الحصان الذكي ... المثقف!!
ما هو مستوى ذكاء الحيوانات؟
هل يمكنها ان تفكر و تفهم مثل البشر؟
لقد قرأنا في القران الكريم عن قصة نبي الله سليمان مع الهدهد و مع النمل و التي تؤكد بأن الحيوانات تعي و تفهم ما يجري حولها.
و لكن ما رأيكم بقصة حصان يمكنه حل المسائل الرياضية و قراءة الكلمات!!
هل يمكن لهذا ان يحصل في غير القصص الخيالية ؟
هذه قصة حقيقية عن الحصان هانز الذكي (Clever Hans) و الذي حير العلماء في زمانه و اترك لك الحكم على قضيته.
في الصورة الى اليمين الحصان هانز و قد تجمع حوله الجمهور لمشاهدة مواهبه العلمية
اما الى اليسار في الاعلى فمعلمه فون اوستن و هو يعلمه على القراءة
و في الاسفل الاستاذ اوسكار و هو يجري اختباراته على الحصان.
في اواخر القرن التاسع عشر كان هناك عالم رياضيات الماني يدعى وليم فون اوستن
مهتم في مسألة دراسة الذكاء و القدرات العقلية و خصوصا لدى الحيوانات
و قد جلبت هذه الابحاث له الشهرة الواسعة فقد كان فون اوستن يعتقد بشدة ان البشرية
قد ابخست بشكل كبير من مهارات التفكير و الذكاء لدى الحيوانات
و لكي يثبت فرضيته الانفة الذكر فقط قرر ان يقوم بتجارب لتعليم الحيوانات الرياضيات!!
و قد بدأ تجاربه مع ثلاثة حيوانات , قطة و حصان عربي و دب.
بالنسبة للقطة فقط اظهرت لا مبالاة بما يحاول الاستاذ فون اوستن تعليمها اياه
و اما الدب فقد كان كارها و رافضا لعلم الرياضيات كليا
و لكن الحصان العربي الذي كان اسمه هانز اظهر بعض القدرات الواعدة و مع المزيد من التمارين
فقد تعلم الحصان هانز بأن يضرب الارض بحافره لكي يخبر استاذه عن العدد المكتوب على السبورة
فمثلا اذا كتب فون اوستن رقم ثلاثة على السبورة
فأن هانز يقوم بضرب الارض بحافره ثلاثة مرات و كانت نتائج قرأته للارقام
صحيحة مادام العدد اقل من العشرة.
مع هذه النجاحات فقد اشتد حماس فون اوستن و حاول دفع تلميذه الواعد الى الامام
فقام بكتابة بعض المسائل الرياضية الاكثر تعقيدا على السبورة
و نجح بتعليم الحصان على فهم ما تعنيه الرموز و العلامات الرياضية
حتى ان هانز بدأ يعطي الاجوبة الصحيحة لبعض المسائل مثل الجذور و الكسور الرقمية ,
لقد اثبت هانز بأنه حصان ذكي حقا.
"اذا كان اليوم الثلاثاء يصادف الاول من الشهر فماذا يصادف يوم الاحد من الاسبوع اللاحق ؟"
سأل فون اوستن الحصان هانز امام الجمهور فيجيب هذا الاخير بست ضربات للارض بحافره ,
"طيب ما هو الجذر التربيعي للرقم ستة عشر؟"
و الجواب هو اربعة ضربات للارض من هانز الحصان ,
و ازداد تعجب جمهور الحاضرين عندما اخبرهم فون اوستن بأن الحصان هانز
يستطيع ايضا قراءة الاسماء و الحروف , فضربة واحدة للارض بحافره تعني حرف (أ) اما ضربتان فتعني (ب) و هلم جرا , و بهذه الطريقة استطاع هانز من تلفظ بعض الاسماء التي يعرفها
كما انه كان بارعا في حل بعض المسائل الرياضية البسيطة مثل الجمع و الطرح
كما انه يستطيع ان يخبرك بدقة عن رقم اليوم من الشهر!!
و رغم انه كان يخطأ في الاجابة احيانا الا ان نسبة الاجابات الصحيحة
كانت تساوي 90% من الاسئلة المطروحة ,
و حسب بعض التقديرات فأن قدرات الحصان هانز الرياضية كانت
تعادل قدرات فتى في الرابعة عشر من عمره.
مع ازدياد شهرة هانز , خاصة بعد ان كتبت عنه جريدة النيويورك تايمز في صفحتها الرئيسية ,
ازدادت ايضا شكوك بعض العلماء و الباحثين في وجود خدعة ما في الامر
فطلبت هيئة التعليم الالمانية الى القيام ببحث و تقصي مستقل لقدرات الحصان هانز العلمية
و قد وافق الاستاذ فون اوستن كونه رجل علم على هذا الطلب خاصة
و هو متأكد جيدا من قدرات حصانه العجيبة.
وقد ضمت لجنة تقصي الحقيقة اثنان من علماء الحيوان
و عالم نفسي و مربي احصنة و عدد من اساتذة المدارس بالأضافة لمدير سيرك ,
و قد قامت الهيئة بعمل اختبار شامل لقدرات الحصان هانز و خلصت اللجنة عام 1904
الى انه ليس هناك اي خدعة او تحايل في قدرات الحصان هانز العلمية
و ان اجاباته المشفرة بضربات الحوافر كانت حقيقية و صحيحة.
ثم قامت اللجنة بتحويل تحقيقها الى الاستاذ اوسكار فيونكست و هو عالم سايكولجي
و الذي كان يملك بعض الافكار و الخطط لفك لغز الحصان هانز
و قد قام بنصب خيمة كبيرة للقيام بالاختبارات داخلها
و حتى يبعد اي تأثيرات خارجية يمكن ان تؤثر على اجابات الحصان
كما انه قام بوضع اسئلة كثيرة و متنوعة تختلف اجاباتها بشكل دقيق
حتى يستطيع معرفة قدرة الحصان هانز على تشخيص المتغيرات التي تمرر اليه.
كان الحصان هانز يجيب على الاسئلة بصورة جيدة عندما تطرح عليه من قبل استاذه فون اوستن
و كان يعطي اجوبة دقيقة و صحيحة للاسئلة التي تطرح عليه من قبل الاخرين
ايضا و لكن عندما يطلب الاستاذ اوسكار من فون اوستن معلم هانز الابتعاد عن مكان الاختبار
فأن شيئا غريبا يحصل و هو ان دقة و صحة الاجوبة التي يعطيها الحصان تنخفض بعض الشيء.
في النهاية فقد توصل الاستاذ اوسكار الى نتيجتين مهمتين
و هي انه في حالة ان يكون الشخص الذي يطرح السؤال لا يعرف هو نفسه الاجابة عليه
فان دقة اجابة الحصان هانز تنخفض الى الصفر تقريبا
و الامر الاخر هو في حالة ان يخفي طارح السؤال نفسه فأن قدرة الحصان هانز
كانت تختفي ايضا كأنما حجب الجواب عنه.
كما توصل الى ان محاصرة الحصان بأسئلة لا يمكنه الاجابة عليها
يؤدي به الى ضرب الارض بصورة مستمرة.
استمر الاستاذ اوسكار بتجاربه مع التشديد على ملاحظة تفاعل الناس مع هانز ,
و قد لاحظ بسرعة ان طريقة تنفس او جلوس او تعابير وجه الشخص
الذي يوجه السؤال الى هانز تؤثر و بشكل لا ارادي على ضربات حوافر الحصان في كل مرة ,
فعلى سبيل المثال في كل مرة يضرب هانز الارض بحافره و عند وصوله الى الضربة الصحيحة
على السؤال فأن تعبيرات وجه الشخص الموجه للسؤال تتغير و لو بشكل طفيف جدا
و التي كما يبدو فأن الحصان يأخذها على انها علامة للتوقف عن ضرب الارض بحافره
و لهذا السبب فأن الحصان كان لا يعطي اجابة صحيحة للأسئلة
عندما يكون من يوجهها له جاهلا بحلها الصحيح او محجوبا عنه.
في الحقيقة نتيجة الاختبار خلصت بأن الحصان هانز لم تكن لديه علاقة بعلم الرياضيات
و لكنه على الاغلب كان يعطي الاجوبة اعتمادا على التعبيرات و الحركات اللاارادية للشخص
الذي يلقي عليه السؤال فعلى ما يبدوا فأن الحصان هانز كان يستخدم قدرته
التي تملكها الكثير من الحيوانات الاخرى على الفهم او التواصل مع لغة الجسد
او تعبيرات الوجوه لدى الاخرين و التي يمكن ملاحظتها على تصرف بعض الحيوانات
فيما بينها من المداعبة لصغارها او التغزل بأناثها او نقل المعلومات البسيطة
بواسطة حركة معينة للجسد كما في الكلاب على سبيل المثال التي تستجيب لاوامر اصحابها
عن طريق ملاحظة حركات ايديهم كما انها توصل ما تريد ان تخبرهم به عن طريق بعض الحركات.
و بعد ان توصل الاستاذ اوسكار الى هذه النتيجة فقد قام هو شخصيا
بمحاولة تقليد الحصان هانز فكان يطلب من الاشخاص توجيه الاسئلة اليه شخصيا
و يجيب عن طريق ضرب الارض بقدمه تماما كما يفعل الحصان هانز و في نفس الوقت
يقوم بتدقيق النظر الى وجه او حركات الشخص طارح السؤال
و لشدة تعجبه فقد لاحظ ان الاشخاص الذين يوجهون الاسئلة
لم يكونوا قادرين على السيطرة على تعابيرهم عند
يصل بضربات قدمه على الارض الى الاجابة الصحيحة
حتى لو كانوا على علم مسبقا من ان المجيب يبني اجابته على اساس
هذه التعابير و الحركات البسيطة.
و في السنوات اللاحقة فقد توصل العلماء الى ان هناك العديد من الحيوانات
التي تكون حساسة للتعابير و الحركات التي تصدر من اصحابها ,
و اليوم , مصطلح "تأثيرات هانز الذكي" يستخدم لوصف تأثيرات التعابير
او الاشارات اللاارادية للسائلين على الاجوبة التي يحصلون عليها ,
سواء لدى الانسان او الحيوان. لقد اكتشف العلماء لاحقا ان بعض الحيوانات
كالكلاب و الخيول تستطيع حتى تمييز دقات القلب للانسان.
بالنسبة الى الاستاذ فون اوستن فأنه لم يقتنع ابدا بالنتائج التي توصل اليها الاستاذ اوسكار
و لذلك استمر هو و حصانه الذكي هانز بمتابعة دروسهم الرياضية و القيام بجولات
لعرضها على الجمهور في مختلف انحاء المانيا و التي كانت تجتذب عدد كبير من الجمهور و المتفرجين ,
و على الرغم من ان هانز المسكين كان يفتقد الى اي معرفة لعلم الرياضيات
و اي ميل لتعلم الالمانية (حسب استنتاج الاستاذ اوسكار)
و لكن قدرته البارعة في الضحك على ذقون المغفلين من الاشخاص
الذين كانوا يتجمهرون لمشاهدة استعراضاته يستحق عليها حقا لقب هانز الذكي.
اذن هل انتهت القصة هنا , كلا كالعادة , في عام 1909 توفى فون اوستن
و انتقلت ملكية الحصان هانز الى شخص اخر اسمه كارل كارل
و هو جواهري من مدينة البيرفيلد و قد قرر السيد كارل بمتابعة اعطاء الدروس للحصان هانز
و لكنه ذهب ابعد من ذلك ايضا , فقد قام بتعليم اربعة خيول اخرى على الحساب و القراءة
و كانت المفاجأة الكبرى للعلماء ان اثنان من هذه الخيول كانوا عميان اي يفتقدون لحاسة البصر
و لا يمكنهم تمييز اي اشارات او تعابير على الشخص الذي يلقي السؤال
و لكنهما كانا يعطيان الاجابة الصحيحة و بسرعة كما تفعل الخيول الاخرى الصحيحة البصر؟؟!!.
حتى الاستاذ اوسكار نفسه فقد اعترف ان استنتاجاته ليست فوق الانتقادات او صحيحة 100%
فكتب في احدى المقالات عام 1911 ما يأتي :
" البعض يقولون بأن الحصان تم تعليمه خلال الاختبارات على الاستجابة لردات افعالنا و تعابيرنا
من دون السماح له بأستخدام قدرته المستقلة في التفكير
و ان الحصان كان قبل ذلك فعلا يتمكن من العد و الحساب
و انه ببساطة اصبح معتادا على العادة السيئة لتتبع تعابيرنا و اشاراتنا
و لو كان الحصان فعلا يعتمد على التعابير فأنه سيحصل دائما على الجواب الصحيح
و لكن المشكلة بأن لا فون اوستن و لا انا حصلنا دائما على الاجوبة من دون اخطاء؟"
البعض لا زالوا يصرون على نظرية الاستاذ اوسكار و التي تقول ان الحصان يستنبط اجوبته
من التعابير التي تظهر على ملقي السؤال و لكن ماذا عن الاحصنة العمياء؟؟
هناك نظرية اخرى و ان كانت غير معتمدة من قبل العلماء ,
هذه النظرية يقودها الباحثين في مجال الباراسايكولوجي او علم القدرات الخارقة و ما وراء الطبيعة
و تقول هذه النظرية بأن بعض الحيوانات تملك القدرة على التخاطر عن بعد
اي قرأة افكار الشخص المقابل للحصول على الاجابة الصحيحة
و هناك بالإضافة الى هؤلاء مجموعة تظن بأن الحيوانات يمكنها حقا تعلم الحساب و الكتابة.
هل يمكنها ان تفكر و تفهم مثل البشر؟
لقد قرأنا في القران الكريم عن قصة نبي الله سليمان مع الهدهد و مع النمل و التي تؤكد بأن الحيوانات تعي و تفهم ما يجري حولها.
و لكن ما رأيكم بقصة حصان يمكنه حل المسائل الرياضية و قراءة الكلمات!!
هل يمكن لهذا ان يحصل في غير القصص الخيالية ؟
هذه قصة حقيقية عن الحصان هانز الذكي (Clever Hans) و الذي حير العلماء في زمانه و اترك لك الحكم على قضيته.
في الصورة الى اليمين الحصان هانز و قد تجمع حوله الجمهور لمشاهدة مواهبه العلمية
اما الى اليسار في الاعلى فمعلمه فون اوستن و هو يعلمه على القراءة
و في الاسفل الاستاذ اوسكار و هو يجري اختباراته على الحصان.
في اواخر القرن التاسع عشر كان هناك عالم رياضيات الماني يدعى وليم فون اوستن
مهتم في مسألة دراسة الذكاء و القدرات العقلية و خصوصا لدى الحيوانات
و قد جلبت هذه الابحاث له الشهرة الواسعة فقد كان فون اوستن يعتقد بشدة ان البشرية
قد ابخست بشكل كبير من مهارات التفكير و الذكاء لدى الحيوانات
و لكي يثبت فرضيته الانفة الذكر فقط قرر ان يقوم بتجارب لتعليم الحيوانات الرياضيات!!
و قد بدأ تجاربه مع ثلاثة حيوانات , قطة و حصان عربي و دب.
بالنسبة للقطة فقط اظهرت لا مبالاة بما يحاول الاستاذ فون اوستن تعليمها اياه
و اما الدب فقد كان كارها و رافضا لعلم الرياضيات كليا
و لكن الحصان العربي الذي كان اسمه هانز اظهر بعض القدرات الواعدة و مع المزيد من التمارين
فقد تعلم الحصان هانز بأن يضرب الارض بحافره لكي يخبر استاذه عن العدد المكتوب على السبورة
فمثلا اذا كتب فون اوستن رقم ثلاثة على السبورة
فأن هانز يقوم بضرب الارض بحافره ثلاثة مرات و كانت نتائج قرأته للارقام
صحيحة مادام العدد اقل من العشرة.
مع هذه النجاحات فقد اشتد حماس فون اوستن و حاول دفع تلميذه الواعد الى الامام
فقام بكتابة بعض المسائل الرياضية الاكثر تعقيدا على السبورة
و نجح بتعليم الحصان على فهم ما تعنيه الرموز و العلامات الرياضية
حتى ان هانز بدأ يعطي الاجوبة الصحيحة لبعض المسائل مثل الجذور و الكسور الرقمية ,
لقد اثبت هانز بأنه حصان ذكي حقا.
"اذا كان اليوم الثلاثاء يصادف الاول من الشهر فماذا يصادف يوم الاحد من الاسبوع اللاحق ؟"
سأل فون اوستن الحصان هانز امام الجمهور فيجيب هذا الاخير بست ضربات للارض بحافره ,
"طيب ما هو الجذر التربيعي للرقم ستة عشر؟"
و الجواب هو اربعة ضربات للارض من هانز الحصان ,
و ازداد تعجب جمهور الحاضرين عندما اخبرهم فون اوستن بأن الحصان هانز
يستطيع ايضا قراءة الاسماء و الحروف , فضربة واحدة للارض بحافره تعني حرف (أ) اما ضربتان فتعني (ب) و هلم جرا , و بهذه الطريقة استطاع هانز من تلفظ بعض الاسماء التي يعرفها
كما انه كان بارعا في حل بعض المسائل الرياضية البسيطة مثل الجمع و الطرح
كما انه يستطيع ان يخبرك بدقة عن رقم اليوم من الشهر!!
و رغم انه كان يخطأ في الاجابة احيانا الا ان نسبة الاجابات الصحيحة
كانت تساوي 90% من الاسئلة المطروحة ,
و حسب بعض التقديرات فأن قدرات الحصان هانز الرياضية كانت
تعادل قدرات فتى في الرابعة عشر من عمره.
مع ازدياد شهرة هانز , خاصة بعد ان كتبت عنه جريدة النيويورك تايمز في صفحتها الرئيسية ,
ازدادت ايضا شكوك بعض العلماء و الباحثين في وجود خدعة ما في الامر
فطلبت هيئة التعليم الالمانية الى القيام ببحث و تقصي مستقل لقدرات الحصان هانز العلمية
و قد وافق الاستاذ فون اوستن كونه رجل علم على هذا الطلب خاصة
و هو متأكد جيدا من قدرات حصانه العجيبة.
وقد ضمت لجنة تقصي الحقيقة اثنان من علماء الحيوان
و عالم نفسي و مربي احصنة و عدد من اساتذة المدارس بالأضافة لمدير سيرك ,
و قد قامت الهيئة بعمل اختبار شامل لقدرات الحصان هانز و خلصت اللجنة عام 1904
الى انه ليس هناك اي خدعة او تحايل في قدرات الحصان هانز العلمية
و ان اجاباته المشفرة بضربات الحوافر كانت حقيقية و صحيحة.
ثم قامت اللجنة بتحويل تحقيقها الى الاستاذ اوسكار فيونكست و هو عالم سايكولجي
و الذي كان يملك بعض الافكار و الخطط لفك لغز الحصان هانز
و قد قام بنصب خيمة كبيرة للقيام بالاختبارات داخلها
و حتى يبعد اي تأثيرات خارجية يمكن ان تؤثر على اجابات الحصان
كما انه قام بوضع اسئلة كثيرة و متنوعة تختلف اجاباتها بشكل دقيق
حتى يستطيع معرفة قدرة الحصان هانز على تشخيص المتغيرات التي تمرر اليه.
كان الحصان هانز يجيب على الاسئلة بصورة جيدة عندما تطرح عليه من قبل استاذه فون اوستن
و كان يعطي اجوبة دقيقة و صحيحة للاسئلة التي تطرح عليه من قبل الاخرين
ايضا و لكن عندما يطلب الاستاذ اوسكار من فون اوستن معلم هانز الابتعاد عن مكان الاختبار
فأن شيئا غريبا يحصل و هو ان دقة و صحة الاجوبة التي يعطيها الحصان تنخفض بعض الشيء.
في النهاية فقد توصل الاستاذ اوسكار الى نتيجتين مهمتين
و هي انه في حالة ان يكون الشخص الذي يطرح السؤال لا يعرف هو نفسه الاجابة عليه
فان دقة اجابة الحصان هانز تنخفض الى الصفر تقريبا
و الامر الاخر هو في حالة ان يخفي طارح السؤال نفسه فأن قدرة الحصان هانز
كانت تختفي ايضا كأنما حجب الجواب عنه.
كما توصل الى ان محاصرة الحصان بأسئلة لا يمكنه الاجابة عليها
يؤدي به الى ضرب الارض بصورة مستمرة.
استمر الاستاذ اوسكار بتجاربه مع التشديد على ملاحظة تفاعل الناس مع هانز ,
و قد لاحظ بسرعة ان طريقة تنفس او جلوس او تعابير وجه الشخص
الذي يوجه السؤال الى هانز تؤثر و بشكل لا ارادي على ضربات حوافر الحصان في كل مرة ,
فعلى سبيل المثال في كل مرة يضرب هانز الارض بحافره و عند وصوله الى الضربة الصحيحة
على السؤال فأن تعبيرات وجه الشخص الموجه للسؤال تتغير و لو بشكل طفيف جدا
و التي كما يبدو فأن الحصان يأخذها على انها علامة للتوقف عن ضرب الارض بحافره
و لهذا السبب فأن الحصان كان لا يعطي اجابة صحيحة للأسئلة
عندما يكون من يوجهها له جاهلا بحلها الصحيح او محجوبا عنه.
في الحقيقة نتيجة الاختبار خلصت بأن الحصان هانز لم تكن لديه علاقة بعلم الرياضيات
و لكنه على الاغلب كان يعطي الاجوبة اعتمادا على التعبيرات و الحركات اللاارادية للشخص
الذي يلقي عليه السؤال فعلى ما يبدوا فأن الحصان هانز كان يستخدم قدرته
التي تملكها الكثير من الحيوانات الاخرى على الفهم او التواصل مع لغة الجسد
او تعبيرات الوجوه لدى الاخرين و التي يمكن ملاحظتها على تصرف بعض الحيوانات
فيما بينها من المداعبة لصغارها او التغزل بأناثها او نقل المعلومات البسيطة
بواسطة حركة معينة للجسد كما في الكلاب على سبيل المثال التي تستجيب لاوامر اصحابها
عن طريق ملاحظة حركات ايديهم كما انها توصل ما تريد ان تخبرهم به عن طريق بعض الحركات.
و بعد ان توصل الاستاذ اوسكار الى هذه النتيجة فقد قام هو شخصيا
بمحاولة تقليد الحصان هانز فكان يطلب من الاشخاص توجيه الاسئلة اليه شخصيا
و يجيب عن طريق ضرب الارض بقدمه تماما كما يفعل الحصان هانز و في نفس الوقت
يقوم بتدقيق النظر الى وجه او حركات الشخص طارح السؤال
و لشدة تعجبه فقد لاحظ ان الاشخاص الذين يوجهون الاسئلة
لم يكونوا قادرين على السيطرة على تعابيرهم عند
يصل بضربات قدمه على الارض الى الاجابة الصحيحة
حتى لو كانوا على علم مسبقا من ان المجيب يبني اجابته على اساس
هذه التعابير و الحركات البسيطة.
و في السنوات اللاحقة فقد توصل العلماء الى ان هناك العديد من الحيوانات
التي تكون حساسة للتعابير و الحركات التي تصدر من اصحابها ,
و اليوم , مصطلح "تأثيرات هانز الذكي" يستخدم لوصف تأثيرات التعابير
او الاشارات اللاارادية للسائلين على الاجوبة التي يحصلون عليها ,
سواء لدى الانسان او الحيوان. لقد اكتشف العلماء لاحقا ان بعض الحيوانات
كالكلاب و الخيول تستطيع حتى تمييز دقات القلب للانسان.
بالنسبة الى الاستاذ فون اوستن فأنه لم يقتنع ابدا بالنتائج التي توصل اليها الاستاذ اوسكار
و لذلك استمر هو و حصانه الذكي هانز بمتابعة دروسهم الرياضية و القيام بجولات
لعرضها على الجمهور في مختلف انحاء المانيا و التي كانت تجتذب عدد كبير من الجمهور و المتفرجين ,
و على الرغم من ان هانز المسكين كان يفتقد الى اي معرفة لعلم الرياضيات
و اي ميل لتعلم الالمانية (حسب استنتاج الاستاذ اوسكار)
و لكن قدرته البارعة في الضحك على ذقون المغفلين من الاشخاص
الذين كانوا يتجمهرون لمشاهدة استعراضاته يستحق عليها حقا لقب هانز الذكي.
اذن هل انتهت القصة هنا , كلا كالعادة , في عام 1909 توفى فون اوستن
و انتقلت ملكية الحصان هانز الى شخص اخر اسمه كارل كارل
و هو جواهري من مدينة البيرفيلد و قد قرر السيد كارل بمتابعة اعطاء الدروس للحصان هانز
و لكنه ذهب ابعد من ذلك ايضا , فقد قام بتعليم اربعة خيول اخرى على الحساب و القراءة
و كانت المفاجأة الكبرى للعلماء ان اثنان من هذه الخيول كانوا عميان اي يفتقدون لحاسة البصر
و لا يمكنهم تمييز اي اشارات او تعابير على الشخص الذي يلقي السؤال
و لكنهما كانا يعطيان الاجابة الصحيحة و بسرعة كما تفعل الخيول الاخرى الصحيحة البصر؟؟!!.
حتى الاستاذ اوسكار نفسه فقد اعترف ان استنتاجاته ليست فوق الانتقادات او صحيحة 100%
فكتب في احدى المقالات عام 1911 ما يأتي :
" البعض يقولون بأن الحصان تم تعليمه خلال الاختبارات على الاستجابة لردات افعالنا و تعابيرنا
من دون السماح له بأستخدام قدرته المستقلة في التفكير
و ان الحصان كان قبل ذلك فعلا يتمكن من العد و الحساب
و انه ببساطة اصبح معتادا على العادة السيئة لتتبع تعابيرنا و اشاراتنا
و لو كان الحصان فعلا يعتمد على التعابير فأنه سيحصل دائما على الجواب الصحيح
و لكن المشكلة بأن لا فون اوستن و لا انا حصلنا دائما على الاجوبة من دون اخطاء؟"
البعض لا زالوا يصرون على نظرية الاستاذ اوسكار و التي تقول ان الحصان يستنبط اجوبته
من التعابير التي تظهر على ملقي السؤال و لكن ماذا عن الاحصنة العمياء؟؟
هناك نظرية اخرى و ان كانت غير معتمدة من قبل العلماء ,
هذه النظرية يقودها الباحثين في مجال الباراسايكولوجي او علم القدرات الخارقة و ما وراء الطبيعة
و تقول هذه النظرية بأن بعض الحيوانات تملك القدرة على التخاطر عن بعد
اي قرأة افكار الشخص المقابل للحصول على الاجابة الصحيحة
و هناك بالإضافة الى هؤلاء مجموعة تظن بأن الحيوانات يمكنها حقا تعلم الحساب و الكتابة.