قبيلة الدوغون
يبلغ عدد أفراد قبيلة الدوغون نحو 2 مليون نسمة، يعيشون عيشة بدائية في جمهورية مالي الإفريقية. لم تتغير حياتهم إلا قليلا عبر القرون، فهم ما زالوا يرعون الماعز ويزرعون الحبوب ويجمعون الحطب لنارهم في سهل باندياغارا، على بعد 300 ميلا جنوبي تمبكتو، حيث قطن أسلافهم قبل 500 سنة مضت. وهم يعبدون آلهتهم في السماء، ويخصون مجموعة سيريوس النجمية بتقدير واحترام شديدين. وسيريوس هو النجم البراق في السماء الفلكيون العرب ( الشعري اليمانية ).
.
يعتبر سيريوس من أقرب النجوم إلى الأرض، حيث لا يبعد عنها سوى ( 7,8 ) سنة ضوئية، وبريقه يفوق في نصف الكرة الشمالي بريق سائر النجوم. وقد عبد هذا النجم قبائل أخرى غير قبيلة الدوغون. كما استعان به قدماء المصريين في تقويمهم السنوي ومعرفة ميعاد فيضان النيل في كل سنة. يبد أن إيمان قبيلة الدوغون وعلاقتهم بالنجم سيريوس أور فريد من نوعه. فمنذ قرون وهم يعبدون، ليس سيريوس وحده، وإنما النجم القزم الأبيض المصاحب له أيضا "سيريوس ب". الذي لا يرى لبالعين المجردة. والعجيب في الأمر أن أسلاف قبيلة الدوغون عرفوا موقع " سيريوس ب " بالضبط، بدون استخدام التلسكوبات القوية أو الآلات الفلكية الدقيقة المعروفة في أيامنا.
هذا، ولم يعرف الفلكيون في أوروبا وأمريكا بوجود النجم " سيريوس ب " إلا في القرن التاسع عشر. ففي عام 1862 كان الفلكي الأمريكي ألفان غراهام كلارك يجرب تلسكوبا جديدا عندما اكتشف بالقرب من سيريوس نجما صغيرا أبيضا سماه " سيريوس ب " وحجمه، وتذبذب ضوئه الأبيض، وتأثير جاذبيته على نجم سيريوس المجاور له. وأخيرا، تم في عام 1970، رصد وتصوير النجم " سيريوس ب " بواسطة عدسات التلسكوبات الحديثة المعقدة والكاميرات الشديدة الحساسية.
كل هذه الأمور كانت بالنسبة لقبيلة الدوغون، أخبارا قديمة، أكدت ما سبق أن عرفوه ليس أكثر. لقد عرفوا منذ قرون بوجود " سيريوس ب " وكانوا يدعونه باسم بوتولو. وكانوا يعرفون أنه يدور حول سيريوس في مدار بيضاوي مرة كل 50 سنة. فكيف توصلت هذه القبيلة البدائية إلى معرفة الفلكيون إلا منذ وقت قريب، وبعد الاستعانة بمعطيات التكنولوجيا الحديثة؟
يدعي أفراد قبيلة الدوغون أن معلوماتهم مستمدة من زوار غرباء قدموا من كوكب قريب من النجم سيريوس، وعلمهم أسرار النجوم والكواكب، وأعطوهم عناصر حضارتهم الأساسية.
في عام 1931 قدم إلى سهل باندياغارا عالمان فرنسيان مرموقان هما مارسيل كريول وجيرمين ديترلن لإجراء دراسة حول قبيلة الدوغون. وكان في نيتهما قضاء بضعة سنوات لدراسة أصول تلك القبيلة، غير أنها قضيا هناك 21 سنة. وقد لحظا منذ وصولهما عمق المعلومات التي يعرفها أفراد قبيلة الدوغون عن أسرار النجم سيريوس، والنجم غير المنظور " سيريوس ب "، وعن نجم ثالث لم نكتشفه حتى اليوم. ووجدا رسومات لرموز تلك النجوم على ثيابهم، وأدواتهم الفخارية، كما وجداها محفورة أو منقوشة على الخشب والجدران الطينية في معابدهم.
لقد احتاج مارسيل كريول إلى 15 سنة ليحوز على ثقة زعماء قبيلة الدوغون عند ذلك سمحوا له بحضور احتفالاتهم الدينية السرية، وأطلعوه على العقيدة التي جاء بها الزائر الغريب من النجم سيريوس، وقد أطلقوا على ذلك الزائر اسم " النومو ـ THE Nommi"، وقد جاء لنشر المدنية على الأرض، وبدأ فأعطى الدوغون أسس حضارتهم.
بعد عشرين سنة من البحث في تاريخ الدوغون، نشر العالمان الفرنسيان نتيجة أبحاثهما في jounal of the society of african research ، وكان عنوان البحث a sudanese sirius system. وقد أنهيا بحثهما بتعجبهما من كيفية معرفة كل تلك المعلومات الفلكية بدون أية أدوات للرصد أو آلات، وتبقى معضلة مصادر معلوماتهم الفلكية من غير حل.
عندما توفي مارسيل كريول في مالي عام 1956، شيع جثمانه نحو ربع مليون نسمة من أفراد قبيلة الدوغون. أما زميلته جيرمين ديترلن غادرت إفريقيا ورجعت إلى باريس لتشغل منصبا علميا رفيعا. وفي عام 1965 نشرت مقالة حول تجربتها الإفريقية لفتت نظر العالم الأمريكي روبرت تمبل الذي كان مرجعا في الدراسات الشرقية والسنسكريتية، فسافر إلى باريس لمقابلة ديترلن، ومن ثم اتجه إلى مالي بهدف الكشف عن أسطورة الزوار القادمين من الفضاء. وقد اعترف، فيما بعد بقوله: كنت في البداية أستقصي، وأن أنزع الشك. وكنت أبحث عن أية خدعة أو تزوير لاعتقادي بعدم صحة الأمر. غير أني بدأت أكتشف في كل يوم أدلة ومعلومات سليمة مطابقة لأقوالهم.
لقد شرح رجال القبيلة البدائية لتمبل كيف النومو بسفينته الفضائية ( آرك ـ ark) في الجزء الشمالي الشرقي من أرضهم، ووصفوا له صوت هبوط المركبة الفضائية والغبار الذي أثارته لدى هبوطها. ووصفوا النومو باعتباره مدير الكون، وحامي الم
بادئ الروحية، ومنزل المطر وسيد الماء. وقد تحدث تمبل عن ذلك كله في الكتاب الذي نشره في عام 1976 بعنوان the sirius mystery .
ذكر تمبل في كتابه أيضا ما أخبره به كهنة الدوغون حول ما يعرفونه عن النظام الشمسي، وعن جفاف سطح القمر، ورسموا له على الرمل زحل والهالة الدائرية المحيطة به، وبينوا له حركة الكواكب حول الشمس، ودوران الأرض حول محورها. كما شرحوا له دورة كوكب الزهرة، ورسموا أمامه على الرمل مخططا للمشتري والأقمار الأربعة التي تدور حوله. وقالوا إن أسلافهم عرفوا هذه الأقمار قبل أن يشاهدها غاليليو بتلسكوبه. وحمل كاهن حبة قمح وقال إن " سيريوس ب " يشبهها، غير أن كل سكان الأرض جميعا لا يستطيعون حملها. ووصف ذلك الكاهن نجما صغيرا آخر بالقرب من سيريوس، غير " سيريوس ب " الثقيل، وهو أخف من الأخير بأربع مرات.
لقد أصابت معلومات الدوغون الفلكية تمبل وغيره من البحاثة بالحيرة. هل استمد هؤلاء معلوماتهم من الاستعمار الفرنسي في مطلع القرن العشرين، أم من الجامعة الإسلامية التي ازدهرت في العاصمة تمبكتو خلال القرن السادس عشر؟
.
إن تاريخ قبيلة الدوغون يشير إلى أن هذه القبيلة سكنت في الأصل ساحل إفريقيا الشمالي بمحاذاة شواطئ الجزائر وليبيا ومصر. ولذا فهانك احتمال بأنها احتكت
بحضارات حوض البحر الأبيض المتوسط. ومعلوم أن تلك الحضارات غنية بالأساطير المتعلقة بكائنات غريبة. فالأساطير اليونانية القديمة أشارت إلى كائنات قطنت جزيرة رودس وكانت مغطاة بالحراشف، على هيئة نصف إنسان ونصف سمكة. وتحدثت الأساطير عن كائنات بشرية سمكية علمت البابلين كل ما من شأنه تلطيف الأخلاق وتهذيب السلوك وأنسته البشر.
هذه الأساطير اليونانية والبابلية تنفق مع الأوصاف التي ذكرها كهنة الدوغون. والفرق الوحيد الذي يصر عليه أفراد الدوغون قولهم بأن كائن البرمائي الذي علمهم علومهم الغامضة لم يأت من أعماق المحيط وإنما من الفضاء الخارجي. كما أن قبيلة الدوغون حددت المكان الذي قدم منه النومو، عندما ذكروا أن الزائر الغريب قدم من كوكب غير معروف يدور حول نجم صغير أحمر غير معروف أيضا من مجموعة الأجرام المحيطة بالنجم سيريوس.
هل هي أسطورة خرافية؟ أم أن هناك نجما خفيا يدور بصمت حول سيريوس؟ وهل ستكشف تلسكوبات الموجهة نحو مجموعة سيريوس هذا النجم الخفي وكوكبهç المجهول خلال السنوات القليلة القادمة؟ وماذا سيكون رد فعل العلماء المشككين حيال رجال قبيلة الدوغون الذين يعرفون سوف يهزون عندئذ أكتافهم بلا مبالاة ويقولون: لقد قلنا لكم ذلك.
تعليق