الفصل الرابع
السراديب، للمسيو بيري mons. Perret
السرداب catacomb والمقبرة cemetery هما كلمتان تأتيان من نفس الجذر، وتعنيان نفس الشيء، المهجع—المنامة dormitory، أي مكان النوم، صالة أو مكان يقسّم لعدد من الغرف للنزلاء. الإسم ذاته يقر بجلال الله، العقيدة المقدسة "النشور" (قيام الجسد من بين الأموات)؛-عقيدة عُلِّمت عن طريق كتب العهد القديم بسرية، ونقلت للنور في العهد الجديد بقيام يسوع المسيح من الأموات؛-وهي العقيدة التي وعظ بها الرسل باسم يسوع بين كل الأمم، وأقرت بكل صيغة من صيغ الإيمان البدائي عن طريق الكلمات: "أنا أؤمن بقيام الجسد"، أو "اللحم من الموت"،—عقيدة شوهها بوبيري Popery، وأضعفها المَطْهَر, وأنكرها العلم بوقاحة، ودعتها الفلسفة كذلك، على الرغم من أنها الإنجيل الخالد لله مخلصنا، مثبتة بكلمته المكتوبة، ومعروضة على كل من يمشى خلال ساحات مقابر القديسين والشهداء، بنفس ذات الإسم، حيث السراديب أو أماكن نوم الموتى، الذين سوف يستفيقون على الصوت المدوى لابن الله، وسيأتي كل أمرء، كلا من الصالحين وغير الصالحين (يوحنا 5: 25؛ أعمال 24: 15، كورنثيوس 15: 52).
يبلغ عدد القبور في السراديب المحفورة تحت مدينة روما ستة ملايين قبر، تتوزع على كل جهة من الساحات التي هي غالبا غير متصلة، والتي إذا ما صفت على خط واحد قد تبلغ مسافة تزيد عن سبعمائة ميل (1126 كيلومتر)، وفقا لكلام لويس بيريه Louis Perret، الذي قضى أربع عشرة سنة في إكتشاف هذه السراديب ونسخ نقوشها. نشرت الحكومة الفرنسية عمله على نفقتها الخاصة في خمسة مجلدات ضخمة، ما أعطاه موافقة أفضل هئية كاثوليكية رومانية في مثل هذا الموضوع في العالم المسيحي. هذا العمل، مع ذاك للفارس دي روسي Cav. de Rossi، رئيس الإرساليين المعين من قبل البابا بيوس التاسع Pius IX للحفاظ على آثار وبقايا الفن المسيحي في روما، زودانا بأدلة غزيرة تصحيحا لآرائنا. لقد قدرا عدد النقوش القبرية من أعمال المسيحيين في روما بين سنتي 71 و600 ميلادية بحوالي 11,000؛ 6000 منها من السراديب، البقية من آثار وشواهد فوق الأرض. من بين تلك التي من السراديب، يعتقد أن 4000 منها تعود لتواريخ تسبق مجمع نيقيا سنة 325. من هذه 6000، هناك فقط 1250 نقش مؤرَّخ، ليترك تحديد عمر البقية تخمينا بحسب مقارنة تشابهها في الشكل ونمط الحروف مع تلك النقوش المؤرّخة. بين سنتي 71 و300، لم تحمل ثلاثين من تلك النقوش أي تواريخ. بين سنتي 325 و410، عندما أخذ Alaric روما، حمل كل نقش تاريخ نقشه، في كل السنين وليس أبكر من سنة 500؛ لكن تلك السنة لم تحمل أي نقش. من تلك السنة الى نهاية القرن الخامس، هناك 500 نقش مؤرخ؛ في النصف الأول من القرن السادس هناك حوالى 200 نقش، وفي النصف الأخير هناك 50. هناك سبعة نقوش فقط تعود للقرن السابع. ولم تظهر علامة شارة صليب الخشب حتى السنوات الأخيرة من القرن الرابع. إن اللفظة الإغريقية لاسم المسيح كانت مفضلة حصرا منذ أقدم تاريخ، الكامنة في شكل المونوغرام .
الرموز المنقوشة فوق من نقش على قبر: المرساة هي رمز أملنا الذي هو في المسيح، القائم من الأموات "بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ" (رومية 1: 4)
الرموز على هذا القبر (أنظر أعلى) قد تفسر كالتالي: السمكة تمثل الأحرف الأولى (ίχθύς، سمكة) من الكلمات، "Jesus Christ, Son of God, our Saviour يسوع المسيح، إبن الله، مخلصنا". يتبعه المونوغرام، ومعزيهم الذي ينتحب ناظرا للمسيح.
يقول السيد بيري، "لقد صُعِقنا أثناء تجوالنا خلال السراديب بغياب كل الأمثلة التوضيحية الخاصة بالإستشهاد. فالمرء هناك لا يقابل صورة يسوع على الصليب" (مجلد 3، ص71). وإذا ما ظهرت صورة، يكون السيد بيري حذرا في إثبات أنها لا تمت لذلك العصر بأي صلة: "من الملاحظ أنه في العصر الأول (للمسيحية) لم يصور المسيحيين أمام أعين المؤمنين أي صورة ليسوع على الصليب. فقد كانوا راضين، إحتراما لضعف ووهن الأنفس، برسم الصليب عارٍ (بدون الجسد) في بداية الأمر، ولكنهم أحياناً يخفونه في المونوغرام؛ بعد ذلك، يظهر مزينا بالزهور، وبالأحجار الكريمة، والتيجان؛ وفيما بعد، يظهر الصليب مقترنا بحَمَلٍ مستلقٍ تحته. بدأ المسيحيون برسم التمثال النصفي للمخلص في القرن السادس، كالذي يمكن للمرء أن يراه على صليب الفاتيكان؛ وحتى الجسد بكامه، مع اليدان والقدمان المثقوبة بالمسامير" (مج3، ص91. أنظر كذلك Schaff’s Hist.، مج3، ص561). تمتع المسيحيون في القرن الثامن بعبادة هذا من ضمن صور وأوثان أخرى، فنما الشرير حتى سنة 1276؛ حيث أنشأ البابا إينوسنت الخامس Inocent V أعيادا إحتفالية قُدِّست لذكرى الرمح الذي ثقب جنب مخلصنا، وللمسامير التي ثبتته على الشجرة، ولتاج الشوك الذي غطى رأسه (Mosh. فصل 13، ص2، فصل 4) والآن، وفي هذا القرن التاسع عشر، يضعون كتابة على الرمح الأكثر وضوحا على جدار كاتدرائية القديس بطرس في روما، بالأحرف الكبيرة، "رمح لونجينيوس The Lance of Longinus"، الرمح الذي ثقب جنب فادينا. ومرة أخرى، "جزء من الصليب التي أحضرته الى هذه المدينة الامبراطورة هيلانة" (Burgon’s Letters، ص127). من الغريب أن الرمح، وفقا للكتابة، كان هدية من المحمديين للبابا.
من السهل أن تشمئز من هذا الجنون، ومن ثم من بعضهم، ذوي الأعين المفتوحة، ليخوضوا مباشرة في هذا الجنون. لقد تسلمنا كتبنا المقدسة، والكهنوتية، وطقوسنا الدينية، من خلال هذا الفساد عينه. إنها كنيستنا التي أحدثت نموا الشر فيها. وحده مجد الرب يجعلنا مختلفين عن الورثة الشرعيين لهذا المقت الشديد، بنفس الكأس التي ثملت وتسممت به الكنيسة الكاثوليكية. وبينما نمجد الرب إلهنا لأجل خلاصنا، دعونا لا نوبخ إخوتنا الذين هم تحت عبودية الفرعون، بل لنصلي لأجلهم، كي يتحرروا من نير عبودية الأصنام ومن عبودية أب كل الأكاذيب. لذا، يجب علينا أن نضع علامة توضح كيف هي سرعة هذه العملية، المتكشفة في تاريخ الكنيسة الأولى، التي تعيد نفسها الآن على أرض أمريكا البروتستانتية. أولا، يأت الصليب في شكل المونوغرام، أو محاطا بدائرة، أو مقحما في الأحرف IHS، أو بطرق سرية أخرى، مطروقا ومخفيا عن الأعين العادية. تالياً، كل (الصلبان) المصنوعة من الذهب، والأحجار الكريمة، والرخام، أو الشمع تكلل بالغار. بعد ذلك، يأت "تمجيد الصليب"، بالزهور، والموسيقى المقدسة، والمواكب الفخمة، بين رعايا المائدة المقدسة. وما تبقى فقط للصورة هو أن تجهز بجسد بشري، الذي هو، في الوقت الحاضر من بين كل الأشياء، محتم القدوم، كما يتطاير الشرر لأعلى؛ بعد ذلك، ستُقبًّل وتُعبد.
بدأت شارة صليب تاو tauبالضهور بين رموز الكنيسة الرومانية في فترة بابوية البابا داماسوس Damasus، الذي جعل نزاعه الدموي على الأسقفية مع أورسينوس Ursinus فترة حكمه فترة مشهورة، بين 367-385. لقد تطلب الأمر ثلاثة قرون أخرى قبل أن يصبح قلب الشعب أكثر صلابة وتحمل ليسمح بتعليق صورة مخلصنا على الصليب. لقد كان مجمع تروللو Council of Trullo، سنة 692، أول من يقر في القانون 82، "أن المسيح، الممثل على الصليب بشكل حمل، يجب، مستقبلاً، أن يكون مصورا بشكله البشري" (Rock’s Hierurg.، ص356).
الآن، يتصدر وثن صليب الموت، ووثن تمّوز، عمود الرمزية والوثنية، باسم المسيح، كما كان الأمر منذ 1500 سنة مضت. لم يكن وثن الصورة، في أصله، أبداً رمزا للمسيح ولا لصليبه، بل كان وثنا للعبادة الشهوانية. والآن، أصبح "الصليب" متحولا من شارة الله الى شارة تمّوز،*—من المسيح الى ضد المسيح،—من نكران الذات الى الشهوانية،—من التخلى عن متع العالم الى إكتسابها،—من "ملكوته الآت على الأرض" الى "ملكوته الممتد على الأرض". وفى كلا الحالتين، تبقى الأسماء الأصلية-الصليب، والمسيح، والملكوت-لكن روحها يتغير تماماً. الشارة X (ki) تصبح T (tau)؛ والكنائس التي كانت "تبحث عن ذلك الأمل المبارك والظهور الممجد لله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح"، أمضت وقتا طويلا تبحث عن الكاهن الذي هو من المفترض أن يحكم مملكة هذا العالم المعصوم ببركة المسيح. كنائس كانت وكنائس تكون، لكن، ومثلما تغير الصليب X الى T، تغيرت الكنائس تماماً في صورة العبادة وطريقة الحياة؛ ومملكة البابا الآت، هي كشمس مزيفة أمام بريق جرم النهار السماوي. شمس لها نور حقيقي، لكنها دون شكل ومضلمة. وبينما كان الصليب الحرف الأول من المسيح، كان مجئ الرب في مجده هو الأمل للمسيحيين المظطهدين؛ لكن، بعد كل هذا، تحول الرمز والأمل تدريجياً من المسيح والتضحية بالنفس الى تمتيع النفس في إمبراطورية هذا العالم.
تغير الشارة
هناك ثلاثة أشياء تعاونت بشكل واضح لتعمل على تغيير شارة المسيح:-
يتفق كل مؤلفي القرنين الرابع والخامس مع بارونيوس وجيبون على أن قسطنطين قد إتخذ المونوغرام شعارا لرايته؛ وتظهر الالميداليات والنقود الإمبراطورية واللابروم الشكل الذي لا يقبل الجدل للمونوغرام، الذي لا يمكن إخفاءه ولا تزييفه؛ في الوقت الذي يقدم كل من دي روسّي، وبيريت، والبابا الحالي بيوس التاسع Pius IX والحكومة الفرنسية من آثار وسراديب روما، أدلة كثيرة تثبت، مهما يكون الإسم، أن الشارة الحقيقة للمسيح في الكنيسة الأولى كانت X، من كلمة Christ، ولم تكن علامة الشجرة الملعونة. لذلك، فالشارة المعروفة، ووثن وصورة الصليب لم تكن أصيلة المبدأ ولم تكن جديرة بالاحترام، ولم تكن مقبولة في بيت الرب. إنها شارة مزعومة أخذت إسم ومكان المونوغرام الحقيقي المسيح، أخفيت في عصور قديمة تحت الشكل المعروف والشائع في السراديب وعلى الشواهد التذكارية المسيحية القديمة، وإتخذها الإمبراطور قسطنطين شعارا يزين رايته ودروعه، بهدف إلزام الشجعان والعدد المتزايد من المسيحيين لأن يعززوا ويدعموا مخططاته الطموحة.
السراديب، للمسيو بيري mons. Perret
السرداب catacomb والمقبرة cemetery هما كلمتان تأتيان من نفس الجذر، وتعنيان نفس الشيء، المهجع—المنامة dormitory، أي مكان النوم، صالة أو مكان يقسّم لعدد من الغرف للنزلاء. الإسم ذاته يقر بجلال الله، العقيدة المقدسة "النشور" (قيام الجسد من بين الأموات)؛-عقيدة عُلِّمت عن طريق كتب العهد القديم بسرية، ونقلت للنور في العهد الجديد بقيام يسوع المسيح من الأموات؛-وهي العقيدة التي وعظ بها الرسل باسم يسوع بين كل الأمم، وأقرت بكل صيغة من صيغ الإيمان البدائي عن طريق الكلمات: "أنا أؤمن بقيام الجسد"، أو "اللحم من الموت"،—عقيدة شوهها بوبيري Popery، وأضعفها المَطْهَر, وأنكرها العلم بوقاحة، ودعتها الفلسفة كذلك، على الرغم من أنها الإنجيل الخالد لله مخلصنا، مثبتة بكلمته المكتوبة، ومعروضة على كل من يمشى خلال ساحات مقابر القديسين والشهداء، بنفس ذات الإسم، حيث السراديب أو أماكن نوم الموتى، الذين سوف يستفيقون على الصوت المدوى لابن الله، وسيأتي كل أمرء، كلا من الصالحين وغير الصالحين (يوحنا 5: 25؛ أعمال 24: 15، كورنثيوس 15: 52).
يبلغ عدد القبور في السراديب المحفورة تحت مدينة روما ستة ملايين قبر، تتوزع على كل جهة من الساحات التي هي غالبا غير متصلة، والتي إذا ما صفت على خط واحد قد تبلغ مسافة تزيد عن سبعمائة ميل (1126 كيلومتر)، وفقا لكلام لويس بيريه Louis Perret، الذي قضى أربع عشرة سنة في إكتشاف هذه السراديب ونسخ نقوشها. نشرت الحكومة الفرنسية عمله على نفقتها الخاصة في خمسة مجلدات ضخمة، ما أعطاه موافقة أفضل هئية كاثوليكية رومانية في مثل هذا الموضوع في العالم المسيحي. هذا العمل، مع ذاك للفارس دي روسي Cav. de Rossi، رئيس الإرساليين المعين من قبل البابا بيوس التاسع Pius IX للحفاظ على آثار وبقايا الفن المسيحي في روما، زودانا بأدلة غزيرة تصحيحا لآرائنا. لقد قدرا عدد النقوش القبرية من أعمال المسيحيين في روما بين سنتي 71 و600 ميلادية بحوالي 11,000؛ 6000 منها من السراديب، البقية من آثار وشواهد فوق الأرض. من بين تلك التي من السراديب، يعتقد أن 4000 منها تعود لتواريخ تسبق مجمع نيقيا سنة 325. من هذه 6000، هناك فقط 1250 نقش مؤرَّخ، ليترك تحديد عمر البقية تخمينا بحسب مقارنة تشابهها في الشكل ونمط الحروف مع تلك النقوش المؤرّخة. بين سنتي 71 و300، لم تحمل ثلاثين من تلك النقوش أي تواريخ. بين سنتي 325 و410، عندما أخذ Alaric روما، حمل كل نقش تاريخ نقشه، في كل السنين وليس أبكر من سنة 500؛ لكن تلك السنة لم تحمل أي نقش. من تلك السنة الى نهاية القرن الخامس، هناك 500 نقش مؤرخ؛ في النصف الأول من القرن السادس هناك حوالى 200 نقش، وفي النصف الأخير هناك 50. هناك سبعة نقوش فقط تعود للقرن السابع. ولم تظهر علامة شارة صليب الخشب حتى السنوات الأخيرة من القرن الرابع. إن اللفظة الإغريقية لاسم المسيح كانت مفضلة حصرا منذ أقدم تاريخ، الكامنة في شكل المونوغرام .
الرموز المنقوشة فوق من نقش على قبر: المرساة هي رمز أملنا الذي هو في المسيح، القائم من الأموات "بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ" (رومية 1: 4)
الرموز على هذا القبر (أنظر أعلى) قد تفسر كالتالي: السمكة تمثل الأحرف الأولى (ίχθύς، سمكة) من الكلمات، "Jesus Christ, Son of God, our Saviour يسوع المسيح، إبن الله، مخلصنا". يتبعه المونوغرام، ومعزيهم الذي ينتحب ناظرا للمسيح.
يقول السيد بيري، "لقد صُعِقنا أثناء تجوالنا خلال السراديب بغياب كل الأمثلة التوضيحية الخاصة بالإستشهاد. فالمرء هناك لا يقابل صورة يسوع على الصليب" (مجلد 3، ص71). وإذا ما ظهرت صورة، يكون السيد بيري حذرا في إثبات أنها لا تمت لذلك العصر بأي صلة: "من الملاحظ أنه في العصر الأول (للمسيحية) لم يصور المسيحيين أمام أعين المؤمنين أي صورة ليسوع على الصليب. فقد كانوا راضين، إحتراما لضعف ووهن الأنفس، برسم الصليب عارٍ (بدون الجسد) في بداية الأمر، ولكنهم أحياناً يخفونه في المونوغرام؛ بعد ذلك، يظهر مزينا بالزهور، وبالأحجار الكريمة، والتيجان؛ وفيما بعد، يظهر الصليب مقترنا بحَمَلٍ مستلقٍ تحته. بدأ المسيحيون برسم التمثال النصفي للمخلص في القرن السادس، كالذي يمكن للمرء أن يراه على صليب الفاتيكان؛ وحتى الجسد بكامه، مع اليدان والقدمان المثقوبة بالمسامير" (مج3، ص91. أنظر كذلك Schaff’s Hist.، مج3، ص561). تمتع المسيحيون في القرن الثامن بعبادة هذا من ضمن صور وأوثان أخرى، فنما الشرير حتى سنة 1276؛ حيث أنشأ البابا إينوسنت الخامس Inocent V أعيادا إحتفالية قُدِّست لذكرى الرمح الذي ثقب جنب مخلصنا، وللمسامير التي ثبتته على الشجرة، ولتاج الشوك الذي غطى رأسه (Mosh. فصل 13، ص2، فصل 4) والآن، وفي هذا القرن التاسع عشر، يضعون كتابة على الرمح الأكثر وضوحا على جدار كاتدرائية القديس بطرس في روما، بالأحرف الكبيرة، "رمح لونجينيوس The Lance of Longinus"، الرمح الذي ثقب جنب فادينا. ومرة أخرى، "جزء من الصليب التي أحضرته الى هذه المدينة الامبراطورة هيلانة" (Burgon’s Letters، ص127). من الغريب أن الرمح، وفقا للكتابة، كان هدية من المحمديين للبابا.
من السهل أن تشمئز من هذا الجنون، ومن ثم من بعضهم، ذوي الأعين المفتوحة، ليخوضوا مباشرة في هذا الجنون. لقد تسلمنا كتبنا المقدسة، والكهنوتية، وطقوسنا الدينية، من خلال هذا الفساد عينه. إنها كنيستنا التي أحدثت نموا الشر فيها. وحده مجد الرب يجعلنا مختلفين عن الورثة الشرعيين لهذا المقت الشديد، بنفس الكأس التي ثملت وتسممت به الكنيسة الكاثوليكية. وبينما نمجد الرب إلهنا لأجل خلاصنا، دعونا لا نوبخ إخوتنا الذين هم تحت عبودية الفرعون، بل لنصلي لأجلهم، كي يتحرروا من نير عبودية الأصنام ومن عبودية أب كل الأكاذيب. لذا، يجب علينا أن نضع علامة توضح كيف هي سرعة هذه العملية، المتكشفة في تاريخ الكنيسة الأولى، التي تعيد نفسها الآن على أرض أمريكا البروتستانتية. أولا، يأت الصليب في شكل المونوغرام، أو محاطا بدائرة، أو مقحما في الأحرف IHS، أو بطرق سرية أخرى، مطروقا ومخفيا عن الأعين العادية. تالياً، كل (الصلبان) المصنوعة من الذهب، والأحجار الكريمة، والرخام، أو الشمع تكلل بالغار. بعد ذلك، يأت "تمجيد الصليب"، بالزهور، والموسيقى المقدسة، والمواكب الفخمة، بين رعايا المائدة المقدسة. وما تبقى فقط للصورة هو أن تجهز بجسد بشري، الذي هو، في الوقت الحاضر من بين كل الأشياء، محتم القدوم، كما يتطاير الشرر لأعلى؛ بعد ذلك، ستُقبًّل وتُعبد.
بدأت شارة صليب تاو tauبالضهور بين رموز الكنيسة الرومانية في فترة بابوية البابا داماسوس Damasus، الذي جعل نزاعه الدموي على الأسقفية مع أورسينوس Ursinus فترة حكمه فترة مشهورة، بين 367-385. لقد تطلب الأمر ثلاثة قرون أخرى قبل أن يصبح قلب الشعب أكثر صلابة وتحمل ليسمح بتعليق صورة مخلصنا على الصليب. لقد كان مجمع تروللو Council of Trullo، سنة 692، أول من يقر في القانون 82، "أن المسيح، الممثل على الصليب بشكل حمل، يجب، مستقبلاً، أن يكون مصورا بشكله البشري" (Rock’s Hierurg.، ص356).
الآن، يتصدر وثن صليب الموت، ووثن تمّوز، عمود الرمزية والوثنية، باسم المسيح، كما كان الأمر منذ 1500 سنة مضت. لم يكن وثن الصورة، في أصله، أبداً رمزا للمسيح ولا لصليبه، بل كان وثنا للعبادة الشهوانية. والآن، أصبح "الصليب" متحولا من شارة الله الى شارة تمّوز،*—من المسيح الى ضد المسيح،—من نكران الذات الى الشهوانية،—من التخلى عن متع العالم الى إكتسابها،—من "ملكوته الآت على الأرض" الى "ملكوته الممتد على الأرض". وفى كلا الحالتين، تبقى الأسماء الأصلية-الصليب، والمسيح، والملكوت-لكن روحها يتغير تماماً. الشارة X (ki) تصبح T (tau)؛ والكنائس التي كانت "تبحث عن ذلك الأمل المبارك والظهور الممجد لله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح"، أمضت وقتا طويلا تبحث عن الكاهن الذي هو من المفترض أن يحكم مملكة هذا العالم المعصوم ببركة المسيح. كنائس كانت وكنائس تكون، لكن، ومثلما تغير الصليب X الى T، تغيرت الكنائس تماماً في صورة العبادة وطريقة الحياة؛ ومملكة البابا الآت، هي كشمس مزيفة أمام بريق جرم النهار السماوي. شمس لها نور حقيقي، لكنها دون شكل ومضلمة. وبينما كان الصليب الحرف الأول من المسيح، كان مجئ الرب في مجده هو الأمل للمسيحيين المظطهدين؛ لكن، بعد كل هذا، تحول الرمز والأمل تدريجياً من المسيح والتضحية بالنفس الى تمتيع النفس في إمبراطورية هذا العالم.
تغير الشارة
هناك ثلاثة أشياء تعاونت بشكل واضح لتعمل على تغيير شارة المسيح:-
- شهادتي الزور لكل من برنابا ونيقوديموس.
- الميل الطبيعي لدى الوثنيين لإعتناق الدين الجديد الذي يعتنقه الإمبراطور، والاحتفاظ بالرموز القديمة، والصور، والأعيـاد، تحت مسميات جديدة. إن الجهال فقط هم من إعتادوا عبادة عشتروت، أو عشتارت، باستخدام رمز تمّوز، وتعلموا عن طيب خاطر أن يعبدوا المسيح المصلوب بنفس الرموز والطرق.
- ثلاث عجائب مدوية الصوت وقعت منتصف القرن الرابع: الأولى، هيلانة تجد خشب صليب مخلصنا. والثانية، تكاثر ذلك الخشب في كل المعمورة. والثالثة، رؤيا المونوغرام، المدعوا بالصليب، الذي قيل أنه قد رآه قسطنطين وكامل جيشه، في كبد السماء منتصف النهار، بنور يفوق نور الشمس! آمنت كل أمم الإمبراطورية بهذه الأشياء وأكثر، وهي تشاهد المونوغرام وهو يحل محل النسور على الراية الإمبراطورية. فهم لم يدركوا بعدها ولا الآن، التغيرات التي طرئت على الجوهر، إذا ما هم إحتفظوا بالإسم. لقد إحتفظت روما، تحت الإمبراطورية، باسمها الجمهوري وأطاعت أباطرتها. لذا فقد إستخف العالم المسيحي بالحقيقة الجلية التي تقول أن المونوغرام الذي إتخذه قسطنطين شعارا لرايته، وذلك الشيء الخشبي الذي بجله، وأحبه، وحتى عبده تحت مسمى الصليب، لا يحمل أحدهما أي شبه بالآخر. ومع ذلك، فقد إتفق الجميع على إعتبارهما متشابهان شكلاً وإسماً—الصليب الوثني. كانت كل الأمم تألف هذه العلامة، وتؤمن بحكايا المعجزات المروية عن إكتشافه، ورؤياه الملوكية، وقصة تكاثره القدسي، وقواه العجائبية. لهذا، فقد إستولت الشارة الوثنية للصليب على مخيلتهم، في الوقت الذي كادت أن تختفي فيه شارة المونوغرام.
يتفق كل مؤلفي القرنين الرابع والخامس مع بارونيوس وجيبون على أن قسطنطين قد إتخذ المونوغرام شعارا لرايته؛ وتظهر الالميداليات والنقود الإمبراطورية واللابروم الشكل الذي لا يقبل الجدل للمونوغرام، الذي لا يمكن إخفاءه ولا تزييفه؛ في الوقت الذي يقدم كل من دي روسّي، وبيريت، والبابا الحالي بيوس التاسع Pius IX والحكومة الفرنسية من آثار وسراديب روما، أدلة كثيرة تثبت، مهما يكون الإسم، أن الشارة الحقيقة للمسيح في الكنيسة الأولى كانت X، من كلمة Christ، ولم تكن علامة الشجرة الملعونة. لذلك، فالشارة المعروفة، ووثن وصورة الصليب لم تكن أصيلة المبدأ ولم تكن جديرة بالاحترام، ولم تكن مقبولة في بيت الرب. إنها شارة مزعومة أخذت إسم ومكان المونوغرام الحقيقي المسيح، أخفيت في عصور قديمة تحت الشكل المعروف والشائع في السراديب وعلى الشواهد التذكارية المسيحية القديمة، وإتخذها الإمبراطور قسطنطين شعارا يزين رايته ودروعه، بهدف إلزام الشجعان والعدد المتزايد من المسيحيين لأن يعززوا ويدعموا مخططاته الطموحة.
تعليق