ذو القرنين
شخصية حيرت العلماء والمفسرين
لقد اختلفت آراء العلماء والمفسرين والكتاب والباحثين حول تحديد شخصية ذوالقرنين عبر التاريخ قديما ًوحديثا فقال بعضهم : انه كان معاصرا لنبي الله إبراهيم - عليه السلام -
وقال بعضهم: أنه الصعب بن ذي مرائد ملك حمير احد ملوك اليمن الصالحين ممن عاشوا قبل الإسلام فهم الذين كانوا يستخدمون مثل هذه الألقاب ،
وقال كثير منهم: أنه هو الإسكندر الأكبرالمقدوني ،
وقال الشيخ أبو الكلام آزاد - رحمه الله - أن ذي القرنين هو الإمبراطور الفارسي كورش الاخمينى الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد ،
وثمة دراسة حديثة تقول: بأنه اخناتون الفرعون المصري
وعلى الرغم من مئات التفسيرات والكتب والأبحاث التي كتبت عنه في جميع أنحاء العالم إلا أنهم لم يستطيعوا التوصل إلى معرفة وتحديد شخصيه ذلك الرجل العظيم الملقب بذي القرنين على وجه الدقة حتى الآن...
واختلف العلماء والمفسرين والكتاب والباحثين أيضا فقال بعضهم :
كان نبياً وقال بعضهم:
كان ملكاً عادلاً ، وقال الآخرون :
كان عبدا صالحاً
، ولكن الحقيقة التي قد لا يعرفها كثير من الناس هي أن ذا القرنين كان ملكا فقد روى ابن جريرالطبري- رحمه الله - في " تفسيره ": (ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر: مؤمنان وكافران، فالمؤمنان : سليمان بن داود وذو القرنين، والكافران: بختنصر ونمرود بن كنعان، لم يملكها غيرهم )
وقال الإمام/ ابن الجوزى - رحمه الله - في كتابة : ( المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ) مانصة : ( عن عبد الله ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): (ملك الأرض أربعة: مؤمنان وكافران ؛ فالمؤمنان:
ذو القرنين وسليمان، والكافران: نمرود وبختنصر، وسيملكها خامس من أهل بيتي) وقوله (صلى الله عليه وسلم): ( وسيملكها خامس من أهل بيتي) أي الإمام المهدي( عليه السلام ) وبهذا يمكن أن نعرف أن ذا القرنين ( عليه السلام ) كان ملكا مكنه الله سبحانه وتعالى فى الارض واعطاه من كل شيىء سببا حتى بلغ مشارق ومغارب عوالم الأرض كلها سواء ألامم وألاقوام الذين يعيشون فى عالم سطح الأرض الخارجي أوألامم وألاقوام الذين يعيشون في عالم جوف الأرض الداخلي..
لقد كان ذو القرنين - عليه السلام - من الألغاز التي أراد يهود المدينة أن يحرجوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالسؤال عنها حيث أشار اليهود على كفار مكة بأن يسألوا الرسول عنها.. ولكن ما كان لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليحرج ووراءه ربه ، يسانده ويسعفه بالجواب ، ليخرس ألسنة هؤلاءالأعداء ، فنزل الوحي بالرد في القرآن الكريم في سورة الكهف يحكى سؤالهم ، ويجيب عنه ، لا بذكر الاسم الحقيقي لهذا النبي الكريم ، ولا مكانه ، ولا الأمة التي ينتسب إليها، ولكن بذكر تاريخه وأهم أعماله وقد بينت آيات سورة الكهف عقيدة ذوالقرنين - عليه السلام - وعدله في حكمه واتساع ملكه .
لكن ما اسمه ؟
وأين ومتى عاش وحكم ؟
لم تتكفل الآيات ببيان ذلك ، لأن العبرة ليست فيه ، وإنما العبرة والفائدة تكمنان في ذكر ما تكفلت الآيات بذكره من أحداث حربية ، ومن عدل ، وإيمان . فبقي الاسم موضع تساؤل واجتهاد من العلماء والمفسرين والكتاب والمفكرين والباحثين في تعيين شخصيته، إشباعا لما في النفوس من غريزة الكشف عن المجهول وحب الاستطلاع.
حتى ولو لم يكن وراء معرفة هذا المجهول فائدة تذكر .. لكنها الغريزة ،ورغبة العلماء في إشباعها فلا تجد عالما أو مفسرا قديما أو حديثا إلا وذكروا ما وصلوا إليه في ذلك ، ولا مؤرخا إسلاميا إلا وأدلى بدلوه في البحث عن شخصية هذا الملك الكريم ، وذكر ما وصل إليه من أقوال مأثورة عن سابقيه ؟!
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن : لماذا أطلق الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم على هذا الملك لقب ذي القرنين ؟
وما معنى ذلك اللقب؟
والإجابة لقد مكن الله لة في الأرض وجعله خليفته فيها ، وأعطاه ملكا عظيما حتى أمتد سلطانه من المشرق إلى المغرب ولقب بـذي القرنين أي صاحب القوتين الملكوتية والعنصرية (علم الظاهر والباطن ) لأنه ملك مابين قرني الشمس أي مشرقها ومغربها والدليل على ذلك الحديث الذي ذكره الإمام الحافظ / جلال الدين السيوطي ( رحمه الله ) في كتابه : [ الدر المنثور في التفسير بالمأثور]:
( عن خالد بن معدان الكلاعي(رضي الله عنه) قال:
أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سئل عن ذي القرنين فقال :
(مَلِكٌ مَسَحَ الأَرْضَ مِنْ تَحْتِهَا بِالأَسْبَابِ)
وقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَسَحَ الأَرْضَ مِنْ تَحْتِهَا بِالأَسْبَابِ) أي أتاه الله تعالى من كُل شيء سبباً ومنها أسباب الترحال براً وبحراً، فأتبع سببا في دخوله لبلاد أمم وأقوام يأجوج ومأجوج الذين يسكنون تحت الأرض في عالم جوف الأرض الداخلي ..!!
أما لقب ذي القرنين ومعناه: صاحب القوتين وهاتين القوتين اللتين اعطاهم الله له هما:
القوة الأولى: أن الله تعالى قد مكنه بقوانين ملكوتية متحكمة في المستحيلات الكونية
القوة الثانية : هي ما علمه الله تعالى من علوم تتعلق بكل الحياة العنصرية والتحكم في أسبابها مما يسر له سبل الحياة في كل أبواب العلم الدنيوية ..
وسأوضح لكم وجها من أوجه الإعجاز التاريخي في كتاب الله تبارك وتعالى عن ذلك الملك العظيم الملقب بذي القرنين في القرآن الكريم:
جاء ذكر ذي القرنين في ست عشرة آية من آيات سورة الكهف, وجاء ذكر لقبه فيها ثلاث مرات وذلك علي النحو التالي:
قال الله تبارك وتعالى :
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّإِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا
(87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا(96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا } [سورة الكهف: 83- 98]
والخطاب في قوله تعالي: { ويسألونك} موجه إلي خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم), ومن أسباب نزول سورة الكهف أن كفار مكة بعثوا إلي أهل الكتاب (اليهود والنصارى) الذين كانوا منتشرين علي أطراف الجزيرة العربية يسألونهم عن أسئلة يوجهونها إلى سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) للتأكد من صدق نبوته فقال لهم اليهود: سلوه عن رجل طواف في الأرض, وعن فتية وما يدري ما صنعوا, وعن الروح, فأنزلت عليه سورة الكهف وفيها جواب ذلك كله.
وقد ذكر الشيخ ألأزرقي - رحمه الله - في كتابه: (أخبار مكة ): ( أن ذي القرنين آمن برسالة إبراهيم ( عليه السلام ) وطاف بالبيت معه بعد رفع قواعده)
وإذا سلمنا بذلك أدركنا قدم زمن النبي الملك ذي القرنين - عليه السلام - لأن نبي الله إبراهيم ( عليه السلام ) عاش في الألفية الثانية قبل الميلاد من: (1861 ـ1686ق.م). أو بين : (1825,2000 ق.م).
ويخبرنا القرآن الكريم عن ذي القرنين - عليه السلام - أنه كان ملكا مؤمنا صالحا, فمكن الله تعالي له في الأرض, وقوي ملكه, ويسر له فتوحاته, وفي ذلك يخاطب الله تبارك وتعالي خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد قائلا له:
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) } ( سورة الكهف:83ـ85)
لقد كثر الحديث عن النبي الملك ذي القرنين ( عليه السلام ) وامتلأت كتب العلماء والمفسرون والمؤرخين بأخباره, ولكن القرآن الكريم حين يعرض قصة نبي من الأنبياء, أو موقف أمة من الأمم, أو سيرة أحد الصالحين أو الطالحين من بني آدم, فإنه يورد ذلك للدروس والاعتبار, وليس للتفصيل التاريخي المعتاد, ولذلك قال الله سبحانه وتعالى عن الملك ذي القرنين :
{ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْمِنْهُ ذِكْرًا }
وعلي الرغم من ذلك فقد حاول عدد كبير من العلماء والمفسرين والكتاب والباحثين عبر التاريخ قديما ًوحديثا أن يصلوا إلي شيء من التفصيل عن شخصية ذي القرنين ولكن بلا جدوى...!!
وسوف أورد لكم ملخصا لأقوال العلماء والمفسرون والكتاب والباحثون قديما وحديثا عن ذي القرنين وذلك على سبيل المثال لا الحصر :
1- قال الصحابي الجليل عبد الله ابن عباس : في تفسيره المسمى: ( المقباس من تفسير ابن عباس ) :
( ذي القرنين من حمير وهو الصعب بن ذي مرائد الذي مكنه الله في الأرض وآتاه من كل شيء سببا فبلغ قرني الشمس ورأس الأرض وبنى السد على يأجوج ومأجوج
بينما الإسكندر كان رجلا صالحا روميا حكيما بنى على البحر في إفريقية منارا، وأخذ أرض رومة، وأتى بحر العرب، وأكثر عمل الآثار في العرب من المصانع والدول)
2- قال كعب الأحبار :( الصحيح عندنا من أحبارنا وأسلافنا أن ذي القرنين من حمير وأنه الصعب بن ذي مرائد، والإسكندر كان رجلا من يونان من ولد عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) ورجال الإسكندر أدركوا المسيح بن مريم منهم جالينوس وأرسطوطاليس).
3- قال أبو جعفر الطبري- رحمه الله - في" تفسيره " :( وكان الخضر في أيام أفريدون الملك بن الضحاك في قول عامة علماء أهل الكتاب الأول، وقيل: موسى بن عمران (عليهما السلام) وقيل: إنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان على أيام إبراهيم الخليل (عليه السلام) وإن الخضر بلغ مع ذي القرنين أيام مسيره في البلاد نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم به ذو القرنين ولا من معه فخلد وهو حي عندهم إلى الآن، وقال آخرون إن ذا القرنين الذي كان على عهد إبراهيم الخليل (عليه السلام) هو أفريدون بن الضحاك وعلى مقدمته كان الخضر وهذا الرأي ضعيف).
4- قال العلامة / الزمخشري - رحمه الله - في تفسيره المسمى: (الكشاف ):
( أنه الإسكندر وقيل أنه عبد صالح نبي ملك، و ذكر رواية عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، أنه سمي ذا القرنين لأنه طاف قرني الدنيا يعني جانبيها شرقا وغربا. وقيل كان لتاجه قرنان. وقيل كان على رأسه ما يشبه القرنين.. )
5- قال الإمام الحافظ / ابن كثير - رحمه الله - في" تفسيره ":( أنه الإسكندر ويبطل هذا. إن ذي القرنين - عليه السلام - كان في زمن الخليل إبراهيم ( عليه السلام ) وطاف معه بالبيت. وقيل عبد صالح) .
6- قال الإمام الحافظ / ابن كثير - رحمه الله - في كتابه: (البداية والنهاية ) في (الجزء الثاني) :
(مثل ذلك وزاد أنه نبي وكان أحد ملوك التبابعة العظام من الأذواء اليمنيين من نسل ملوك العرب حمّير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود.
وقد ذكره أيضا ابن هشام الذي قال أيضا إنه الإسكندر في السيرة والتيجان وأبي ريحان البيروني، ويرى مثلهم نشوان الحميري في كتبه "شمس العلوم" وكتاب "خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك)
7- قال الإمام / القرطبي- رحمه الله - في" تفسيره ":( كان ذي القرنين من أهل مصر واسمه " مرزبان "، ونقل عن ابن هشام أنه الإسكندر، كما نقل روايه عن الإمام الحافظ / جلال الدين السيوطي ( رحمه الله ) في كتابه : [ الدر المنثور في التفسير بالمأثور]:
( عن خالد بن معدان الكلاعي(رضي الله عنه) قال: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سئل عن ذي القرنين ( عليه السلام ) فقال : (ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب). وعن عمر ابن الخطاب وعن على ابن أبى طالب (رضي الله عنهما ) بأنه مَلَك أوعبد صالح وهي روايات غير صحيحة. وقيل أنه الصعب بن ذي يزن الحميرى، وكلها روايات وأقوال تخمينية ولا سند لها.. )
8- قال العلامة الالوسى- رحمه الله - في تفسيره المسمى : (روح المعاني ) : ( لا يكاد يسلم فيها رأى، ثم اختار أنه الإسكندر المقدوني ودافع عن رأيه بأن تلمذته لأرسطو، لا تمنع من أنه كان عبدا صالحا .. ).
9- قال العلامة/ تقي الدين المقريزي - رحمه الله - في كتابه : ( المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ) :
(أعلم أن التحقيق عند علماء الأخبار أن ذا القرنين الذي ذكره الله في كتابه العزيز فقال: :
{ و يسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا }
لقد كثر ذكره في أشعار العرب، وأن اسمه الصعب بن ذي مرائد بن الحارث الرائش بن الهمال ذي سدد بن عاد ذي منح بن عار الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود (عليه السلام) بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح (عليه السلام)، وأنه ملك من ملوك حمير ملوك اليمن وهم العرب العاربة، ويقال لهم أيضا العرب العرباء، وكان ذو القرنين تبعا متوجا، تبع لقب يطلق على ملوك اليمن ولما ولي الملك تجبر ثم تواضع لله، واجتمع بالخضر، وقد أخطأ من ظن أن الإسكندر بن فيلبس هو ذو القرنين الذي بنى السد فإن لفظة ذو عربية، وذو القرنين من ألقاب العرب ملوك اليمن، وذاك رومي يوناني وأيضا هذا اليوناني لم يعمر أكثر من 30 عام وقتل وسيرته معروفه ولا داعي للخلط .. ).
10- قال الهمداني - رحمه الله - في كتابه : (الأنساب) : ( وولد كهلان بن سبإ زيدا، فولد زيد عريبا ومالكا وغالبا وعميكرب، وقال الهيثم: عميكرب بن سبإ أخو حمير وكهلان فولد عميكرب أبا مالك فدرحا ومهيليل ابني عميكرب، وولد غالب جنادة بن غالب وقد ملك بعد مهيليل بن عميكرب بن سبإ، وولد عريب عمرا، فولد عمرو زيدا والهميسع، ويكنى أبا الصعب وهو ذو القرنين الأول، وهو المساح والبناء).
وأضاف أيضا ً في موضع آخر في ( نفس المصدر السابق ): (وعلماء همدان تقول: ذو القرنين الصعب بن مالك بن الحارث الأعلى بن ربيعة بن الحيار بن مالك، وفي ذي القرنين أقاويل كثيرة.. ).
11- قال أبو محمد عبد الملك بن هشام- رحمه الله - في كتابه : ( التيجان في معرفة ملوك الزمان) : ( وكان تبعا متوجا لما ولي الملك تجبر ثم تواضع واجتمع بالخضر ببيت المقدس، وسار معه مشارق الأرض ومغاربها وأوتي من كل شيء سببا كما أخبر الله تعالى، وبنى السد على يأجوج ومأجوج ).
12- وقال العلامة/ ابن هشام - رحمه الله - في كتابه: (السيرة النبوية): ( أنه كان الإسكندر المقدوني.. ).
13- قال العلامة/ البغوي - رحمه الله - في " تفسيره " : ( لقد اجمع جمهور العلماء علي أن ذي القرنين - عليه السلام - كان ملكا عادلا وصالحا.. ).
14- قال العالم / أبو الكلام آزاد - رحمه الله - في كتابه : ( ويسألونك عن ذي القرنين): ( أن ذي القرنين هو نفسه كورش الكبير الملك الأخميني الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد, وأن أصل تسميته مستمد من الاسم التوراتي ( لوقرانائيم) الذي أطلقه اليهود علي كورش الذي بجلوه لتسامحه معهم كثيرا, ولكن سؤال اليهود لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ذي القرنين ( عليه السلام ) يدل علي أن ذكره قد ورد في التوراة التي أنزلت قبل حكم كورش بتسعة قرون علي أقل تقدير ويدلل على رأيه بتمثال شهير لكورش الكبير يمثله وعلى رأسه قرنان).
15- قال الشيخ / سيّد قطب- رحمه الله - فيكتابه: ( في ظلال القرآن) : ( وبذلك تنتهي هذه الحلقة من سيرة ذي القرنين. النموذج الطيب للحاكم الصالح. يمكنه الله في الأرض, وييسر له الأسباب; فيجتاح الأرض شرقا وغربا; ولكنه لا يتجبر ولا يتكبر, ولا يطغى ولا يتبطر, ولا يتخذ من الفتوح وسيلة للغنم المادي، واستغلال الأفراد والجماعات والأوطان, ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق; ولا يسخر أهلها في أغراضه وأطماعه.. إنما ينشر العدل في كل مكان يحل به, ويساعد المتخلفين, ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل; ويستخدم القوة التي يسرها الله له في التعمير والإصلاح, ودفع العدوان وإحقاق الحق. ثم يرجع كل خير يحققه الله على يديه إلى رحمة الله وفضل الله, ولا ينسى وهو في إبان سطوته قدرة الله وجبروته, وأنه راجع إلى الله." نسبه اختلف فية فقيل انه من حمير وقيل انه الإسكندر المقدوني والله اعلم بذلك)
16- قال الشيخ محمد علي البار, في كتابه : ( إضاءات قرآنية ونبوية في تاريخ اليمن) : ( أن التبابعة ملكوا الدنيا في زمانهم, وأن أحدهم ويدعي تبع الأقرن هو نفسه ذوالقرنين الذي حكم الدنيا, والذي جاء ذكره في القرآن الكريم, كما أن منهم من وصل إلي الصين, والتبت, والتركستان, وبني مدينة سمرقند, وذهب إلي أفريقيا... وحكم كلا من مصر وشمال أفريقيا وغيرها ).
وذكر أيضا ً في موضع آخر في (نفس المصدر السابق ): ( وهذه أمور فيها كثير من المبالغات والأساطير, ولا يوجد أي دليل تاريخي عليها, إلا أن هناك أدلة قوية علي أن هؤلاء الملوك وحدوا اليمن, وامتد ملكهمإلي باقي أجزاء الجزيرة العربية, فوصلوا إلي كل من مكة المكرمة, ويثرب,وغيرها من المدن الرئيسية في شبه الجزيرة, أما ما عدا ذلك فهي إضافات وقصص تحتاجإلي دليل).
وأضاف أيضا في موضع آخر في (نفس المصدر السابق ): ( أن الاستاذ أحمد حسين شرف الدين وضع قائمة بملوك التبابعة, وذكر أن حكمهم امتد في الفترة من(275 م ـ533 م); وإذا سلمنا برواية الشيخ ألأزرقي - رحمه الله - في كتابه: (أخبار مكة ) أن ذي القرنين - عليه السلام - عاصر نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام - وآمن برسالته, وطاف بالبيت معه, وأن نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام - عاش في الألفية الثانية قبل الميلاد, استحال أن يكون ذوالقرنين من التبابعة لأن الفارق الزمني بين آخر عهد نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـوأول عهد ملوك التبابعة يزيد علي الألفي سنة).
17- قال حمدي بن حمزةالصريصري الجهني , في كتابه : ( فك أسرار ذي القرنين -أخناتون - ويأجوج ومأجوج) في: (الطبعه الثانية):
( أن ذي القرنين هوالملك المؤمن أخناتون أحد ملوك مصر القديمة من الأسرة الثامنة عشر, والذي تولي ملك مصر في القرن الرابع عشر قبل الميلاد من:
(1360 ق.م ) إلي: (1342 ق.م), أومن: (1379 ق.م ) إلي: (1362 ق.م)
وذكر أيضا في موضع آخر في (نفس المصدر السابق ): ( أن أخناتون هذا كان معاصرالنبي الله موسي ابن عمران ـ عليه السلام - , وأنه هو ابن الفرعون أمنحوتب الثالث الذي قالإنه اتبع نبي الله موسي ـ عليه السلام ـ حتى البحر فأغرقه الله تعالي هو وجنده في اليم)
وأضاف أيضا في موضع آخر في (نفس المصدر السابق ): ( إن أخناتون هو مؤمن آل فرعون الذي جاء في سورة غافر والذي كان يدافع عن نبي الله موسي ـ عليه السلام ـ في بلاد أبيه أمنحوتب الثالث. وهذا الكلام يخالف حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي قال فيه : ( سابقوا الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفةعين: حزقيل مؤمن آل فرعون, وحبيب النجار صاحب يس, وعلي بن أبي طالب ).
وبناء على ماجاء في تفسيرات وأراء واجتهادات العلماء والمفسرين والكتاب والباحثين عبر التاريخ قديما ًوحديثا التي ذكروها في تفسيراتهم وكتبهم وأبحاثهم حول شخصية ذي القرنين
نقول: اننى أرجح أن يكون الإسكندرالأكبر هو ذي القرنين الذى جعله الله تعالي خليفته في الأرض ومكن له فيها وأعطاه العلم والحكمة,والسلطان, ويسر له أسباب الملك, والفتح, فدانت له البلاد, وخضعت له رقاب العباد, وخدمته جميع الأمم من العرب والعجم. ولذلك قال الله تبارك وتعالي عنه في محكم كتابة العزيز:
{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) }
( سورة الكهف:85,84)
وهكذا يبقي ذكرالقرآن الكريم للنبي الملك ذي القرنين وجها من أوجه الإعجاز ألإنبائي والتاريخي في كتاب الله تبارك وتعالى , يشهد لهذا الكتاب الخالد بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية كما يشهد لخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا ومولانا محمد (صلى الله عليه وسلم) بأنه كان موصولا بالوحي ومعلماً من قبل خالق السماوات والأرض ...
نقلا عن كتاب : (أمم يأجوج ومأجوج أكثر سكان عالم جوف الأرض الداخلي)