بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين . الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )
وتفسير ذلك .. بادروا وسارعوا بطاعتكم لله ورسوله لاغتنام مغفرة عظيمة من ربكم وجنة واسعة عرضها كعرض السموات والأرض وذكر العرض لأنه يدل كذلك على الطول . وهذه الجنة أعدها الله للمتقين .
وهم الذين ينفقون أموالهم في اليسر والعسر والذين يمسكون ما في أنفسهم من غيظ بالصبر , وإذا قدروا عفوا عمن ظلمهم ولم يطالبوا أو يأخذوا بحق ممن ظلهم وهذا هو الإحسان الذي يحبه الله.
فإذا حصل بين شخصين سوء فهم فإن قدر أحدهم أن يكظم غيظه ولا يرد على الآخر بسوء كما فعل معه فهذه درجة من درجات التسامح .
والدرجة الثانية أن يعفو عنه فلا يطالب بحق أو يحاسبه على ما فعل وإنما يحتسب الأجر من الله.
والدرجة الثالثة أن يحسن إليه المعاملة وبهذه المنزلتين السابقتين يصل إلى درجة المحسنين الذين يحبهم الله .
ويحكى أن زين العابدين الحسين بن علي كان عنده خادماً ويحمل ابنه الصغير فسقط منه ابنه في منقل النار فمات الطفل , وأصاب ذلك الخادم الخوف والرهبة عند مواجهته لزين العابدين فقال له : والكاظمين الغيظ
قال زين العابدين : كظمت
قال : والعافين عن الناس
قال : عفوت , ولم يطالب بأي دية أو عوض
قال : والله يحب المحسنين
فقال له زين العابدين :اذهب فإنك حر لوجه الله.
ومن العفو النقاء والصفاء على من ظلمنا أو سب أو شتم .
يروى أن صحابيا يسمى أبو ضمضم بما معنى الحديث أو شرحه ..عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الصحابة بالصدقة , حيث تقدم هذا الصحابي وقال : يا رسول الله : ليس لدي مال أتصدق به ولكني تصدقت بعرضي على الناس , فأعرض عنه الرسول عليه السلام حتى يسأل ربه وفي اليوم التالي سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة قائلاً : من المتصدق منكم بعرضه , فقام أبو ضمضم وقال أنا فقال عليه الصلاة والسلام : لقد قبل الله منك .
والمتصدق بعرضه يقول ( اللهم إني تصدقت بعرضي على الناس وعفوت عمن ظلمني فمن شتمني أو ظلمني فهو في حل )
وفي الحديث ما معناه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً مع الصحابة فقال : يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة .. فدخل صحابي يحمل نعله تحت إبطه ولحيته تقطر ماءاً من أثر الوضوء وفي اليوم الثاني قال كذلك فخرج نفس الرجل وفي اليوم الثالث قال صلى الله عليه وسلم كذلك فخرج نفس الرجل وبنفس الهيئة السابقة.
فأراد الصحابي ( عبد الله بن عمر ) أن يعرف عمل هذا الرجل الذي أدخله الجنة , فذهب إلى منزله وطرق عليه الباب وقال له إني تخاصمت مع أبي وحلفت ألا أبيت عنده ثلاث ليال فهل تستضيفني فقال نعم , وأخذ يراقبه في العبادة فلم يجد منه كثير صوم ولا كثرة قيام بل كان مساويا لهم في العبادة إلا أنه إذا ( تعار من الليل ) أي انتبه من نومه في الليل قال لا إله إلا الله , وفي اليوم الثالث قال عبد الله بن عمر للرجل : والله إني لست على خلاف مع أبي ولكن سمعت من رسول الله كذا وكذا ... فكنت أنت الرجل .. ولم أر منك كثير عبادة فما هو العمل الذي جعلك من أهل الجنة فقال له الرجل .. إني كما قلت ولكني أبات وليس في قلبي غش على أحد , فقال عبد الله بن عمر : تلك التي لا نستطيعها , تلك التي لا نستطيعها . ومعنى غش على أحد أي حقد وغضب .
كذلك فإن الله تعالى يقول ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )
ويقول تعالى ( وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ).
*****************
الصبر الجميل الذي لا شكوى معه , والهجر الجميل الذي لا أذى معه , والصفح الجميل الذي لا عتاب معه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك..
.
تعليق