علم الأساطير
الأساطير يتناول بالدراسة كل مايكون خارجًا عن المألوف وخارقًا للعادات في صفات الإنسان والحيوان والطير والمخلوقات الخرافية. حاول الناس دائمًا أن يفهموا سبب حدوث أمور معينة. ومثال ذلك أن الناس أرادوا أن يعرفوا لماذا تُشرق الشمس وتغيب؟ وما سبب البرق؟ كما أرادوا أن يعرفوا كيف تم خلق الأرض؟ وكيف وُجدت الإنسانية؟ وأين وُجدت أولاً؟
واليوم يملك الناس إجابات يقينيَّة عن طريق الدين، والنظريات العلمية، لكثير من هذه الأسئلة عن العالم حولهم. وقد كانوا قديمًا تنقصهم المعرفة اللازمة لإعطاء إجابات علمية عن تلك الأمور. ولذلك فغالبًا ما كانوا يفسِّرون الأحداث المتعلقة بالطبيعة بشكل قصص عن الآلهة ذكورها وإناثها وعن الأبطال الخرافيين. فمثلاً كان لدى الإغريق قصة يفسرون بها وجود الشر والمشكلات الأخرى. ذلك بأنهم كانوا يعتقدون بأنه فيما مضى كانت شرور العالم ومشكلاته محبوسة داخل صندوق. وقد هرب الناس عندما قامت بفتحه المرأة الأولى، وهي المسماة باندورا . ومثل هذه القصص تسمى أساطير . وتُدعى دراسة الأساطير عادة علم الأساطير . ولا تزال تُستعمل الأساطير في بعض أنحاء العالم لتفسير الحقائق العلمية الخاصة بعالمنا.
تتعلق معظم الأساطير القديمة بكائنات مقدسة هي الآلهة. وهذه الآلهة تتمتع عند المعتقدين بها بقوى خارقة للطبيعة تفوق إلى حد كبير قوة البشر. ولكن على الرغم من القوى الخارقة المنسوبة إليها، فإن كثيرًا من الآلهة من الجنسين وكذلك كثيرًا من الأبطال الذين برزوا في الأساطير القديمة (الميثولوجيا) لهم خواصّ إنسانية. فهم ينساقون وراء العواطف كالحُبّ والحسد ويمرون بالتجارب الإنسانية، كالولادة والموت. وهناك عدد من الكائنات الأسطورية تشبه البشر إلى حد بعيد. وفي كثير من الحالات فإن الصفات الإنسانية للآلهة تبرز المُثل السائدة في مجتمع ما. فالآلهة الطيبة ذكورًا وإناثًا تتمتع بصفات يُعجب بها المجتمع، بينما تتمتع الآلهة الشريرة بالصفات التي يمقتها ذلك المجتمع.
ونستطيع بدراستنا للأساطير أن نعرف كيف أجابت المجتمعات المختلفة قديمًا عن الأسئلة الأساسية المتعلقة بالعالم ومكان الفرد فيه. ونحن ندرس الأساطير لنعرف كيف أن شعبًا من الشعوب طَوَّر نظامًا اجتماعيًا معينًا بعاداته المختلفة وطرق حياته المتعددة.
وعلى مدى آلاف السنين قدمت الأساطير المادة اللازمة لكثير من الفنون العالمية الشهيرة. كما ألهمت الأساطير والشخصيات الأسطورية الأدباء والشعراء والفنانين إبداع روائع الأدب والموسيقى والهندسة المعمارية والرسم والنحت.
كانت الأساطير مجرد خرافات وتخيلات وأوهام ومحاولات اجتهادية لتفسير أحداث كونية ولم تكن تستند إلا إلى الظن، وهي بالنسبة للعالم المتحضر اليوم وبعد ظهور الأديان والتقدم العلمي لم تعد غير مجرد قصص تسلية، كما أنها تعين على التعرف على جانب من تفكير الأقدمين.
نستطيع أن نقسم الأساطير إلى مجموعتين هما: أساطير الخلق وأساطير التعليل . وتحاول أساطير الخلق أن تفسر أصل الكون وخلق البشر وظهور الآلهة. أما الأساطير التعليلية فإنها تهدف إلى تفسير الظواهر الطبيعية. فالإسكندينافيون القدماء مثلاً كانوا يعتقدون بأن أحد آلهتهم ـ واسمه ثور ـ هو الذي كان يصنع الرعد والبرق عندما كان يقذف بمطرقة في وجوه الأعداء وقد اعتقد الإغريق القدماء بما يشبه هذا التعليل.
وهناك بعض الأساطير المتعلقة بالمرض والموت، فقد اعتقد كثير من المجتمعات القديمة وبعض المجتمعات البدائية التي لا تزال تعيش في عصرنا الحاضر أن بعض الكائنات الأسطورية هي التي تسبب الموت. وقد تشير الأساطير المتعلقة بالأبطال الوطنيين إلى بعض القيم الأخلاقية، وهي أساطير يؤمن بها الناس رغم عدم استنادها إلى أي أساس، كذلك قد تجد مجموعة أسطورية أخرى ليس لها اسم معين إذ إنها ليست بشرًا أو حيوانات وإنما هي خليط من الاثنين ومثال ذلك أبوالهول في مصر القديمة الذي له رأس إنسان وجسم أسد.
كذلك نجد بقاعًا وأماكن أسطورية ـ حسب بعض المعتقدات ـ وهي تزخر بالأرواح والعفاريت وغيرها مثل جبل فوجي أعلى جبل في اليابان. وقد اعتقد الإغريق بوجود مواقع أسطورية تحت الأرض مثل ¸هاديس· إذ كانوا يعتقدون أن أرواح الموتى تعيش فيها.
وعندما نقارن أساطير متشابهة لمجتمعات مختلفة نأخذ بعين الاعتبار العلاقات الإحيائية والخصائص الوراثية والتاريخية. فالعلاقات الإحيائية تستند إلى الطرق التي يستجيب بها الناس للظواهر العامة التي تحدث في محيطهم. والمثال على ذلك اعتقاد كل من قبيلة ماووري في نيوزيلندا والإغريق القدماء بأسطورة تصف كيفية انفصال الأرض عن السماء. أما عن علاقة الخصائص الوراثية في الأساطير، فقد نجد مجتمعًا كبيرًا يعتقد بأسطورة معينة عندما ينقسم إلى مجتمعات أصغر، ذلك لأن كل جماعة تحتفظ بجزء من تلك الأسطورة بالطريقة التي تحلو لها، فتكون العلاقة بين هذه الأساطير ذات خصائص وراثية. فالأساطير التي تروى عن كبير آلهة الإغريق القدماء زيوس، والمعبود الهندي القديم إندرا تعتبر ذات خصائص وراثية إذ نجدهما متماثلين في كثير من الصفات، ويمكن تفسير هذا التشابه بأن الإغريق القدماء والهنود القدماء قد نشأوا من أصل حضاري مشترك.
وتظهر العلاقات التاريخية عندما نجد أساطير متشابهة بين مجتمعات ذات ثقافات لا يمت بعضها إلى بعض بصلة. وكان الشاعر الإغريقي هسيود قد كتب قصيدته الطويلة وفيها أساطير هندية ـ يونانية كثيرة متشابهة وكذلك أساطير من التاريخ القديم للشرقين الأدنى والأوسط.
الأساطير عند العرب
يقرر بعض دارسي الأدب أن ما وصل إلينا من تراث الجاهليين لا يدل صراحة على وجود تراث أُسطوري كبير، وذلك بسبب إهمال الرواة المسلمين في عصر التدوين لما رأوه فيه مما لا يتفق وعقيدتهم الإسلامية، منطلقين في ذلك من فهمهم العام للأسطورة من حيث كونها كل شيء يناقض الواقع أو بتعبير آخر "ما لا وجود له في الواقع". وقد ورد لفظ أساطير الأولين في القرآن الكريم في تسعة مواضع في سياق تكذيب المشركين لرسالة محمد ³ بعامة والقرآن بخاصة. فكانوا يصفون القرآن بأنه أساطير الأولين؛ أي أباطيل وخُرافات الأولين. ﴿ وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا﴾ الفرقان: 5. ﴿ إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين﴾ القلم: 15. ويمكن القول إن كثيرًا من القصص التي تروى في العهد القديم وفي آثار سامية أخرى تنتمي إِلى تلك الطائفة الكبيرة من الأساطير التي صيغت في قلب الجزيرة العربية من أزمنة سحيقة. غير أن بعض هذه الأساطير قد تسرّب إلينا في قصص الأيام (أيام العرب) مشوبًا ببعض الخرافات والحكايات الشعبية كما تسرب إلى أنساب العرب.
وتعد حكايات ألف ليلة وليلة ممثلة لفن الحكاية الخرافية عند العرب. ويكفي أن نشير إلى حكاية علاء الدين والمصباح السحري وحكاية علي بابا والأربعين حرامي، وحكاية الصياد والشبح وحكاية الشجرة المتكلمة وحكاية الطير المغني وحكاية الأخوات الحاقدات ثم حكاية الأمير أحمد.
وتزخر حكايات ألف ليلة وليلة بالجن والعفاريت والخوارق. ومن أبرز الخوارق خاتم سليمان يفركه البطل فيظهر له جنيّ يأتمر بأمره ويحقق له ما يريد كما في حكاية معروف الإسكافي. وتتردَّد في الحكايات أدوات خارقة مثل الحصان الطائر في حكاية الصعلوك الثالث من قصة الحمَّال والبنات الثلاث.
ومن مشهور الأساطير العربية الغول والعنقاء وقد أكثر الشعراء من ذكرهما وضربوهما مثلاً في القلة والندرة. وسيطرت فكرة الهامة في الشعر العربي زمانًا وهي طائر أو دابة تخرج من رأس القتيل وتظل هائمة تطلب القصاص وتردد "اسقوني اسقوني" ولا تهدأ حتى يؤخذ بالثأر من القاتل فتروى من دمه وتسكن. وقد وظف كثير من الشعراء والأدباء في العصر الحديث الأسطورة واتخذوها قناعًا ورمزًا لكثير من المعاني والأفكار.
وقد أدرك الغربيون ما في تلك الحكايات الخرافية من سحر ورهافة مغزى وصور جديدة تأسر القارئ عن طريق روعتها التي تنبع من حياة البذخ، مما حدا بهم أن يترجموها إلى لغاتهم. انظر: الأساطير العربية.
الأساطير المصرية
إن أقدم المعلومات التي حصلنا عليها حول الأساطير المصرية أتت من الكتابات الهيروغليفية المدونة على جدران القبور، كما عثر على كتابات في غرف الدفن داخل الأهرام وتسمى كتابات الأهرامات. تذكر لنا هذه النصوص أن المصريين القدماء خلال الفترة من 3200 إلى 2250ق.م. كانوا يعبدون تسعة آلهة، وتطور مصطلح التساعي ليشمل آلهة أخرى مثل ¸نون· التي كانت ترمز إلى المحيط الأعظم الذي كان موجودًا حسب تلك الأساطير قبل خلق الأرض والسماء، ومن هذه الآلهة: حورس، وهاتور، وأنوبيس، وإيزيس، ونفتيس، وأوزريس، ورع، وتوت، وآمون، وبتاح، وتيفنوت، وست، وآمون- رع.
وكان لآلهة مصر القديمة والأساطير التي نسجت حولها تأثير كبير في أساطير كثير من الحضارات الأخرى المجاورة.
الأساطير اليونانية (الإغريقية)
عثر على أقدم الأساطير اليونانية مدونة في اللوح الطيني الذي يعود إلى عهد الحضارة المسينية التي بلغت ذروتها خلال الفترة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وشملت هذه الحضارة عدة مدن يونانية من بينها مسينيا. وقد أشارت تلك الألواح إلى معبود مسينيا الرئيسي باسم بوسيدون. وسقطت الحضارة المسينية خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وفي القرن الثاني عشر ق.م. جاء الدوريون في شمال غربي اليونان واستقروا في أرض المسينيين، وخلال القرون الأربعة التالية المعروفة بالفترة المظلمة للإغريق القدماء اتحدت الأساطير المسينية والدورية لتشكل الأساطير التقليدية المعروفة للإغريق.
وتنقسم آلهة اليونان إلى عدة مجموعات أقدمها التيتانيون بقيادة كرونوس وأقواها الأوليمبيون الذين كانوا يتألفون من عدة درجات في أعلاها ستة آلهة أكبرهم زيوس وست إلاهات أكبرهن أثينا.
الأبطال. تبوأ أبطال الإغريق في أساطيرهم مرتبة الآلهة تقريبًا. وكان معظمهم أو كلهم عرضة للموت، إذ إنهم يولدون ويكبرون ويموتون ولكنهم يظلون منتسبين للآلهة، بل إن كثيرين منهم كانوا يدعون أنهم من جنس الآلهة، وهؤلاء ينقسمون إلى مجموعتين: المجموعة الأولى جاءت قبل حرب طروادة والمجموعة الثانية اشتركت في حرب طروادة، ويأتي أوديب ضمن المجموعة الأولى وقصة قتله لوالده خطأً وتزوُّجه من أُمِّهِ معروفة ويتداولها الفنانون والكتاب منذ أكثر من 25 قرنًا.
اندلعت حرب طروادة بين اليونان ومدينة طروادة، عندما فرت هيلين زوجة ملك أسبرطة إلى طروادة مع باريس ابن ملك طروادة، فأعد اليونانيون جيشًا لمحاربة طروادة واستعادة هيلين إلى اليونان، وتأتي معلوماتنا حول هذه الحرب مما ذكر في ملحمتي الإلياذة والأوديسة. ومن الأبطال اليونانيين الذين اشتركوا في حرب طروادة أجَامِمْنُون القائد العام، ومنيلاوس زوج هيلين، وأوديسيوس القائد الذكي الذي دبر خطة أدت إلى سقوط طروادة، وأخيل أشهر المحاربين اليونانيين. ومن أشهر أبطال طروادة أيضًا هيكتور وباريس.
الأساطير الرومانية
يعتقد الكثيرون أن الأساطير الرومانية صورة طبق الأصل من الأساطير اليونانية، وقد احتك الرومان باليونانيين خلال القرن الثامن قبل الميلاد. ولكن قبل هذه الفترة كان للرومان أساطيرهم الخاصة بهم. والواقع أن كثيرًا من أوجه التشابه الأساسية بين الأساطير الرومانية واليونانية ترجع إلى حقيقة التراث الهندي الأوروبي المشترك لروما واليونان.
حاول الرومان في أساطيرهم توضيح أصولهم وتاريخ شعبهم وهكذا توصلوا إلى اعتبار آلهتهم رجالاً تاريخيين. وأفضل مثال على ذلك قصة رومولوس وريموس، وكانا شقيقين توأمين ولدا من أم ماتت وأب هو مارس إله الحرب حسب أساطيرهم. وبعد ولادتهما مباشرة وضعوهما في سلة وألقوهما في نهر التيبر فالتقطتهما ذئبة اعتنت بهما، ثم اكتشفهما أحد الرعاة وأخذهما ورباهما إلى أن أصبحا شابين يافعين. وقرر الفتيان إنشاء مدينة في نفس المكان الذي التقطتهما الذئبة عنده على نهر التيبر، وبعد ذلك حدثت مشاجرة قتل خلالها ريموس فقام رومولوس بإنشاء مدينة روما، ويفترض أن ذلك حدث في سنة 753 ق.م.
تعاقب على حكم روما سبعة ملوك كما تقول الأساطير الرومانية أولهم رومولوس، غير أن الدارسين يشكون في وجود هؤلاء الملوك أصلاً وفي الحوادث المنسوبة إليهم، ويقولون باحتمال أن يكون هؤلاء الملوك رموزًا للآلهة تحولت بعد ذلك إلى شخوص تاريخية. ويذكر الشاعر الروماني كينتاس إينيوس كيف أن البطل إينيس جاء بعد تدمير طروادة إلى إيطاليا وقام بوضع الأسس بين عامي 30 و 19ق.م. وقد وردت نفس الفكرة من قبل الشاعر الروماني الشهير فيرجيل في ملحمته المعروفة باسم الإنيادة. وهكذا نجد أن فيرجيل يربط بين إنشاء مدينة روما وحرب طروادة وهي حدث معروف في الأساطير الإغريقية.
الأساطير السلتية
يرجع أصل السلتيين إلى الأقوام الهندية الأوروبية القديمة، وقد عاش معظم السلتيين فيما يسمى الآن بألمانيا الجنوبية الغربية إلى القرن السادس قبل الميلاد. واستقروا بعد ذلك في أنحاء أوروبا الغربية وفي الجزر البريطانية. وتأتي معظم معلوماتنا حول الأساطير السلتية من الرموز الأسطورية والحوادث في الجزر البريطانية ولا سيما في أيرلندا وقد احتفظ الرهبان الأيرلنديون في العصور الوسطى بكثير من الأساطير السلتية القديمة في عدة مجموعات من المخطوطات، وأهم هذه المجموعات كتاب الفتوحات الذي يتتبع التاريخ الأسطوري لأيرلندا. وتوجد مجموعة أخرى مهمة من المخطوطات من مقاطعة ويلز تسمى مابينوجيون. والقصص الأربع الأولى الواردة في هذه المجموعة ـ مع أربع قصص خيالية شعبية مستقلة ـ فيها وصف لتاريخ الأساطير البريطانية. والأساطير الويلزية تتعلق بالكائنات البشرية التي قد تمتلك قوى سحرية أو تفتقدها ويتعلق معظم الأساطير الأيرلندية باللاهوت.
الأساطير التِّيُوتُونِيَّة
وهي تتألف من الأساطير الإسكندينافية والألمانية وتسمى أحيانًا بالأساطير النَّورَسِية نسبة إلى النورسيين الذين عاشوا في إسكندينافيا في القرون الوسطى. والمصادر الرئيسية للأساطير الإسكندينافية أثران باسم الإيدا يشتملان على قصائد مكتوبة خلال القرن 13ق.م. وتأتي المعلومات الأخرى من القصص الخرافية عن أشخاص وأبطال من الأدب الألماني والآثار التاريخية الخاصة بالقرون الوسطى. ويذكر كتاب الإيدا أنه قبل وجود الحياة كانت الأرض تتكون من مكانين أحدهما نار والآخر جليد ويفصل بينهما فراغ هائل تلتقي فيه النار بالجليد.
الأساطير في جزر المحيط الهادئ
تنتشر الآلاف من هذه الجزر في المحيط الهادئ. وقد ازدهرت تقاليد خصبة من الأساطير والأشخاص الأسطوريين بين مختلف الثقافات السائدة في هذه الجزر حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما تحول الكثيرون منهم إلى النصرانية، وقد احتفظ غير النصارى بتقاليدهم الأسطورية وفعل ذلك أيضًا بعض النصارى الذين احتفظوا بجانب من تلك التقاليد.
أساطير الهنود الأمريكيين
عندما اكتشف كريستوفر كولمبوس أمريكا كان الهنود الأمريكيون يعيشون في كل من الأمريكتين الشمالية والجنوبية وكان لهؤلاء أسلوبهم الخاص في المعيشة ولهم أساطيرهم المتميزة، غير أن تلك الأساطير المختلفة كانت لها مظاهر عديدة مشتركة. ومعظم الهنود الأمريكيين كانوا يعتقدون بوجود القوى الخارقة للطبيعة ويقومون بإجراء طقوس دينية كثيرة إرضاء لتلك القوى وطلبًا لمساعدتهم للحصول على الرزق والانتصار على أعدائهم في الحروب، وتصف أساطيرهم نهاية العالم بأنها ستكون نتيجة كوارث تأتي بها النيران أو الفيضانات.
كيف بدأت الأساطير
بحث الدارسون طيلة القرون العشرين الماضية على الأقل في كيفية نشوء الأساطير، ويعتقد بعضهم أن البداية كانت على شكل حوادث تاريخية تم تحريفها بمرور الزمان ويرى غيرهم أن الأساطير نشأت نتيجة محاولة الناس تفسير أسباب حدوث الظواهر الطبيعية التي عجزوا عن فهمها، وهناك نظريات أخرى حول هذه الظاهرة لكن لا يجيب أي منها عن الأسئلة التي تثار حولها رغم أنها تسهم إلى حد ما في فهم الموضوع.
نظرية هوميروس. كان هوميروس عالمًا إغريقيًا قديمًا في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الثالث قبل الميلاد. وكان أول عالم يقول إن الأساطير تستند إلى حقائق تاريخية، وكان يعتقد أن على الدارسين أن يطرحوا جانبًا العناصر الخارقة للطبيعة في الأساطير. فكان يقول مثلاً إن من المحتمل أن زيوس كان أحد الملوك العظام في كريت القديمة، وكان ذلك سببًا في خلق القصص الأسطورية عنه.
نظرية مولر. ذكر فريدتش مولر، العالم الألماني المَوْلِد، الإنجليزي اللغة الذي عاش في القرن التاسع عشر الميلادي، أن الآلهة القدماء والأبطال الأسطوريين كانوا في الحقيقة تجسيدًا للطبيعة ولا سيما الشمس. ويفسر ذلك بقوله إن مولد البطل يرمز إلى الضحى فترة ارتفاع الشمس فوق هامة السماء، بينما سقوط البطل وموته يرمزان إلى مغيب الشمس. وقد أكد عالم الأجناس البشرية مالينوفسكي على العوامل النفسية التي تقود الناس إلى عمل الأساطير.
ماذا تعـلمنا الأساطير
توصل كثير من علماء الاجتماع إلى نظريات حول كيفية معرفة أحوال الناس من الأساطير التي يذكرونها. وتؤكد بعض هذه النظريات على أهمية دور الأساطير في فهم المجتمع ككل، وتركز نظريات أخرى، على دور الأسطورة في فهم الأسلوب الذي يتصرف فيه شخص ما بطريقة معينة.
ويعتقد عالم الاجتماعي الفرنسي إميل دوركايم الذي عاش في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديَّيْن أن كل مجتمع يُوجد لنفسه عادات وأعرافًا وقيمًا اجتماعية معينة تنعكس على الدين الذي يؤمن به ذلك المجتمع، لذلك، وكما يقول دوركايم، فإن معبود مجتمع ما وأبطاله وأساطيره إنما هم تمثيل تراكمي جماعي لأعراف ذلك المجتمع وقيمه أو للأجزاء المهمة التي تشتمل عليها، ويضيف دوركايم إنه بالاطلاع على أساطير أحد المجتمعات يستطيع عالم الاجتماع أن يكتشف الأعراف والقيم والعادات الاجتماعية التي يتمسك بها ذلك المجتمع.
تعليق