نهاية المطاف ..
الموت
بالنظر إلى الموت باعتباره آلية للفناء والهلاك الشامل للوجود الفاعل، وكذلك وسيلة لاختراق حاجز الزمن والانتقال من بعد لآخر لهذا لا نجد حضارة إلا وأولته أهمية خاصة ولذات السبب اكتسبت دراسة الموت أهمية قصوى ضمن المشكلات الفلسفية الكبرى والتي احتفظت دوماً بقوتها وحساسيتها ، ومع التسليم بحتمية الموت إلا أن الكثيرون يحاولون تجاهله والفرار منه باعتباره هازم اللذات ومفرق الأحباب والأصحاب وفي هذا يقول بوسوية : " إن اهتمام الناس بدفن أفكارهم عن الموت لا يقل شأناً عن اهتمامهم بدفن موتاهم " .
فخوف الناس من الموت هو الذي حدا بهم إلى تجاهل التفكير في الموت أو العمل علي تناسيه ولهذا فإن النقاط الأكثر حيوية والتي تفجرها دراسة مشكلة الموت تتجاوز حدود إثبات حتميته وبأنه الحقيقة التي تستيقن منها النفوس وما تفرزه من رهبة وخوف وإحساس قوي بأن الحياة مهزلة مأساوية قوامها العبث الأمر الذي حدا بالكثيرين لدراسة إشكالية التصالح العاطفي والعقلي مع الموت في محاولة منهم لإيجاد طمأنينة تخفف من هوله .
لقد كان الإنسان في العصور الأولى لا يهتم كثيراً بالأسباب المادية للموت مثل تضاؤل الطاقة الوظيفية للجسم البشري وحدوث خلل جوهري في الوظائف الحيوية للجسد المادي بقدر ما كان أكثر اهتماماً بالبعد الروحي والغيبي للموت حيث كان أكثر يقيناً بوجود قوة خفية تتحكم بصورة شمولية في المكونات المادية وغير المادية للكون ولهذا كان لا يهتم بكيفية حدوث الموت بقدر اهتمامه بتحقيق شكل من الرضا والتوافق مع تلك القوة المهيمنة وأن تعددت لديه مصادر تلك القوة الروحية والخفية فهو يحتمي بالأقوى والأرحم حسب اعتقاده .
الموت قديماً
لم يكن ينظر إلى الموت قديماً باعتباره رجوعاً بالفرد إلي العدم بل هو تغيير في طريقة الاتصال بين الفرد والآخرون حيث أن الميت يحيا بينما هو ينتظر البعث ويعتقد أهالي قبائل أوجيبوا Ojibwo في شرقي الولايات المتحدة وكندا أنه إذا مات فرد فإنه يبقي كائناً واعياً علي نحو ما كان وهو علي قيد الحياة ، وأن موته قد حال ببساطة بينه وبين الاتصال بالأحياء بطريقة يمكنهم التعرف عليها ، وروحه التي لا تزال واعية بصورة كاملة ومفعمة بكل الأشواق والرغبات الإنسانية ترحل إلى أرض الموتى إلي أن تصل إلي شجرة فراولة هائلة ، فإذا تناول شيئاً من ثمارها فإن عودته عندئذٍ إلى أرض الأحياء والحياة ملء أهابه تصبح أمراً مستحيلاً للأبد .
- وفي شمال اليابان لدي قبائل تاسمانيا وساموا والآبنوس يؤمنون بأن الإنسان له
بديل روحي ويؤكدون على ذلك بظهور أرواح الموتى في الأحلام وسكان الإسكيمو
يعتقدون بأن لكل إنسان روح تغادر الجسد وتخرم جسم امرأة حبلي ليولد من جديد
في أيهاب طفل ، أما قبائل الهوبيس Hopis في أريزونا فيؤمنون بأن لكل
الكائنات العاقلة وغير العاقلة أجساماً أثيرية أو أرواحاً .
اما في ظل هيمنة الفكرة القائلة بأن الزمن دائري لم يكن ينظر إلى الموت باعتباره
دماراً شاملاً بل كان ينظر إليه باعتباره إنعتاقاً من هذه الحياة ومكافأة علي عمل الإنسان في مرحلته الأولى لهذا كان الإيمان بالخلود يسير جنباً إلي جنب مع النظرة إلي الزمن باعتباره يسير في دائرة ثابتة متجددة وهذه الطائفة يقال لها الدورية وهي طائفة من الدهرية وهم منكرون للبعث ومنكرون للخالق أيضاً وهم يعتقدون أنه في كل 36 ألف سنة يعود كل شئ إلى ما كان عليه ، وزعموا أن هذا قد تكرر مرات لا تتناهى وهم في ذلك يتشابهون مع الصنف الأول من الدهريين منكرو المبدأ والمعاد والزاعمين بأن الأكوان تتصرف بطبيعتها فتوجد وتعدم بأنفسها ليس لها رب يتصرف فيها ، إنما هي أرحام تدفع وأرض تبلع وهذه الطوائف ينطبق عليهم ما ذكره الله في القرآن الكريم :
" وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر" .
وفي تفسير هذه الآية علي قولين الأول معنى قولهم " نموت ونحيا
" إلى يموت الآباء ويحي الأبناء هكذا أبداً وهو قول الطائفة الثانية أما
المعني الثاني أنهم عنوا كونهم يموتون ويحيون هم أنفسهم ويتكرر ذلك منهم
أبداً ولا حساب ولا جزاء بل لا موجد ولا معدم ولا محاسب ولا مجازي وهذا قول
الدورية .
الموت في الفلسفات القديمة
اختلف الفلاسفة الإغريق في نظرتهم للموت حيث يري بعضهم أن الموت رهيب للغاية
ومخيفة هي أعماق الجحيم التي لا عودة منها " وهذا ما يؤكده هميروس :
" فلأن تعيش على الأرض عبداً آخر خير من أن تحكم كملك لا ينازعه السلطان أحد في مملكة الأشباح اللاجسدية " .
حيث أن الموت هو الشر الأعظم طالما أن الآلهة تعده كذلك وإلا لكانت قد ماتت كما تقول سافو . وفي الجانب المقابل قدم الإغريق المثل الأعلى للموت البطولة في سبيل الواجب والاستعداد
للتضحية في سبيل القيم العليا وبالتالي نظر إلي الموت باعتباره ذروة
الحياة وقمة اكتمالها وبوصفه آخر المحن التي يتعرض لها الإنسان وأشدها قسوة
والاختبار الحقيقي لقيمته " .
ولقد كان فيثاغورس يؤمن بتناسخ الأرواح وذلك بغرض تطهير الروح من خلال انتقالها من جسد لآخر ومع كل وجود جديد تحتفظ الروح بنقائها وكلما أزداد نقائها أصبحت أكثر اقترابا للاتحاد
النهائي مع الله وبالنسبة لفيثاغورس تعتبر الفلسفة هي الآلية التي تؤكد
خلاص الروح والمعجل بالتوحد مع الله .
أما إسخليوس فينظر إلي الموت كعلاج من بؤس الحياة : " شقاء وعناء هي حياة الإنسان وما من وجود للخلاص والسلام ، ويقيناً هناك حياة أفضل تحفها البركة والقداسة لكنها حجبت في رحم الغيوم والظلام ، وهكذا فأننا نتشبث يائسين بروائع هذا العالم الخداعة لا شئ إلا لأننا لا نعرف حياة أخرى ، وما من عين بشرية تخترق ظلال الموت وأوهام الإيمان تضللنا " .
الموت في الإسلام
لقد ذكر الإمام الراغب الأصفهاني في كتابه " تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين ": " لم ينكر الميعاد والنشأة الأخرى إلا جماعة من الطبيعيون أهملوا أفكارهم
وجهلوا أقدارهم وشغلهمعن التفكر في مبدأهم ومنشأهم شغفهم بما زين لهم من حب
الشهوات المذكورة في قوله تعالى :
" زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث "
، أما من كان سوياً ولم يمشي مكباً علي وجهه كالأنعام بل هم أضل
سبيلاً وتأمل أجزاء العالم ، علم أن أفضلها ذوات الأرواح وذوو الإرادة
والاختيار في هذا العالم .
وأفضل ذوي الإرادة والاختيار الناظر في العواقب وهو الإنسان فيعلم أن النظر في العواقب من خاصية الإنسان وأنه لم يجعل تعالى هذه الخاصية له إلا لأمر جعله له في العقبى ينتهي إليها ، غير أن هذه الحياة الخسيسة المملوءة نصباً وهماً وحزناً ولا يكون بعده حال مضبوطة ، فكان أخس البهائم أحسن حالاً من الإنسان ، فيقتضي أن
تكون هذه الحكم الإلهية والبدائع الربانية التي أظهرها الله تعالى في الإنسان ليست عبثاً كما نبه الله عليه بقوله تعالى :
" أفحسبتم إنما خلقتكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون " .
ويقول الإمام علي (كرم الله وجهه) : " الدنيا دار ممر لا دار مقر ، فاعبروها ولا تعمروها لقد خلقتم للأبد ولكنكم تنقلون من دار إلي دار حتى يستقر بكم القرار ".
ثم أضاف الراغب الأصفهاني :
- وأعلم أن الموت المتعارف عليه هو مفارقة الروح للبدن وهو أحد الأسباب الموصلة إلي النعيم الأبدي وهو انتقال من دار إلي دار ، فهو أن كان الظاهر فناء واضمحلال فهو في الحقيقة ولادة ثانية .. ولو لا هذا الموت لم يكمل الإنسان ، فالموت إذن ضروري في كمال الإنسانية ولكونه الموت سبباً للانتقال من حال أوضع إلي حال أشرف وأرفع سماه الله تعالي توفياً وإمساكاً عنده فقال تعالى:
" الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلي أجل مسمى " .
ولأجل أن الموت الحيواني انتقال من منزل أدنى إلى منزل أعلى أحبه من وثق بما عند الله ولم يكره هذا إلا أحد رجلين ، أحدهما من لا يؤمن بالآخرة وعنده أن لا حياة ولا نعيم إلا في الدنيا كمن وصفهم الله تعالى بقوله :
" ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر " .
والثاني يؤمن به لكن يخاف ذنبه ، فأما من لم يكن كذلك يحبه ويتمناه كما أحبه الصالحون وتمنوه . وقد روى عن النبي (ص) أنه قال : " من أحب لقاء الله أحب لقاءه " ، وقال تعالى: " فتمنوا الموت إن كنتم صادقين " تنبيهاً علي أن من يكون متحققاً حاله عند الله لم يكره الموت .
الموت هو باب من أبواب الجنة منه يتوصل إليها ولو لم يكن موت لم تكن جنة ، ولذلك منَّ الله تعالى به علي الإنسان فقال :
" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا "
فقدم الموت علي الحياة تنبيهاً علي أنه يتوصل به إلي الحياة الحقيقية ، وعد الموت نعمة من الله فقال تعالى :
" كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم "
فجعل الموت نعمة كما جعل الحياة نعمة لأنه لما كانت الحياة الأخرة نعمة لا وصول إليها إلا بالموت ، فالموت إذن نعمة لأنه السبب التي يتوصل به إلى النعمة ، ولكن الموت ذريعة إلي السعادة الكبرى، لم يكن الأنبياء والحكماء يخافونه حتى قال أمير
المؤمنين علي إبن أبي طالب : " والله ما أبالي أقع على الموت أم يقع الموت عليَّ "
قال تعالى :
" ولئن متم أو قتلتم لألى الله تحشرون "
تنبيهاً علي أن الموت سبيل الحياة المستفادة عند الله ويقول سبحانه وتعالى: "ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون "
فالنفس تحب البقاء في هذه الدار إذا كانت راضية بالأعراض الدنيوية أو جاهلة بما لها في المآل .
الموت السريري (الإكلينيكي)
أقامت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ندوة تحت مسمى" تعريف الموت البشري "
وذلك بالكويت في الفترة من 16-19 ديسمبر 1996 وقد ضمت الندوة صفوة مختارة
من العلماء والأطباء عرّفوا الأشراط والعلامات التي يعرف بها الموت بالآتي :
يعتبر الشخص ميتاً في إحدى الحالتين :
أولاً : التوقف الكامل الذي لا رجعة فيه لوظائف الجهاز التنفسي والجهاز القلبي الوعائي وهذا التوقف لا يمكن إثارته مرة أخرى .
ثانياً : التوقف الكامل غير المرجوع فيه لوظائف الدماغ الكلية وهذا المسمي بموت الدماغ .
وقد قرر الأطباء أنه يجب التحقق من حصول إحدى الحالتين حسب المعايير الطبية المقبولة -
أهمية الموت
تتضح أهمية الموت من كونه ضرروة للحياة نفسها وأيضاً لدوره الأخلاقي :
1- ضرورة للحياة
لولا الموت لما كانت حياة فمع محدودية الكون المادي فإن التنامي الغير محدود للكائنات الحية يخلق إشكالية بين مقومات البقاء والمقدرة على الإنتاج من جهة وبين مقدار الكائنات الحية من جهة أخرى.. فإذا جعل الحق سبحانه وتعالى الذباب "مثلاً" كائنات حية خالدة ، فمع معدل التكاثر المرتفع سوف يغطي الذباب الفضاء ويحجب ضوء الشمس ولأحدث ذلك خللاً عظيماً في الكون ولأصبحت حياة الإنسان مستحيلة . حيث أننا نلاحظ بأن معدلات "التكاثر"
للكائنات الحية تفوق معدلات نمو الموارد الاقتصادية والطبيعية الأمر الذي
ينذر بكارثة كونية .
بل أننا نلاحظ أن حياة الكثير من الكائنات الحية تتوقف على موت الكثير من كائنات أخرى ، فبعض الأسماك تتغذى ببعضها وعلى الكائنات الدقيقة في المياه ، ونجد أن بعض الحيوانات تعتمد على في غذائها علي بعضها البعض كما وأن الإنسان يتغذى ببعض الأنواع من الحيوانات حيث نلاحظ ذلك الترابط الفريد بين الموجودات على ظهر البسيطة هذا الترابط الذي ما كان يتم لولا وجود الموت ، وحتى داخل الكائن الحي الواحد مثل الإنسان فلولا موت الخلايا والمكونات الدقيقة التي يتكون منها هيكل الإنسان المادي لما أمكن نمو هذا الجسد واكتماله قوة بعد ضعف وحيوية بعد مرض.
2- ضرورة أخلاقية
إن منظومة القيم الأخلاقية تمثل قمة الهرم للبناء الاجتماعي والاقتصادي والقانوني ، ويظل هذا البناء قوياً ومتماسكاً وفاعلاً إذا سادت قيم العدل والحق والمعاني الإنسانية وهذه القيم بدورها تعتمد اعتمادا رئيسياً على النظرة للموت والخلود والجزاء والتي تمثل الشروط الضرورية في علاقة الإنسان بربه ومن جهة أخرى فإن الإيمان بالبعث عبر بوابة الموت وهو جوهر التدين
الذي يهدف دوماً للارتقاء بالقيم الفاضلة .
وتاريخياً نلاحظ أن الحقب الزمنية الذهبية والتي تميزت بالعدل والرحمة والإيثار والتكافل الاجتماعي وسيادة القيم الإنسانية السمحة هي تلك الحقب التي أعتبر فيها الموت بأنه بوابة لحياة جديدة وأن الدنيا مزرعة للآخرة وهي دار أعمال والآخرة دار حساب . فمع تنامي الإيمان بالخلود والبعث في كل العصور تتماسك أعمدة الفضيلة ويتم تدعيم أركان البناء الأخلاقي والعقدي ، يقول تعالى في القرآن الكريم :
" وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فأن الجنة هي المأوى " .
فالحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الموت والشكر للرحمن الذي جعل الموت بوابة يلاقي فيها المقربون الحق سبحانه وتعالى ويعاقب من خلالها الظالمون المستكبرون والمفسدون في الأرض .
الخوف من الموت
يقول العلامة الفيلسوف ابن مسكويه في علاج الخوف من الموت قائلاً : " لما كان أعظم ما يخلق الإنسان من الخوف هو الخوف من الموت وكان هذا الخوف عاماً وهو مع عمومه أشد وأبلغ من جميع المخاوف وجب أن أقول : أن الخوف من الموت ليس يعرض إلا لمن لا يدري ما الموت على الحقيقة ، أولا يعلم إلي أين تصير نفسه ، أو لأنه يظن أنه إذا أنحل وبطل تركيبه فقد أنحل ذاته وبطلت نفسه بطلان عدم ودثور ، وأن العالم سيبقي بعد ، كان هو موجوداً أوليس هو
موجود كما يظنه من جهل بقاء النفس وكيفية معادها ، أو لأنه يظن أن للموت ألماً عظيماً غير ألم الأمراض التي ربما تقدمته وأدت إليه وكانت سبب حلوله ، أو لأنه يعتقد أن عقوبة تحل به بعد الموت ، أو لأنه متحير لا يدري إلي أي شئ يقدم الموت، أو لأنه يأسف على ما يخلفه من المال والقينات ، وهذه كلها ظنون باطلة لا حقيقة لها
ثم يقول : " أن الموت ليس بشيء أكثر من ترك النفس استعمال آلاتها وهي الأعضاء التي مجموعها يسمي بدناً ، فإن النفس جوهر غير جسماني وليس عرضاً وأنها غير
فاسدة .. وأما الجوهر الروحاني الذي لا يقبل استحالة ولا تغير وإنما يقبل
كمالاته وتمام صورته ، فكيف يتوهم فيه العدم والتلاشي ".
وفي رده على من يخاف الموت لأنه لا يعلم إلي أين تصير نفسه ، وضح أن أمثال هؤلاء لا يخافون الموت علي الحقيقة وإنما يجهل ما ينبغي أن يعلمه ، فالجهل إذن هو الخوف إذ أنه هو سبب الخوف ، وهذا الجهل هو الذي حمل الحكماء علي طلب العلم والتعب فيه ، فهانت عليهم أمور الدنيا كلها واستحقروا جميع ما يستعظمه الجمهور من المال والثروة والخسيسة والمطالب التي تؤدي إليها إذا كانت قليلة الثبات والبقاء ، سريعة الزوال والفناء ، كثيرة الهموم إذا وجدت عظيمة الغموم إذا فقدت ، فاقتصروا فيها علي المقدار الضروري في الحياة .
تعليق