المافيا
نشأتها وتكوينها
من الملفت للنظر أن الكثير منا يعتقد بأن المافيا منظمة حديثة التاريخ بعمر افتراضي لا يتجاوز الـ100 عام .. في الواقع يرجع تاريخ المافيا إلى القرن الثالث عشر مع غزو الفرنسيين لأراضي صقلية الإيطالية في سنة 1282 بعد فساد نظام الحكم في فرنسا، ولعل عدم إلمامنا بذلك يعود إلى كون المافيا بشكلها الحديث لم تعرف إلا في نهاية القرن التاسع عشر، ومن ثم اكتسبت المزيد من الشهرة لتظهر كأقوى منظمة إجرامية عالمية من خلال انتقال جزء كبير منها إلى الولايات المتحدة مع مطلع القرن العشرين.
هناك العديد من الروايات التي تفسر سبب تسمية هذه المنظمة بـ (المافيا( فهناك من يرد التسمية إلى أصل عربي بينما تنتشر حكاية إيطالية قديمة تقول بأن جزيرة صقلية شهدت مرحلة نشوء وتبلور منظمة سرية لمكافحة الغزاة كان شعارها:
)موت الفرنسيين هو صرخة إيطاليا) فجاءت كلمة مافيا من الحروف الأولى لهذا الاسم وأصبحت رمزاً للمنظمة.
من جانب آخر هناك من يذكر بأن نشأة المافيا كانت نتاجاً طبيعياً للتمرد والعصيان الذي ظهر بصقلية عقب قيام أحد الغزاة الفرنسيين بخطف واغتصاب فتاة إيطالية في ليلة زفافها سنة 1282 م مما أشعل نار الانتقام في صدور الإيطاليين فسفكوا دم الفرنسيين انتقاماً لشرفهم وأعراضهم .. وكان شعارهم في ذلك اليوم هو الصرخة الهستيرية التي أطلقتها أم الفتاة وهي تجري في الشوارع صارخة: ” (ابنتي، ابنتي).
ولعل الكثير من زعماء المافيا يؤمنون بالتفسير الأخير ويشيرون إليه بشكل دائم لما فيه من معاني حسنة، تقوم على الدفاع عن العرض والشرف والذود عنه، على الرغم من ارتباط اسم المنظمة بالإجرام والاغتيال فيما بعد .. الجدير بالذكر أن المافيا القديمة تختلف اختلافاً كلياً عما عليه المافيا الحديثة بعد أن تخلصت من كل ما يربطها بجذورها الأساسية على يد زعيمها (لاكي لوسيانو).
المافيا الأمريكية الحديثة:
المافيا الأميركية الحديثة تشكلت مع انتقال الإيطاليين من صقلية ونزوحهم إلى الولايات المتحدة نظراً لانخفاض مستوى المعيشة والفقر الشديد الذي كانوا يقاسونه، ويقدر عمرها في أمريكا بقرن من الزمان وتتميز بتخلصها من طابع المافيا الإيطالية وتقاليدها.
ولم يكن اليهود لتفوت عليهم هذه الفرصة السانحة في السيطرة على عصابة كهذه فكانت البداية على يد السفاح اليهودي (ماير لانسكي) الذي أوعز إلى (لاكي لوسيانو) اغتيال آخر زعماء المافيا القديمة (سلفادور مارانزانو) سنة 1931.
لوساينو كان يرى بأن مافيا صقلية بزعمائها وتقاليدها القديمة تعرقل أهدافه، كالوصول إلى الثروة والمال أياً كانت الوسيلة أو الثمن .. بالإضافة إلى أن المافيا القديمة كانت تقدس أموراً كالشرف والكرامة والعادات والتقاليد وهو ما كان يراه أمراً ثانوياً فكان عليه أن ينتزع المافيا الحديثة من جذورها الأساسية في صقلية، فتطبعت المافيا الأمريكية الجديدة بطابع يهودي بفضل بصمات ماير لانسكي الواضحة في سماتها والتي جعلت من المال والسيطرة هدفاً أساسياً لها دون النظر إلى الثمن
مما تتكون المافيا ؟
المافيا جهاز معقد للغاية يبدأ تكوينه بما يسمى بـ(العائلة) كما شاهدنا في الكثير من الأعمال السينمائية، وهي عبارة عن مجموعة من الأشخاص يجمعهم رابط معين كرابطة الدم، الصداقة، النسب .. أو حتى المدينة أحياناً، ويتزعمها عادةً أقوى الأفراد شخصية وأجدرهم بالقيادة وتتم مبايعته من بقية الأفراد وتكون لكل عائلة سمة معينة أو نشاط إجرامي يميزها عن بقية العائلات.
تأتي بعد ذلك المرحلة الثانية وهي عبارة عن الوحدة الأكبر أو العائلة الكبرى، بانضمام عدد من العائلات المتشابهة في النشاط إلى بعضها ويتزعمها زعيم منتخب من العائلات الصغيرة وفي الأخير يخضع الجهاز بأكمله إلى الرائد الكبير للمافيا والذي عادةً ما يكون في صقلية، وأحياناً قد يشارك في إدارة دفتها أكثر من قائد ممن يشهد لهم بالكفاءة والتاريخ العريق.
ولعل مما يميز المافيا إلى جانب تركيبه المعقد هو الطاعة الشديدة والولاء الكامل للرؤساء لدى أفراده ولعل هذا الوصف يسري في غالبه على مافيا صقلية والتي تختلف بشكل كبير عن مافيا لوسيانو، الذي بدأ بتكوين عائلات جديدة للمافيا عبر بناء أبسط تركيباً يختلف من عائلة لأخرى .. لا يربطه بمافيا صقلية سوى الاسم.
*- أشهر عائلات المافيا :
حازت بعضت العائلات في تاريخ المافيا على شهرة تعدت في بعض الأحيان النطاق المحلي والإقليمي، وتوزعت العائلات على الولايات المتفرقة وتباينت سطوتها ونفوذها بين ولاية وأخرى، ففي نيويورك كانت هناك عائلة لاكي لوسيانو وعائلة جو بنانو وعائلة ألبرت أنستازيا واشتهرت الأخيرة بتعداد أفرادها الضخم .. بالإضافة إلى عائلتي جون جوتي وجوزيف بروفاس ، فيما ظهرت في شيكاغو أشهر عائلات المافيا على الإطلاق .. عائلة آل كابوني.
ويختلف عدد الأفراد في كل عائلة فهناك عائلات يصل عدد أفرادها إلى ما يزيد عن الـ600 شخص كما في عائلة ألبرت أنستازيا وهناك ما يزيد على الـ1000 كعائلة آل كابوني، ولكل عائلة رئيس ونائب وهناك ما يسمى بالقادة الميدانيين – كشخصية مايكل مادسن في ومجموعة من المرتزقة والرعاع يقومون بتلقي التعليمات من رئيسهم، وتدور الأموال فيما بينهم بنسب متفاوتة حسب التسلسل القيادي.
*- بماذا اشتهرت المافيا وما نوع السيارات التي تقتنيها لعملياتها ؟
اشتهرت المافيا بسياراتها الفورد السوداء ذات الطابع الكلاسيكي والتي كانت تستخدم في عمليات المافيا، ويرجع الفضل في ابتكار وتصنيع هذه السيارة إلى (فيل الديريزيو) أحد أفراد عصابات شيكاغو والذي راعى في تصميمه للسيارة تزويدها بكل ما يسهل من مهمة أفراد المافيا في تنفيذ جرائمهم، فأضاف جهازاً يعمل على فتح وغلق المخزن الخاص بالأسلحة الملحق بمسند الظهر للكرسي الأمامي في السيارة، كما ابتكر محولاً يعمل على فصل الأضواء الخلفية حتى لا تتمكن الشرطة من تعقب السيارة أثناء المطاردات الليلية بالإضافة إلى الأسلحة التي يستخدمونها
Mafia Gun) اسم شاع استخدامه وكان يطلق على صنف من البنادق ظل يستخدمها أفراد المافيا لفترة طويلة، كان هذا السلاح ابتكاراً فريداً يتكون من يد صغيرة عريضة وماسورة يبلغ طولها 35سم ذات طرف سفلي حاد جداً بحيث يمكن استخدامه كسكين، ولهذه البندقية مفصل مثبت بين اليد والماسورة بحيث يمكن ثنيها ناحية اليد وبذلك تصبح البندقية صغيرة الحجم بالإمكان حملها داخل الجاكت.
ويعد السلاح التقليدي لمافيا صقلية وانتقل معها إلى أمريكا لفاعليته الكبيرة في القتل أو الطعن بالرغم من بدائيته، ومع تطور المافيا الحديثة ظهرت العديد من وسائل القتل الحديثة مما قلل من فاعلية واستخدام هذا السلاح وإن كانت المافيا ما زالت تعتز بنسبه إليها كواحد من أفضل ابتكاراتها في مجال الأسلحة على الإطلاق.
*- إشارة الموت:
شاهدنا في العمل الخالد العرّاب الكيفية التي قبّل بها النجم آل باتشينو أخاه فريدو حيث كان حينها قد عقد النية على أن يقتله بعد ذلك، قد يبدو هذا الفعل غريباً ولكن العجيب هو كون هذه القبلة أحد سمات المافيا التاريخية، فقبلة الموت – كما تسمى – كانت أمراً متعارفاً عليه بين رجالات المافيا الصقلّية، فإذا قبّل رجل المافيا أحد ما بشكل معين فهذا يعني بأن اغتياله مسألة وقت ليس إلا، وقد ظل هذا العرف سائداً حتى كان تغييره على يد زعيم المافيا الثائر دوماً على التقاليد لاكي لوسيانو والذي أمر رجاله بعدم استخدام هذه الإشارة، كما نهاهم عن تقبيل بعضهم البعض عند المصافحة مخافة أن يلقي ذلك الرعب في قلوب زملائهم ممن تطبّعوا على أسلوب المافيا القديمة ودرجوا عليه.
*- الاغتيال:
على الرغم من جرائم المافيا البشعة وعددها الضخم إلا أن من المدهش والعجيب أن المنظمة لم تتصف أبدأً بالغدر بضحاياها، فكانت الطلقة غالباً تأتي أمام أعين الضحية وفي ظهره عند هروبه، وقد يسبقها حديث أو إطلاق عبارة ما حتى أن (ويلي موريتي) كان مبالغاً بعض الشيء بحديثه المطول مع الضحية حتى أتصف بالرحيم
ولكن في المقابل أعداء المافيا لم يتصفوا بهذا الشيء فكان رجال المافيا غالباً ما يلقون مصرعهم برصاصات غادرة توجه لهم من الخلف بشكل خاطف..
*- الأماكن المفضلة لرجال المافيا :
وكانت الشوارع الضيقة ومحطات القطار والمطاعم تمثل الأماكن المفضلة لهم، فـ(كارمين جالانتي) تمت دعوته لتناول الغداء في بروكلين بمطعم إيطالي وفي لحظات ظهر عدد من الرجال المقنعين ليغتالوه وحارسه الشخصي، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على ما يتمتع به أعضاء المافيا من هيبة وشراسة ترهب من ينوي اغتيالهم، بالإضافة إلى تميزهم بسرعة التقاط المسدس وتسديد الطلقات بدقة شديدة مما يقلل من فرص النجاح في مهمة اغتيالهم
*- السيطرة :
تميزت المافيا بسيطرتها الواسعة وتمكنها من بسط نفوذها على نطاق واسع ليشمل جميع العصابات المنافسة أياً كان عدها وعتادها، فعصابات الزنوج على سبيل المثال التي تتكاثر غالباً في منطقة هارلم في ولاية نيويورك استطاعت المافيا أن تتصدى لها وتقف عائقاً أمامها، من خلال تعطيلها الدائم لنشاطاتهم الإجرامية ما لم يلتزموا بدفع إتاوات ونسب معينة عن كل عملية يقومون بها، ويذكر أن قائد جماعة هارلم الشهير ريموند ماركيز كان يدفع نسبة 15% لعائلة (جينوفيز) وكانت هذه النسبة مجاملة له نظراً لعلاقة أبيه السابقة برجالات المافيا وعمله لصالحهم إلى أن لقي حتفه.
ولم يذكر أن عصابة قد تمردت على قوانين المافيا بشكل علني سوى ما أقدم عليه عصابة من الزنوج عام 1930 باستحواذهم على بعض مناطق نيويورك واغتنام الأموال هناك ومن ثم رفضهم لدفع الجزية إلى رجال المافيا فانقلبت تلك المناطق إلى مجازر علنية .. حيث اقتحمها رجال المافيا بقيادة الزعيم الدموي )دستن شولتز) بالرشاشات والمسدسات والأسلحة البيضاء واستطاع أن يعيد للمنطقة انضباطها وينهي التمرد في وقت قصير، ومنذ ذلك الحين تسبب هذا العصيان إلى اختلال في موازين الثقة بين رجالات المافيا والزنوج.
وسرت شائعة في ذلك الحين تقول بأن عصابة الزنوج المشئومة إياها لم تقم بأعمال يمكن تصنفيها كتمرد، لكن بعض قادتها كانوا يدّعون ذلك للتفاخر والتباهي بين جماعات السود الأخرى وما كان رد أحد زعماء المافيا حول هذه الشائعة ذلك سوى أن قال: (إذاً وجب تلقينهم درساً في عدم التفكير بعصيان العائلة).
*- المافيا والمخدرات :
شكلت المخدرات لرجالات المافيا أحد أهم العوامل في دعمهم لإحراز المزيد من العائدات المادية والأرباح ومن ثم الإمساك بزمام السلطة في العديد من الولايات وبسط النفوذ فيها، فكانت ما تدره المخدرات من أموال كافياً لأن يغطي نفقات المنظمة الباهظة إضافة إلى رشوة رجال الأمن والسياسيين ودعم نفوذ المافيا في أوساطهم، وحسب ما ورد في بعض الوثائق التي تسربت من إلFBI إثبات لتورط عدد من رجال المافيا في نيويورك بصفقات ضخمة أدرت عليهم مليارات الدولارات خلال عام واحد فقط وتم احتواء الأمر ومنع انتشاره إعلامياً.
والغريب في الأمر أن جو بنانو والذي كان يلقب نفسه بـ(رجل الشرف) دارت حوله الشكوك بتورطه في الاتجار بالمخدرات رغم نفيه لذلك في مذكراته بعد أن اعتقل نائبه كارمين جالانتي بتهمة الترويج مع عدد من رجاله.
وعلى الجانب الآخر هناك عائلة لاكي لوسيانو والتي تورطت إلى حد بعيد بالمتاجرة بالمخدر بأنواعه، وكان قائد حرسه فرانك كوستيللو قد أعلن لأكثر من مرة في اجتماعات الزعماء عن ضرورة تجنب تجارة المخدرات وما قد تجلبه من متاعب لرجال المافيا مستقبلاً من تأليب للرأي العام وفقدان لمؤازرة البوليس وحمايته لهم، وبينما كان فيتو جينوفيز مؤيداً كبيراً له انتهى به الأمر أن اعتقل ومات في السجن بتهمة الاتجار بالمخدرات..!
كما أعلن رسمياً أن من اعتقل من عائلة جينوفيز بنفس التهمة يصل عددهم إلى قرابة الـ 478 شخصاً بالإضافة إلى نسب مقاربة في العائلات الأخرى
*- المافيا وهوليود:
إبان حقبة العشرينات من القرن الماضي وأثناء تزعم آل كابوني لمافيا شيكاغو، استطاع بعض رجاله بمساندة بعض الوسطاء أمثال ويلي بيوف وجورج بروني من التحكم بإدارة الإتحاد الدولي للسينمائيين مما عاد عليهم بثروة طائلة، وخلال فترة انتخابات رئاسة الإتحاد نجح زعماء المافيا في دفع جورج بروني إلى مقعد الرئاسة مما مكنهم من فرض إتاوات على كبرى شركات التوزيع في ذلك الحين أمثال فوكس وبار اماونت وكانت تصل في بعض الأحيان إلى ما يزيد على 50 ألف دولار سنوياً إلى جانب ابتزاز أموال الاتحاد وتقاضي نسب معينة من أجور النجوم.
وقد دعا هذا الابتزاز السافر إلى موجة من التذمر من قبل أعضاء الاتحاد ومن ثم إلى إضراب عام مما جعل الصحف تسلط الضوء على هذه الاتهامات، وأدى هذا إلى مثول بروني وبيوف أمام المحكمة – عام 1941 – وأدركا أن أمامهم سنوات طوال يقضونها خلف القضبان، فأفشيا أسرار تورط رجال مافيا شيكاغو مما أدى إلى سلسلة من الاعتقالات أطاحت برؤوس كبيرة أمثال فرانك نيتي – خليفة كابوني – وجوني روزيللي وتشارلز كوفمان فحكم على كل منهم بعشر سنوات، وبعد هذه الحادثة بدأت قبضة المافيا على صناعة السينما تضعف حتى تلاشت تقريباً.
وحين نتطرق إلى علاقة المافيا بالمشاهير لعل ما سيخطر على البال فوراً المطرب الشهير (فرانك سيناترا) نجم لم تفلح جميع التحريات والتحقيقات في إدانته بأي تهمة وجهت له رغم خوضه في وحل المافيا إلى حد كبير، ويعود الفضل في ذلك إلى علاقاته الكبيرة بزعماء المنظمة وما تربطه بهم من علاقة مصالح .. إضافة إلى ما تضفيه ديانته اليهودية من حصانة والتي ضمنت له مساندة اللوبي اليهودي المتغلغل في القيادات والمناصب العليا.
وقد افتضحت العلاقة المشبوهة بعثور البوليس الإيطالي على سيجار من الذهب أثناء تحقيق مع زعيم المافيا لوسيانو عام 1946، خط عليه عبارة (( إلى العزيز لاكي .. إهداء من الصديق المخلص فرانك سيناترا).
ومع المزيد من التحقيقات ثبت وجود علاقة تربط سيناترا بالعديد من الزعماء الآخرين أمثال آل كابوني .. ماير لانسكي .. ويلي مورتي .. جوني روزيللي وغيرهم، ولم يشأ مكتب التحقيقات الفيدرالي التصريح بها للصحافة في ظل عدم وجود دليل إدانة صريح بالإضافة إلى ما يتمتع به سيناترا من حصانة يهودية.
وكان ويلي موريتي زعيم مافيا نيوجيرسي من أقرب الزعماء إلى سيناترا حيث كان يمثل داعماً كبيراً له في بداياته، وساعده على الارتقاء من الغناء في المسارح الرخيصة والنوادي الليلية إلى كبرى القاعات والمسارح الشهيرة مع فرق موسيقية ذائعة الصيت، حتى سطع نجمه بظهور أغنيته الشهيرة All or Nothing at All وساعده موريتي في رواج هذا الأغنية بتعاقده مع أحد المسارح الشهيرة لغنائها في البرنامج اليومي مقابل أجر خيالي .. بل وتخطت أفضاله ذلك لتصل إلى التدخل لحل مشاكل فرانك العائلية.
ومع إصابة موريتي بمرض الزهري واعتلال قواه العقلية .. قطع سيناترا علاقته بصانع أمجاده وأراد طمس كل ما يربطه به، خصوصاً بعد أن تنكرت المافيا لموريتي وأخرجته من عضويتها خوفاً من إفشاء أسرارها، وسرعان ما وطد سيناترا علاقته بـ(سام جيانكانا) & (جوني روزيللي) كما قام بافتتاح فندق Sands بمدينة لاس فيغاس والدعاية له كاعتراف بجميل مالكه ماير لانسكي عليه .. مما جعل الفندق يشهد إقبالاً منقطع النظير
توفي فرانك سيناترا في الرابع عشر من شهر مايو 1998 في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا مصاباً بأشنع الأمراض فمن أمراض في القلب والكلى مروراً بسرطان المثانة وانتهاءً بالخرف .. لتطوى صفحة أحد أشهر من ربطتهم علاقات مشبوهة بالمافيا من النجوم
المافيا: عالم غريب تماما عن مجتمعنا الشرقي فعهدنا نحن الشرقيين بالجريمة لم يشهد تنظيما إجراميا تعدى حدود العصابة التقليدية ولا نعرف ماذا يخبئ لنا المستقبل لإن المافيا عالم أخر تماما نتمنى أن لاتصل إلينا
وكذلك فإن العصابة لا تمثل في جهاز المافيا إلا نواة في بنائه الضخم جداً قد يصل عدد أفرادها إلى /500/فرد و أكثر .
والأخطر من ذلك إنه لم يستطع أي تنظيم إجرامي عرفناه أن يستمر سنين كما فعلت المافيا وطبعا من المعروف إن المافيا ليست تنظيما سريا بل استطاعت أن تفرض وجودها علنا وبعلم الجميع ولا يعني ذلك تجاهل السلطات عنها بقدر مايعني مدى قوة المافيا التي استطاعت أن تفرض نفوذها على بعض المدن الأمريكية بصورة مطلقه بالفعل مثلا نيويورك وشيكاغو.
*- جذور المافيا:
يرجع تاريخ ظهور المافيا إلى القرن الثالث عشر مع غزو الفرنسيين لأراضي صقليه في سنه
1282ميلادي بعد فساد نظام الحكم في فرنسا حيث تكونت في هذه الجزيرة منظمه سريه لمكافحه الغزاة والتي كان شعارها:
((موت الفرنسيين هو صرخة ايطاليا)) فجاءت الكلمة من أول كل كلمه في هذا الشعار المذكور أعلاه…..
*- أماكن اغتيال الضحايا كيف وأين؟
كانت المطاعم تمثل فرصه كبيره لقتل أعضاء المافيا على يد أعدائهم حيث الانشغال بتناول الطعام وفرصه الإصابة من الخلف أثناء الجلوس وربما عدم تواجد الحارس الشخصي بوديغارد لذلك ارتبطت دائما جرائم قتل أعضاء المافيا بالمطاعم مما يجعلهم يحرصون دائما على حجز موائد جانبيه بحيث يستطيعون الجلوس وظهرهم لجهة الحائط.
*- أشهر عائلات المافيا في أمريكا:
1-لاكي لوشيانو
تشارلز لوشيانو الشهير بلوشيانو المحظوظ ولد لوشيانو في ضواحي سيسلي بايطاليا وانتقل لأمريكا في سنه 1906 حيث أقام في بروكلين بنيويورك.
وكان أول نشاط إجرامي له هو السطو على المحلات وفي سنه 1907 تمكنت الشرطة من القبض عليه أثناء إحدى جرائم السرقة ودخل السجن وكانت هذه المرة الأولى التي يسجن فيها. خرج بعد ذلك لوشيانو من السجن وبدأ يمارس نشاطا إجراميا آخر ففرض الإتاوات على بعض طلاب المدارس اليهودية مقابل حمايته
لهم حتى لا يتعرضوا للأذى في طريقهم للمدرسة. وكان لا يرحم من لا يدفع له المبلغ المفروض فقد كان شديد البطش ممتلئ بالشراسة. وكان من ضمن هؤلاء الطلاب ذلك الفتى اليهودي العربيد الصغير الجسم البولندي الأصل ماير لانسكي الذي لم يخضع للوشيانو ولم يعبأ بشراسته ورفض دفع أيه نقود مما أثار دهشة لوشيانو وربما إعجابه به, وكان هذا هو اللقاء الأول الذي جمع بين لوشيانو ومايرلانسكي واللذان ظلا بعد ذلك صديقين حميمين لسنوات طويلة حتى رحل لوشيانو إلى ايطاليا حيث توفي بسبب أزمة قلبيه بمطار نابولي عام 1962.
2- أل كابوني
ولد آل كابوني في بروكلين بالولايات المتحدة وهو الابن الرابع ضمن تسعه أبناء لأب وأم ايطاليين, هاجرا
للولايات المتحدة من مدينه نابولي,والتحق كابوني بالمدارس الامريكيه, وواصل تعليمه حتى الصف السادس حيث تم فصله من الدراسة أثناء هذه السنة لشغبه المتكرر واعتدائه بالضرب على مدرسيه وفي أثناء هذه السنة أيضا بدأ كابوني رحلته مع الإجرام, وتعلم من خلال الشارع فنون السرقة والسطو على المحلات خاصة بعد أن انضم لعصابة من المراهقين المنحرفين بقياده احد المجرمين القدامى ويدعى جونى توريو وهي صوره مصغره من عصابة (( الخمس النقط)) الشهيرة في ذلك الوقت والتي تخرج منها كابوني بعد ذلك.
وكان من أقرب أصدقاء كابوني سواء أثناء الدراسة أو من خلال العصابة هو الشاب النحيف الجسم
الذي أصبح بعد ذلك من أخطر المجرمين وهو لاكي لوشيانو والذي جمعت بينه وبين كابوني صداقه حميمة امتدت حتى نهاية العمر.
وكان يسمى آل كابوني ذو الندبة ,توفي بعدما أنهكه مرض الزهري الذي كان قد لحق به أثناء اشتغاله بالدعارة وذلك عام 1947م ومن أقوال كابوني : بالمسدس تحل كل المشاكل.
*- مذبحه يوم سانت فالانتين:
آثار المذبحة التي قام بها رجال كابوني في سنه 1929 حين حاولوا قتل الزعيم الايرلندي الإجرامي بوجز موران والتي راح ضحيتها العديد من المواطنين الأبرياء. والتي وصفتها الحكومة الأمريكية بأبشع عمل إجرامي قامت به المافيا والذي دعاها إلى ضرورة التخلص من آل كابوني , وقد عرفت هذه المذبحة باسم
( يوم مذبحه سانت فالانتين).
نشأتها وتكوينها
من الملفت للنظر أن الكثير منا يعتقد بأن المافيا منظمة حديثة التاريخ بعمر افتراضي لا يتجاوز الـ100 عام .. في الواقع يرجع تاريخ المافيا إلى القرن الثالث عشر مع غزو الفرنسيين لأراضي صقلية الإيطالية في سنة 1282 بعد فساد نظام الحكم في فرنسا، ولعل عدم إلمامنا بذلك يعود إلى كون المافيا بشكلها الحديث لم تعرف إلا في نهاية القرن التاسع عشر، ومن ثم اكتسبت المزيد من الشهرة لتظهر كأقوى منظمة إجرامية عالمية من خلال انتقال جزء كبير منها إلى الولايات المتحدة مع مطلع القرن العشرين.
هناك العديد من الروايات التي تفسر سبب تسمية هذه المنظمة بـ (المافيا( فهناك من يرد التسمية إلى أصل عربي بينما تنتشر حكاية إيطالية قديمة تقول بأن جزيرة صقلية شهدت مرحلة نشوء وتبلور منظمة سرية لمكافحة الغزاة كان شعارها:
)موت الفرنسيين هو صرخة إيطاليا) فجاءت كلمة مافيا من الحروف الأولى لهذا الاسم وأصبحت رمزاً للمنظمة.
من جانب آخر هناك من يذكر بأن نشأة المافيا كانت نتاجاً طبيعياً للتمرد والعصيان الذي ظهر بصقلية عقب قيام أحد الغزاة الفرنسيين بخطف واغتصاب فتاة إيطالية في ليلة زفافها سنة 1282 م مما أشعل نار الانتقام في صدور الإيطاليين فسفكوا دم الفرنسيين انتقاماً لشرفهم وأعراضهم .. وكان شعارهم في ذلك اليوم هو الصرخة الهستيرية التي أطلقتها أم الفتاة وهي تجري في الشوارع صارخة: ” (ابنتي، ابنتي).
ولعل الكثير من زعماء المافيا يؤمنون بالتفسير الأخير ويشيرون إليه بشكل دائم لما فيه من معاني حسنة، تقوم على الدفاع عن العرض والشرف والذود عنه، على الرغم من ارتباط اسم المنظمة بالإجرام والاغتيال فيما بعد .. الجدير بالذكر أن المافيا القديمة تختلف اختلافاً كلياً عما عليه المافيا الحديثة بعد أن تخلصت من كل ما يربطها بجذورها الأساسية على يد زعيمها (لاكي لوسيانو).
المافيا الأمريكية الحديثة:
المافيا الأميركية الحديثة تشكلت مع انتقال الإيطاليين من صقلية ونزوحهم إلى الولايات المتحدة نظراً لانخفاض مستوى المعيشة والفقر الشديد الذي كانوا يقاسونه، ويقدر عمرها في أمريكا بقرن من الزمان وتتميز بتخلصها من طابع المافيا الإيطالية وتقاليدها.
ولم يكن اليهود لتفوت عليهم هذه الفرصة السانحة في السيطرة على عصابة كهذه فكانت البداية على يد السفاح اليهودي (ماير لانسكي) الذي أوعز إلى (لاكي لوسيانو) اغتيال آخر زعماء المافيا القديمة (سلفادور مارانزانو) سنة 1931.
لوساينو كان يرى بأن مافيا صقلية بزعمائها وتقاليدها القديمة تعرقل أهدافه، كالوصول إلى الثروة والمال أياً كانت الوسيلة أو الثمن .. بالإضافة إلى أن المافيا القديمة كانت تقدس أموراً كالشرف والكرامة والعادات والتقاليد وهو ما كان يراه أمراً ثانوياً فكان عليه أن ينتزع المافيا الحديثة من جذورها الأساسية في صقلية، فتطبعت المافيا الأمريكية الجديدة بطابع يهودي بفضل بصمات ماير لانسكي الواضحة في سماتها والتي جعلت من المال والسيطرة هدفاً أساسياً لها دون النظر إلى الثمن
مما تتكون المافيا ؟
المافيا جهاز معقد للغاية يبدأ تكوينه بما يسمى بـ(العائلة) كما شاهدنا في الكثير من الأعمال السينمائية، وهي عبارة عن مجموعة من الأشخاص يجمعهم رابط معين كرابطة الدم، الصداقة، النسب .. أو حتى المدينة أحياناً، ويتزعمها عادةً أقوى الأفراد شخصية وأجدرهم بالقيادة وتتم مبايعته من بقية الأفراد وتكون لكل عائلة سمة معينة أو نشاط إجرامي يميزها عن بقية العائلات.
تأتي بعد ذلك المرحلة الثانية وهي عبارة عن الوحدة الأكبر أو العائلة الكبرى، بانضمام عدد من العائلات المتشابهة في النشاط إلى بعضها ويتزعمها زعيم منتخب من العائلات الصغيرة وفي الأخير يخضع الجهاز بأكمله إلى الرائد الكبير للمافيا والذي عادةً ما يكون في صقلية، وأحياناً قد يشارك في إدارة دفتها أكثر من قائد ممن يشهد لهم بالكفاءة والتاريخ العريق.
ولعل مما يميز المافيا إلى جانب تركيبه المعقد هو الطاعة الشديدة والولاء الكامل للرؤساء لدى أفراده ولعل هذا الوصف يسري في غالبه على مافيا صقلية والتي تختلف بشكل كبير عن مافيا لوسيانو، الذي بدأ بتكوين عائلات جديدة للمافيا عبر بناء أبسط تركيباً يختلف من عائلة لأخرى .. لا يربطه بمافيا صقلية سوى الاسم.
*- أشهر عائلات المافيا :
حازت بعضت العائلات في تاريخ المافيا على شهرة تعدت في بعض الأحيان النطاق المحلي والإقليمي، وتوزعت العائلات على الولايات المتفرقة وتباينت سطوتها ونفوذها بين ولاية وأخرى، ففي نيويورك كانت هناك عائلة لاكي لوسيانو وعائلة جو بنانو وعائلة ألبرت أنستازيا واشتهرت الأخيرة بتعداد أفرادها الضخم .. بالإضافة إلى عائلتي جون جوتي وجوزيف بروفاس ، فيما ظهرت في شيكاغو أشهر عائلات المافيا على الإطلاق .. عائلة آل كابوني.
ويختلف عدد الأفراد في كل عائلة فهناك عائلات يصل عدد أفرادها إلى ما يزيد عن الـ600 شخص كما في عائلة ألبرت أنستازيا وهناك ما يزيد على الـ1000 كعائلة آل كابوني، ولكل عائلة رئيس ونائب وهناك ما يسمى بالقادة الميدانيين – كشخصية مايكل مادسن في ومجموعة من المرتزقة والرعاع يقومون بتلقي التعليمات من رئيسهم، وتدور الأموال فيما بينهم بنسب متفاوتة حسب التسلسل القيادي.
*- بماذا اشتهرت المافيا وما نوع السيارات التي تقتنيها لعملياتها ؟
اشتهرت المافيا بسياراتها الفورد السوداء ذات الطابع الكلاسيكي والتي كانت تستخدم في عمليات المافيا، ويرجع الفضل في ابتكار وتصنيع هذه السيارة إلى (فيل الديريزيو) أحد أفراد عصابات شيكاغو والذي راعى في تصميمه للسيارة تزويدها بكل ما يسهل من مهمة أفراد المافيا في تنفيذ جرائمهم، فأضاف جهازاً يعمل على فتح وغلق المخزن الخاص بالأسلحة الملحق بمسند الظهر للكرسي الأمامي في السيارة، كما ابتكر محولاً يعمل على فصل الأضواء الخلفية حتى لا تتمكن الشرطة من تعقب السيارة أثناء المطاردات الليلية بالإضافة إلى الأسلحة التي يستخدمونها
Mafia Gun) اسم شاع استخدامه وكان يطلق على صنف من البنادق ظل يستخدمها أفراد المافيا لفترة طويلة، كان هذا السلاح ابتكاراً فريداً يتكون من يد صغيرة عريضة وماسورة يبلغ طولها 35سم ذات طرف سفلي حاد جداً بحيث يمكن استخدامه كسكين، ولهذه البندقية مفصل مثبت بين اليد والماسورة بحيث يمكن ثنيها ناحية اليد وبذلك تصبح البندقية صغيرة الحجم بالإمكان حملها داخل الجاكت.
ويعد السلاح التقليدي لمافيا صقلية وانتقل معها إلى أمريكا لفاعليته الكبيرة في القتل أو الطعن بالرغم من بدائيته، ومع تطور المافيا الحديثة ظهرت العديد من وسائل القتل الحديثة مما قلل من فاعلية واستخدام هذا السلاح وإن كانت المافيا ما زالت تعتز بنسبه إليها كواحد من أفضل ابتكاراتها في مجال الأسلحة على الإطلاق.
*- إشارة الموت:
شاهدنا في العمل الخالد العرّاب الكيفية التي قبّل بها النجم آل باتشينو أخاه فريدو حيث كان حينها قد عقد النية على أن يقتله بعد ذلك، قد يبدو هذا الفعل غريباً ولكن العجيب هو كون هذه القبلة أحد سمات المافيا التاريخية، فقبلة الموت – كما تسمى – كانت أمراً متعارفاً عليه بين رجالات المافيا الصقلّية، فإذا قبّل رجل المافيا أحد ما بشكل معين فهذا يعني بأن اغتياله مسألة وقت ليس إلا، وقد ظل هذا العرف سائداً حتى كان تغييره على يد زعيم المافيا الثائر دوماً على التقاليد لاكي لوسيانو والذي أمر رجاله بعدم استخدام هذه الإشارة، كما نهاهم عن تقبيل بعضهم البعض عند المصافحة مخافة أن يلقي ذلك الرعب في قلوب زملائهم ممن تطبّعوا على أسلوب المافيا القديمة ودرجوا عليه.
*- الاغتيال:
على الرغم من جرائم المافيا البشعة وعددها الضخم إلا أن من المدهش والعجيب أن المنظمة لم تتصف أبدأً بالغدر بضحاياها، فكانت الطلقة غالباً تأتي أمام أعين الضحية وفي ظهره عند هروبه، وقد يسبقها حديث أو إطلاق عبارة ما حتى أن (ويلي موريتي) كان مبالغاً بعض الشيء بحديثه المطول مع الضحية حتى أتصف بالرحيم
ولكن في المقابل أعداء المافيا لم يتصفوا بهذا الشيء فكان رجال المافيا غالباً ما يلقون مصرعهم برصاصات غادرة توجه لهم من الخلف بشكل خاطف..
*- الأماكن المفضلة لرجال المافيا :
وكانت الشوارع الضيقة ومحطات القطار والمطاعم تمثل الأماكن المفضلة لهم، فـ(كارمين جالانتي) تمت دعوته لتناول الغداء في بروكلين بمطعم إيطالي وفي لحظات ظهر عدد من الرجال المقنعين ليغتالوه وحارسه الشخصي، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على ما يتمتع به أعضاء المافيا من هيبة وشراسة ترهب من ينوي اغتيالهم، بالإضافة إلى تميزهم بسرعة التقاط المسدس وتسديد الطلقات بدقة شديدة مما يقلل من فرص النجاح في مهمة اغتيالهم
*- السيطرة :
تميزت المافيا بسيطرتها الواسعة وتمكنها من بسط نفوذها على نطاق واسع ليشمل جميع العصابات المنافسة أياً كان عدها وعتادها، فعصابات الزنوج على سبيل المثال التي تتكاثر غالباً في منطقة هارلم في ولاية نيويورك استطاعت المافيا أن تتصدى لها وتقف عائقاً أمامها، من خلال تعطيلها الدائم لنشاطاتهم الإجرامية ما لم يلتزموا بدفع إتاوات ونسب معينة عن كل عملية يقومون بها، ويذكر أن قائد جماعة هارلم الشهير ريموند ماركيز كان يدفع نسبة 15% لعائلة (جينوفيز) وكانت هذه النسبة مجاملة له نظراً لعلاقة أبيه السابقة برجالات المافيا وعمله لصالحهم إلى أن لقي حتفه.
ولم يذكر أن عصابة قد تمردت على قوانين المافيا بشكل علني سوى ما أقدم عليه عصابة من الزنوج عام 1930 باستحواذهم على بعض مناطق نيويورك واغتنام الأموال هناك ومن ثم رفضهم لدفع الجزية إلى رجال المافيا فانقلبت تلك المناطق إلى مجازر علنية .. حيث اقتحمها رجال المافيا بقيادة الزعيم الدموي )دستن شولتز) بالرشاشات والمسدسات والأسلحة البيضاء واستطاع أن يعيد للمنطقة انضباطها وينهي التمرد في وقت قصير، ومنذ ذلك الحين تسبب هذا العصيان إلى اختلال في موازين الثقة بين رجالات المافيا والزنوج.
وسرت شائعة في ذلك الحين تقول بأن عصابة الزنوج المشئومة إياها لم تقم بأعمال يمكن تصنفيها كتمرد، لكن بعض قادتها كانوا يدّعون ذلك للتفاخر والتباهي بين جماعات السود الأخرى وما كان رد أحد زعماء المافيا حول هذه الشائعة ذلك سوى أن قال: (إذاً وجب تلقينهم درساً في عدم التفكير بعصيان العائلة).
*- المافيا والمخدرات :
شكلت المخدرات لرجالات المافيا أحد أهم العوامل في دعمهم لإحراز المزيد من العائدات المادية والأرباح ومن ثم الإمساك بزمام السلطة في العديد من الولايات وبسط النفوذ فيها، فكانت ما تدره المخدرات من أموال كافياً لأن يغطي نفقات المنظمة الباهظة إضافة إلى رشوة رجال الأمن والسياسيين ودعم نفوذ المافيا في أوساطهم، وحسب ما ورد في بعض الوثائق التي تسربت من إلFBI إثبات لتورط عدد من رجال المافيا في نيويورك بصفقات ضخمة أدرت عليهم مليارات الدولارات خلال عام واحد فقط وتم احتواء الأمر ومنع انتشاره إعلامياً.
والغريب في الأمر أن جو بنانو والذي كان يلقب نفسه بـ(رجل الشرف) دارت حوله الشكوك بتورطه في الاتجار بالمخدرات رغم نفيه لذلك في مذكراته بعد أن اعتقل نائبه كارمين جالانتي بتهمة الترويج مع عدد من رجاله.
وعلى الجانب الآخر هناك عائلة لاكي لوسيانو والتي تورطت إلى حد بعيد بالمتاجرة بالمخدر بأنواعه، وكان قائد حرسه فرانك كوستيللو قد أعلن لأكثر من مرة في اجتماعات الزعماء عن ضرورة تجنب تجارة المخدرات وما قد تجلبه من متاعب لرجال المافيا مستقبلاً من تأليب للرأي العام وفقدان لمؤازرة البوليس وحمايته لهم، وبينما كان فيتو جينوفيز مؤيداً كبيراً له انتهى به الأمر أن اعتقل ومات في السجن بتهمة الاتجار بالمخدرات..!
كما أعلن رسمياً أن من اعتقل من عائلة جينوفيز بنفس التهمة يصل عددهم إلى قرابة الـ 478 شخصاً بالإضافة إلى نسب مقاربة في العائلات الأخرى
*- المافيا وهوليود:
إبان حقبة العشرينات من القرن الماضي وأثناء تزعم آل كابوني لمافيا شيكاغو، استطاع بعض رجاله بمساندة بعض الوسطاء أمثال ويلي بيوف وجورج بروني من التحكم بإدارة الإتحاد الدولي للسينمائيين مما عاد عليهم بثروة طائلة، وخلال فترة انتخابات رئاسة الإتحاد نجح زعماء المافيا في دفع جورج بروني إلى مقعد الرئاسة مما مكنهم من فرض إتاوات على كبرى شركات التوزيع في ذلك الحين أمثال فوكس وبار اماونت وكانت تصل في بعض الأحيان إلى ما يزيد على 50 ألف دولار سنوياً إلى جانب ابتزاز أموال الاتحاد وتقاضي نسب معينة من أجور النجوم.
وقد دعا هذا الابتزاز السافر إلى موجة من التذمر من قبل أعضاء الاتحاد ومن ثم إلى إضراب عام مما جعل الصحف تسلط الضوء على هذه الاتهامات، وأدى هذا إلى مثول بروني وبيوف أمام المحكمة – عام 1941 – وأدركا أن أمامهم سنوات طوال يقضونها خلف القضبان، فأفشيا أسرار تورط رجال مافيا شيكاغو مما أدى إلى سلسلة من الاعتقالات أطاحت برؤوس كبيرة أمثال فرانك نيتي – خليفة كابوني – وجوني روزيللي وتشارلز كوفمان فحكم على كل منهم بعشر سنوات، وبعد هذه الحادثة بدأت قبضة المافيا على صناعة السينما تضعف حتى تلاشت تقريباً.
وحين نتطرق إلى علاقة المافيا بالمشاهير لعل ما سيخطر على البال فوراً المطرب الشهير (فرانك سيناترا) نجم لم تفلح جميع التحريات والتحقيقات في إدانته بأي تهمة وجهت له رغم خوضه في وحل المافيا إلى حد كبير، ويعود الفضل في ذلك إلى علاقاته الكبيرة بزعماء المنظمة وما تربطه بهم من علاقة مصالح .. إضافة إلى ما تضفيه ديانته اليهودية من حصانة والتي ضمنت له مساندة اللوبي اليهودي المتغلغل في القيادات والمناصب العليا.
وقد افتضحت العلاقة المشبوهة بعثور البوليس الإيطالي على سيجار من الذهب أثناء تحقيق مع زعيم المافيا لوسيانو عام 1946، خط عليه عبارة (( إلى العزيز لاكي .. إهداء من الصديق المخلص فرانك سيناترا).
ومع المزيد من التحقيقات ثبت وجود علاقة تربط سيناترا بالعديد من الزعماء الآخرين أمثال آل كابوني .. ماير لانسكي .. ويلي مورتي .. جوني روزيللي وغيرهم، ولم يشأ مكتب التحقيقات الفيدرالي التصريح بها للصحافة في ظل عدم وجود دليل إدانة صريح بالإضافة إلى ما يتمتع به سيناترا من حصانة يهودية.
وكان ويلي موريتي زعيم مافيا نيوجيرسي من أقرب الزعماء إلى سيناترا حيث كان يمثل داعماً كبيراً له في بداياته، وساعده على الارتقاء من الغناء في المسارح الرخيصة والنوادي الليلية إلى كبرى القاعات والمسارح الشهيرة مع فرق موسيقية ذائعة الصيت، حتى سطع نجمه بظهور أغنيته الشهيرة All or Nothing at All وساعده موريتي في رواج هذا الأغنية بتعاقده مع أحد المسارح الشهيرة لغنائها في البرنامج اليومي مقابل أجر خيالي .. بل وتخطت أفضاله ذلك لتصل إلى التدخل لحل مشاكل فرانك العائلية.
ومع إصابة موريتي بمرض الزهري واعتلال قواه العقلية .. قطع سيناترا علاقته بصانع أمجاده وأراد طمس كل ما يربطه به، خصوصاً بعد أن تنكرت المافيا لموريتي وأخرجته من عضويتها خوفاً من إفشاء أسرارها، وسرعان ما وطد سيناترا علاقته بـ(سام جيانكانا) & (جوني روزيللي) كما قام بافتتاح فندق Sands بمدينة لاس فيغاس والدعاية له كاعتراف بجميل مالكه ماير لانسكي عليه .. مما جعل الفندق يشهد إقبالاً منقطع النظير
توفي فرانك سيناترا في الرابع عشر من شهر مايو 1998 في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا مصاباً بأشنع الأمراض فمن أمراض في القلب والكلى مروراً بسرطان المثانة وانتهاءً بالخرف .. لتطوى صفحة أحد أشهر من ربطتهم علاقات مشبوهة بالمافيا من النجوم
المافيا: عالم غريب تماما عن مجتمعنا الشرقي فعهدنا نحن الشرقيين بالجريمة لم يشهد تنظيما إجراميا تعدى حدود العصابة التقليدية ولا نعرف ماذا يخبئ لنا المستقبل لإن المافيا عالم أخر تماما نتمنى أن لاتصل إلينا
وكذلك فإن العصابة لا تمثل في جهاز المافيا إلا نواة في بنائه الضخم جداً قد يصل عدد أفرادها إلى /500/فرد و أكثر .
والأخطر من ذلك إنه لم يستطع أي تنظيم إجرامي عرفناه أن يستمر سنين كما فعلت المافيا وطبعا من المعروف إن المافيا ليست تنظيما سريا بل استطاعت أن تفرض وجودها علنا وبعلم الجميع ولا يعني ذلك تجاهل السلطات عنها بقدر مايعني مدى قوة المافيا التي استطاعت أن تفرض نفوذها على بعض المدن الأمريكية بصورة مطلقه بالفعل مثلا نيويورك وشيكاغو.
*- جذور المافيا:
يرجع تاريخ ظهور المافيا إلى القرن الثالث عشر مع غزو الفرنسيين لأراضي صقليه في سنه
1282ميلادي بعد فساد نظام الحكم في فرنسا حيث تكونت في هذه الجزيرة منظمه سريه لمكافحه الغزاة والتي كان شعارها:
((موت الفرنسيين هو صرخة ايطاليا)) فجاءت الكلمة من أول كل كلمه في هذا الشعار المذكور أعلاه…..
*- أماكن اغتيال الضحايا كيف وأين؟
كانت المطاعم تمثل فرصه كبيره لقتل أعضاء المافيا على يد أعدائهم حيث الانشغال بتناول الطعام وفرصه الإصابة من الخلف أثناء الجلوس وربما عدم تواجد الحارس الشخصي بوديغارد لذلك ارتبطت دائما جرائم قتل أعضاء المافيا بالمطاعم مما يجعلهم يحرصون دائما على حجز موائد جانبيه بحيث يستطيعون الجلوس وظهرهم لجهة الحائط.
*- أشهر عائلات المافيا في أمريكا:
1-لاكي لوشيانو
تشارلز لوشيانو الشهير بلوشيانو المحظوظ ولد لوشيانو في ضواحي سيسلي بايطاليا وانتقل لأمريكا في سنه 1906 حيث أقام في بروكلين بنيويورك.
وكان أول نشاط إجرامي له هو السطو على المحلات وفي سنه 1907 تمكنت الشرطة من القبض عليه أثناء إحدى جرائم السرقة ودخل السجن وكانت هذه المرة الأولى التي يسجن فيها. خرج بعد ذلك لوشيانو من السجن وبدأ يمارس نشاطا إجراميا آخر ففرض الإتاوات على بعض طلاب المدارس اليهودية مقابل حمايته
لهم حتى لا يتعرضوا للأذى في طريقهم للمدرسة. وكان لا يرحم من لا يدفع له المبلغ المفروض فقد كان شديد البطش ممتلئ بالشراسة. وكان من ضمن هؤلاء الطلاب ذلك الفتى اليهودي العربيد الصغير الجسم البولندي الأصل ماير لانسكي الذي لم يخضع للوشيانو ولم يعبأ بشراسته ورفض دفع أيه نقود مما أثار دهشة لوشيانو وربما إعجابه به, وكان هذا هو اللقاء الأول الذي جمع بين لوشيانو ومايرلانسكي واللذان ظلا بعد ذلك صديقين حميمين لسنوات طويلة حتى رحل لوشيانو إلى ايطاليا حيث توفي بسبب أزمة قلبيه بمطار نابولي عام 1962.
2- أل كابوني
ولد آل كابوني في بروكلين بالولايات المتحدة وهو الابن الرابع ضمن تسعه أبناء لأب وأم ايطاليين, هاجرا
للولايات المتحدة من مدينه نابولي,والتحق كابوني بالمدارس الامريكيه, وواصل تعليمه حتى الصف السادس حيث تم فصله من الدراسة أثناء هذه السنة لشغبه المتكرر واعتدائه بالضرب على مدرسيه وفي أثناء هذه السنة أيضا بدأ كابوني رحلته مع الإجرام, وتعلم من خلال الشارع فنون السرقة والسطو على المحلات خاصة بعد أن انضم لعصابة من المراهقين المنحرفين بقياده احد المجرمين القدامى ويدعى جونى توريو وهي صوره مصغره من عصابة (( الخمس النقط)) الشهيرة في ذلك الوقت والتي تخرج منها كابوني بعد ذلك.
وكان من أقرب أصدقاء كابوني سواء أثناء الدراسة أو من خلال العصابة هو الشاب النحيف الجسم
الذي أصبح بعد ذلك من أخطر المجرمين وهو لاكي لوشيانو والذي جمعت بينه وبين كابوني صداقه حميمة امتدت حتى نهاية العمر.
وكان يسمى آل كابوني ذو الندبة ,توفي بعدما أنهكه مرض الزهري الذي كان قد لحق به أثناء اشتغاله بالدعارة وذلك عام 1947م ومن أقوال كابوني : بالمسدس تحل كل المشاكل.
*- مذبحه يوم سانت فالانتين:
آثار المذبحة التي قام بها رجال كابوني في سنه 1929 حين حاولوا قتل الزعيم الايرلندي الإجرامي بوجز موران والتي راح ضحيتها العديد من المواطنين الأبرياء. والتي وصفتها الحكومة الأمريكية بأبشع عمل إجرامي قامت به المافيا والذي دعاها إلى ضرورة التخلص من آل كابوني , وقد عرفت هذه المذبحة باسم
( يوم مذبحه سانت فالانتين).
تعليق