مملكة تدمر
مملكة عربية قديمة قامت في القرن الأول قبل الميلاد وبلغت أوج ازدهارها في الربع الثالث من القرن الثالث الميلادي في عهد أذينة الثاني وزوجته زنوبيا. االموقع:
تقع تدمر في وسط بادية الشام على بعد150كمإلى الشمال الشرقي من دمشق, وبالتالي فهي تشكل محطة مهمة على طريق التجارة الواصلة مابين العراق والشام والمعروف منذ أقدم العصور.
تسميات تدمر
أ-عروس الصحراء.
ب-مدينة النخيل:
فهي كانت ولا تزال مشهورة بأشجار النخيل الكثيفة وسط بادية الشام المترامية الأطراف.
العوامل التي ساعدت على نشوء مملكة تدمر
1-يعود الفضل في نشوء الاستقرار في منطقة تدمر لتوافر مياه الينابيع اللازمة للشرب ولممارسة الزراعة على نطاق محدود. 2-وقوعها على طريق التجارة العالمي القادم من الصين والهند والعابرة لأراض فارس والعراق والشام حتى سواحل البحر المتوسط الشرقية.
أقدم النصوص التي تذكر مملكة تدمر:
1-كشفت الدراسات الأثرية عن وجود استيطان بشري في منطقة تدمر منذ العصر الحجري الحديث(الألف السادس قبل الميلاد). 2-أما النصوص المكتوبة فتبدأ بذكر تدمر منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد كنصوص ماري ونصوص كبادوكيه في الأنضول ونصوص إيمار. 3-ويحدد الملك الأشوري تجلات بلاسر الأول(1112-1174ق.م) موقع تدمرعندما يتحدث عن حملاته العسكرية باتجاه سورية . 4-وذكرت عند الكتاب الإغريق باسم بالميراpalmyra.
العلاقات التدمرية الرومانية:
1-يبدوا أن التدمريين حافظوا على نوع من الاستقلال إبان النزاع مابين الفرثيين حكام فارس والسلوقيين حكام سورية في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد.لكنهم شهدوا أول محاولة للرومان للاستيلاء على مدينتهم في عام 41ق.م,عندما أرسل القائد الروماني ماركوس أنطونيوس عندما كان عائد من حرب شنها على الفرس في الشرق إلى أهل تدمر ينبئهم بأنه سوف يمر بمدينتهم للاستراحة بينما كان ينوي الاستيلاء عليها ,ولقد أدرك سكان تدمر ذلك فعملوا على أخلاء مدينتهم من كل ما تحوي من مال ومتاع ثمين واستعدوا للقتال ,ولا توجد وثائق تتحدث عن نتائج هذه المحاولة الرومانية.لكن يبدوا أن تدمر اعترفت بالسيادة الرومانية مع الاحتفاظ بالاستقلال الداخلي .
2-ثم خضعت للسيطرة الرومانية المباشرة في أواخر القرن الأول وبداية القرن الثاني الميلادي لسيطرة الرومان إذ كانت من بين المدن التي أدخلها الإمبراطور تراجان في المقاطعةالعربية عام106م.
3-في عام130م زارها الإمبراطور هدريان ومنحها لقب هدريانا بالميرا,وأصبحت تسمى مدينة هدريان ,ومنح سكانها حقوق المواطنة الرومانية مثل حق الملكية والحرية الكاملة في إدارة سياسة المدينة وحق إعفاء تجارتهم من الضرائب ,ولقد اهتم هدريان بتدمر اهتماما كبيرا حتى قيل عنه المؤسس الثاني لها.
4-منحها الإمبراطور سبيتموس سيفيروس 193-211م حقوق المستعمرة الرومانية المتمثلة في حق الملكية والإعفاء من الجزية والحرية التامة في إدارة شؤونها.واستمر الأمر كذلك في عهد ابنه كراكلا211-217م,وكان لتلك الإجراءات الأثر الكبير في تقدم تدمر وإقامة العديد من الأبنية الفخمة فيهاا التي يظهر التأثير الروماني فيها واضحا وبدأ التدمريون يتخذون من ذلك الحين أسماء وألقابا رومانية تضاف إلى أسمائهم العربية أو الآرامية,على اعتبار أنهم من رعايا الإمبراطورية الرومانية.
ملوك تدمر"أسرة أذينة":
استطاع التدمريون توسيع مناطق نفوذهم مستغلين انشغال الإمبراطورية الرومانية بصد غزوات القبائل الجرمانية فوصلت حدود مملكتهم إلى دورا أوروبوس على الفرات في الشرق,وإلى الرصافة في الشمال,وعندما اعتلى أردشير عرش المملكة الساسانية(226-241م) والذي قضى على أخر ملوك الفرس الفرثين وانتصر على ملك أرمينية استغل الزعيم التدمري أذينة بن خيران بن وهب اللات هذه الظروف لصالحه وعمل على إقامة مملكة مستقلة.
1-أذينة الأول:كان يحلم بالاستقلال عن الرومان وبحمل لقب ملك وقد نجح في خطته وأصبح ملكا على تدمر عام250م,غير أن الرومان تخلصوا منه وحل محله ابنه خيران.وعندما توفي خلفه أخوه أذينه الثاني الذي كان يتصف بالشجاعة ويحمل رتبة قنصل في عهد الإمبراطور فاليريان.
2-أذينة الثاني:وطالب الأنتقام من قاتل أبيه القائد روفينوس لكن الإمبراطور لم يستجب له فأخذ يتحين الفرصة للخلاص من الرومان وقد واتتة الفرصة المناسبة عام260م عندما انتصر الإمبراطور الساساني شابور الأول 241-272م,على الإمبراطور فاليريان وأسفرت عن أسره واستيلاء الفرس على آسية الصغرى وشمالي سورية,وما أن علم أذينة بذك حتى سارع للاتصال بالإمبراطور الساساني مقدما له الهدايا وعارضا عليه صداقته, لكن الإمبراطور الساساني استهان به وأساء معاملة رسله وأمر بإلقاء هداياه في النهر,وتوعده بالعقاب الشديد على جسارته في مخاطبته إذ كان يشعر أنه ملك الشرق والغرب ,وأذينة في نظره ما هو إلا شيخ مدينة صغيرة في بيداء قاحلة لا أهمية منها ولا نفع منها.واعتبر أذينة ذلك أهانة كبيرة وقرر الرد عليها بعنف فأعد جيش كبيرا بقيادة ابنه هيرودوس وانضم إليه فلول جيش فاليريان,
فسار إلى طيفسون للانتقام من شابور وفك أسر فاليريان وجرت معركة عنيفة بين الطرفين انهزم فيها الفرس وتتبع أذينة فلول المنهزمين حتى أسرار طيفسون لكنه لم يتمكن من فك أسر فاليريان ,وكافأ الإمبراطور غالينيوس أذينة على انتصاره بأن منحه لقب dux Orientisأي قائد عام جيوش الشرق في عام 262م,وعمل أذينة على استرجاع المناطق التي كان الفرس قد انتزعوها من الرومان,كما أخمد ثورة القائد الروماني مكريانوس الذي أعلن نفسه ملكا على القسم الشرقي من الإمبراطورية,فأنعم عليه الإمبراطور بقبImperator Toutius Orientisأي إمبراطور الشرق بكامله لكن أذينة لم يكتف بذلك بل لقب نفسه بلقب ملك الملوك تشبه بالإمبراطور الساساني,كما أمر أن تنقش صورته إلى جانب صورة الإمبراطور الروماني على النقود التي أخذت من الفرس كغنيمة,كما أن مجلس الشيوخ الروماني منحه لقب أغسطس أي الجليل والمعظم. لم ينس أهانة الإمبراطور الفارسي له فزحف مرة أخرى على طيسفون وحاصرها لفترة,لكنه اضطر لرفع الحصار عنها عندما علم بنزول القوط ميناء هرقلية وتوجهم نحو كبادوكية مستغلين فرصة حصاره لطيسفون .
ولكن ما أن علم القوط بعودة أذينة الثاني وتوجهه لقتالهم حتى بادروا إلى الانسحاب والعودة إلى بلادهم.لكنه عندما كان يعد العدة لحملة جديدة على طيسفون وقع مع ابنه هيرودوس ضحية مؤامرة أودت بحياتهما في مدينة حمص 266-267م.وكان على رأس المتأمرين ابن أخيه معنو بن خيران وربما كان لرومان دورا في ذلك بعدما رأوا تعاظم قوة أذينة الثاني,إلا أن الأمور لم تستقم لمعنو بن خيران إذ قام أهالي حمص بقتله وتنصيب زنوبيا زوجة أذينة الثاني لتحكم تدمر كوصية على ابنها القاصر وهب اللات.
3-الملكة زنوبيا ونهاية الحلم التدمري: تعد زنوبيا من الشخصيات النسائية المشهورة في تاريخ الشرق القديم,,نظرا لما أظهرته من مقدرة وقوة وشجاعة في إدارة شؤون المملكة التدمرية.وتسميها المصادر العربية بالزباء الذي يبدوا محرفا من كلمة زباي "العطية",وتورد عنها قصصا وخرافات كثيرة لا تمت إلى الحقيقة بصلة .وأما صورتها الحقيقية فتظهر من خلال المصادر التاريخية الموثوقة التي تؤكد أصلها العربي وتمتعها بامكانات وقدرات عالية وثقافة عالية تجيد لغات عصرها(العربية والآرامية والإغريقية والمصرية القديمة,مع شيء من المعرفة باللغة اللاتينية),وكانت مولعة بالفلسفة والفكر الإغريقي إذ كانت تعقد مقارنات بين أعمال هوميروس وأفلاطون .وتمكنت من تكوين إمبراطورية عربية شملت كل بلاد الشام وشمالي شبه الجزيرة العربية وجزء من آسية الصغرى .ومصر.مما جعلها تدخل في صدام مع الرومان انتهى في نهاية الأمر بوقوعها في الأسر وفرض غرامة مالية على سكان تدمر.
حضارة تدمر:
1-التجارة: يعود الفضل في ازدهار تدمر وحضارتها إلى النشاط التجاري الواسع والذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد التدمري وذلك يرجع لعدة عوامل:
1-وقوعها على طريق التجارة العالمية التي كانت تربط مابين الشرق الأقصى والسواحل الشرقية للبحر المتوسط.
2-ارتباط تدمر بشكل وثيق مع ميناء الجرهاء الواقع على ساحل الخليج العربي حيث كانت تحط به الأساطيل التجارية القادمة من الهند وتفرغ بضائعها وتقوم القوافل التدمرية بنقل هذه البضائع إلى مدينة دورا أوروبوس على الفرات ومن هناك تصل عبر تدمر إلى أنطاكية وطرابلس ودمشق.وبالتالي كانت تدمر تتحكم بهذه الشبكة من الطرق. باختصار كانت تدمر مدينة تجارية عالمية من الدرجة الممتازة عمل سكانها بالتجارة بالدرجة الأولى أما كوسطاء أو كتجار وجنوا من وراء ذلك أرباحا ضخمة استخدموها في تشيد الكثير من المباني الرائعة التي تشهد آثارها الباقية على عظمة تدمر وزراعتها وتقدمها وغناها. 2-السكان واللغة: كان معظم سكان تدمر من القبائل العربية التي عاشت في بادية الشام منذ قرون طويلة,ولقد استخدمت اللغة والكتابة الآرامية في تدوين النقوش والكتابات التدمرية نظرا لان هذه اللغة وهذه الكتابة كانتا السائدتين في بلاد الشام والعراق منذ منتصف الألف الأولى قبل الميلاد,كما استخدمت فيها اللغات الإغريقية واللاتينية لأنها مدينة تجارية عالمية فقد كان التجار يقصدونها من مختلف أنحاء العالم القديم وبالتالي أستخدمت فيها تلك اللغات.
3-المجتمع والإدارة:انقسم سكان تدمر من حيث وضعياتهم الاجتماعية إلى :
أ احرار:وهم أصحاب الثروة والنفوذ وكانوا يتشبهون في مظاهر حياتهم وسلوكهم بالأغريق والرومان والفرس بناء على تماثيل منحوتاتهم ,ويتألف منهم مجلس الشيوخ التدمري ويبرز منهم زعيم القافلة ورئيس السوق وقائد الجيش.
ب-العامة:وهو الذين يضمون الفلاحين والعمال والحرفيين ورجال القوافل,ولقد كان لكل عشرة مجلس يسمى ديموس يضم كل أفرادها البالغين. وكان لمدينة تدمر رئيس يحمل اللقب الأغريقي أرخون Archon(حاكم)وموظف للشؤون المالية وآخر مسؤول للسوق وقائد جيش وقائد حامية وقوة عسكرية لحماية القوافل التجارية والقوافل كان يتسلمها أحد التجار . وعندما وصل أذينة الأول إلى حكم تدمر جمع كل هذه المناصب بيده مؤسسا بذلك النظام الملكي الوراثي.
4-العمران والفنون:
شيد التدمريون العديد من المباني والتي لا تزال آثارها الباقية تشهد على تقدمهم وعظمتهم وغناهم وفي مقدمتها معبد بعل الذي يعد تحفة عمرانية رائعة ومن أكبر المعابد في الشرق القديم.ومن مباني تدمر الأخرى معبد الإله بعل شمين وآثار حمامات ودور خاصة مبلطة بالفسيفساء والرخام وأعمدة تذكارية وبرع التدمريون في فن النحت والتي توجد أفضل شواهده في المدافن التدمرية.
5-المعتقدات الدينية:
عبد التدمريون آلهة متعددة معروفة في منطقة الشرق الأدنى القديم ويأتي في مقدمتها الإله بعل إله الخصب الشهير الذي أقيم له معبد ضخم في تدمر,والإله بعل شمين وهو إله الزراعة والإله يرحبول إله القمر,والإلهة اللات ومناة والعزى,وكان لكل إله كهنته الخاصة الين يقومون بأداء الصلزات والطقوس الدينية له.
ب-مدينة النخيل:
فهي كانت ولا تزال مشهورة بأشجار النخيل الكثيفة وسط بادية الشام المترامية الأطراف.
العوامل التي ساعدت على نشوء مملكة تدمر
1-يعود الفضل في نشوء الاستقرار في منطقة تدمر لتوافر مياه الينابيع اللازمة للشرب ولممارسة الزراعة على نطاق محدود. 2-وقوعها على طريق التجارة العالمي القادم من الصين والهند والعابرة لأراض فارس والعراق والشام حتى سواحل البحر المتوسط الشرقية.
أقدم النصوص التي تذكر مملكة تدمر:
1-كشفت الدراسات الأثرية عن وجود استيطان بشري في منطقة تدمر منذ العصر الحجري الحديث(الألف السادس قبل الميلاد). 2-أما النصوص المكتوبة فتبدأ بذكر تدمر منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد كنصوص ماري ونصوص كبادوكيه في الأنضول ونصوص إيمار. 3-ويحدد الملك الأشوري تجلات بلاسر الأول(1112-1174ق.م) موقع تدمرعندما يتحدث عن حملاته العسكرية باتجاه سورية . 4-وذكرت عند الكتاب الإغريق باسم بالميراpalmyra.
العلاقات التدمرية الرومانية:
1-يبدوا أن التدمريين حافظوا على نوع من الاستقلال إبان النزاع مابين الفرثيين حكام فارس والسلوقيين حكام سورية في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد.لكنهم شهدوا أول محاولة للرومان للاستيلاء على مدينتهم في عام 41ق.م,عندما أرسل القائد الروماني ماركوس أنطونيوس عندما كان عائد من حرب شنها على الفرس في الشرق إلى أهل تدمر ينبئهم بأنه سوف يمر بمدينتهم للاستراحة بينما كان ينوي الاستيلاء عليها ,ولقد أدرك سكان تدمر ذلك فعملوا على أخلاء مدينتهم من كل ما تحوي من مال ومتاع ثمين واستعدوا للقتال ,ولا توجد وثائق تتحدث عن نتائج هذه المحاولة الرومانية.لكن يبدوا أن تدمر اعترفت بالسيادة الرومانية مع الاحتفاظ بالاستقلال الداخلي .
2-ثم خضعت للسيطرة الرومانية المباشرة في أواخر القرن الأول وبداية القرن الثاني الميلادي لسيطرة الرومان إذ كانت من بين المدن التي أدخلها الإمبراطور تراجان في المقاطعةالعربية عام106م.
3-في عام130م زارها الإمبراطور هدريان ومنحها لقب هدريانا بالميرا,وأصبحت تسمى مدينة هدريان ,ومنح سكانها حقوق المواطنة الرومانية مثل حق الملكية والحرية الكاملة في إدارة سياسة المدينة وحق إعفاء تجارتهم من الضرائب ,ولقد اهتم هدريان بتدمر اهتماما كبيرا حتى قيل عنه المؤسس الثاني لها.
4-منحها الإمبراطور سبيتموس سيفيروس 193-211م حقوق المستعمرة الرومانية المتمثلة في حق الملكية والإعفاء من الجزية والحرية التامة في إدارة شؤونها.واستمر الأمر كذلك في عهد ابنه كراكلا211-217م,وكان لتلك الإجراءات الأثر الكبير في تقدم تدمر وإقامة العديد من الأبنية الفخمة فيهاا التي يظهر التأثير الروماني فيها واضحا وبدأ التدمريون يتخذون من ذلك الحين أسماء وألقابا رومانية تضاف إلى أسمائهم العربية أو الآرامية,على اعتبار أنهم من رعايا الإمبراطورية الرومانية.
ملوك تدمر"أسرة أذينة":
استطاع التدمريون توسيع مناطق نفوذهم مستغلين انشغال الإمبراطورية الرومانية بصد غزوات القبائل الجرمانية فوصلت حدود مملكتهم إلى دورا أوروبوس على الفرات في الشرق,وإلى الرصافة في الشمال,وعندما اعتلى أردشير عرش المملكة الساسانية(226-241م) والذي قضى على أخر ملوك الفرس الفرثين وانتصر على ملك أرمينية استغل الزعيم التدمري أذينة بن خيران بن وهب اللات هذه الظروف لصالحه وعمل على إقامة مملكة مستقلة.
1-أذينة الأول:كان يحلم بالاستقلال عن الرومان وبحمل لقب ملك وقد نجح في خطته وأصبح ملكا على تدمر عام250م,غير أن الرومان تخلصوا منه وحل محله ابنه خيران.وعندما توفي خلفه أخوه أذينه الثاني الذي كان يتصف بالشجاعة ويحمل رتبة قنصل في عهد الإمبراطور فاليريان.
2-أذينة الثاني:وطالب الأنتقام من قاتل أبيه القائد روفينوس لكن الإمبراطور لم يستجب له فأخذ يتحين الفرصة للخلاص من الرومان وقد واتتة الفرصة المناسبة عام260م عندما انتصر الإمبراطور الساساني شابور الأول 241-272م,على الإمبراطور فاليريان وأسفرت عن أسره واستيلاء الفرس على آسية الصغرى وشمالي سورية,وما أن علم أذينة بذك حتى سارع للاتصال بالإمبراطور الساساني مقدما له الهدايا وعارضا عليه صداقته, لكن الإمبراطور الساساني استهان به وأساء معاملة رسله وأمر بإلقاء هداياه في النهر,وتوعده بالعقاب الشديد على جسارته في مخاطبته إذ كان يشعر أنه ملك الشرق والغرب ,وأذينة في نظره ما هو إلا شيخ مدينة صغيرة في بيداء قاحلة لا أهمية منها ولا نفع منها.واعتبر أذينة ذلك أهانة كبيرة وقرر الرد عليها بعنف فأعد جيش كبيرا بقيادة ابنه هيرودوس وانضم إليه فلول جيش فاليريان,
فسار إلى طيفسون للانتقام من شابور وفك أسر فاليريان وجرت معركة عنيفة بين الطرفين انهزم فيها الفرس وتتبع أذينة فلول المنهزمين حتى أسرار طيفسون لكنه لم يتمكن من فك أسر فاليريان ,وكافأ الإمبراطور غالينيوس أذينة على انتصاره بأن منحه لقب dux Orientisأي قائد عام جيوش الشرق في عام 262م,وعمل أذينة على استرجاع المناطق التي كان الفرس قد انتزعوها من الرومان,كما أخمد ثورة القائد الروماني مكريانوس الذي أعلن نفسه ملكا على القسم الشرقي من الإمبراطورية,فأنعم عليه الإمبراطور بقبImperator Toutius Orientisأي إمبراطور الشرق بكامله لكن أذينة لم يكتف بذلك بل لقب نفسه بلقب ملك الملوك تشبه بالإمبراطور الساساني,كما أمر أن تنقش صورته إلى جانب صورة الإمبراطور الروماني على النقود التي أخذت من الفرس كغنيمة,كما أن مجلس الشيوخ الروماني منحه لقب أغسطس أي الجليل والمعظم. لم ينس أهانة الإمبراطور الفارسي له فزحف مرة أخرى على طيسفون وحاصرها لفترة,لكنه اضطر لرفع الحصار عنها عندما علم بنزول القوط ميناء هرقلية وتوجهم نحو كبادوكية مستغلين فرصة حصاره لطيسفون .
ولكن ما أن علم القوط بعودة أذينة الثاني وتوجهه لقتالهم حتى بادروا إلى الانسحاب والعودة إلى بلادهم.لكنه عندما كان يعد العدة لحملة جديدة على طيسفون وقع مع ابنه هيرودوس ضحية مؤامرة أودت بحياتهما في مدينة حمص 266-267م.وكان على رأس المتأمرين ابن أخيه معنو بن خيران وربما كان لرومان دورا في ذلك بعدما رأوا تعاظم قوة أذينة الثاني,إلا أن الأمور لم تستقم لمعنو بن خيران إذ قام أهالي حمص بقتله وتنصيب زنوبيا زوجة أذينة الثاني لتحكم تدمر كوصية على ابنها القاصر وهب اللات.
3-الملكة زنوبيا ونهاية الحلم التدمري: تعد زنوبيا من الشخصيات النسائية المشهورة في تاريخ الشرق القديم,,نظرا لما أظهرته من مقدرة وقوة وشجاعة في إدارة شؤون المملكة التدمرية.وتسميها المصادر العربية بالزباء الذي يبدوا محرفا من كلمة زباي "العطية",وتورد عنها قصصا وخرافات كثيرة لا تمت إلى الحقيقة بصلة .وأما صورتها الحقيقية فتظهر من خلال المصادر التاريخية الموثوقة التي تؤكد أصلها العربي وتمتعها بامكانات وقدرات عالية وثقافة عالية تجيد لغات عصرها(العربية والآرامية والإغريقية والمصرية القديمة,مع شيء من المعرفة باللغة اللاتينية),وكانت مولعة بالفلسفة والفكر الإغريقي إذ كانت تعقد مقارنات بين أعمال هوميروس وأفلاطون .وتمكنت من تكوين إمبراطورية عربية شملت كل بلاد الشام وشمالي شبه الجزيرة العربية وجزء من آسية الصغرى .ومصر.مما جعلها تدخل في صدام مع الرومان انتهى في نهاية الأمر بوقوعها في الأسر وفرض غرامة مالية على سكان تدمر.
حضارة تدمر:
1-التجارة: يعود الفضل في ازدهار تدمر وحضارتها إلى النشاط التجاري الواسع والذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد التدمري وذلك يرجع لعدة عوامل:
1-وقوعها على طريق التجارة العالمية التي كانت تربط مابين الشرق الأقصى والسواحل الشرقية للبحر المتوسط.
2-ارتباط تدمر بشكل وثيق مع ميناء الجرهاء الواقع على ساحل الخليج العربي حيث كانت تحط به الأساطيل التجارية القادمة من الهند وتفرغ بضائعها وتقوم القوافل التدمرية بنقل هذه البضائع إلى مدينة دورا أوروبوس على الفرات ومن هناك تصل عبر تدمر إلى أنطاكية وطرابلس ودمشق.وبالتالي كانت تدمر تتحكم بهذه الشبكة من الطرق. باختصار كانت تدمر مدينة تجارية عالمية من الدرجة الممتازة عمل سكانها بالتجارة بالدرجة الأولى أما كوسطاء أو كتجار وجنوا من وراء ذلك أرباحا ضخمة استخدموها في تشيد الكثير من المباني الرائعة التي تشهد آثارها الباقية على عظمة تدمر وزراعتها وتقدمها وغناها. 2-السكان واللغة: كان معظم سكان تدمر من القبائل العربية التي عاشت في بادية الشام منذ قرون طويلة,ولقد استخدمت اللغة والكتابة الآرامية في تدوين النقوش والكتابات التدمرية نظرا لان هذه اللغة وهذه الكتابة كانتا السائدتين في بلاد الشام والعراق منذ منتصف الألف الأولى قبل الميلاد,كما استخدمت فيها اللغات الإغريقية واللاتينية لأنها مدينة تجارية عالمية فقد كان التجار يقصدونها من مختلف أنحاء العالم القديم وبالتالي أستخدمت فيها تلك اللغات.
3-المجتمع والإدارة:انقسم سكان تدمر من حيث وضعياتهم الاجتماعية إلى :
أ احرار:وهم أصحاب الثروة والنفوذ وكانوا يتشبهون في مظاهر حياتهم وسلوكهم بالأغريق والرومان والفرس بناء على تماثيل منحوتاتهم ,ويتألف منهم مجلس الشيوخ التدمري ويبرز منهم زعيم القافلة ورئيس السوق وقائد الجيش.
ب-العامة:وهو الذين يضمون الفلاحين والعمال والحرفيين ورجال القوافل,ولقد كان لكل عشرة مجلس يسمى ديموس يضم كل أفرادها البالغين. وكان لمدينة تدمر رئيس يحمل اللقب الأغريقي أرخون Archon(حاكم)وموظف للشؤون المالية وآخر مسؤول للسوق وقائد جيش وقائد حامية وقوة عسكرية لحماية القوافل التجارية والقوافل كان يتسلمها أحد التجار . وعندما وصل أذينة الأول إلى حكم تدمر جمع كل هذه المناصب بيده مؤسسا بذلك النظام الملكي الوراثي.
4-العمران والفنون:
شيد التدمريون العديد من المباني والتي لا تزال آثارها الباقية تشهد على تقدمهم وعظمتهم وغناهم وفي مقدمتها معبد بعل الذي يعد تحفة عمرانية رائعة ومن أكبر المعابد في الشرق القديم.ومن مباني تدمر الأخرى معبد الإله بعل شمين وآثار حمامات ودور خاصة مبلطة بالفسيفساء والرخام وأعمدة تذكارية وبرع التدمريون في فن النحت والتي توجد أفضل شواهده في المدافن التدمرية.
5-المعتقدات الدينية:
عبد التدمريون آلهة متعددة معروفة في منطقة الشرق الأدنى القديم ويأتي في مقدمتها الإله بعل إله الخصب الشهير الذي أقيم له معبد ضخم في تدمر,والإله بعل شمين وهو إله الزراعة والإله يرحبول إله القمر,والإلهة اللات ومناة والعزى,وكان لكل إله كهنته الخاصة الين يقومون بأداء الصلزات والطقوس الدينية له.
تعليق