الرؤية النفسية
(1)
برز أول استخدام رسمي لـ " الرؤية النفسية " خلال "جلسة غشية " وذلك في قضية جنائية وقعت أحداثها في عام 1845 حينما أشارت مستبصرة باصبع الاتهام إلى مشتبه به في الأحداث حيث اعترف في وقت لاحق بما ارتكبه لكن تفاصيل القضية لم توثق جيداً بما يكفي لنقرر ما إذا كان تخمين "النفسانية" صائباً، فربما كانت تعرف الصبي أو أنها بالفعل "شاهدت" الجريمة بحاستها السادسة.
بغض النظر عن ما إذا كان بإمكان الحدس أن يأتي بـ " ومضات " من المعلومات يجري تفسيرها في وقت لاحق إلا أنه يدعم عمليات البحث التي قد تسفر عن أدلة ومعلومات محددة عن الجريمة حتى لو لم ينجح في منع أياً من الجرائم. إذ حاولت (جين ديكسون) تحذير البيت الأبيض من رؤية كانت قد أبصرتها قبل إغتيال الرئيس الأمريكي (جون كينيدي) لكن بيدو أنها لم تفعل ما يكفي أو أن أحداً لم يلاحظ أو يهتم لرؤيتها، اغتيل كينيدي رغم أن النفساني (كريس روبنسون) أبلغ عن توقعه لجريمة القتل واتصل بدوره مع والدة من سيكون ضحية قريباً لكن تم تجاهله ووقعت الجريمة.
كذلك قامت (دوروثي نيكرسون) بالإتصال بمتجر في ولاية اريزونا في عام 1982 وهي متأكدة من أن عملية سرقة ستطاله في الليلة التالية ، وبناء على هذا ألقت الشرطة القبض على رجل مسلح كان يتسكع في مكان قريب وقد يكون التخطيط لسرقة المتجر مجرد تخمين يمكن أن يقوم به أي شخص ، لكن (دوروثي)في الواقع شاهدت رجلين في رؤيتها يقومان بذلك ، وعندما يتم إحباط الجريمة فمن يستطيع عندئذ أن يقول بأنها كانت ستحدث .
المشكلة مع الرؤية المستقبلية هي أن يكون لديك عدد كاف من التوقعات الخاطئة أو السخيفة ، أو أن يكون لديك عدد كاف من الوسطاء الذين يبالغون في نجاحاتهم ، أو أن قلة من الناس سيلغون رحلتهم لمجرد أن نفسانياً أخبرهم بأن الطائرة التي يستقلونها في طريقها للتحطم ، وسيكون من الصعب أن تأخذ بأفكار مثل هؤلاء الناس على محمل الجد ، ففي عام 1999 على سبيل المثال ، توقع عدد من هؤلاء النفسانيين مجتمعين بأن زلزال كبيراً سيضرب كاليفورنيا خلال فترة زمنية محددة لكن لم يحدث شيء يذكر.
المخبرون النفسانيون
وفقاً لـما ورد في كتاب (جيني راندلز )و (بيتر هوغ) الذي حمل عنوان " المخبرون النفسانيون " Psychic Detectives ( كتاب جمع تقارير وقبل بجميع القصص على علاتها من دون أن يتحقق من قدرات النفسانيين ) كانت مجتمعات قدماء الإغريق والرومان تعتمد على النبوءات لتعرف عن الأحداث المستقبلية ويوجد إعتقاد عام بأنه لدى أشخاص محددين تلك القدرات ولذلك فأنهم يعتبرون مرجعاً فعلياً للأمور الغير منظورة وغالباً ما يلقون التبجيل و تطلب مشورتهم واستمر الاعتقاد في "العرافين" على مدى العصور ، والقرن 16 شهد بروز نوستراداموس الغامض وأنتج العصر الفيكتوري ما يسمى بـ "الروحانيين" حيث كان الكثير منهم دجالون ويدعون الناس إلى جلسات إستحضار الأرواح بهدف التواصل مع أرواح الموتى.
جاك السفاح
في عام 1888 انخرط هؤلاء النفسانيون في قضية عرفت باسم جرائم القتل في (وايتشابل) أو جرائم الرجل المعروف باسم "جاك السفاح"، ففي غضون 10 أسابيع امتدت منذ نهاية أغسطس إلى نوفمبر قتل أحد الأشخاص 5 مومسات (اثنان منهن في ليلة واحدة) وكان يقطع رقابهن ويخرج أعضائهن الداخلية وتوقفت عمليات القتل على نحو أسرع منذ أن بدأت ولم يكشف عن هوية جاك أبداً ، كان هناك حفنة من المشتبه بهم لكن لم توجه إلى أياً منهم أبداً تهمة أو إدانة عن هذه الجرائم البشعة ، وفي محاولة لاكتشاف القاتل أو على الأقل متى سيقوم بفعلته مجدداً عقد "الروحانيون " جلسات في جميع أنحاء إنجلترا وتم الكشف عن تفاصيل بعض تلك الجلسات في الصحف، حيث تنوعت تلك المعلومات من وصف لندوبه أو مقر اقامته أو شركائه وكان ذلك ما كان بإمكانهم التوصل إليه من إنطباعات.
وقال أحد أولئك النفسانيين أنه القاتل كان يرتدي سترة تويد (نسيج صوفي خشن)وأنه أخذ رجال الشرطة إلى منزل طبيب ولاحقاً تم نقله إلى المستشفى لعلاجه من مرض عقلي ، ومع ذلك لم يزود أياً من النفسانيين معلومات من شأنها أن تقود لحل لغز جرائم "جاك سفاح" وبشكل قاطع.
وبعد إنقضاء أكثر من قرن حاولت (باميلا بول) الإتصال مع الضحايا أو مع القاتل من خلال قناة إتصال أو ما يسمى Channeling وهو مصطلح يشير إلى تلقي رسائل مزعومة أو إلهام من كائنات غيبية أو أرواح ويصبح فيه الشخص الحي وسيلة أو مطية لكي تتكلم الأموات عبره ، وكانت تسمي طريقتها " دليل الوساطة الروحانية" ، وكانت تستخدم وسائل مختلفة أيضاً بما فيها الخرائط الفلكية الخاصة بالضحايا أو الاتصال بشخص لديه معرفة "داخلية فخالجتها إحاسيس بالغثيان والخضوع وصور لعدة رجال مما يدل على وجود أكثر من قاتل واحد وحاولت الاتصال بعدد من المشتبه بهم وتوصلت إلى إستنتاج مفاده أن هناك أسراراً سياسية يعلمها معظم الضحايا وكانت سبباً في مقتلهن ، لكن ما وصلت إليه (باميلا بول) لن يغير من قناعة الناس المهتمين بالأدلة العلمية فمع مرور الوقت تلوث مسرح الجريمة ، إضافة إلى الإفتقار إلى وجود أي شيء مادي واضح متعلق بـ السفاح (ولا حتى رسائل أو أي أمر محدد) فلم يعد من المحتمل إثبات أن أياً من المشتبهين هو جاك.
في الواقع سألت (باميلا بول) القوى التي تعيش في عوالم أخرى فيما إذا كانوا على علم بهوية جاك فحصلت على الجواب "لا". لكنها تميل إلى تأييد الفكرة مفادها تورط أحد أفراد العائلة المالكة في الجريمة ، وهي نظرية مثيرة جداً لكن لا يمكن الركون إليها كما أنه لا يمكن التحقق من أياً من افتراضاتها التي نجمت عن إنطباعاتها النفسانية .
رغم أن الإتصال بضحايا الجرائم بعد وقت طويل من إرتكابها يمكن أن يكون ممارسة مذهلة فإن هؤلاء النفسانيون الذين انخرطوا في أجواء تحقيق (سنذكره )قدموا أفضل ما لديهم من وسائل تحقق لقدراتهم (إن كانت ذلك فعلاً) وهذا ما سنطلع عليه في قضية نسردها في الجزء الثاني من سلسلة " المخبرون النفسانيون".
وأخيراً ..كان موقع ما وراء الطبيعة قد تناول رؤى السيدة فرح عيسى التي ساعدت في إلقاء القبض على مرتكبي جرائم القتل والتي نشرت في الصحف والمجلات وبثت في لقاءات تلفزيونية .
يعرض الفيلم حادثة إختفاء مظلي سابق لم يترك وراءه أي أثر يدل على مكان وجوده، ولما عجزت الشرطة عن العثور عليه استعانت بالنفسانية أنيت مارتن ، فهل ساعدت رؤاها على تحديد موقع الرجل المفقود في مساحة لا تزيد عن 8 كيلومتر مربع ؟ ، شاهد لتعرف في فيلم يحمل عنوان
المخبرون النفسانيون.
Pyschic Detectives
تعليق