أسس الحضارة الإسلامية
إذا أردنا أن نلقى الضوء على أسس الحضارة الإسلامية ، فينبغى أن ندرك جيدا أنها مثل أى حضارة لم تظهر من العدم ، بل إنها استـمدت مصادرها مما سبـقها مـن حضارات . فان أى حضارة قائمـه هى دائما خلاصه لما سـبقها مـن حضارات وان أضيف إليها عناصر جديدة ، تميزها بشخصيه خاصة ، فان أى حضارة هى أخذ وعطاء ، ونتيجة مشتركه لعناصر قديمه وأخرى جديدة ، ولذلك يمكننا أن نقول ببساطه أن أسس الحضارة الإسلامية ترجع أولا إلى العرب ، وثانيا إلى سكان البلاد التى فتحها العرب .
والعرب هنا نقصد بهـم سكـان الجزيرة العربية فى داخلها وأطرافها ، فإننا نجد مثلا أن العرب داخل الجزيرة العربية كانـوا يحيـون حيـاه البداوة بسـبب طبيعة تلك البقعة التى تخلو من الماء وبالتإلى من الزرع، مما أفقدهم الاستقرار فى حياتهم ، فعاشوا تلك الحياة البدوية ، بينما كانت أطراف الجزيرة العربية تسقط عليها الأمطار بسبب إحاطة البحر بها ، فوجد الزرع بها ومن ثم التجارة ، فعاشوا حياه التحضر ، وأصبحت تلك الوديان مراكز حضاريه من صنع العرب ، بعضها لانعرف منه غير الاسم فقط ، وبعضها ترك لنا آثارا أو نقوشا تدل على قيام حضارتهم.
ففى شرق الجزيرة مثلا وجدت حضارة الكلدانيين والآشوريين ، وفى شمـالها وجدت حضارات الآراميين والكنعانيين أو الفيـنيقيـين ، وفى الجنـوب حضـارات السبأيين والحميريين ، وفى الغرب على طول ساحل البحر الأحمر حضارة القلزم .
ولايمكن أن نبين أثر هذه الحضارات العربية القديمة ، حيث لم يكشف عن أغلبها إلا فى العصر الحديث ، بعد تقدم العلم ونجاحه فى فك رموز النقوش التى كتبت بخطوط أهل حضارات الجزيرة القديمة .
هذا وقد أسهم العرب بنصيب كبير فى الحضارة التى نحن بصدد دراستها ، بعد
ظهور الدين الإسلامى على يد رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، وذلك لما ترتب على ظهور هذا الدين من انتشار للعرب فى الأرض كغزاة وفاتحين ، بدينهم الإسلامى الذى يعبر عن الحياة العربية بما فيها من تقاليد ، بالإضافة إلى ما يحتويه من تنظيم وتشريع ، مما أسهم فى إنشاء حضارة ذات طابع عربى إسلامى . فان الأديان دائما ما يكون لها أثر كبير فى الحضارات ، حيث أن الفنون والآداب والعلوم فى أى حضارة أو أمة ما ، دائما ما يدور فلكها حول الدين السائد فى هذه الأمة أو فى هذه الحضارة .
وفى نفس الوقت لايمكن أن ننكر أبدا أن سكان البلاد التى فتحها العرب،الذين كانوا ورثه لحضارات قديمه ، سواء فى البحر الأبيض أو الحضارات الأسيوية ، كان لهم أثرهم فى الحضارة الإسلامية . فقد كانـت الحضارة اليونانية التى وفدت إلى العرب عـن طريق البلاد المصرية التى فتحـها العرب مثلا ذات نصـيب كبـير فى التأثير فى الحضارة الإسلامية.
ثم تلاها الحضارة الأسيوية أى حضارات الصين والهند وفارس ووسط آسيا ، التى وفدت إلى الحضارة الإسلامية عن طريق بلاد فارس على وجه الخصوص .
هذا فى حـين نمت حضارة سـكان البلاد التى فتحها العرب المسـلمين بفضل ما أوجدوه فى هذه البلاد من استقرار .
وعليه امتزجت الحضارة العربية بحضارات البلاد التى فتحها العرب المسلمين فتكونت الحضارة الإسلامية . وقد كانت هناك عده عوامل ساعدت على المزج بين حضارة العرب والحضارات الأخرى و أدى بدوره إلى ظهور الحضارة الإسلامية
يتبع