علم الكون Cosmology
هو العلم الذي يبحث حول الكون كله، أي كل ما في الوجود، من مجرات ونجوم وكواكب سيارة ومذنبات وغيرها، كما انه العلم الذي يسعى للاجابة على العديد من الاسئلة المثيرة التي طالما طرحها الانسان على نفسه منذ ان بدات حياته على الارض، واعتذر للاخوة الزملاء حيث ان هذا الموضوع يتطلب خلفية علمية اكاديمية ، وعلية فسيكون صعب الفهم قليلا على من هم خلفيتهم العلمية ادبية او دينية فارجوا المعذرة
والبداية تساؤل عن :
كيف نشا الكون؟
ومتى نشا؟
ومن الذي اوجد الكون؟
واين هي حدوده؟ وما هو شكله؟
لقد تم تاويل الكون بطرق شتى ووفقاً لنظريات مختلفة ومتعددة. وأحد الاتفاقات القليلة حول ماهية الكون من بين النظريات العدة المتبناة من قبل الفلاسفة وغيرهم هو أن "مفهوم" الكون يدل على الحجم النسبي لمساحة الفضاء الزمكاني (الزماني والمكاني) الذي تتواجد فيه المادة بشتى اشكالها كالنجوم والمجرات والكائنات الحية. وفي تحديد طبيعة هذا الكون تختلف الآراء. فمن هنا تصور الفلسفات المختلفة والعقائد قديماً الكون بصورة معينة، مما ادى الى ظهور الفلسفات والعقائد الجديدة لتأويل مفهوم الكون بصورة أخرى مختلفة. وهذا على صعائد عدة، من ناحية النشوء والتطور وكذلك من ناحية هل للكون نهاية أم لا إلخ.. .
بداية الكون
كثيراً ما اختلفت الأقاويل وتضاربت النظريات وتلاحمت الأفكار حول كيفية نشوء الكون. فهنالك من يدعي بأن الكون قد "خـُلِق" بنفسه، وهنالك من يقول بأن الله هوالمسبب الخالق البديع وغيرها من الأفكار. ودينياً: الله هو خالق وواجد الكون. والاختلاف قديما كان لاثبات ان الكون له بداية أو أزلي، وبحسب قوانين الفيزياء فلو كان الكون ازليا لوصل إلى مرحلة التوازن، وذلك يعني ان الكون سيكون كتلة واحدة لها نفس الخصائص والصفات غير مجزئة لها درجة الحرارة نفسها، لأن الحرارة تنتقل من الجسم الاسخن إلى الابرد حتى تصل إلى التوازن بين الجسمين، والمادة تنتقل من المنطقة ذات الكثافة الأعلى إلى المنطقة ذات الكثافة الأقل إلى أن تصل إلى التوازن أيضا، وهذا يعني أن الكون غير أزلي فهو لم يصل إلى مرحلة التوازن بعد. وخروجاً من هذا المنطلق؛ تلخص النظريات الأربعة الوحيدة لكيفية وجود الكون ومن خلالها يمكننا إقصاء واستبعاد بعض النظريات الخارجية والبعيدة عن المغزى الأساسي لمفهوم "بداية الكون"، ألا وهي:
1. أن الكون قد أوجد نفسه بنفسه.
2. أن كوناً آخراً قد أوجد الكون.
3. أن الكون قد أوجـِدَ من العدم.
4. أن الله هو خالق الكون.
بالنسبة للنظرية الأولى؛ لا يمكن للكون أن يوجد نفسه بنفسه، لأنه لم يكن موجوداً بالأساس فكيف يوجد شيئاً وهو غير موجود؟،
ففاقد الشيء لا يعطيه أي أن فعل الإيجاد لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان هنالك أحد موجود أصلاً ليفعله. إذاً فهذه النظرية مستبعدة.
بالنسبة للنظرية الثانية؛ يُطرح من خلال هذه النظرية السؤال ذاته الذي يقول: إذا كان كون آخر قد أوجد الكون الحالي، فمن أوجد الكون الأول؟
- ومن هذا المنطلق نستنتج أن هذه النظرية غير معقولة فنستبعدها.
بالنسبة للنظرية الثالثة؛ إن إيجاد شيء من العدم أمر لا يقبله العقل. فتخيل صنع كرسي وليس لديك أخشاب ولا مسامير ولا معدن ولا أي شيء، ببساطة؛ هذا مستحيل. إذاً فهذه أيضاً مستبعدة.
نظرية نشوء الكون
هنالك نظرية دارجة في علم الكون الفيزيائي حول نشوءه تسمة "الانفجار العظيم" Big Bang ، التي ترى بأن الكون قد نشأ من وضعية حارة شديدة الكثافة، تقريبا قبل حوالي 13,7 مليار سنة. نشأت نظرية الإنفجار العظيم نتيجة لملاحظات الفلكي الامريكي الشهير"ادوين هابل" الذي كشف عن تباعد المجرات عن بعضها بعد ان قام بتحليل اطياف المجرات، وهو ما توافق مع المبدأ الكوني النظري الذي يقول ان الكون يتمدد وفقا لنموذج "فريدمان-لاميتير" للنسبية العامة Friedmann-Lemaître model. هذه الملاحظات تشير إلى أن الكون بكل ما فيه من مادة وطاقة انبثق من حالة بدائية ذات كثافة وحرارة عاليتين شبيهة بالمتفردات الثقالية التي تتنبأ بها النسبية العامة، ولهذا توصف تلك المرحلة بالحقبة المتفردة. فإذا كان الكون يتمدد فما من شك أن حجمه في الماضي كان أصغر من حجمه اليوم، وأن حجمه في المستقبل سيكون أكبر منهما. وإذا تمكنا من حساب سرعة التمدد يمكننا التنبؤ بالزمن الذي احتاجه الكون حتى وصل إلى الحجم الحالي، وبالتالي يمكننا تقدير عمر الكون وهو 14 مليار سنة تقريباً. تتحدث نظرية الانفجار العظيم عن نشوء وأصل الكون إضافة لتركيب المادة الأولى(primordial matter) من خلال عملية التخليق النووي (nucleosynthesis) كما تتنبأ بها نظرية "الفر-بيتا-جاموف" (Alpher-Bethe-Gamow theory). .
تمدد الكون
قد تكون بداية التأكيد العملي لنظرية الانفجار العظيم قد بدأت مع رصد الفلكي الأمريكي إدوين هابل للمجرات ومحاولة تعيين بُعد هذه المجرات عن الأرض مستخدما مفهوم لمعان النجوم الذي يتعلق بتألق النجوم وبعدها عنا. أمر آخر يمكن تحديده بالنسبة للنجوم هو تحليل طيف الضوء الصادرعن النجم عن طريق موشور، فكل جسم غير شفاف عند تسخينه يصدر ضوءا مميزا يتعلق طيفه فقط بدرجة حرارة هذا الجسم، إضافة لذلك نلاحظ ان بعض الألوان الخاصة قد تختفي من نجم لآخر حسب العناصر المكونة لهذا النجم. لذلك فعند دراسة الأطياف الضوئية للنجوم الموجودة في مجرة درب التبانة، نلاحظ فقدانا للألوان المتوقعة في الطيف بما يتوافق مع التركيب المادي لمجرة درب التبانة، لكن هذه الاطياف ظهرت منزاحة نحو الطرف الأحمر من الطيف. الأمر الذي يذكرنا بظاهرة دوبلر. في ظاهرة دوبلر يختلف التواتر للأمواج الصادرة عن منبع موجي ما باختلاف شدة وسرعة هذا المصدر، فمثلا السيارة التي تقترب باتجاهك تكون ذات صوت عالي حاد (تواتر مرتفع) لكن نفس السيارة تصبح ذات صوت أجش (تواتر منخفض) بعد أن تجتازك وتبدأ بالابتعاد عنك.
فتواترات الأمواج الصوتية تختلف حسب سرعة المصدر وسرعة الصوت في الهواء والاتجاه بينك وبين المصدر، لأنه في حالة اقتراب المصدر منك (الراصد) يصلك شيئا فشيئا مقدار أكبر من الأمواج فترصد تواترا أعلى لأمواج الصوت لكن حينما يبتعد المصدر عنك تتلقى تواترا منخفضا. ينطبق نفس هذا المبدأ على الأمواج الضوئية ايضا، فإذا كان المنبع الضوئي يبتعد عنا فهذا يعني أن تواترات الأمواج المستقبلة ستكون أقل، أي منزاحة نحو الأحمر، أما إذا كان المنبع يقترب فستكون الأمواج الضوئية المستقبلة منزاحة نحو الأزرق (البنفسجي).
التصور البدئي كان يعتقد أن المجرات تتحرك عشوائيا وبالتالي كان التوقع ان عدد الانزياحات نحو الأحمر سيساوي الانزياحات نحو الأزرق وسيكون المحصلة معدومة
(لا إنزياح) لكن رصد هابل بجدولة أبعاد المجرات ورصد اطيافها مثبتا أن جميع المجرات تسجل انزياحا نحو الأحمر أي أن جميع المجرات تبتعد عنا، وأكثر من ذلك فأن مقدار الانزياح نحو الأحمر (الذي يعبر هنا عن سرعة المصدر الضوئي أي المجرة) لا يختلف عشوائيا بين المجرات بل يتناسب طردا مع بُعد المجرة عن الأرض، أي أن سرعة ابتعاد المجرات عن الأرض تتناسب مع بعدها عن الأرض.
لذلك فالعالم ليس ساكنا كما كان الاعتقاد سائدا وإنما آخذ في الاتساع. كانت مفاجأة أذهلت العديد من العلماء. ورغم أن ظاهرة التثاقل الموجودة في الكون كانت كافية لتدلنا أن الكون لا يمكن ان يكون سكونيا بل يجب أن يتقلص تحت تأثير ثقالته ما لم يكن أساسا متوسعا أو يملك قوة مضادة للجاذبية، فإن نيوتن لم يناقش هذه الحالة وحتى أينشتاين رفض فكرة كون غير سكوني حتى أنه أضاف ثابتا كونيا يعاكس الثقالة ليحصل على كون سكوني. كان العالم الوحيد الذي قبل بنظرية النسبية العامة كما هي وذهب بها إلى مداها كان البروفيسور "ألكسندر فريدمان" الذي وضع فرضيتين بسيطتين:
1-الكون متماثل في جميع مناحيه. جميع نقاط الرصد متشابهة ويبدو منها الكون بنفس حالة التماثل (فلا أفضلية لموقع رصد على آخر). نتيجة ذلك حصل فريدمان على ثلاثة نماذج تناقش حركية الكون وإمكانيات توسعه وتقلصه.
2-إشعاع الخلفية الميكروني الكوني في شركة "بل" للاتصالات كان العالمان "بنزياس وويلسون" يختبران كاشفا للأمواج السنتيمترية (أمواج كهرطيسية تواترها عشرة مليارات في الثانية وهي نفسها موجات ال (ميكروويف)، وكانت المشكلة ان جهازهما كان يستقبل إشعاعات مشوشة أكثر مما ينبغي، وكانت الإشعاعات المشوشة أشد عندما يكون الجهاز في وضع شاقولي منها عندما تكون في وضع أفقي، أما فرق الشدة بين الوضع الشاقولي وجميع الاتجاهات الأفقية فكان ثابتا. كان هذا يعني أن مصدر هذا الإشعاع من خارج الأرض، وأنه لا يتأثر بحالات الليل والنهار ولا اختلاف الفصول مما يعني أيضا أنه من خارج المجموعة الشمسية، وحتى خارج مجرتنا، وإلا فإن حركة الأرض تغير جهة الجهاز ومن المفروض ان تغير شدة الإشعاع المشوش. كان هذا الإشعاع غريبا في تماثله في جميع نقاط العالم المرصود فهو لا يتغير من جهة رصد لأخرى ولا من نقطة لأخرى.
كان ديك وبيبلز من جهة أخرى يدرسان اقتراح غاموف (تلميذ فريدمان) والذي يقول أن العالم بما أنه كان عبارة عن جسم ساخن وكثيف جدا ومشع في بداية أمره فإن إشعاعه لا بد أنه باق إلى الآن، كما أن توسع الكون لا بد أن ينزاح نحو الأحمر (مفعول دوبلر) وان يصبح بشكل إشعاع سنتمتري. عندئذ أدرك العالمان بنزياس وويلسون ان ما رصداه ما هو إلا بقايا إشعاع الكون البدئي الذي أطلق عليه لاحقا اسم : إشعاع الخلفية الكونية الميكروي cosmic microwave background radiation وهي أشعة كهرطيسية توجد في جميع اركان الكون بنفس الشدة والتوزيع وهي تعادل درجة حرارة 72.2 كلفن اي حوالي 270.7 درجة مئوية تحت الصفر. عندما نشاهد السماء بالمقراب نرى مسافات واسعة بين النجوم والمجرات يغلبها السواد، وهذا ما نسميه الخلفية الكونية. ولكن عندما نترك المنظار الذي نرصد به الضوء المرئي، ونمسك بمقراب يستطيع تحسس الموجات الراديوية، يصور لنا ضوءا خافتا يملأ تلك الخلفية، وهو لا يتغير من مكان إلى مكان وإنما منتشر بالتساوي في جميع أركان الكون وتوجد قمة هذا الإشعاع في حيز طول موجة 9و1 مليمتر وتعادل 160 مليار هرتز (160 GHz). وسجل هذا الإكتشاف باسم الباحثان "أرنو بنزياس" وزميله "روبرت ويلسون" وكان ذلك في عام 1964، ومنح العالمان جائزة نوبل للفيزياء عام 1978.
تفسير الظاهرة
يفسر نموذج الانفجارالعظيم تلك الاشعة، فعندما كان الكون صغيرا جدا وقبل تكون النجوم والمجرات كان شديد الحرارة جدا وكان يملأه دخان ساخن جدا موزعا توزيعا متساويا في جميع أنحائه، ومكونات هذا الدخان كانت بلازما الهيدروجين، أي بروتونات وإلكترونات حرة من شدة الحرارة وعظم الطاقة التي تحملها. وبدأ الكون يتمدد ويتسع فبدأت بالتالي درجة حرارة البلازما تنخفض، إلى الحد الذي تستطيع فيه البروتونات الاتحاد مع الإلكترونات مكونة ذرات الهيدروجين، واصبح الكون مضيئا وانتهت فترة الظلمه، وكانت الفوتونات الموجودة تنتشر في جميع الأرجاء إلا أن طاقتها بدأت تضعف حيث يملأ نفس عددالفوتونات الحجم المتزايد بسرعة للكون، وهذه الفوتونات هي التي تشكل اليوم إشعاع الخلفية الصغروي الكوني. وأنخفضت درجة حرارتها عبر نحو 7و13 مليار من السنين هي العمر المقدر فلكيا للكون
نماذج فريدمان
استنتج فريدمان من فرضيتيه نموذجا واحدا يتحدث عن كون يتوسع مثل البالون، بحيث أن جميع البقع على سطح البالون تبتعد عن بعضها البعض، ونلاحظ هنا انه لا يوجد في هذا النموذج أي مركز فلا يوجد أي شيء داخل البالون على افتراض عدم وجود جدار المطاط في البالون اي ليست له حدود خارجيه، والكون شبيه من هذا البالون المتوسع. يتحدث نموذج فريدمان أيضا عن كون يتوسع بمعدل بطيء بحيث يصل إلى مرحلة توازن ثم يبدأ التثاقل بتقليص الكون ليعود إلى حالته البدائية ومادته شديدة الكثافة (في البداية تتزايد المسافات بين المجرات حتى حد أعلى ثم تبدأ بالتناقص بفعل الجاذبية لتعود المجرات إلى التلاصق من جديد، كما ان هذا النموذج يدعمه أيضا انزياح طيف المجرات نحو الأحمر بشكل متناسب مع بعد المجرات عنا (و هذا يتلائم مع نتائج رصد هابل). في عام 1935 أوجد الأمريكي روبرتسون والبريطاني وولكر نموذجان إضافيان انطلاقا من فرضيتي فريدمان نفسهما، في هذين النموذجين يبدأ الكون بالتوسع من حالة كثيفة جدا بمعدل توسع عال جدا لدرجة أن التثاقل لا يمكنه إيقاف هذا التوسع فيستمر التوسع إلى ما لا نهاية (استمرار زيادة المسافات بين المجرات)، في الحالة الأخرى يبدأ الكون بالتوسع بمعدل متوسط إلى أن يصل لمرحلة يتوازن بها التوسع مع التقلص الثقالي فيصبح في حالة ثابته لا تتوسع ولا تتقلص (تصل المسافات بين المجرات إلى قيمة ثابتة لا تتغير بعدها).
الرجوع لأعلى الصفحة
تاريخ الانفجار العظيم
تطورت نظرية الانفجار العظيم من ملاحظات واعتبارات نظرية. الملاحظات الأولى كانت واضحة منذ زمن وهي ان السدم اللولبية (spiral nebulae) تبتعد عن الأرض، لكن من سجل هذه الملاحظات لم يذهب بعيدا في تحليل هذه النتائج. ففي عام 1927 قام الكاهن البلجيكي جورج لاميتير Georges Lemaître باشتقاق معادلات فريدمان-ليمايتري-روبرتسون-ووكر انطلاقا من نظرية آينشتاين العامة واستنتج بناء على تقهقر المجرات الحلزونية أن الكون قد بدأ من انفجار "ذرة بدائية" او "بيضة كونية" والتي تمتاز بالكثافة اللا نهائية ودرجة الحرارة العظيمة جدا والتي هي أسخن من مليون مليون مليون درجة حرارة نواة الشمس، وهذا ما دعي لاحقا بالانفجار العظيم (Big Bang). في عام 1929، أثبت إدوين هابل نظرية ليمايتري بإعطاء دليل رصدي للنظرية. اكتشف هابل أن المجرات تبتعد وتتراجع نسبة إلى الأرض في جميع الاتجاهات وبسرع تتناسب طردا مع بعدها عن الأرض، هذا ما عرف لاحقا باسم قانون هابل. حسب المبدأ الكوني cosmological principle فإن الكون لا يملك إتجاها مفضلا ولا مكانا مفضلا لذلك كان استنتاج هابل ان الكون يتوسع بشكل معاكس تماما لتصور آينشتاين عن كون ساكن static universe تماما.
مراحل تطور الانفجار
الكون ألبدئي كان مملوءا بشكل متجانس بكثافة طاقية عالية ودرجات حرارة وضغط عاليين. يقوم الكون بالتوسع والتبرد (كنتيجة لتوسعه) ليمر بمرحلة انتقال طور phase transition مماثلة لتكاثف البخار أو تجمد الماء عند تبرده، لكنها هنا انتقال طور للجسيمات الأولية. تقريبا بعد 10−35 ثانية من فترة بلانك يؤدي الانتقال ألطوري إلى خضوع الكون لنمو أسي خلال مرحلة تدعى التوسع الكوني. بعد توقف التوسع، تكون المكونات المادية للكون بشكل بلازما كوارك. و في حين يستمر الكون بالتوسع تستمر درجة الحرارة بالانخفاض. عند درجة حرارة معينة، يحدث انتقال غير معروف لحد الآن يدعى تخليق باريوني baryogenesis، حيث يتم اندماج الكوراكات والباريونات معا لإنتاج باريونات مثل البروتونات والنيترونات، منتجا أحيانا لا تناظر الملاحظ بين المادة والمادة المضادة. درجات حرارة أكثر انخفاضا بعد ذلك تؤدي للمزيد من انتقالات الأطوار الكاسرة للتناظر التي تنتج القوى الحالية في الفيزياء والجسيمات الأولية كما هي حاليا. يؤمن المسلمون بأن الله هو خالق الكون من العدم، إلا أنهم لا يرفضون نظرية الانفجار الكبير لاعتقادهم أنه أشير إليها في القرآن، فيم يعرف بالإعجاز العلمي في القرآن. قال الله تعالى: {اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون } [الأنبياء: الآية 30].
أشار الله في الآية إلى أن السماء والأرض كانتا ملتئمتين، أي كتلة واحدة ففتقناهما فتقا. جاء في كتاب حقائق علمية في القرآن الكريم: «أن الكون في القديم كان في حالة الرتق وكان عبارة عن جرم صغير ثم حدث انفجار عظيم أو فتق الرتق بالاستشهاد بالآية السابقة وبدأ بالتوسع وسرعته تقارب سرعة الضوء فقال تعالى : {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون}[الذاريات: الآية47] يختلف العلماء في هذا الوضع فمنهم من يقول أن الكون مفتوح وسيبقى يتسع لما لا نهاية. منهم من يقول أنه منغلق بمعنى أنه يفقد من قوة الدفع إلى الخارج باستمرار حتى تتوقف عملية الاتساع وحينئذ تبدأ قوى الجاذبية في لم أطراف الكون في عملية معاكسة لعملية انفجار الكون وتمدده يسميها العلماء (عملية الانسحاق الشديد) أو عملية (رتق الفتق) تقوم بإعادة الكون إلى حالة الجرم الابتدائي الأول الذي بدأ منه الخلق ونحن معشر المسلمين ننتصر لتلك النظرية، ونرتقي بها إلى مقام الحقيقة وذلك انطلاقا من قول الحق تبارك وتعالى:
{يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين}[الأنبياء: الآية 104]
مقياس المسافات الكونية
اصطلح الفلكيون على استخدام (السنة الضوئية) لقياس المسافات بين الكواكب والمجرات، وتعرف " السنة الضوئية " بالمسافة التي تقطعها أشعة الضوء في السنة الواحدة فإذا عرفنا أن سرعة الضوء تبلغ (300 ألف كيلو متر في الثانية) فإن ذلك يعني أن السنة الضوئية تساوي مسافة (9400 مليار كيلو متر), ولضرب مثال على ذلك فإن المسافة بين الأرض والشمس تقارب (150 مليون كيلو متر) وهذا يعني أن أشعة الشمس تستغرق ثماني دقائق وربع الدقيقة للوصول إلى الأرض. ويبلغ قطر مجرتنا 100 الف سنة ضوئية، واقرب المجرات الى مجرتنا هي مجرة المراة المسلسلة وتبعد 2،5 مليون سنة ضوئية، ويبلغ قطر المنظور حوالي 300 مليار سنة ضوئية، وبعد ذلك لا ندري ماذا يوجد، حيث لا نرى سوى مجرات ومجرات بحجم راس الدبوس نظرا لبعدها السحيق عنا.
هو العلم الذي يبحث حول الكون كله، أي كل ما في الوجود، من مجرات ونجوم وكواكب سيارة ومذنبات وغيرها، كما انه العلم الذي يسعى للاجابة على العديد من الاسئلة المثيرة التي طالما طرحها الانسان على نفسه منذ ان بدات حياته على الارض، واعتذر للاخوة الزملاء حيث ان هذا الموضوع يتطلب خلفية علمية اكاديمية ، وعلية فسيكون صعب الفهم قليلا على من هم خلفيتهم العلمية ادبية او دينية فارجوا المعذرة
والبداية تساؤل عن :
كيف نشا الكون؟
ومتى نشا؟
ومن الذي اوجد الكون؟
واين هي حدوده؟ وما هو شكله؟
لقد تم تاويل الكون بطرق شتى ووفقاً لنظريات مختلفة ومتعددة. وأحد الاتفاقات القليلة حول ماهية الكون من بين النظريات العدة المتبناة من قبل الفلاسفة وغيرهم هو أن "مفهوم" الكون يدل على الحجم النسبي لمساحة الفضاء الزمكاني (الزماني والمكاني) الذي تتواجد فيه المادة بشتى اشكالها كالنجوم والمجرات والكائنات الحية. وفي تحديد طبيعة هذا الكون تختلف الآراء. فمن هنا تصور الفلسفات المختلفة والعقائد قديماً الكون بصورة معينة، مما ادى الى ظهور الفلسفات والعقائد الجديدة لتأويل مفهوم الكون بصورة أخرى مختلفة. وهذا على صعائد عدة، من ناحية النشوء والتطور وكذلك من ناحية هل للكون نهاية أم لا إلخ.. .
بداية الكون
كثيراً ما اختلفت الأقاويل وتضاربت النظريات وتلاحمت الأفكار حول كيفية نشوء الكون. فهنالك من يدعي بأن الكون قد "خـُلِق" بنفسه، وهنالك من يقول بأن الله هوالمسبب الخالق البديع وغيرها من الأفكار. ودينياً: الله هو خالق وواجد الكون. والاختلاف قديما كان لاثبات ان الكون له بداية أو أزلي، وبحسب قوانين الفيزياء فلو كان الكون ازليا لوصل إلى مرحلة التوازن، وذلك يعني ان الكون سيكون كتلة واحدة لها نفس الخصائص والصفات غير مجزئة لها درجة الحرارة نفسها، لأن الحرارة تنتقل من الجسم الاسخن إلى الابرد حتى تصل إلى التوازن بين الجسمين، والمادة تنتقل من المنطقة ذات الكثافة الأعلى إلى المنطقة ذات الكثافة الأقل إلى أن تصل إلى التوازن أيضا، وهذا يعني أن الكون غير أزلي فهو لم يصل إلى مرحلة التوازن بعد. وخروجاً من هذا المنطلق؛ تلخص النظريات الأربعة الوحيدة لكيفية وجود الكون ومن خلالها يمكننا إقصاء واستبعاد بعض النظريات الخارجية والبعيدة عن المغزى الأساسي لمفهوم "بداية الكون"، ألا وهي:
1. أن الكون قد أوجد نفسه بنفسه.
2. أن كوناً آخراً قد أوجد الكون.
3. أن الكون قد أوجـِدَ من العدم.
4. أن الله هو خالق الكون.
بالنسبة للنظرية الأولى؛ لا يمكن للكون أن يوجد نفسه بنفسه، لأنه لم يكن موجوداً بالأساس فكيف يوجد شيئاً وهو غير موجود؟،
ففاقد الشيء لا يعطيه أي أن فعل الإيجاد لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان هنالك أحد موجود أصلاً ليفعله. إذاً فهذه النظرية مستبعدة.
بالنسبة للنظرية الثانية؛ يُطرح من خلال هذه النظرية السؤال ذاته الذي يقول: إذا كان كون آخر قد أوجد الكون الحالي، فمن أوجد الكون الأول؟
- ومن هذا المنطلق نستنتج أن هذه النظرية غير معقولة فنستبعدها.
بالنسبة للنظرية الثالثة؛ إن إيجاد شيء من العدم أمر لا يقبله العقل. فتخيل صنع كرسي وليس لديك أخشاب ولا مسامير ولا معدن ولا أي شيء، ببساطة؛ هذا مستحيل. إذاً فهذه أيضاً مستبعدة.
نظرية نشوء الكون
هنالك نظرية دارجة في علم الكون الفيزيائي حول نشوءه تسمة "الانفجار العظيم" Big Bang ، التي ترى بأن الكون قد نشأ من وضعية حارة شديدة الكثافة، تقريبا قبل حوالي 13,7 مليار سنة. نشأت نظرية الإنفجار العظيم نتيجة لملاحظات الفلكي الامريكي الشهير"ادوين هابل" الذي كشف عن تباعد المجرات عن بعضها بعد ان قام بتحليل اطياف المجرات، وهو ما توافق مع المبدأ الكوني النظري الذي يقول ان الكون يتمدد وفقا لنموذج "فريدمان-لاميتير" للنسبية العامة Friedmann-Lemaître model. هذه الملاحظات تشير إلى أن الكون بكل ما فيه من مادة وطاقة انبثق من حالة بدائية ذات كثافة وحرارة عاليتين شبيهة بالمتفردات الثقالية التي تتنبأ بها النسبية العامة، ولهذا توصف تلك المرحلة بالحقبة المتفردة. فإذا كان الكون يتمدد فما من شك أن حجمه في الماضي كان أصغر من حجمه اليوم، وأن حجمه في المستقبل سيكون أكبر منهما. وإذا تمكنا من حساب سرعة التمدد يمكننا التنبؤ بالزمن الذي احتاجه الكون حتى وصل إلى الحجم الحالي، وبالتالي يمكننا تقدير عمر الكون وهو 14 مليار سنة تقريباً. تتحدث نظرية الانفجار العظيم عن نشوء وأصل الكون إضافة لتركيب المادة الأولى(primordial matter) من خلال عملية التخليق النووي (nucleosynthesis) كما تتنبأ بها نظرية "الفر-بيتا-جاموف" (Alpher-Bethe-Gamow theory). .
تمدد الكون
قد تكون بداية التأكيد العملي لنظرية الانفجار العظيم قد بدأت مع رصد الفلكي الأمريكي إدوين هابل للمجرات ومحاولة تعيين بُعد هذه المجرات عن الأرض مستخدما مفهوم لمعان النجوم الذي يتعلق بتألق النجوم وبعدها عنا. أمر آخر يمكن تحديده بالنسبة للنجوم هو تحليل طيف الضوء الصادرعن النجم عن طريق موشور، فكل جسم غير شفاف عند تسخينه يصدر ضوءا مميزا يتعلق طيفه فقط بدرجة حرارة هذا الجسم، إضافة لذلك نلاحظ ان بعض الألوان الخاصة قد تختفي من نجم لآخر حسب العناصر المكونة لهذا النجم. لذلك فعند دراسة الأطياف الضوئية للنجوم الموجودة في مجرة درب التبانة، نلاحظ فقدانا للألوان المتوقعة في الطيف بما يتوافق مع التركيب المادي لمجرة درب التبانة، لكن هذه الاطياف ظهرت منزاحة نحو الطرف الأحمر من الطيف. الأمر الذي يذكرنا بظاهرة دوبلر. في ظاهرة دوبلر يختلف التواتر للأمواج الصادرة عن منبع موجي ما باختلاف شدة وسرعة هذا المصدر، فمثلا السيارة التي تقترب باتجاهك تكون ذات صوت عالي حاد (تواتر مرتفع) لكن نفس السيارة تصبح ذات صوت أجش (تواتر منخفض) بعد أن تجتازك وتبدأ بالابتعاد عنك.
فتواترات الأمواج الصوتية تختلف حسب سرعة المصدر وسرعة الصوت في الهواء والاتجاه بينك وبين المصدر، لأنه في حالة اقتراب المصدر منك (الراصد) يصلك شيئا فشيئا مقدار أكبر من الأمواج فترصد تواترا أعلى لأمواج الصوت لكن حينما يبتعد المصدر عنك تتلقى تواترا منخفضا. ينطبق نفس هذا المبدأ على الأمواج الضوئية ايضا، فإذا كان المنبع الضوئي يبتعد عنا فهذا يعني أن تواترات الأمواج المستقبلة ستكون أقل، أي منزاحة نحو الأحمر، أما إذا كان المنبع يقترب فستكون الأمواج الضوئية المستقبلة منزاحة نحو الأزرق (البنفسجي).
التصور البدئي كان يعتقد أن المجرات تتحرك عشوائيا وبالتالي كان التوقع ان عدد الانزياحات نحو الأحمر سيساوي الانزياحات نحو الأزرق وسيكون المحصلة معدومة
(لا إنزياح) لكن رصد هابل بجدولة أبعاد المجرات ورصد اطيافها مثبتا أن جميع المجرات تسجل انزياحا نحو الأحمر أي أن جميع المجرات تبتعد عنا، وأكثر من ذلك فأن مقدار الانزياح نحو الأحمر (الذي يعبر هنا عن سرعة المصدر الضوئي أي المجرة) لا يختلف عشوائيا بين المجرات بل يتناسب طردا مع بُعد المجرة عن الأرض، أي أن سرعة ابتعاد المجرات عن الأرض تتناسب مع بعدها عن الأرض.
لذلك فالعالم ليس ساكنا كما كان الاعتقاد سائدا وإنما آخذ في الاتساع. كانت مفاجأة أذهلت العديد من العلماء. ورغم أن ظاهرة التثاقل الموجودة في الكون كانت كافية لتدلنا أن الكون لا يمكن ان يكون سكونيا بل يجب أن يتقلص تحت تأثير ثقالته ما لم يكن أساسا متوسعا أو يملك قوة مضادة للجاذبية، فإن نيوتن لم يناقش هذه الحالة وحتى أينشتاين رفض فكرة كون غير سكوني حتى أنه أضاف ثابتا كونيا يعاكس الثقالة ليحصل على كون سكوني. كان العالم الوحيد الذي قبل بنظرية النسبية العامة كما هي وذهب بها إلى مداها كان البروفيسور "ألكسندر فريدمان" الذي وضع فرضيتين بسيطتين:
1-الكون متماثل في جميع مناحيه. جميع نقاط الرصد متشابهة ويبدو منها الكون بنفس حالة التماثل (فلا أفضلية لموقع رصد على آخر). نتيجة ذلك حصل فريدمان على ثلاثة نماذج تناقش حركية الكون وإمكانيات توسعه وتقلصه.
2-إشعاع الخلفية الميكروني الكوني في شركة "بل" للاتصالات كان العالمان "بنزياس وويلسون" يختبران كاشفا للأمواج السنتيمترية (أمواج كهرطيسية تواترها عشرة مليارات في الثانية وهي نفسها موجات ال (ميكروويف)، وكانت المشكلة ان جهازهما كان يستقبل إشعاعات مشوشة أكثر مما ينبغي، وكانت الإشعاعات المشوشة أشد عندما يكون الجهاز في وضع شاقولي منها عندما تكون في وضع أفقي، أما فرق الشدة بين الوضع الشاقولي وجميع الاتجاهات الأفقية فكان ثابتا. كان هذا يعني أن مصدر هذا الإشعاع من خارج الأرض، وأنه لا يتأثر بحالات الليل والنهار ولا اختلاف الفصول مما يعني أيضا أنه من خارج المجموعة الشمسية، وحتى خارج مجرتنا، وإلا فإن حركة الأرض تغير جهة الجهاز ومن المفروض ان تغير شدة الإشعاع المشوش. كان هذا الإشعاع غريبا في تماثله في جميع نقاط العالم المرصود فهو لا يتغير من جهة رصد لأخرى ولا من نقطة لأخرى.
كان ديك وبيبلز من جهة أخرى يدرسان اقتراح غاموف (تلميذ فريدمان) والذي يقول أن العالم بما أنه كان عبارة عن جسم ساخن وكثيف جدا ومشع في بداية أمره فإن إشعاعه لا بد أنه باق إلى الآن، كما أن توسع الكون لا بد أن ينزاح نحو الأحمر (مفعول دوبلر) وان يصبح بشكل إشعاع سنتمتري. عندئذ أدرك العالمان بنزياس وويلسون ان ما رصداه ما هو إلا بقايا إشعاع الكون البدئي الذي أطلق عليه لاحقا اسم : إشعاع الخلفية الكونية الميكروي cosmic microwave background radiation وهي أشعة كهرطيسية توجد في جميع اركان الكون بنفس الشدة والتوزيع وهي تعادل درجة حرارة 72.2 كلفن اي حوالي 270.7 درجة مئوية تحت الصفر. عندما نشاهد السماء بالمقراب نرى مسافات واسعة بين النجوم والمجرات يغلبها السواد، وهذا ما نسميه الخلفية الكونية. ولكن عندما نترك المنظار الذي نرصد به الضوء المرئي، ونمسك بمقراب يستطيع تحسس الموجات الراديوية، يصور لنا ضوءا خافتا يملأ تلك الخلفية، وهو لا يتغير من مكان إلى مكان وإنما منتشر بالتساوي في جميع أركان الكون وتوجد قمة هذا الإشعاع في حيز طول موجة 9و1 مليمتر وتعادل 160 مليار هرتز (160 GHz). وسجل هذا الإكتشاف باسم الباحثان "أرنو بنزياس" وزميله "روبرت ويلسون" وكان ذلك في عام 1964، ومنح العالمان جائزة نوبل للفيزياء عام 1978.
تفسير الظاهرة
يفسر نموذج الانفجارالعظيم تلك الاشعة، فعندما كان الكون صغيرا جدا وقبل تكون النجوم والمجرات كان شديد الحرارة جدا وكان يملأه دخان ساخن جدا موزعا توزيعا متساويا في جميع أنحائه، ومكونات هذا الدخان كانت بلازما الهيدروجين، أي بروتونات وإلكترونات حرة من شدة الحرارة وعظم الطاقة التي تحملها. وبدأ الكون يتمدد ويتسع فبدأت بالتالي درجة حرارة البلازما تنخفض، إلى الحد الذي تستطيع فيه البروتونات الاتحاد مع الإلكترونات مكونة ذرات الهيدروجين، واصبح الكون مضيئا وانتهت فترة الظلمه، وكانت الفوتونات الموجودة تنتشر في جميع الأرجاء إلا أن طاقتها بدأت تضعف حيث يملأ نفس عددالفوتونات الحجم المتزايد بسرعة للكون، وهذه الفوتونات هي التي تشكل اليوم إشعاع الخلفية الصغروي الكوني. وأنخفضت درجة حرارتها عبر نحو 7و13 مليار من السنين هي العمر المقدر فلكيا للكون
نماذج فريدمان
استنتج فريدمان من فرضيتيه نموذجا واحدا يتحدث عن كون يتوسع مثل البالون، بحيث أن جميع البقع على سطح البالون تبتعد عن بعضها البعض، ونلاحظ هنا انه لا يوجد في هذا النموذج أي مركز فلا يوجد أي شيء داخل البالون على افتراض عدم وجود جدار المطاط في البالون اي ليست له حدود خارجيه، والكون شبيه من هذا البالون المتوسع. يتحدث نموذج فريدمان أيضا عن كون يتوسع بمعدل بطيء بحيث يصل إلى مرحلة توازن ثم يبدأ التثاقل بتقليص الكون ليعود إلى حالته البدائية ومادته شديدة الكثافة (في البداية تتزايد المسافات بين المجرات حتى حد أعلى ثم تبدأ بالتناقص بفعل الجاذبية لتعود المجرات إلى التلاصق من جديد، كما ان هذا النموذج يدعمه أيضا انزياح طيف المجرات نحو الأحمر بشكل متناسب مع بعد المجرات عنا (و هذا يتلائم مع نتائج رصد هابل). في عام 1935 أوجد الأمريكي روبرتسون والبريطاني وولكر نموذجان إضافيان انطلاقا من فرضيتي فريدمان نفسهما، في هذين النموذجين يبدأ الكون بالتوسع من حالة كثيفة جدا بمعدل توسع عال جدا لدرجة أن التثاقل لا يمكنه إيقاف هذا التوسع فيستمر التوسع إلى ما لا نهاية (استمرار زيادة المسافات بين المجرات)، في الحالة الأخرى يبدأ الكون بالتوسع بمعدل متوسط إلى أن يصل لمرحلة يتوازن بها التوسع مع التقلص الثقالي فيصبح في حالة ثابته لا تتوسع ولا تتقلص (تصل المسافات بين المجرات إلى قيمة ثابتة لا تتغير بعدها).
الرجوع لأعلى الصفحة
تاريخ الانفجار العظيم
تطورت نظرية الانفجار العظيم من ملاحظات واعتبارات نظرية. الملاحظات الأولى كانت واضحة منذ زمن وهي ان السدم اللولبية (spiral nebulae) تبتعد عن الأرض، لكن من سجل هذه الملاحظات لم يذهب بعيدا في تحليل هذه النتائج. ففي عام 1927 قام الكاهن البلجيكي جورج لاميتير Georges Lemaître باشتقاق معادلات فريدمان-ليمايتري-روبرتسون-ووكر انطلاقا من نظرية آينشتاين العامة واستنتج بناء على تقهقر المجرات الحلزونية أن الكون قد بدأ من انفجار "ذرة بدائية" او "بيضة كونية" والتي تمتاز بالكثافة اللا نهائية ودرجة الحرارة العظيمة جدا والتي هي أسخن من مليون مليون مليون درجة حرارة نواة الشمس، وهذا ما دعي لاحقا بالانفجار العظيم (Big Bang). في عام 1929، أثبت إدوين هابل نظرية ليمايتري بإعطاء دليل رصدي للنظرية. اكتشف هابل أن المجرات تبتعد وتتراجع نسبة إلى الأرض في جميع الاتجاهات وبسرع تتناسب طردا مع بعدها عن الأرض، هذا ما عرف لاحقا باسم قانون هابل. حسب المبدأ الكوني cosmological principle فإن الكون لا يملك إتجاها مفضلا ولا مكانا مفضلا لذلك كان استنتاج هابل ان الكون يتوسع بشكل معاكس تماما لتصور آينشتاين عن كون ساكن static universe تماما.
مراحل تطور الانفجار
الكون ألبدئي كان مملوءا بشكل متجانس بكثافة طاقية عالية ودرجات حرارة وضغط عاليين. يقوم الكون بالتوسع والتبرد (كنتيجة لتوسعه) ليمر بمرحلة انتقال طور phase transition مماثلة لتكاثف البخار أو تجمد الماء عند تبرده، لكنها هنا انتقال طور للجسيمات الأولية. تقريبا بعد 10−35 ثانية من فترة بلانك يؤدي الانتقال ألطوري إلى خضوع الكون لنمو أسي خلال مرحلة تدعى التوسع الكوني. بعد توقف التوسع، تكون المكونات المادية للكون بشكل بلازما كوارك. و في حين يستمر الكون بالتوسع تستمر درجة الحرارة بالانخفاض. عند درجة حرارة معينة، يحدث انتقال غير معروف لحد الآن يدعى تخليق باريوني baryogenesis، حيث يتم اندماج الكوراكات والباريونات معا لإنتاج باريونات مثل البروتونات والنيترونات، منتجا أحيانا لا تناظر الملاحظ بين المادة والمادة المضادة. درجات حرارة أكثر انخفاضا بعد ذلك تؤدي للمزيد من انتقالات الأطوار الكاسرة للتناظر التي تنتج القوى الحالية في الفيزياء والجسيمات الأولية كما هي حاليا. يؤمن المسلمون بأن الله هو خالق الكون من العدم، إلا أنهم لا يرفضون نظرية الانفجار الكبير لاعتقادهم أنه أشير إليها في القرآن، فيم يعرف بالإعجاز العلمي في القرآن. قال الله تعالى: {اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون } [الأنبياء: الآية 30].
أشار الله في الآية إلى أن السماء والأرض كانتا ملتئمتين، أي كتلة واحدة ففتقناهما فتقا. جاء في كتاب حقائق علمية في القرآن الكريم: «أن الكون في القديم كان في حالة الرتق وكان عبارة عن جرم صغير ثم حدث انفجار عظيم أو فتق الرتق بالاستشهاد بالآية السابقة وبدأ بالتوسع وسرعته تقارب سرعة الضوء فقال تعالى : {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون}[الذاريات: الآية47] يختلف العلماء في هذا الوضع فمنهم من يقول أن الكون مفتوح وسيبقى يتسع لما لا نهاية. منهم من يقول أنه منغلق بمعنى أنه يفقد من قوة الدفع إلى الخارج باستمرار حتى تتوقف عملية الاتساع وحينئذ تبدأ قوى الجاذبية في لم أطراف الكون في عملية معاكسة لعملية انفجار الكون وتمدده يسميها العلماء (عملية الانسحاق الشديد) أو عملية (رتق الفتق) تقوم بإعادة الكون إلى حالة الجرم الابتدائي الأول الذي بدأ منه الخلق ونحن معشر المسلمين ننتصر لتلك النظرية، ونرتقي بها إلى مقام الحقيقة وذلك انطلاقا من قول الحق تبارك وتعالى:
{يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين}[الأنبياء: الآية 104]
مقياس المسافات الكونية
اصطلح الفلكيون على استخدام (السنة الضوئية) لقياس المسافات بين الكواكب والمجرات، وتعرف " السنة الضوئية " بالمسافة التي تقطعها أشعة الضوء في السنة الواحدة فإذا عرفنا أن سرعة الضوء تبلغ (300 ألف كيلو متر في الثانية) فإن ذلك يعني أن السنة الضوئية تساوي مسافة (9400 مليار كيلو متر), ولضرب مثال على ذلك فإن المسافة بين الأرض والشمس تقارب (150 مليون كيلو متر) وهذا يعني أن أشعة الشمس تستغرق ثماني دقائق وربع الدقيقة للوصول إلى الأرض. ويبلغ قطر مجرتنا 100 الف سنة ضوئية، واقرب المجرات الى مجرتنا هي مجرة المراة المسلسلة وتبعد 2،5 مليون سنة ضوئية، ويبلغ قطر المنظور حوالي 300 مليار سنة ضوئية، وبعد ذلك لا ندري ماذا يوجد، حيث لا نرى سوى مجرات ومجرات بحجم راس الدبوس نظرا لبعدها السحيق عنا.
تعليق