قصة مثل
تقول العرب: "إن العصا من العصية"
يقال: إن أول من قال ذلك الأفعى الجرهمي، ذلك أن نزارا لما حضرته الوفاة جمع
بنيه: مضر، وإيادا، وربيعة، وأنمارا، فقال: يا بني! هذه القبة الحمراء وكانت من أدم لمضر، وهذه الفرس الأدهم والخباء الأسود لربيعة، وهذه الخادم وكانت شمطاء لإياد، وهذه البدرة والمجلس لأنمار، فإن أشكل عليكم كيف تقسمون، فأتوا الأفعى الجرهمي منزلك بنجران، فتشاجروا. في ميراثه، فتوجهوا إليه، فبينما هم في سيرهم إذ رأى مضر أثر كلإ قد رعى، فقال: إن البعير الذي رعى هذا أعور، وقال ربيعة: إنه لأزور، وقال إياد: إنه لأبتر، وقال أنمار: إنه لشرود، فساروا قليلاً، فإذا هم برجل يوضع حمله فسألهم عن البعير، فقال مضر: أهو أعور؟ قال: نعم، وقال ربيعة: أهو أزور؟ قال: نعم، وقال إياد: أهو أبتر؟ قال: نعم، وقال أنمار: أهو شرود؟ قال: نعم، وهذه والله صفة بعيري، فدلوني عليه، فقالوا: والله ما رأيناه، فقال: هذا والله الكذب كيف أصدقكم وأنتم تصفونه بصفته؟ فساروا حتى قدموا نجران، فلما نزلوا، نادى صاحب البعير، هؤلاء أصحاب جملي وصفوا لي صفته ثم قالوا: لم نره، فاختصموا إلى الأفعى، فقال لهم: كيف وصفتموه وأنتم لم تروه؟ فقال مضر: رأيته قد رعى جانبا وترك جانبا فعلمت أنه أعورة وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة واالثانية فاسدة، فعلمت أنه أزور لأنه أفسدها بشدة وطئة، وقال إياد: عرفت أنه أبتر باجتماع بعره ولو كان ذيالاً لمصع به، وقال أنمار: عرفت أنه شرود، لأنه يرعي في المكان الملتف نبته ثم يجوزه إلى مكان أرق منه، فقال الأفعى: ليسوا بأصحاب جملك فاطلبه، ثم سألهم: من أنتم؟ فأخبروه بخبرهم، وبما جاءوا له، فأكرمهم، وقال أتحتاجون إلي وأنتم كما أرى؟ ثم أنزلهم وذبح لهم شاة، وأتاهم بخمر، وجلس لهم الأفعى بحيث لا يرى: فقال ربيعة: لم أر كاليوم أطيب لحما لولا أن شاته غذيت بلبن كلبة، وقال مضر: لم أر كاليوم أطيب خمرا لولا أن حبلته نبتت على قبر، فقال إياد: لم أر كاليوم رجلاً أسرى لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعي له، فقال أنمار: لم أر كاليوم كلاما أنفع في حاجتنا من كلامنا، وكلامهم بأذنه، فدعا قهرمانة، فقال: ما هذه الخمر، وما أمرها؟ قال: هي من حبلة غرستها على قبر أبيك، وقال للراعي: ما هذه الشاة؟ فقال: هي عناق أرضعتها بلبن كلبة وكانت أمها ماتت، ثم أتى أمه، فقال: اصدقيني، من أبي؟ فأخبرته أنها كانت تحت ملك كثير المال وكان لا يولد له، فخفت أن يموت وليس له ولد، فأمكنت من نفسي ابن عم له كان نازلا عليه فولدتك، فرجع إليهم وقال: ما أشبه القبة الحمراء من مال نزار فهو لمضر، فذهب بالإبل الحمر الدنانير، فسميت: مضر الحمراء، وأما صاحب الفرس الأدهم والخباء الأسود فله كل شيء أسود، فصار لربيعة الخيل الدهم وما شاكلها، فقيل: ربيعة الفرس. وأما الخادم الشمطاء فلصاحبها الخيل البلق والماشية، فسميت: إياد الشمطاء، وقضى لأنمار بالدراهم والأرض فصدروا الخيل البلق من عنده على ذلك، فقال الأفعى: إن العصا من العصية، وإن خشيناً من أخشن، فأرسلهما مثلا.
تقول العرب: "إن العصا من العصية"
يقال: إن أول من قال ذلك الأفعى الجرهمي، ذلك أن نزارا لما حضرته الوفاة جمع
بنيه: مضر، وإيادا، وربيعة، وأنمارا، فقال: يا بني! هذه القبة الحمراء وكانت من أدم لمضر، وهذه الفرس الأدهم والخباء الأسود لربيعة، وهذه الخادم وكانت شمطاء لإياد، وهذه البدرة والمجلس لأنمار، فإن أشكل عليكم كيف تقسمون، فأتوا الأفعى الجرهمي منزلك بنجران، فتشاجروا. في ميراثه، فتوجهوا إليه، فبينما هم في سيرهم إذ رأى مضر أثر كلإ قد رعى، فقال: إن البعير الذي رعى هذا أعور، وقال ربيعة: إنه لأزور، وقال إياد: إنه لأبتر، وقال أنمار: إنه لشرود، فساروا قليلاً، فإذا هم برجل يوضع حمله فسألهم عن البعير، فقال مضر: أهو أعور؟ قال: نعم، وقال ربيعة: أهو أزور؟ قال: نعم، وقال إياد: أهو أبتر؟ قال: نعم، وقال أنمار: أهو شرود؟ قال: نعم، وهذه والله صفة بعيري، فدلوني عليه، فقالوا: والله ما رأيناه، فقال: هذا والله الكذب كيف أصدقكم وأنتم تصفونه بصفته؟ فساروا حتى قدموا نجران، فلما نزلوا، نادى صاحب البعير، هؤلاء أصحاب جملي وصفوا لي صفته ثم قالوا: لم نره، فاختصموا إلى الأفعى، فقال لهم: كيف وصفتموه وأنتم لم تروه؟ فقال مضر: رأيته قد رعى جانبا وترك جانبا فعلمت أنه أعورة وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة واالثانية فاسدة، فعلمت أنه أزور لأنه أفسدها بشدة وطئة، وقال إياد: عرفت أنه أبتر باجتماع بعره ولو كان ذيالاً لمصع به، وقال أنمار: عرفت أنه شرود، لأنه يرعي في المكان الملتف نبته ثم يجوزه إلى مكان أرق منه، فقال الأفعى: ليسوا بأصحاب جملك فاطلبه، ثم سألهم: من أنتم؟ فأخبروه بخبرهم، وبما جاءوا له، فأكرمهم، وقال أتحتاجون إلي وأنتم كما أرى؟ ثم أنزلهم وذبح لهم شاة، وأتاهم بخمر، وجلس لهم الأفعى بحيث لا يرى: فقال ربيعة: لم أر كاليوم أطيب لحما لولا أن شاته غذيت بلبن كلبة، وقال مضر: لم أر كاليوم أطيب خمرا لولا أن حبلته نبتت على قبر، فقال إياد: لم أر كاليوم رجلاً أسرى لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعي له، فقال أنمار: لم أر كاليوم كلاما أنفع في حاجتنا من كلامنا، وكلامهم بأذنه، فدعا قهرمانة، فقال: ما هذه الخمر، وما أمرها؟ قال: هي من حبلة غرستها على قبر أبيك، وقال للراعي: ما هذه الشاة؟ فقال: هي عناق أرضعتها بلبن كلبة وكانت أمها ماتت، ثم أتى أمه، فقال: اصدقيني، من أبي؟ فأخبرته أنها كانت تحت ملك كثير المال وكان لا يولد له، فخفت أن يموت وليس له ولد، فأمكنت من نفسي ابن عم له كان نازلا عليه فولدتك، فرجع إليهم وقال: ما أشبه القبة الحمراء من مال نزار فهو لمضر، فذهب بالإبل الحمر الدنانير، فسميت: مضر الحمراء، وأما صاحب الفرس الأدهم والخباء الأسود فله كل شيء أسود، فصار لربيعة الخيل الدهم وما شاكلها، فقيل: ربيعة الفرس. وأما الخادم الشمطاء فلصاحبها الخيل البلق والماشية، فسميت: إياد الشمطاء، وقضى لأنمار بالدراهم والأرض فصدروا الخيل البلق من عنده على ذلك، فقال الأفعى: إن العصا من العصية، وإن خشيناً من أخشن، فأرسلهما مثلا.
تعليق