أغرب سرقة بنك فى التاريخ
ماذا تحتاج لتسرق بنكا ؟
جاروف ، لاسلكى ، مسدس لحام ، بعض الذكاء وبالتأكيد ... النية الخالصة !
هذا بالظبط ما قام به مجموعة من اللصوص المحترفين فى شارع (بيكر) بمدينة
(لندن) فى 11 سبتمبر 1971 .. ليس الغريب أنهم إستطاعوا سرقة البنك ، الأغرب
أنهم إستطاعوا أن يفلتوا بفعلتهم دون ان يقضى أحدهم ولو يوما واحدا فى السجن !
على الرغم من هدوء الليل فى ليلة إجازة نهاية الإسبوع فى مدينة لندن ، وعلى الرغم
من السكون الذى غلف المحلات الواقعة فى شارع (بيكر) الشهير بلندن ، إلا أن
مجموعة من اللصوص كانت تعمل على قدم وساق داخل محل المصنوعات الجلدية (لو
ساك) الواقع بالقرب من بنك (لويدز) ، وكانت مهمتهم أشبه بتلك المهمات التى لا
نشاهدها سوى فى أفلام هوليود ... حفر نفق يمر تحت الأرض حتى يصل إلى أسفل
خزانة البنك الشهير .
مرت الساعة تلو الأخرى ، والإتصال لا ينقطع بين اللصوص وزميلهم الذى يتولى
مراقبة الشارع من على سطح إحدى البنايات ، إستعمل اللصوص موجات الاسلكى
للتواصل مع زميلهم (الناضورجى) ، كان هذا قبل سنوات عديدة من إختراع الموبايل
بالطبع .
بعد مجهود طويل والكثير من المشكلات الفنية فى عملية الحفر ، أصبح اللصوص
تحت الخزانة الرئيسية للمصرف ، إستعملوا المعاول اليدوية لعمل فتحة صغيرة فى
الأرضية ، ثم تسللوا كالفئران واحدا تلو الأخر إلى داخل الخزانة المُحصنة .
بإستعمال ألات اللحام بدأ اللصوص فى فتح الخزانات واحدة تلو الأخرى ، ولأنه بنك
للطبقة الراقية والغنية ، ويتعامل معه صفوة رجال المجتمع البريطانى والعديد من
الصفوة فى الدول الأخرى ، فإن قيمة الودائع المحفوظة فى خزائن البنك لا تتوقف فقط
على قيمتها المادية المرتفعة ، إنما يوجد بالخزائن الكثير من التحف والمجوهرات
والوثائق الثمينة والتى لا يُقدر الكثير منها بمال .
فى مساء نفس الليلة تلقت الشرطة اللندنية إتصالا تليفونيا أيقظ رجالها من كسل
ورديات الإجازات ...
كان الإتصال من هاوى دردشة عبر موجات الاسلكى يدعى (روبرت رولاندس) ، كان
يقتل الملل بالتنقل بين محطات الاسلكى باحثا عن هاوى أخر يتبادل معه الحديث –
لاحظ أن الحادثة وقعت فى 1971 قبل وجود الإنترنت ومواقع الدردشة والفيس بوك –
لاحظ (روبرت) حديثا يدور بين عدد من الأشخاص يتحدثون فيه عن سرقة بنك ،
وفهم من الحديث أن المتحدثين هم مجموعة من اللصوص يتحدثون مع (ناضورجى)
يراقب الموقف من بعيد ... قام روبرت بوضع شرائط لتسجيل الحوار ثم أجرى إتصالة
بالشرطة التى ظنته مراهقا يكذب فى البداية ثم سرعان ما صدقت البلاغ وبدأت
بالتحقيق السريع فى الأمر .
بدأت الشرطة البريطانية فى التفتيش على البنوك الموجودة فى شارع (بيكر) بالكامل ،
وهى ليست بالمهمة السهلة لأن شارع (بيكر) به عدد ضخم جدا من البنوك
والمؤسسات المالية ، وهو إلى حد ما يشبه منطقة (وسط البلد) بالقاهرة أو ربما أكبر
من ذلك.
قام البوليس بتفتيش 750 بنكا فى دائرة قطرها 10 أميال هى المساحة التى يغطيها
جهاز الراديو الخاص بـ ( روبرت) ، كان من بينها بنك (لويدز) بالفعل ، وكان
اللصوص بالداخل فى تلك اللحظة ، إلا أن وجود الأبواب الأمنية الخاصة بحفظ
الخزينة أكدت للبوليس أن أحدا لم يقتحم البنك ، ولم يدر بخلد أحد أن اللصوص
تسللوا كالنمل الأبيض من تحت الأرض .
فى الصباح إكتشف العاملين بالبنك غياب 3 مليون جنية إسترلينى ( ما يعادل 31
مليون جنية إسترلينى بحساب عام 2008) .
إنتشر الخبر وتوافد مئات من عملاء البنك للتأكد من سلامة محتويات خزاناتهم
الشخصية ، بالإضافة للنقود المسروقة كان هناك الكثير من التحف والقطع الذهبية
والأوراق الغاية فى الأهمية ، وكلها أشياء لا تُقدر بمال .
وكانت فضيحة عالمية .. وبجلاجل !
أ ُشيع أيضا أن من ضمن المسروقات صندوق إئتمان به بعض المستندات التى يمكن
إعتبارها على أعلى درجات السرية وتمس الأمن القومى البريطانى ، مم يفسر إقبال
الحكومة البريطانية على إستعمال ما يُعرف بقانون ( دى إيه) الخاص بمنع كافة
ئل الإعلام من تناول موضوع محدد لإتصالة بالأمن القومى للدولة ، وهو ما تم بالفعل
حيث تم منع جميع وسائل الإعلام من تناول الموضوع ، وتم الضغط على (روبرت)
هاوى الاسلكى بعدم التحدث للصحافة عن ما سمعه من تسجيلات تمت بين اللصوص
عبر الاسلكى فى هذه الليلة .
الغريب فى القصة كلها ، أن هوية اللصوص لم يتم الكشف عنها حتى لحظة كتابة هذه
السطور ! وفى 2008 إستقبلت دور العرض الفيلم الهوليودى
The bank job
والذى يحكى عن هذه السرقة من خلال وقائع جديدة تقول أن الأوراق السرية التى
تخص الأمن البريطانى لم تكن سوى صورا جنسية فاضحة للملكة مارجريت ملكة
إنجلترا ، والذى أودعها هو (مايكل إكس) وهو من المدافعين عن حقوق السود فى
إنجلترا ، ويبدو أنه كان يستعملها كورقة ضغط على الحكومة البريطانية ، ويبدو أيضا
أن اللصوص ساوموا الحكومة البريطانية للتغطية على شخصياتهم والسماح لهم
بالرحيل بالنقود مقابل عدم تسريب الصور الفاضحة ، وهو ما حدث بالفعل .
يعرض الفيلم أيضا لنظرية أخرى لتفسير الحادث ، هى أن أحدا ما فى المكتب الخامس
ريطانى (المخابرات البريطانية) هو الذى سهل للصوص عملية السرقة وأمدهم بطريق
غير مباشر بأفضل الأوقات للسرقة والفترة التى يتوقف فيها إنذار البنك عن العمل
لصيانتة ، والعديد من التفاصيل الأخرى ، وذلك بهدف الحصول على الصور المشينة
الخاصة بالملكة .
إلا أن تحقيقا صحفيا نُشر فى صحيفة التايمز فى أوائل 1973 أشار إلى أنه تمت
محاكمة المتهمين أمام القضاء البريطانى ، وكانت أسمائهم (أنتونى جيفن) 38 سنة
ويعمل مصورا و (توماس ستيفنس) 35 سنة ويعمل كتاجر سيارات و (بنيامين
وولف) 66 سنه ويعمل تاجر تحف ، أما العقل المدبر للعملية كلها فلم يتم الإعلان عن
إسمه أبدا حتى الأن .
ومابين الحقيقة والكذب .. الصدفة والتخطيط .. تبقى عملية بنك (لويدز) من أغرب
عمليات سرقات البنوك فى التاريخ .. أو أغربها على الإطلاق .
تعليق