نتيجة تطور وسائل الحضارة وتطور وسائل الإجرام في العصر الحديث حيث أصبحت هذه الوسائل تعتمد على تفكير وعقل المجرمين أكثر من قواهم الجسدية , وهذا ما يبدو في جرائم التزييف التي تعتبر نتاجاً لتقدم وسائل الحضارة .
يتطلب هذا الأمر الاعتماد على الفكر والتفكير والتخطيط, وهو ما يجعل لهذه الجريمة أشخاصاً معينين, فلا هم مجرمون بالصدفة أو مندفعون فيرتكبون هذه الجرائم بالخطأ, وغالباً ما يكن مرتكبوها جماعات منظمة يكون لكل فئة منهم تقاسم أدوارها بدءاً من عمليات إنشاء أو تصنيع الأدوات المستعملة بالتزييف إلى المواد الداخلة ومروراً بترويجها وطرحها في الأسواق.
هذا وإن الفقه الفرنسي كان يعتبر جرائم تزييف العملة اعتداء على الملكية الخاصة, لكنه ما لبث أن اعتبرها تنال من الثقة العامة لأنها تمتد إلى أفراد لا حصر لهم وإلى أن تعم كافة أفراد المجتمع, ومن أجل ذلك كان من حق الدولة وحدها إصدار العملات المتعلقة بها.
وتعتبر جرائم التزييف من قبيل الجرائم المخلة بالثقة العامة . ومفهوم هذه الثقة التي يستودعها ويطمئن إليها الأفراد بالعلامات والمظاهر والأشكال المعينة التي تلجأ إليها السلطات لضمان سلامة العلاقات العامة, ومن هنا اعتبر التزوير بشكل عام بأنه تعريض الثقة العامة للخطر عن طريق إيجاد مزوّر ينخدع به الناس.
ولقد اعتبرت من قبيل الأوراق الرسمية ,السندات للحامل أو السندات الإسمية , وبشكل عام كل السندات المالية سواء أكانت للحامل أم تحول بواسطة التظهير, وأخذ لها حكماً بمعاملتها كالأوراق الرسمية ,حيث أخرجها نصاً من باب جرائم التزييف التي تقع على العملات .
ويرى بعض الفقهاء إدخال التزييف في عداد الجرائم السياسية, ويقررون بالعودة إلى ضابط الجريمة للتفريق فيما بين هذه الجرائم, وهذا الضابط يحكمه مذهبان هما:
*/ المذهب الشخصي : الذي يأخذ بالاعتبار الباعث على ارتكاب الجريمة , فإذا ما كان سياسياً كانت الجريمة سياسية , وبذلك إذا كان باعث المجرم على التزييف سياسياً, اعتبرت هذه الجريمة سياسية , كما حصل في الحرب العالمية الثانية حينما نشر الألمان في أسواق البلاد المعادية لهم الجنيهات الإسترلينية والدولارات الأمريكية المزيفة بهدف تحطيم اقتصاديات وسياسات هذه الدول.
*/ المذهب الموضوعي : وهو ما يأخذ بطبيعة المصلحة المعتدى عليها, فالجريمة السياسية تنال النظام السياسي للدولة في الداخل والخارج, وهي تعتبر بطبيعتها جريمة سياسية بحته, ويخرج من نطاقها جرائم التزييف.
-----------
تعريف العملة
تعريف العملة
للعملة مفهومين, هما المفهوم الاقتصادي والمفهوم المتعلق بالفقه الجزائي. هذا وإن الإتفاقية الدولية لمكافحة التزييف أخذت مفهوماً عاماً للعملة يشير إلى أنها تتضمن العملة المعدنية والعملة الورقية.
العملة من الناحية الإقتصادية:
يتوجب التفريق ما بين مفهومي النقد والعملة , فالنقد يشمل كافة المبادلات التي تتمتع بقبول عام في الوفاء بالإلتزامات, وهو غالباً ما يكون ناشئاً عن الإتفاق أو العادة أو العرف أو ثقة الأفراد. أما العملة فهي نوع من أنواع النقود الحكومية وهو ما يكون لها قوة إبراء الديون وتقتصر على المسكوكات المعدنية والعملة الورقية الحكومية . والنقد يشمل إضافة لذلك على الأوراق المصرفية المتداولة تحت مدلول ثقة المتعاملين في قدرة وملاءة البنك الذي أصدرها ,بدفع قيمتها بعملة الدولة .
أما العملة الورقية فهي التي تصدرها الحكومة بدون ما يقابلها من ضمان معدني, وهي بالتالي تستمد قوتها من إرادة الدولة وثقة المتعاملين بها .
العملة من الناحية الجزائية :
تأخذ العملة عدة مفاهيم وإن كانت مشتركة ومتشابهة , فهي تلك النقود التي تحتكرها الدولة كوسيلة للدفع وتفرض القبول بإلزامها مصدرة إياها بناء على قانون رسمي صادر عنها, فهي وسيلة للدفع وتحمل قيمة محددة وتخصصها الدولة للتداول في المعاملات العامة .
التداول القانوني للعملة : عرفت محكمة النقض الفرنسية مفهوم التداول القانوني بأنه الالتزام المفروض بمقتضى القانون على جميع مواطني الدولة بقبول عملتها الوطنية أو تلك التي شبهت بها قانوناً.
وهذا التعريف يعني أن للعملة قوة إبراء معترف بها بموجب قوانين الدولة , كما يعني أنها وسيلة دفع تجبر الدائن من قبل مدينه على قبول هذه العملة في سداد ما يتوجب عليه , وهذا المفهوم يعطي للعملة صفة التداول القانوني.
ويستنتج مما ذكر أن من شروط تكوين صفة التداول القانوني للعملة توفر ما يلي:
*شروط اعتبار العملة متداولة قانوناً:
1- صدور قانون عن السلطة المخولة بإصداره: يقضي بإصدار هذه العملات مع تحديد صفاتها وأنواعها .
2- اعتماد المواصفات في العملة وتحديدها والنص عليها بشكل واضح: لبيان مظهرها وصفاتها ومكوناتها ومع ضرورة إبراز العلامات أو النقوش الدالة على الحكومة أو الدولة مصدرتها.
3- قبول القيمة الإسمية التي تحملها القطعة النقدية من العملة: سواء من قبل المواطنين أو من قبل الدولة , أو تجاه بعضهم البعض.
4- ضرورة النص على عقاب من يمتنع عن التعامل بالعملة أو رفضها أو تداولها بأقل أو بأكثر مما تحمله من قيمة إسمية .
5- أن تؤدي العملة وظيفتها نتيجة التعامل بها في إبراء الذمة إبراء معترفاً به قانوناً.
*التداول العرفي للعملة: يقصد به ما اعتاد الناس على التعامل بنوع معين من النقود, مع عدم التزامهم بقبولها في معاملاتهم بشكل دائم, ومن مثل ذلك العملة الوطنية التي فقدت صفة التداول لإستبدال غيرها بها, مع بقاء التعامل بها من قبل الأفراد لاعتيادهم عليها.
*العملات الوطنية والعملات الأجنبية : العملة الوطنية هي العملة المتداولة قانوناً في داخل الدولة,وهي ذات نوعين هما العملة المعدنية والعملة الورقية :
العملة المعدنية : قد تكون ذهباً أو فضة وقد تكون غير ذلك من المعادن.
وهناك نوع آخر من العملات المعدنية تصدرها الدولة في مناسبات خاصة بها وبكميات محدودة ولمدة مؤقتة تعرف بما يسمى بالعملات التذكارية .
اختلفت التشريعات بما يتعلق بالعملات المصنوعة من الذهب أو الفضة, وهل هي خاضعة للتداول القانوني وفيما إذا كانت تأخذ حكم العملات الأخرى الورقية أو المعدنية المصنعة من غير الذهب أو الفضة .
العملة الورقية : فهي أوراق النقد الصادر عن الحكومة وتشمل فئات معينة ومختلفة وكل فئة تحمل قيمة اسمية.
العملة الأجنبية : هي العملة المتداولة قانوناً في دولة أخرى اي في الخارج, وهي العملة التي تتداولها إحدى الدول التي أصدرتها طبقًا لقوانينها .. وبالتالي يعود إلى الدولة الجاري فيها التداول للعملة لمعرفة نظامها القانوني ومدى خضوعها للتداول القانوني وفق أحكام وقوانين هذه الدولة دون سواها.
تعليق