أضواء ونيران غريبة
من أنحاء العالم، ترد الروايات والوقائع، عن ظواهر طبيعية عجيبة، الأضواء الأشباح، وكرات النار، وقطارات الضوء التي تسبح في السماء. ظواهر بعضها فريد في نوعه وبعضها متكرر، تعدد شهوده، وتباين مستواهم العلمي والثقافي.
مع كل هذا، فما زالت أغلب هذه الظواهر بلا تفسير، وعندما يتقدم البعض لتفسير جانب منها، فإن هذه التفسيرات تجيء متعجلة، لا تقنع أحدا، أو تتناقض بوضوح مع عناصر الظاهرة وظروفها الثابتة.
الضوء الشبح
من أكثر الظواهر تكررا، ما يطلق عليه " الأضواء الأشباح " وخير مثال لهذه الظاهرة، ما جرى بالولايات المتحدة الأمريكية، في ولاية نورث كارولينا، وبالتحديد في منطقة تعرف باسم الجبل البني، لقد تابع أهل هذه المنطقة ظاهرة الأضواء الأشباح على مدى 150 سنة تقريبا، وفي بعض الأحيان من مسافة قريبة. وتوصف هذه الظاهرة بأنها أجسام من الضوء يميل لونها في بعض الأحيان إلى الاصفرار وفي أحيان أخرى إلى القرنظي، تظهر في النصف العلوي للجبل. وألئك الذين رأوا هذه الظاهرة عن قرب، يقولون إن الأضواء تصدر أزيرا. بعض العلماء الذين شاهدوا الظاهرة، قالوا إنها طبيعية لا تزيد على كونها انعكاسا للضوء الأمامي العالي للسيارات، فإذا صح هذا التفسير بالنسبة للزمن الراهن، فهو لا ينسحب على الأزمان السابقة، منذ مائة سنة، قبل أن تظهر السيارات في تلك المنطقة.
وتكتسب منطقة هورنت بولاية ميسوري صيتا ذائعا، كموطن دائم لتلك الأضواء الشبحية. ولقد لوحظت لأول مرة حوالي 1901، والأضواء التي تظهر في هذه المنطقة تكون عبارة عن كريات برتقالية، تتقافز في المنطقة خلال الليالي الصيفية، عاما بعد عام.
ولقد تم تصوير هذه الأضواء عدة مرات، باستخدام أفلام حديثة سريعة، وكانت نتيجة الصور، بقعا من الضوء، لا تساعد على تفسير الظاهرة، وإن كانت تثبت أن رؤية هذه الأضواء ليست ضربا من الوهم والتخيل.
وأضواء هذه المنطقة تظهر على نفس الامتداد، عند نفس الطريق، على بعد ميل وربع غرب خط حدود ميسوري. والطريق المفروش بالحصى، يمتد بين صفين من أشجار البلوط الكثيفة القصيرة. في الليالي المظلمة، يبدو المكان وكأنه مليء بالأشباح، ثم تجيء هذه الأضواء لتضاعف ذلك الإحساس.
وبينما يتباين العرض الذي تقدمه الأضواء من ليلة لأخرى، إلا أنها بشكل عام تظهر فجأة فوق الطريق، على ارتفاع يتراوح بين أربعة وعشرة أقدام، مجرد كرة بيضاء من الضوء، في حجم كرة البيسبول. وفي بعض الأحيان يندفع الضوء في الطريق بسرعة الرصاصة، عند ذلك يتغير لونه من الأبيض إلى الأصفر إلى البرتقالي، ثم يتوقف فجأة، كما لو كان قد اصطدم بحائط. ويبدو أن ذلك الضوء لا يستريح للبشر أو العربات التي تقترب منه، فهو يتحرك مبتعدا، ثم يختفي، ليظهر بعد لحظات على بعد مئات الأقدام.
وفي عام 1926، حاول بعض الأشخاص أن يحيطوا بالضوء عندما يقفز وسط الطريق ويصنعوا حلقة من حوله، وذلك حتى يتبينوا إذا ما كان الضوء ليس إلا مجرد انعكاس لضوء سيارات بعيدة. لكن نتيجة هذه المحاولة أثبتت أن الضوء يرى من جميع النواحي بنفس الشكل. وعندما حاول أحد الذين يصنعون الحلقة، أن يقترب من الضوء اختفى الضوء عندما أصبح ذلك الشخص على بعد حوالي 20 قدما منه ثم التمع مرة ثانية بشكل مثير بعد عدة ثوان في حقل قريب.
وخلال الحرب العالمية الثانية، أرسل سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي بعض رجاله، مع أجهزتهم وآلاتهم، إلى مسرح هذه الظاهرة العجيبة في هورنت. وقد استعمل هؤلاء الرجال التليسكوب وآلات التصوير، وأجهزة قياس الإشعاع بالإضافة إلى العديد من الأجهزة الأخرى. قاموا بفحص الكهوف ومصادر المياه، ومستودعات المعادن في تلك المنطقة. فلم يصلوا إلى شيء جديد، بخلاف رؤيتهم لهذه الأضواء التي تنطلق فجأة، وتتحرك بشكل غريب، منذ أيام الهنود الحمر.
يتبع
تعليق