كتاب اليهودية في العراء
بين الوهم والحقيقة
أثر الحضارة الكنعانية(العربية) على اليهود(الموسويون –العبريون)
في اللغة والثقافة والحضارة والتقاليد
أولاً :الشـعـوب السـاميـةبين الوهم والحقيقة
أثر الحضارة الكنعانية(العربية) على اليهود(الموسويون –العبريون)
في اللغة والثقافة والحضارة والتقاليد
الساميون، إحدى السلالات الثلاث (وهذه السلالات هي: الساميون والحاميون الذين كانوا يقطنون السودان وشرقي إفريقية وشماليها حول وادي النيل، والآريون) التي انحدر منها الجنس الأبيض في العالم اليوم. ويرتبط الساميون بوحدة الأصل العنصري، وتشابه معتقداتهم الدينية وتقاليدهم الاجتماعية، وبوحدة لغاتهم التي تنحدر من أصل واحد. فإن كلاً منها جزء من اللغة السامية الأولى، اللغة التي لا يعرفها أحد اليوم. فجذر الأفعال في كل من هذه اللغات ثلاثي، ولها صيغتان: صيغة الماضي وصيغة المضارع، وتصاريف الأفعال فيها متشابهة.
وعائلة اللغات السامية تُعد من أكبر العائلات اللغوية بين لغات البشر، ومن فروعها اللغة الأكادية ( البابلية) والآشورية والآرامية والكنعانية والعبرانية والحبشية والعربية التي تعتبر أشد اللغات السامية تشابهاً باللغة السامية الأم.
وتختلف المجموعة اللغوية السامية عن غيرها من المجموعات اللغوية الأخرى. وأقربها إليها المجموعة الحامية.
وتعتبر جزيرة العرب الموطن الأصلي للجنس السامي، وذلك لأن معظم أراضيها قاحلة، فيضطر أهلها للرحيل عنها كلما ازداد عددهم، فيهاجرون إلى البلاد المجاورة التماساً للرزق وطلباً للعيش.
إن التنقل البطيء من الصحراء إلى الأراضي الخصبة طلباً لرزق وغيره حركة مستمرة لم يقف سيلها منذ أقدم الأزمنة حتى يومنا هذا. إلا أن هذه الهجرات تزداد أحياناً ويتعاظم أمرها حتى تصير موجة قوية جارفة تحمل معها العدد الضخم من القبائل البدوية، من الخليج المُفتقر إلى الهلال الخصيب.
(يطلق اسم "الهلال الخصيب" على ما يعرف اليوم بالعراق وبلاد الشام. وسبب هذه التسمية هو أن القطرين المذكورين المعروفين بخصب أراضيهما يكونان نصف دائرة أو هلالاً، طرفه الغربي ينتهي في الجهة الشرقية الجنوبية من البحر الأبيض المتوسط. وطرفه الشرقي ينتهي بخليج العرب. وسميت الصحراء القاحلة التي تتاخم الهلال وتدخل فيه بالخليج الفقر. ويبلغ عرض هذه الصحراء نحو 500 ميل:800 كم).
قال المؤرخ الإيطالي "كايتاني" عن جزيرة العرب: " لقد أخذت جزيرة العرب تتقهقر وتفقد رطوبتها واعتدال جوها وأسباب العيش فيها منذ أكثر من أربعة عشر ألف سنة، وبما أن هذا التقهقر كان بطيئاً جداً فإن تأثيره في حياة السكان لم يكن فجائياً، بل كان مطرداً تبعاً للقلة في الأمطار، وارتفاع حرارة الجو، على أن ازدحام السكان لم يكن هنالك كما هي الحال في البلاد المزدحمة الآهلة، وكان الناس يعيشون من صيد الأسماك ويسكنون متفرقين متباعدين.
ولذلك يمكن أن يقال إن سكان الجزيرة ظلوا على حياتهم هذه إلى أن أخذوا يشعرون بقلة الزاد والمحصول بسبب ندرة الأمطار فانصرفوا إلى تدجين الحيوانات البرية ليدفعوا عن أنفسهم غائلة الجوع. ولما اشتدت بهم الحالة ونفذ صبرهم من الفاقة والجوع والعطش ارتحلوا إلى بلاد أخصب تربة وأجود جواً وأكثر أمطاراً.
وهكذا بدأت أولى هجراتهم التي حدثت غير مرة. فإن الآثار التي استخرجت من جوف الأرض ما بين الفرات ودجلة تبرهن على أن أُولى الهجرات السامية قد بدأت بنحو خمسة آلاف من السنين من ميلاد المسيح، على أن هذه الاكتشافات يجب أن لا تنفي فكرة وقوع هجرات سامية أخرى قبل هذا التاريخ)".
وقد شرع الساميون، قبل العصر التاريخي ينزلون مصر حوالي عام 3500 ق.م. ويرجح أنهم دخلوا مصر عن طريق فلسطين فسيناء فالدلتا تم استقروا فيها بعد أن امتزجوا بسكانها الأصليين. ومنهما تكون " المصريون" الذين نعرفهم في التاريخ. فكانت هذه الموجة هي أقدم ما عرفنا من الموجات النازحة من بلاد العرب إلى مشارف الجزيرة – العراق والشام ومصر.
إن تأثير العرب الساميين هؤلاء لم يبق مقتصراً على المصريين، بل تجاوزهم إلى شعوب إفريقية، وعلى الأخص إلى شعوب أقطارها الشمالية والسودان والحبشة وغيرها.
وفي نهاية الألف الرابع أو أوائل الألف الثالث قبل الميلاد، هجر الساميون البادية وأخذوا يقيمون في العراق. فنزل "الأكاديون –Akkadians" منهم في الجنوب والآشوريون في الشمال. وقبل عام 2500 ق.م. تعاظم أمر موجة سامية أخرى عرفت بالموجه" الآمورية – الكنعانية" . وهي الموجة التي اتخذت طريقها إلى بلاد الشام. فنزل الآموريون القسم الداخلي من تلك البلاد، ونزل الكنعانيون قسمة الساحلي وفلسطين. ونزح فريق من الآموريين في نحو عام 1900 ق.م.، إلى العراق وكونوا فيه سلالة بابل الأولى. ومنها ظهر حمورابي في نحو 1728-1686 ق.م. والراجح أن الهكسوس الذين نزلوا مصر وحكموها في القرن السابع عشر قبل الميلاد هم من الكنعانيين.
وبعد الموجة المذكورة بنحو ألف سنة تعرضت بلاد الشام لموجة سامية أخرى وهي الهجرة الآرامية، وفيها القبائل المؤابية والآدومية والعمُّونية. فحل الآراميون في شمالي سورية وأوساطها وأنشأوا فيها دولاً تجارية مهمة، منها دولة مدينة دمشق. ونزل المؤابيون والآدوميون والعمُّونيون جنوبي سورية، شمالي البحر الميت حتى العقبة.
واستوطنت في أواخر القرن الثامن قبل الميلادية قبيلة " كلدْي" الآرامية، جنوبي العراق، وقُدِّر لها أن تؤسس الامبراطورية الكلدانية وهي آخر امبراطورية ظهرت في العراق في العصور القديمة.
ومن الموجات السامية الموجة التي أتت بالأنباط إلى جنوبي الشام في نحو عام 500 قبل الميلاد، ثم هجرة اللَّخْميِّين والغساسنة إلى العراق والشام، وكانت آخر الموجات الكبرى موجة العرب المسلمين في القرن السابع للميلاد. وكان من نتائجها نزول قبائلها في جميع أراضي الهلال الخصيب وفي شمالي افريقية واسبانيا وفارس وبعض أنحاء آسيا الوسطى.
يتبع
تعليق