الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
إن موضوع السحر وخطره وتأثيراته لا بد أن تولى بالبحث والدراسة العلمية ، ومن ثم وضع كافة التصورات الفعالة لمحاربة هذه الآفة المدمرة ، لما تحدثه من شرخ في العلاقات الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية ، ولا بد من وقفة جادة على كافة المستويات من قبل ولاة الأمر والعلماء والدعاة وأهل الحسبة والمواطنين كل حسب رعايته ومسؤولياته المخولة له شرعا وحسب القدرة والطاقة لوقف هذا المد الشيطاني الذي أصبح في الآونة الأخيرة من أشد وأعتى أسلحة الشيطان التي يوجهها ضد المجتمعات عامة وخاصة المجتمع الإسلامي ، ومن الأمور التي لا بد أن تتخذ حيزا هاما من الدراسة والبحث العلمي هو مسألة التصرف بالسحر حال استخراجه والعثور عليه 0
وفيما يلي أستعرض بعض الأساليب التي يلجأ من خلالها السحرة لنفث سمومهم ونشر معتقداتهم الكفرية الهدامة ، مع التركيز على وضع الطرق الكفيلة بعلاج كل نوع من الأنواع المذكورة بما يتمشى مع الأحكام الشرعية ، علما بأن طرق السحر وأساليبه تتنوع يوما بعد يوم مع أن المبدأ الأساس الذي يقوم عليه هذا العلم الخبيث هو مبدأ واحد 0
* العقد : إن من أكثر الأساليب التي يتبعها السحرة والمشعوذين هو اللجوء لاستخدام العقد والنفث ، ويتم ذلك بوسائل مختلفة كعقد الشعر أو الخيوط أو بعض الملابس ونحوه ، وسبيل الخلاص من ذلك أن تحل تلك العقد عقدة عقدة ، بعد قراءة بعض السور والآيات النافعة الوارد ثبوتها في الكتاب والسنة لإبطال السحر ، كسورة البقرة وآية الكرسي والمعوذتين ونحوها ، ويتم إتلافها بعد ذلك بالحرق أو بأي أسلوب آخر 0
روى البيهقي في دلائل النبوة : ( عن عائشة بإسناد آخر ولفظ أتم وفيه زيادات ليست في غيره ، نحو الحديث السابق إلى أن قال : فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة ، فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مراطة رأسه ، وإذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا فيها إبر مغروزة ، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة فأتاه جبريل عليه السلام بالمعوذتين 0 فقال : يا محمد ( قل أعوذ برب الفلق ، وحل عقدة ، ( من شر ما خلق ) ، وحل عقدة 0 حتى فرغ منها ، ثم قال : ( قل أعوذ برب الناس ) وحل عقدة ، حتى فرغ منها ، وحل العقد كلها 0
وجعل لا ينزع إبرة إلا وجد لها ألما ، ثم يجد بعد ذلك راحة 0 فقيل ، يا رسول الله ، لو قتلت اليهودي0 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد عافاني الله – عز وجل – وما وراءه من عذاب الله أشد " ) ( 7 / 92 ، 94 ) 0
وجعل لا ينزع إبرة إلا وجد لها ألما ، ثم يجد بعد ذلك راحة 0 فقيل ، يا رسول الله ، لو قتلت اليهودي0 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد عافاني الله – عز وجل – وما وراءه من عذاب الله أشد " ) ( 7 / 92 ، 94 ) 0
* الكتابات والطلاسم : قالت الباحثة حياة سعيد با أخضر في كتابها القيم " موقف الإسلام من السحر " : ( وهو كتابة السحر بعبارات وطلاسم وأوفاق وغيره ، على أوراق أو جلد ونحوه ، وتغليفها بطرق مختلفة ، وتكتب تلك الرقى والعزائم بطريقتين :
الطريقة الأولى : أن تكون الكتابة بالصورة الاعتيادية للكتابة 0 أي في سطور تقرأ على الأدوات التي تكتب عليها ، وتناسب كل عمل 0
الطريقة الثانية : أن تكتب في شكل هندسي ، وهذه الطريقة يطلق عليها مصطلحان هما الوفق ( الخاتم ) لكن مصطلح الخاتم هو الأخص بالنسبة للرقى والعزائم ، لأن الوفق يشمل الألفاظ والأعداد والحروف معا ، أو كل نوع على حده ، بينما الرقى والعزائم تعتمدان غالبا على الألفاظ 0
والخاتم هو أحد الأشكال الهندسية المكتوب بداخلها أو خارجها ، أو بالداخل والخارج معا ألفاظ وأسماء مجهولة المعنى غالبا ، وأحيانا تكتب مع الألفاظ حروف وأعداد 0 وهذا لا يكون إلا في خواتم قليلة 0
والخاتم قد يرسم على مادة معينة من نبات أو حيوان تناسب العمل المراد ، أو على كف إنسان قد يكون طفلا أحيانا ، أو على كف نفس الطالب ويكثر استعمال الخاتم في العزائم 0
وهناك نوع من الرقى والعزائم يطلق عليه مصطلح القلفطيرات وبقطيرات وهي :
ستة أشكال متنوعة الطول عقدت عليها حروف ، وأرقام وأشكال غريبة ، ولها أربعة صور 0 كتبت بها الحروف العربية الثمانية والعشرون ، بخطوط أخرى جديدة ، ومتنوعة الطول ، وعقدت عليها أيضا حروف وأعداد وأشكال غريبة تختلف عن الأشكال الستة الرئيسية ، بحيث أن كل شكل منها يدل على حرف عربي 0
ومن هذه الصور الأربع : قلم نبي الله عمران ، وهذه القلفطيرات تشتمل على اسم الله الأعظم 0
والنادر من هذه القلفطيرات يمكن قراءته ، والرقى والعزائم عامة كما قلت تتغلغل في كل أنواع السحر فتظهر في نوع واحد ، أو تجمع أكثر من نوع ، وتوجد رقى وعزائم تتضمن آيات قرآنية ، وأسماء الله الحسنى 0 وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم على هيئة الخاتم ، وهذا أحيانا يكون مشروطا بوضع معين للكواكب والنجوم ، وهناك رقى وعزائم خاصة بآيات وسور معينة - كـ ( يس والفاتحة ) والإخلاص ، وآية الكرسي ) ( موقف الإسلام من السحر – دراسة نقدية على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة - 1 / 246 ، 247 ) 0
الطريقة الأولى : أن تكون الكتابة بالصورة الاعتيادية للكتابة 0 أي في سطور تقرأ على الأدوات التي تكتب عليها ، وتناسب كل عمل 0
الطريقة الثانية : أن تكتب في شكل هندسي ، وهذه الطريقة يطلق عليها مصطلحان هما الوفق ( الخاتم ) لكن مصطلح الخاتم هو الأخص بالنسبة للرقى والعزائم ، لأن الوفق يشمل الألفاظ والأعداد والحروف معا ، أو كل نوع على حده ، بينما الرقى والعزائم تعتمدان غالبا على الألفاظ 0
والخاتم هو أحد الأشكال الهندسية المكتوب بداخلها أو خارجها ، أو بالداخل والخارج معا ألفاظ وأسماء مجهولة المعنى غالبا ، وأحيانا تكتب مع الألفاظ حروف وأعداد 0 وهذا لا يكون إلا في خواتم قليلة 0
والخاتم قد يرسم على مادة معينة من نبات أو حيوان تناسب العمل المراد ، أو على كف إنسان قد يكون طفلا أحيانا ، أو على كف نفس الطالب ويكثر استعمال الخاتم في العزائم 0
وهناك نوع من الرقى والعزائم يطلق عليه مصطلح القلفطيرات وبقطيرات وهي :
ستة أشكال متنوعة الطول عقدت عليها حروف ، وأرقام وأشكال غريبة ، ولها أربعة صور 0 كتبت بها الحروف العربية الثمانية والعشرون ، بخطوط أخرى جديدة ، ومتنوعة الطول ، وعقدت عليها أيضا حروف وأعداد وأشكال غريبة تختلف عن الأشكال الستة الرئيسية ، بحيث أن كل شكل منها يدل على حرف عربي 0
ومن هذه الصور الأربع : قلم نبي الله عمران ، وهذه القلفطيرات تشتمل على اسم الله الأعظم 0
والنادر من هذه القلفطيرات يمكن قراءته ، والرقى والعزائم عامة كما قلت تتغلغل في كل أنواع السحر فتظهر في نوع واحد ، أو تجمع أكثر من نوع ، وتوجد رقى وعزائم تتضمن آيات قرآنية ، وأسماء الله الحسنى 0 وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم على هيئة الخاتم ، وهذا أحيانا يكون مشروطا بوضع معين للكواكب والنجوم ، وهناك رقى وعزائم خاصة بآيات وسور معينة - كـ ( يس والفاتحة ) والإخلاص ، وآية الكرسي ) ( موقف الإسلام من السحر – دراسة نقدية على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة - 1 / 246 ، 247 ) 0
ويتم التخلص من تلك العزائم المكتوبة بفتحها ووضعها في الماء وقراءة بعض الآيات النافعة عليها لإبطال السحر ، ومن ثم يتم إذابتها في الماء مع قليل من الملح الصخري حيث ثبت لدى المتمرسين أن هذا النوع له خاصية معينة في إبطال السحر والتأثير عليه ، ومن ثم إتلاف مادة السحر عن طريق الدفن أو الحرق أو النثر ، أو الإلقاء في البحر 0
قال النووي – رحمه الله - تعالى في شرح صحيح الإمام مسلم : ( قولها : فقلت يا رسول الله أفلا أحرقته ؟ وفي رواية ثانية : قلت يا رسول الله فأخرجه 0 كلاهما صحيح ، فطلبت أنه يخرجه ، ثم يحرقه ، والمراد إخراج السحر ، فدفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 348 ) 0
يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -حفظه الله- : ( ومن التعاويذ والتعاليق والتمائم والحروز فمتى وجدت فالسلامة منها غمسها في الماء مدة يوم أو نحوه ثم إحراقها والله أعلم ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة – ص 631 – مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 49 ) 0
* الخرز ونحوه : يعمد بعض السحرة إلى عمل أسحارهم عن طريق الخرز ونحوه ، ويتم إبطال ذلك النوع من السحر بعد العثور عليه ، وقراءة بعض الآيات الثابتة في الرقية الشرعية ، وكذلك بعض الآيات النافعة ، ومن ثم يعمد المعالِج بعد ذلك إلى دق الخرز وتكسيره ، ويتم إتلافه بنفس الطرق السابقة 0
* المسحوق أو ( البودرة ) : في حال العثور على أية مساحيق أو أي نوع من أنواع البودرة ، والتثبت والتأكد من كونها نوع من أنواع السحر ، تقرأ بعض الآيات الثابتة في الرقية الشرعية ، وكذلك بعض الآيات النافعة لإبطال السحر على ماء ويرش عليها كما ثبت فعل ذلك عن بعض أهل العلم ، ويتم بعد ذلك تنظيفها وجمعها وإتلافها بنفس الطرق السابقة الذكر 0
* طرق أخرى : ويعمد السحرة إلى أفعالهم السحرية الخبيثة بطرق ووسائل مختلفة ، وقد يكون من تلك الوسائل استخدام البيض الفاسد ، أو المواد الصلبة كالحديد والرصاص والعظم ، والعطور والصور ، وإبطال ذلك كله لا يتعدى الطرق السابقة التي تم ذكرها ، حسب خاصية المادة المستخدمة في السحر0
والأولى في حالة وجود مادة السحر والعثور عليها عرضها على ذوي الاختصاص والمتمرسين في هذا المجال لفكها وإبطال تأثيرها ومفعولها ، ويجب الحذر من التصرف بها بطريقة أو بأخرى ، خاصة ممن كان بعيدا عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم غارقا في أهوائه وشهواته وملذاته ، فقد تتسلط عليه الجن والشياطين وتنال منه ، أما من صح اعتقاده وقويت عزيمته ورسخ إيمانه فلن يضره ذلك شيئا بإذن الله تعالى 0
وتجدر الإشارة إلى عدم الاعتقاد بالمعالِج وقدرته على إبطال مادة السحر دون غيره ، ولا يعدو الأمر أكثر من امتلاكه الخبرة والدراية والمعرفة التي تؤهله لمعالجة ذلك ، وهذا بطبيعة الحال ينقص الإنسان العادي 0
وبعض الأسحار التي يعقدها السحرة تكون (مرصودة برصد ) ، ويعني هذا توكيل حارس من الجن والشياطين لحراستها والدفاع عنها ، وبالتالي فإن العبث بها من قبل أناس خاوية قلوبهم من خشية الله وذكره ، بعيدين عن منهجه غارقين في المعاصي والملذات والشهوات ، يؤدي بلا شك إلى إيذائهم وتضررهم نتيجة لذلك الفعل ، وشاهد التجربة الحسية دليل قوي على ما أقول ، فالأولى ترك علاج ذلك للعارف به الحاذق بصنعته 0
قصة واقعية : ومن القصص الشاهدة على ذلك ، قصة واقعية لرجل وجد سحرا في بيته ، فأخذه وأحرقه ، وحال انتهائه من هذا الفعل لاحظ أن يده تتوجه لا إراديا لمصدر النار ، وأصيب بحرق من الدرجة الأولى في يده ، مما اضطره إلى إجراء عملية جراحية تجميلية في اليد 0
سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان عن بئر يلقى فيه السحر ويعتقد أنه محمي من الجن ، فهل يخرج هذا السحر ويبطل أم يبلغ رجال الحسبة ؟
فأجاب - حفظه الله - : ( الواجب أنكم تبلغون رجال الحسبة والسلطة وتدلونهم على البئر ويقضي عليه فيخرج ويحرق 0 كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج السحر من البئر وإحراقه 0 فإذا كنتم متحققين من ذلك فبلغوا رجال الحسبة ودلوهم على المكان وأعينوهم على إخراجه وإحراقه ) ( السحر والشعوذة – ص 55 ) 0
تلك بعض الأمور الهامة المتعلقة بمادة السحر والتي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من حيث الطريقة التي يلجأ إليها السحرة لنفث سمومهم ، أم من حيث كيفية التصرف بمادة السحر حال العثور عليها ، سائلاً المولى عز وجل أن يمن علينا بالعفو والعافية في الدنيا والآخرة ، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، وأن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
أخوكم المحب / أبو البراء أسامه بن ياسين المعاني
تعليق