الاساطير القديمه
فالكلمة حديثا تعني السطور او الاخبار القديمة المدونة المسطورة , ومنها تطورت لتصبح كلمة هـ - ستوريا العبرية التي اصبحت تعني التاريخ في عدة لغات.
في معنى كلمة اسطورة يقول محمد خليفة التونسي في صفحة لغة في مجلة العربي (( لكل كلمة مشتقة ( في العربية ) جانبان - مادتها - وصيغتها او وزنها- فمادتها تقوم على جذر يدل على المعنى العام الذي يجمع بين سائر المشتقات منه مثلا: ( الكلمات) كتب يكتب اكتب كاتب مكتوب كتاب , وسائر المشتقات التي تشاركها في مادتها على جذر واحد ( ك. ت. ب. ) …اما وزنها : فمن اوزان لغتنا العربية وزن (افعولة ) وجمعها ( افاعيل ) او ( افاعل ) احيانا . ومن السهل ان نعمد الى جذر ثلاثي فنشتق منه كلمة على هذا الوزن سواء كان الجذر صحيح الاخر او معتله فالجذور صحيحة الاواخر مثل ( حدث, سطر , طرح ) نصوغ منها ( افعولة ) هكذا : ( احدوثة ’ اسطورة , اطروحة ) اما معتل الاخر بالياء او الواو ( وهو ناقص ) مثل ( ضحى , لهو , هوى ) يصاغ منه على هذا الوزن فيقال ( اضحية , الهية او الهوة , اهوية -بضم الالف فيها جميعها ) لذلك فان كلمة اسطورة هي احد اشتقاقات الجذر الثلاثي س ط ر على وزن افعولة معناها اكتوبة وهي تفيد معنى الكتابة الموجودة على الالواح الحجرية المنتشرة في كل البلاد التي دخلت اليها الحضارة , ومن هنا ندرك معنى الاية الكريمة ( وقالوا اساطير الاولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة واصيلا ) , فان الكفار اتهموا محمد عليه الصلاة والسلام باعادة كتابة تلك الاساطير ( الاكتوبات ) , ولكنه بما انه لا يعرف القراءة والكتابة فهي تملى عليه بزعمهم , ويقوم باكتتابها بواسطة اناس اخرين ( اكتتبها ).
ان الاساطير القديمة التي تعود لسومر وبابل واكاد لم تكن ابدا اوهام للشعوب القديمة التي سبقتنا ولا اباطيل و لا قصص من الخيال ( كما يظن كثيرون ) بل هي قصص من صميم الحياة اليومية لهؤلاء الاقوام ، والذين اعطوها هذا الطابع الخيالي هم علماء القرون المتاخرة ( من القرن السابع عشر حتى العشرين ) الذين نسبوا الى هذه الاساطير ما نسجه خيالهم وما اعتقدوه حقيقة واقعة واننا لا نستطيع ان نلتمس حقيقة هذه الاساطير الا باعادتها الى اللغة العربية الفصحى ( او الى لغات قريبة منها فاللغات الاصلية التي كتبت بها هذه الاساطير انما لفظها يشبه لفظ العربية الفصحى وان اختلفت الكتابة ) .
ولتبيان ذلك بشكل صحيح اوردت بعض النماذج منها حيث أنني استطعت ايجاد معنى مفهوم لها لم يكن لعلماء الغرب ان يصلوا اليه لانهم يعالجون هذه القصص حسب معتقداتهم الخاصة , لا حسب معتقدات مطلقيها , ويتبين لنا بعد ذلك انها لم تعد بحاجة الى شرح الشراح او تفسير المفسرين ولا لخيال المتوهمين فهي جزء من واقع الحياة الانسانية وتاريخها .
ان قراءة الاساطير بشكل صحيح على اساس انها تعود الى العربية برموزها وأبطالها يوصلنا ايضا الى ضرورة تصحيح قراءة التاريخ بشكل علمي بعيدا عن المصالح السياسية الانية او المصالح التاريخية البعيدة في محاولة جادة للوصول الى الحقيقة والى عمق الحقيقة فقط .
ملحمة الخليقة البابلية
تتحدث ملحمة الخليقة البابلية حسب راي المؤرخين عن صراع بين الالهة ، ينتهي الى انتصار الاله مردوك عليها جميعا .
ان شخصيات هذه الملحمة تحمل معنى مختلف في اللغة العربية حيث تصبح ( المادة ) التي تكونت منها النجوم و المجرات و المجموعات الشمسية ، وصولا الى تكون الذرة و النواة و الالكترونات .
ان كاتب هذه الاسطورة لم يكن ليسطر تاريخ صراع الالهة بل صراع المادة الاولى التي تكون منها الكون باكمله :
تبدا الاسطورة بشخصيتين هما ( تيامات ) و ( ابسو ) الذان كانا وحدهما قبل ان يكون للسماوات و الارض اسم بعد .
ان تيامات هي ( طامة ) التي تعني القشرة الخارجية للكون .
أما ابسو فهو ( حبسو ) مادة الكون الحبيسة داخل ( طامة )
بعد ذلك ينشب صراع بين هاتان المادتان فيتكون منهم
لحمو لحامو ( المادة الملتحمة قبل ان تتحول الى مواد اخرى )
ينشأ ( ايا ) الذي معناه ( حيا - الحياة )
ثم يبرز ( انو ) الذي هو ( النوا - مفردها نواة ) و الذي نسميه البروتون .
ثم تظهر في الملحمة انوناكي ( انوا - نقي - النواة النقية ) او ما نسميه النيوترون .
أما ايكيكي ( ايجيجي - الاجيج ) او ( الحجيج ) او ما نسميه الالكترون ، فتظهر في الملحمة لتمثل دورها في التكوين .
ثم ينبثق مردوك ( مرجًُ - المرج ) الحقل الكهرو - مغناطيسي الذي يخترق ( طامة ) و يشقها الى نصفين ثم يقوم ( مردوك - مرج ) ويحدد لكل من هذه المواد اماكن تواجدها و مساراتها فتتشكل النجوم و الكواكب و المجرات .
هذه الاسطورة انما تشكل اهم المكتشفات الاثرية في التاريخ التي تتحدث بلغة عربية قديمة عن بداية تشكل الكون لذلك اطلق عليها كاتبها اسم - ملحمة الخليقة .
اسطورة الوحش الفيلسوف
وهذ الوحش الفيلسوف اسمه (اوانس ) في اسطورة الخلق البابلية , التي تدور فصولها بين (حيا) و(تيامات ) و( ايا ) و( مردوك).والتي اعتبرها العلماء شخصيات الهة تتصارع فيما بينها .
تقول الاسطورة (( لم يكن في البدء شيء سوى التخبط على غير هوى ولم يكن العالم حينئذ سوى (تيامات )الهة العماء . وبقيت تعيث على الارض فسادا الى ان اجتمعت كلمة كبار الالهة على محاربتها والقضاء عليها .
حدث ذلك في الاجتماع الذي دعت اليه (ايا ) ( واصلها حيا) اكبر الالهة سنا واكثرهم حنكة وابلغهم حرصة على وضع حد لفوضي (تيامات) ( واصلها طامة بمعنى الماء الذي يغمر الارض ) وفسادها.
قاد هذه الحرب عليها ( مردوك -مردك) ( واصلها مرج و معناها الحقل الكهرو مغناطيسي ) الذي ظن العلماء انه القمر الذي يتمتع بقوة خارقة وعزيمة لا تلين , فعمد الى الحيلة فدعا جميع الالهة الى وليمة وبعد ان اكلوا وشربوا وامتلاؤا افضى اليهم بخطته وشروطه وكانت الخمر ( عملية التخمر التي تسبق الحياة ) قد بلغت بهم فقبلوها ولم يناقشوا وكان ل(ايا) ما شاء ومنح ( مردوك ) ما طلب من سلطان .
لقد تمكن مردوك من ابادة تيامات فدفع عاصفة في فمها حتى اذا امتلاء جوفها وانفتح طعنها في بطنها طعنة نجلاء فانفجر ومن ثم قسم مردوك جثمان ( تيامات ) الى قسمين ( او الهواء والماء او انفصال ذرات الاوكسجين عن الهيدروجين اذا اعتبرنا انها من اصل - اتم ) فكانت الارض والسماء وشرع بعد ذلك يعجن الارض بدمائه ( بطميه- حيث يمكن ان تكون كلمة طم - أو دم تعبير مغلوط لكلمة طمي) فكان بنو الانسان )) , ولا بد ان نلفت النظر الى ان الانسان في نظر السومريين والبابليين والاشوريين ومن سبقهم متحدرا من جنة النعيم ولكنه بنظرهم ظل يعيش كالبهائم حتى جاء (اوانس ) ( ولفظها - انوش- انس من مصدر انسان ) الذي يسمونه الوحش الفيلسوف فعلمهم ورفع مستواهم فوق مستوى الوحوش.
هذه الاسطورة التي كما رأينا تعود رموزها الاساسية الى اللغة العربية الفصحى والتي نراها واضحة في اسماء اشخاصها ومعنى اسمائهم تشابه كثيرا في مضمونها مع فرق بسيط الفكر الدارويني الحديث الذي نشا بنتيجة العلوم الحديثة و توصل الى الاعتقاد به البعض فكانت كثرة العلوم على عقل الانسان تجعله يشذ عن القاعدة الاساسية لقصة ( ايا - حيا - الحياة ) فيتوصل الى ان الحياة خلقت نفسها بنفسها فسادت على الماء الاولى
( طامة ) وكان سبيلها لكي تسود هو الشمس ( مردوك ) , الذي استطاعت في الاسطورة ان تشق ( طامة - الماء ) الى قسمين ( البخار ) الذي ارتفع الى السماء و( الماء ) التي بقيت في الارض . والشبه العجيب ان
( دم -مردوك ) هو في الاصل ( الطمي الناتج عن حرارة الشمس التي بخرت قسما من الماء ) والتي تجعلها الاسطورة انسان هو في الحقيقة اصل الانسان الذي ظهر هكذا فجاة حسب نظرية داروين باشكال حيوانات قامت بتطوير نفسها حتى اصبحت انسان . ولم يكن باستطاعة البابليين و السومريين الذين تمرسوا في العلوم والفلك ان يتخيلوا ولو لبرهة ان شيئا ما يمكن ان يحدث لوحده او ان حاصل لاشيء + مع لا شيء يساوي= شيء.
لقد اعتقدوا مثل داروين القرن العشرين تقريبا بان الانسان لم يكن على سوية قويمة بل كان متوحشا قبل انتقاله الى مرحلة الانسانية والادمية التي عرفوها وخبروها ووجدوها مختلفة عن التوحش ووجوا ان انتقالها من التوحش الى الانسانية لا يتم هكذا بالصدفة بل لا بد له من معلم فعزوا ذلك الى ( الانسان الاول ) اوانس , الذي يسميه بعض العلماء اليوم ( حيوان النيادرتالي الذي تشبه عظامه عظم الانسان مع اختلاف في حجم الجمجمة ). وهذا من ناحية اخرى انما يوصلنا الى الظن ان الحضارات القديمة كان عندها مكتشفات عن احياء مشابهة للانسان وكانوا يدرسونها جيدا لكنهم لم يقتنعوا ن انتقالها الى الانسانية تم بالصدفة او بالتطور الذاتي بل بفعل خلق من خالق لهذه الشخصية الوسيطة التي سموها اوانس .
ان فكر داروين فكر قديم قدم الانسان نفسه فهو نموذج من هذا الانسان الذي يرفض احيانا فكرة الاله الواحد ( تفلسفا وتكبرا ) ثم يجد نفسه بعد ذلك يلهث وراء عدد من الالهات الصغار التي يتخيلها , ثم يجعل كل منها خادما مطيعا لدى اله واحد كبير.
يتبع
في معنى كلمة اسطورة يقول محمد خليفة التونسي في صفحة لغة في مجلة العربي (( لكل كلمة مشتقة ( في العربية ) جانبان - مادتها - وصيغتها او وزنها- فمادتها تقوم على جذر يدل على المعنى العام الذي يجمع بين سائر المشتقات منه مثلا: ( الكلمات) كتب يكتب اكتب كاتب مكتوب كتاب , وسائر المشتقات التي تشاركها في مادتها على جذر واحد ( ك. ت. ب. ) …اما وزنها : فمن اوزان لغتنا العربية وزن (افعولة ) وجمعها ( افاعيل ) او ( افاعل ) احيانا . ومن السهل ان نعمد الى جذر ثلاثي فنشتق منه كلمة على هذا الوزن سواء كان الجذر صحيح الاخر او معتله فالجذور صحيحة الاواخر مثل ( حدث, سطر , طرح ) نصوغ منها ( افعولة ) هكذا : ( احدوثة ’ اسطورة , اطروحة ) اما معتل الاخر بالياء او الواو ( وهو ناقص ) مثل ( ضحى , لهو , هوى ) يصاغ منه على هذا الوزن فيقال ( اضحية , الهية او الهوة , اهوية -بضم الالف فيها جميعها ) لذلك فان كلمة اسطورة هي احد اشتقاقات الجذر الثلاثي س ط ر على وزن افعولة معناها اكتوبة وهي تفيد معنى الكتابة الموجودة على الالواح الحجرية المنتشرة في كل البلاد التي دخلت اليها الحضارة , ومن هنا ندرك معنى الاية الكريمة ( وقالوا اساطير الاولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة واصيلا ) , فان الكفار اتهموا محمد عليه الصلاة والسلام باعادة كتابة تلك الاساطير ( الاكتوبات ) , ولكنه بما انه لا يعرف القراءة والكتابة فهي تملى عليه بزعمهم , ويقوم باكتتابها بواسطة اناس اخرين ( اكتتبها ).
ان الاساطير القديمة التي تعود لسومر وبابل واكاد لم تكن ابدا اوهام للشعوب القديمة التي سبقتنا ولا اباطيل و لا قصص من الخيال ( كما يظن كثيرون ) بل هي قصص من صميم الحياة اليومية لهؤلاء الاقوام ، والذين اعطوها هذا الطابع الخيالي هم علماء القرون المتاخرة ( من القرن السابع عشر حتى العشرين ) الذين نسبوا الى هذه الاساطير ما نسجه خيالهم وما اعتقدوه حقيقة واقعة واننا لا نستطيع ان نلتمس حقيقة هذه الاساطير الا باعادتها الى اللغة العربية الفصحى ( او الى لغات قريبة منها فاللغات الاصلية التي كتبت بها هذه الاساطير انما لفظها يشبه لفظ العربية الفصحى وان اختلفت الكتابة ) .
ولتبيان ذلك بشكل صحيح اوردت بعض النماذج منها حيث أنني استطعت ايجاد معنى مفهوم لها لم يكن لعلماء الغرب ان يصلوا اليه لانهم يعالجون هذه القصص حسب معتقداتهم الخاصة , لا حسب معتقدات مطلقيها , ويتبين لنا بعد ذلك انها لم تعد بحاجة الى شرح الشراح او تفسير المفسرين ولا لخيال المتوهمين فهي جزء من واقع الحياة الانسانية وتاريخها .
ان قراءة الاساطير بشكل صحيح على اساس انها تعود الى العربية برموزها وأبطالها يوصلنا ايضا الى ضرورة تصحيح قراءة التاريخ بشكل علمي بعيدا عن المصالح السياسية الانية او المصالح التاريخية البعيدة في محاولة جادة للوصول الى الحقيقة والى عمق الحقيقة فقط .
ملحمة الخليقة البابلية
تتحدث ملحمة الخليقة البابلية حسب راي المؤرخين عن صراع بين الالهة ، ينتهي الى انتصار الاله مردوك عليها جميعا .
ان شخصيات هذه الملحمة تحمل معنى مختلف في اللغة العربية حيث تصبح ( المادة ) التي تكونت منها النجوم و المجرات و المجموعات الشمسية ، وصولا الى تكون الذرة و النواة و الالكترونات .
ان كاتب هذه الاسطورة لم يكن ليسطر تاريخ صراع الالهة بل صراع المادة الاولى التي تكون منها الكون باكمله :
تبدا الاسطورة بشخصيتين هما ( تيامات ) و ( ابسو ) الذان كانا وحدهما قبل ان يكون للسماوات و الارض اسم بعد .
ان تيامات هي ( طامة ) التي تعني القشرة الخارجية للكون .
أما ابسو فهو ( حبسو ) مادة الكون الحبيسة داخل ( طامة )
بعد ذلك ينشب صراع بين هاتان المادتان فيتكون منهم
لحمو لحامو ( المادة الملتحمة قبل ان تتحول الى مواد اخرى )
ينشأ ( ايا ) الذي معناه ( حيا - الحياة )
ثم يبرز ( انو ) الذي هو ( النوا - مفردها نواة ) و الذي نسميه البروتون .
ثم تظهر في الملحمة انوناكي ( انوا - نقي - النواة النقية ) او ما نسميه النيوترون .
أما ايكيكي ( ايجيجي - الاجيج ) او ( الحجيج ) او ما نسميه الالكترون ، فتظهر في الملحمة لتمثل دورها في التكوين .
ثم ينبثق مردوك ( مرجًُ - المرج ) الحقل الكهرو - مغناطيسي الذي يخترق ( طامة ) و يشقها الى نصفين ثم يقوم ( مردوك - مرج ) ويحدد لكل من هذه المواد اماكن تواجدها و مساراتها فتتشكل النجوم و الكواكب و المجرات .
هذه الاسطورة انما تشكل اهم المكتشفات الاثرية في التاريخ التي تتحدث بلغة عربية قديمة عن بداية تشكل الكون لذلك اطلق عليها كاتبها اسم - ملحمة الخليقة .
اسطورة الوحش الفيلسوف
وهذ الوحش الفيلسوف اسمه (اوانس ) في اسطورة الخلق البابلية , التي تدور فصولها بين (حيا) و(تيامات ) و( ايا ) و( مردوك).والتي اعتبرها العلماء شخصيات الهة تتصارع فيما بينها .
تقول الاسطورة (( لم يكن في البدء شيء سوى التخبط على غير هوى ولم يكن العالم حينئذ سوى (تيامات )الهة العماء . وبقيت تعيث على الارض فسادا الى ان اجتمعت كلمة كبار الالهة على محاربتها والقضاء عليها .
حدث ذلك في الاجتماع الذي دعت اليه (ايا ) ( واصلها حيا) اكبر الالهة سنا واكثرهم حنكة وابلغهم حرصة على وضع حد لفوضي (تيامات) ( واصلها طامة بمعنى الماء الذي يغمر الارض ) وفسادها.
قاد هذه الحرب عليها ( مردوك -مردك) ( واصلها مرج و معناها الحقل الكهرو مغناطيسي ) الذي ظن العلماء انه القمر الذي يتمتع بقوة خارقة وعزيمة لا تلين , فعمد الى الحيلة فدعا جميع الالهة الى وليمة وبعد ان اكلوا وشربوا وامتلاؤا افضى اليهم بخطته وشروطه وكانت الخمر ( عملية التخمر التي تسبق الحياة ) قد بلغت بهم فقبلوها ولم يناقشوا وكان ل(ايا) ما شاء ومنح ( مردوك ) ما طلب من سلطان .
لقد تمكن مردوك من ابادة تيامات فدفع عاصفة في فمها حتى اذا امتلاء جوفها وانفتح طعنها في بطنها طعنة نجلاء فانفجر ومن ثم قسم مردوك جثمان ( تيامات ) الى قسمين ( او الهواء والماء او انفصال ذرات الاوكسجين عن الهيدروجين اذا اعتبرنا انها من اصل - اتم ) فكانت الارض والسماء وشرع بعد ذلك يعجن الارض بدمائه ( بطميه- حيث يمكن ان تكون كلمة طم - أو دم تعبير مغلوط لكلمة طمي) فكان بنو الانسان )) , ولا بد ان نلفت النظر الى ان الانسان في نظر السومريين والبابليين والاشوريين ومن سبقهم متحدرا من جنة النعيم ولكنه بنظرهم ظل يعيش كالبهائم حتى جاء (اوانس ) ( ولفظها - انوش- انس من مصدر انسان ) الذي يسمونه الوحش الفيلسوف فعلمهم ورفع مستواهم فوق مستوى الوحوش.
هذه الاسطورة التي كما رأينا تعود رموزها الاساسية الى اللغة العربية الفصحى والتي نراها واضحة في اسماء اشخاصها ومعنى اسمائهم تشابه كثيرا في مضمونها مع فرق بسيط الفكر الدارويني الحديث الذي نشا بنتيجة العلوم الحديثة و توصل الى الاعتقاد به البعض فكانت كثرة العلوم على عقل الانسان تجعله يشذ عن القاعدة الاساسية لقصة ( ايا - حيا - الحياة ) فيتوصل الى ان الحياة خلقت نفسها بنفسها فسادت على الماء الاولى
( طامة ) وكان سبيلها لكي تسود هو الشمس ( مردوك ) , الذي استطاعت في الاسطورة ان تشق ( طامة - الماء ) الى قسمين ( البخار ) الذي ارتفع الى السماء و( الماء ) التي بقيت في الارض . والشبه العجيب ان
( دم -مردوك ) هو في الاصل ( الطمي الناتج عن حرارة الشمس التي بخرت قسما من الماء ) والتي تجعلها الاسطورة انسان هو في الحقيقة اصل الانسان الذي ظهر هكذا فجاة حسب نظرية داروين باشكال حيوانات قامت بتطوير نفسها حتى اصبحت انسان . ولم يكن باستطاعة البابليين و السومريين الذين تمرسوا في العلوم والفلك ان يتخيلوا ولو لبرهة ان شيئا ما يمكن ان يحدث لوحده او ان حاصل لاشيء + مع لا شيء يساوي= شيء.
لقد اعتقدوا مثل داروين القرن العشرين تقريبا بان الانسان لم يكن على سوية قويمة بل كان متوحشا قبل انتقاله الى مرحلة الانسانية والادمية التي عرفوها وخبروها ووجدوها مختلفة عن التوحش ووجوا ان انتقالها من التوحش الى الانسانية لا يتم هكذا بالصدفة بل لا بد له من معلم فعزوا ذلك الى ( الانسان الاول ) اوانس , الذي يسميه بعض العلماء اليوم ( حيوان النيادرتالي الذي تشبه عظامه عظم الانسان مع اختلاف في حجم الجمجمة ). وهذا من ناحية اخرى انما يوصلنا الى الظن ان الحضارات القديمة كان عندها مكتشفات عن احياء مشابهة للانسان وكانوا يدرسونها جيدا لكنهم لم يقتنعوا ن انتقالها الى الانسانية تم بالصدفة او بالتطور الذاتي بل بفعل خلق من خالق لهذه الشخصية الوسيطة التي سموها اوانس .
ان فكر داروين فكر قديم قدم الانسان نفسه فهو نموذج من هذا الانسان الذي يرفض احيانا فكرة الاله الواحد ( تفلسفا وتكبرا ) ثم يجد نفسه بعد ذلك يلهث وراء عدد من الالهات الصغار التي يتخيلها , ثم يجعل كل منها خادما مطيعا لدى اله واحد كبير.
يتبع
تعليق