(1)
أطفال متوحشون ...feral child
هم أطفال شاءت الأقدار أن لا يتذوقوا طعم العاطفة الإنسانية، لم يجدوا حضن الأم والأب فغدت حياتهم صعبة وقاسية ... أطفال بعمر الزهور قامت على تربيتهم الحيوانات! .. من منا لم يسمع بطرزان ؟ .. ومن منا لم يشاهد ماوكلي الفتى الذي ربته الذئاب ؟ .. قد نسخر من تلك القصص .. طفل ربته الذئاب! .. يا له من شيء مضحك .. لكن الم نتساءل يوما عن حقيقة تلك القصص ؟ .. ألم يدفعنا الفضول للتفكير في إمكانية وجود أطفال نشئوا في البرية حقا من دون أي احتكاك بالبشر ؟ .. ستعرفون الجواب قريبا، وستعلمون بأن الحيوانات ربما تكون أكثر حنانا ورقة بالنسبة لبعض الناس من أبناء جلدتهم .. تابعو القراءة وستصيبكم الدهشة من هذه قصص التي سنرويها لكم .. قصص قد لا تتخيلون حدوثها سوى في الأفلام الخيالية.
القصة الأولى : الطفل الغزال
حدثت هذه القصة في عام 1946، بطلها كان فتى عمره ما يقارب العشر سنوات، هذه القصة حدثت في الصحراء السورية العراقية، فبينما كان بعض الصيادين يحاولون صيد بعض الغزلان الصحراوية لفت نظرهم وجود إنسان عاري يركض مع الغزلان ويجاريها في السرعة.
أهمل الصيادون موضوع الغزلان ووضعوا الطفل نصب أعينهم واستمرت المطاردة لساعات، ولولا تدخل سيارة جيب عسكرية عراقية ما كانوا امسكوه.
تم تقييد يدي وقدمي الفتى وأخذ إلى دمشق حيث تم رميه في أحد دور الرعاية السيئة الصيت فهرب الفتى في عام 1955 إلى شوارع دمشق وتم استغلاله بطريقة مقرفة حيث كان يعطى بعض النقود، وهو حتى لا يعلم ما هي، لكي يسابق سيارة الأجرة. فالفتى كانت له بنية قوية جدا، وسرعة قدرها العلماء الغربيون بخمسين ميلا في الساعة .. غزال حقيقي ..
الفتى هرب من دار الرعاية كما أسلفت، وعندما تم القبض عليه تم منعه من الهرب مجددا، والطريقة التي تم منعه بها لن أقولها لكم لكي لا اجرح ضمائركم الحية، لكن يكفيني أن أقول لكم بأنها طريقة يندى لها الجبين .. وهكذا فقد انقطعت أخباره وأصبح مصيره مجهولا.
أخيرا فلا أحد يعلم على وجه الدقة لماذا عاش ذلك الفتى في البرية مع الغزلان، يقال بأن أهل الفتى نبذوه في الصحراء منذ مولده فتعهدت الغزلان تربيته .. ولو كانوا قد تركوه بين الغزلان لكان وضعه أفضل .. فالغزلان على ما يبدو أرحم بكثير من بعض القلوب البشرية التي تجردت من أية عاطفة ورحمة.
القصة الثانية : جون سسيبونيا
هذه القصة حدثت في أوغندا عام 1991، وقد بدأت فصولها بالعثور على طفل في السادسة من عمره يعيش في الغابة مع القرود.
جون المسكين فر إلى الغابة حين كان في الثالثة من عمره، لم يحتمل قلبه الصغير المنظر المرعب حين رأى والده يقتل أمه فهرع الى الغابة وكأنه فقد الثقة بجنس البشر ..
طفل تقتل أمه أمام ناظريه .. ما أصعبه من موقف .. لكن رحمة الله أوسع من رحمة البشر، وقد قيضت للطفل المسكين رعاية نوع من القرود الأوغندية التي تدعى فيرفت، والتي بدلا من أن تقوم بقتله، كما تفعل القرود عادة مع أطفال البشر، قامت بضمه إلى مجموعتها وربته كأنه أحد أطفالها.
وبعد أن أمضى ثلاثة أعوام مع القرود تم إيجاد جون من قبل فتاة تدعى (مايلي) والتي فشلت بالإمساك به لوحدها فعادت وأحضرت معها رجال اقوياء .. وحتى مع وجود هؤلاء الرجال فأن مهمة الإمساك بجون لم تكن سهلة، إذ قاومهم جون واستبسلت القرود في الدفاع عنه برمي العصي والحجارة على المهاجمين كما تفعل عادة عند الدفاع عن أحد أفراد مجموعتها. لكن برغم كل المقاومة التي أبدتها القرود تم الإمساك بجون في النهاية، وعلى العكس من القصة السابقة فقد تم الاعتناء بجون بطريقة جيدة وتلقى معاملة رائعة فجرى علاجه من فرط نمو الشعر في جميع أنحاء جسمه، ومن الديدان التي كانت تتطفل على أمعاءه.
وأخيرا قامت إحدى دور الرعاية الجيدة في أوغندا بتبنيه، وبالتدريج أعادوه إلى الطبيعة والبنية الإنسانية، فعلموه الكلام بعد أن كان أعجما كالحيوانات، ليس هذا فحسب .. فجون الذي كان يعيش ويصرخ مع القرود في الغابة أصبح اليوم يغني في جوقة لؤلؤة إفريقيا للأطفال.
القصة الثالثة : الفتى الطائر من روسيا
عثر على هذا الفتى عام 2008 ، وكان في السابعة من عمره آنذاك. الغريب أن هذا الطفل وعلى العكس من أبطال قصصنا السابقة لم يظل طريقه في الغابة أو الصحراء .. بل ضاع في بيته!.
كانت أمه محبة للطيور، مدمنة على تربيتها، ماهرة في التعامل معها .. لكن تلك الأم - والتي لا تستحق وصف الأم - تعاملت مع ابنها معاملة الطيور، فالفتى منذ مولده وهو محتجز في العلية مع الطيور، كانت أمه توصل إليه طعامه وغذاءه، لكنها لم تتحدث معه في حياتها، ولم تخرجه من المنزل .. الطفل المسكين لم يرى أبناء جلدته وأشرفت على تربيته الطيور فتعلم لغتها ولم يتعلم لغة البشر ولم يعد يفكر كالبشر ..
انه طائر على شكل إنسان! ..
وبعد أن أكتشف أحد العاملين بمجال الرعاية هذا الطفل قامت الأم بالتنازل عنه وجرى تحويله فورا للعلاج النفسي .
فى النهاية من قال بأن الحيوانات لا تفهم ؟ ..
ومن قال بأنها ملبدة الحس وخالية من الشعور ؟ ..
ألم تكن أرحم على أطفال البشر من البشر أنفسهم ؟ ..
أنظر إلى هذه القصص جيدا وتمعن في حكمة الخالق .. إنها معجزة ربانية .. قد لا تدركها لأنك ربما لم ترزق بأطفال ولا تعلم جيدا ماهية تربيتهم .. لكن كل أم غيورة ستدرك فورا حجم الإعجاز في هذه القصص .. لأنها تعلم علم اليقين كم هي مرهقة ودقيقة وحساسة عملية تربية الأطفال ورعايتهم حتى يبلغوا أشدهم، وتدرك حتما حجم الظلم الذي تعرض له هؤلاء المساكين الصغار
يتبع
تعليق