نبدأ بمقدمة بسيطة...
منذ القرن السابع عشر و حتى القرن العشرين فقد العلم شفافيته, و راح ينأى مبتعدا عن كل همسة روحية أو لمسة شاعرية للكون, و التصق أكثر بأقسى جوانب الطبيعة صلابة, و بأكثر قوى العقل البشري بعدا عن المواهب الحدسية النافذة إلى صميم الأشياء. كان لتلك الرؤية نتائج فلسفية وخيمة على الإنسانية, لأنها جمدت عواطف الإنسان و أغلقت منافذه الروحية بجدر صلبة, فأفقدته طابعه الإنساني الحقيقي, فكان لذلك انعكاسات نفسية سلوكية, نما في إطارها الدافع العدواني المدفوع بميول حب الذات الموجهة باقتصاديات السوق و حب الثراء السريع على حساب القيم الروحية التي بدأت تتراجع مكانتها في نفسية الإنسانية, و حلت محلها قيم الليبرالية, التي تفتقر إلى أي أسلوب أو آليات لمعالجة الانحراف الإنساني و أيقاف قتل الإنسان لأخيه.
علم الساي من العلوم الجديدة التي ظهرت على الساحة العلمية, و الأسم الشائع لهذا الحقل هو الباراسيكولوجي, و يسميه بعضهم السيكوترونيك, و القوة الأساسية التي يفترض أنها تسبب ظواهره تسمى قوة ساي. تظهر قوة ساي بأشكال متعددة, فهي في بعض الأحيان تتخذ شكل قوة إدراكية كالتخاطر, و الجلاء البصري ( الاستشفاف ), تنبؤ بالمستقبل و أحيانا تتخذ شكل التأثير على الأشياء المادية بكل أشكالها. و القوة الإدراكية لساي هي نوع من الأنصال بين الأحياء على شكل تخاطر, أو بين الأحياء و البيئة على شكل استشفاف ( جلاء بصري ), و قد يأتي التخاطر و الجلاء البصري على شكل تنبؤ بالأحداث قبل وقوعها.
يهدف بحثنا إلى إيضاح طبيعة الدليل الذي يقدمها الباراسيكولوجي لإثبات واقعية ظواهر ساي, و للتأكيد علميا و فلسفيا أن ليس كل المتنبئين موهوبين حقيقة, بل يدخل ضمنهم المشعوذون و الدجالون و السحرة, علما أن السحر لا يدخل في أطار القوى أو الملكات الباراسيكولوجية, و أن الباراسيكولوجي كأي علم آخر انتزع نفسه من ركام هائل من الظواهر المختلفة و أعمال السحر و الكهانة بفضل الطريقة العلمية و التحقيق التجريبي.
تعليق