القليل منا يعرف عن نظام التعليم الديني لدى العثمانيين ونعني به المسلمين الذي كانوا قبل مائة عام فقط منضوين تحت راية دولة واحدة تمتد من الحدود الروسية شمالا وحتى البحر العربي والمحيط الهندي جنوبا ومن حدود إيران شرقا وحتى حدود المجر غربا.
وبسبب عائق اللغة بين المسلمين لم تتحقق أمنية السلطان محمد الفاتح في جعل اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة بالإضافة إلى كونها لغة الثقافة لدى المسلمين.
وفي دراستنا هذه نلقي بعض الضوء على نظام التعليم الديني الذي كان مطبقا في الأناضول كما كان مطبقا في بلاد الروم وكافة البلدان العربية، أملين أن نساهم ولو بنبذة بسيطة في تعريف الاخوة الزملاء بالنظام الذي كان آباؤه يتبعونه في سبيل الحصول على العلوم الدينية في أوائل القرن الماضي والقرون التي سبقته.
فالمدارس العثمانية لها مكانة مهمة وبارزة في تاريخ التعليم الإسلامي. هذه المدارس هي مؤسسات تقوم بالتعليم على المستوى المتوسط والعالي. والمدرسة هي اسم للمؤسسة التربوية والتعليمية التي تنشئ العناصر وتزود البلاد بالثقافة التي تحتاجها. وعلى غرار العهود التي سبقت العهد العثماني فإن المدارس التي أنشأها الأشخاص ووقفوا الأموال والأملاك في سبيل الانفاق عليها كان لها "مدرسوها" و"معيدوها". وطلابها الذين أطلق عليهم اسم "دانشمند" أو"سوخته" أو " الطالب". فمن أنهى تعليمه في مدرسة أو "مكتب الصبيان" أو تلقى تعليما خاصا بنفس المستوى، توجه إلى المدارس ليتلقى من المدرسين دروسا وفق منهاج موضوع سلفا.
كانت للدولة العثمانية مؤسساتها التعليمية والعسكرية والإدارية المتكاملة. هذه المؤسسات ومنذ بدايات القرن السادس عشر الميلادي على نفس المستوى مع ما نشاهده في الدول الحديثة من تنظيم وإدارة.
ولمزيد من الاطلاع على مؤسسات التربية والتعليم ومؤسسات الدولة الأخرى ينبغي علينا التوجه إلى الأرشيف العثماني الذي يزخر بعشرات الملايين من الوثائق التي تلقي الضوء على هذه المؤسسات. وعلى نحو ما كان في الدول الإسلامية السابقة فإنه يمكن تصنيف المؤسسات التعليمية في مجموعتين:
1. مدارس التعليم العام
2- مدارس التعليم الخاص أو مدارس الاختصاص
وبسبب عائق اللغة بين المسلمين لم تتحقق أمنية السلطان محمد الفاتح في جعل اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة بالإضافة إلى كونها لغة الثقافة لدى المسلمين.
وفي دراستنا هذه نلقي بعض الضوء على نظام التعليم الديني الذي كان مطبقا في الأناضول كما كان مطبقا في بلاد الروم وكافة البلدان العربية، أملين أن نساهم ولو بنبذة بسيطة في تعريف الاخوة الزملاء بالنظام الذي كان آباؤه يتبعونه في سبيل الحصول على العلوم الدينية في أوائل القرن الماضي والقرون التي سبقته.
فالمدارس العثمانية لها مكانة مهمة وبارزة في تاريخ التعليم الإسلامي. هذه المدارس هي مؤسسات تقوم بالتعليم على المستوى المتوسط والعالي. والمدرسة هي اسم للمؤسسة التربوية والتعليمية التي تنشئ العناصر وتزود البلاد بالثقافة التي تحتاجها. وعلى غرار العهود التي سبقت العهد العثماني فإن المدارس التي أنشأها الأشخاص ووقفوا الأموال والأملاك في سبيل الانفاق عليها كان لها "مدرسوها" و"معيدوها". وطلابها الذين أطلق عليهم اسم "دانشمند" أو"سوخته" أو " الطالب". فمن أنهى تعليمه في مدرسة أو "مكتب الصبيان" أو تلقى تعليما خاصا بنفس المستوى، توجه إلى المدارس ليتلقى من المدرسين دروسا وفق منهاج موضوع سلفا.
كانت للدولة العثمانية مؤسساتها التعليمية والعسكرية والإدارية المتكاملة. هذه المؤسسات ومنذ بدايات القرن السادس عشر الميلادي على نفس المستوى مع ما نشاهده في الدول الحديثة من تنظيم وإدارة.
ولمزيد من الاطلاع على مؤسسات التربية والتعليم ومؤسسات الدولة الأخرى ينبغي علينا التوجه إلى الأرشيف العثماني الذي يزخر بعشرات الملايين من الوثائق التي تلقي الضوء على هذه المؤسسات. وعلى نحو ما كان في الدول الإسلامية السابقة فإنه يمكن تصنيف المؤسسات التعليمية في مجموعتين:
1. مدارس التعليم العام
2- مدارس التعليم الخاص أو مدارس الاختصاص
1. مدارس التعليم العام
أنشأ العثمانيون مدارسهم وفق النماذج المعروفة لدى السلاجقة وإمارات الأناضول. لكنهم استفادوا في العلوم النقلية من العلماء الذين نشأوا في الشام ومصر وفي العلوم العقلية من العلماء الذين نشأوا في بغداد وسمرقند. وقد أنشئت أول مدرسة عثمانية في عهد الغازي أورخان وكان أول المدرسين فيها داود القيصري الذي تلقى علومه الدينية في قيصري والقاهرة.
ويمكننا القول بأن التعليم في المدارس العثمانية بدأ مع تأسيس الدولة نفسها. وكانت المدارس التي تزود الطلاب بالمعلومات العامة تدرس "علوم الآلة " وهي الكلام والمنطق والبلاغة واللغات والنحو والرياضيات والفلك والفلسفة والتاريخ والجغرافيا بالإضافة إلى "العلوم العالية"وهي علوم القرآن والحديث والفقه وغير ذلك من العلوم الدينية. وعلى غرار كثير من الأمور التي أتاحت المجال للتطور الحضاري، فإن الدولة العثمانية استمرت على سياستها المفتوحة في التربية والتعليم حتى النهاية فاستقدمت أعدادا كبيرة من العلماء وأساتذة الجامعات. ويمكننا القول بأن نظام المدارس في العهود المبكرة للدولة العثمانية هو نفس النظام الذي كان مطبقا في العهد السلجوقي وفي عهود الإمارات التركية في الأناضول. ومع ذلك فإننا نؤكد بأن أول تغيير في نظام التعليم حدث في عهد السلطان بايزيد الصاعقة1 وأن نظام التعليم شهد تطورا كبيرا في عهد السلطان مراد الثاني بافتتاح قسم التتمة التابعة المدرسة الحلبية في أدرنة2 وكذلك افتتاح مدرسة دار الحديث في أدرنة أيضا.أما التغيير الجذري لنظام التعليم العثماني فحدث في عهد السلطان محمد الفاتح. وبقي هذا النظام مطبقا حتى افتتاح المدرسة السليمانية في عهد السلطان سليمان القانوني.
فهذه المدارس زودت طلابها بكافة العلوم العصرية بالإضافة إلى العلوم الدينية في العهد الكلاسيكي وكذلك في فترة ما بعد الإصلاح الدستوري.
وبعد افتتاح الصحن الثمان ومدارس التتمة في استنبول حدثت تعديلات جديدة في نظام التعليم في المدارس داخل الحدود العثمانية. ومع استحالة القطع في ذكر تدرج وتسلسل المقررات والكتب في هذه المدارس، فإن بعض الوقفيات والمراسيم والبيوغرافيا تسهل علينا المهمة بعض الشيء. ذلك بأن المدارس العثمانية كانت على درجات وضعت وفق اليوميات التي خصصت لمدرسيها وهي على النحو التالي:
مدارس حاشية التجريد
( ذات العشرين)
فالمدارس التي تدخل تحت هذا التصنيف تحمل اسم كتاب حاشية التجريد للسيد الشريف الجرجاني. هذا الكتاب الخاص بعلم الكلام، وهو حاشية كتاب تجريد الاعتقاد أو تجريد الكلام لنصر الدين الطوسي. ويفهم من ذلك أن هذا الكتاب هو أهم المكتب المقررة في مثل هذه المدارس. وإلى جانب هذا الكتاب عرفت هذه المدارس بتدريس كتاب شرح الفرائض للسيد الشريف أيضا وكتاب المطول في البلاغة لسعد الدين التفتازاني. ومن جانب آخر على الطالب كي يفهم المواد المقررة في هذه المدارس أن يكون قد اجتاز اختبارات كثير من المقررات مثل الأمثلة والبناء والمقصود والعزي والمراح في علم الصرف، والعوامل والإظهار والكافية في علم النحو وشرح الإيساغوجي في العربية والطوالع في أصول الفقه.
مدارس المفتاح
( الثلاثينية)
وتحمل هذه المدارس اسم شرح المفتاح في البلاغة لمؤلفه سعد الدين التفتازاني. وإلى جانب هذا المقرر هناك كثير من المقررات تدرس مثل التنقيح والتوضيح في الفقه، وتتمة حاشية التجريد في علم الكلام، وعلى نحو ما كان في مدارس حاشية التجريد فإنه لا بد أن يكون هناك كتبا أخرى تدرس في هذه المدرسة، نتبين ذلك مما ذكره الكاتب جلبي من أن السلطان محمد الفاتح أمر بأن تضاف إلى المقررات التي تدرس في مدارس الثلاثينية كتاب مفتاح المعاني وكتاب صدر الشريعة.
مدارس التلويح
( الأربعينية)
سميت هذه المدارس بالأربعينية لأن المدرس فيها يتقاضى أجرا يقدر باربعين أقجة يوميا. والمقررات التي تدرس فيها هي مفتاح العلوم في البلاغة، والتوضيح في أصول الفقه ومشارق الأنوار النبوية لرضي الدين حسن الصاغاني وكتاب المشارق لصدر الشريعة عبيد الله ابن اسحق في الفقه وكتاب المصابيح للبغوي في الحديث بالإضافة إلى كتب أخرى في فروع العلوم المختلفة.
مدارس الخمسينيات
وتتشكل هذه المدارس التي يتقاضى مدرسوها أجرا يوميا قدره خمسون أقجة إلى "خارجية"و"داخلية". ومدارس الأربعينيات وكذلك القسم الخارجي من مدارس الخمسينيات هي المدارس التي أنشأها الحكام وأسرهم ووزراؤهم في العهد السلجوقي وعهد أمراء الأناضول. أما المدارس الداخلية فهي المدارس التي أنشأها السلاطين العثمانيون وأمهات الأمراء والأمراء وبنات السلاطين. وتدرس في القسم الخارجي من مدارس الخمسينية كتب الهداية في الفقه وشرح المواقف في الكلام والمصابيح في الحديث. أما في القسم الداخلي فيدرس الهداية في الفقه، والتلويح في أصول الفقه والبخاري في الحديث الشريف،والكشاف والبيضاوي في التفسير.
مدارس الصحن الثمان
ونعني بها كما أسلفنا المدارس الثمانية التي أمر بإنشائها في استنبول السلطان محمد الفاتح. وكانت هذه المدارس هي أرفع المدارس وأعلاها حتى تاريخ إنشاء المدرسة السليمانية في عهد السلطان القانوني. ومع أن وقفية السلطان الفاتح حددت لمدرسي هذه المدارس أجرا يوميا قدره خمسون أقجة، فإن بعض المدرسين استمروا في التدريس مع رفع مراتبهم من غير أن يتحولوا إلى مدارس أعلى مرتبة. فوصلت يومياتهم إلى الستين والسبعين وحتى الثمانين والتسعين في بعض الأحيان. أما بالنسبة للمواد التي تدرس في هذه المدارس فهي استمرار للمدارس التي سبقتها وهي: الهداية في الفقه، والتلويح وشرح العضوض في أصول الفقه والبخاري في الحديث الشريف والكشاف والبيضاوي في التفسير.
وعلى النحو الذي سنتطرق إليه بعد قليل فإن جميع ما ذكرنا هو من العلوم النقلية. ويمكننا أن نقول بأن هناك بعض العلوم العقلية كانت تدرس أيضا في هذه المدارس مثل الطب والهندسة وعلم الهيئة والجغرافيا والمنطق ولا ننسى بأن مدارس الصحن الثمان كانت تحتوي أيضا كلية الطب التي عرفت في تلك الفترة بدار الشفاء، تدرس فيها العلوم الطبية بفرعيها النظري والعملي.
مدارس الستينيات
ويتقاضى المدرسون في هذه المدارس أجرا يوميا قدره ستون أقجة. أما المواد التي تدرس في مثل هذه المدارس فهي:
الهداية وشرح الفرائض في الفقه، والتلويح في أصول الفقه، وشرح المواقف في علم الكلام،والبخاري في الحديث الشريف، والكشاف في التفسير.
ومع بعض التغييرات في بعض الفترات فإن هذه المدارس كانت تدرس طلابها أيضا ما يسمى بالجزئيات مثل الحكمة أو الفلسفة والحساب والهندسة وعلم الهيئة(الفلك) والجغرافيا وعلم الزج(الجداول الفلكية) وعلم النجوم والطب والتشريح. وأضيفت إليها فيما بعد "علوم الآلة" ومن يكمل دراسة العلوم الأساسية سمح له بدراسة العلوم المادية ولذلك فإن العلوم التي تدخل ضمن هذا الفرع تدرس من قبل العلماء والأساتذة في مدارس الفاتح المعروفين بذوي الجناحين( أي لهم العلم والخبرة في فرعي العلوم) بصورة عامة أو خاصة. وبالرغم من أن هذه العلوم تدخل ضمن مسمى الجزئيات فإنها تعتبر من المواد الأساسية في هذه المدارس.
تعليق