاح شأنهم)
(3) الاستفتاء لمعرقة الصواب :
مثل استفتاء هند بنت عتبة للنبي صلى الله عليه و سلم : "إن أبا سفيان رجل مسيك ....."
*متفق عليه عن عائشة (رضى الله عنها)
أي تشكو من إمساك زوجها و هل عليها إثم إن أخذت من ماله دون علمه .
4 التعريف بالشخص :
بذكر فيه أشتهر به مثل الأعور , الأسود , .... إن كنت لا تقصد التشهير و كان المعيوب لا يكره أن يذكر به مثل قوله تعالى :
عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَن جَاءَهُ الأَعْمَى عبس – 1 , 2
(5) تنبيه الناس و تذكيرهم :
حتى لا يقعوا فيما وقع فيه من تغتاب به كما حكى القرآن عن قارون و أمثاله .
(6) الأمانة في إبداء الرأي :
إذ أن المستشار مؤتمن , فإذا دعت الضرورة للتصريح بعيوب من يؤخذ برأيك فيه جاز ذلك (كأخذ رأى الخاطب للفتاه أو المشارك في تجارة)
(7) التحذير لمن يهمك أمره :
كما حدث في قصة يوسف , قال تعالى :
قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ يوسف – 5
تم بحمــــــــــــد الله و حوله و قوته
وأعوذ بالله من أن أذكركم ..... و أنسى !!
=======
منقول من منتدى حراس العقيدة
تعليق