قصة العفريت المسجون
قال فكتب الامير موسي دلك كله ثم رحل وسار الدليل امامه ولم يزالوا سائرين ذلك اليوم والثاني والثالث واذا هم برابية عاليه وعليها فارس من النحاس وفرسه من النحاس وبيده رمح طويل الأسنان ولها اسنان تلمع تاخد البصر وعلي الاسنان مكتوب بقلم الروميه .. فدنا منه الشيخ عبد الصمد وقراه واذا هو يقول : « ايها الواصل الي هذا المكان ان كنت ما تعرف الطريق الي مدينة النحاس فافرك كف الفارس فانه يدور في اي موضع تقف راس الاسنان فاسلكه فانك تري الطريق دون تحقق .»
قال فتقدم الامير موسي وفرك كف الفارس فدار وكأنه البرق الخاطف حتى وقف وقوم اسنانه الي جهة من الجهات فساروا في ذلك الطريق ساعة واذا هم بالطريق المسكوك فسلكوه ولم يزالوا سائرين ذلك اليوم والثاني والثالث واذا هم بجبل عظيم قد اعترضهم وفي اصله شي قائم طويل فدنوا منه واذا هو عمودا من الصخر الاسود كانه قواره ( فازة ) وفيه شخص غائص الى تحت ابطيه وله جناحان عظيمان واربعة ايادي .. يدان منه كانهما ايدي السباع بمخالبه الحداد وله شعيرات في وسط راسه كانها أذناب الخيل وله عينان مشقوقتان بالطول تقدح منها النيران وفي جبهته عين مدورة وكانها عين الفهد وهي حمراء كحمرة الدم .. وهو اسود كريه المنظر و ينادي ويقول سبحان من حكم علي هذا العداب المقيم والبلاء العظيم !
قال فطارت عقول الناس من حوله ومن عظم خلقه وشدته .. فقال الامير موسى للشيخ الدليل عبد الصمد ما هذا ايها الشيخ ؟
قال الشيخ والله لا ادري يامولاي
فقال الامير موسي للشيخ فالتتقدم اليه ولتسأله عن امره
فقال الشيخ مولاي اخاف منه .. ووأي ميتة سأموت ان واجهته
فقال له الشيخ لا تخف .. منه فانه مشغول عنك
قال فدنا الشيخ منه وقال له من انت ايها المخلوق ؟
وما اسمك وما الذي جعلك في هذا المكان ؟
فنظر اليه نظرة تخطف القلب من هولها وقال انا عفريت من الجان واسمي دنهش ابن الاغبش وانا محبوس بالقدرة مغلول بالعظمة ومعذب الي يوم القيامه
فقال الامير موسي للشيخ اسله عن سبب سجنه في هذا العمود
قال فساله عن ذلك فقال العفريت :
اما حديثي فهو عجيب وامري لهو غريب وسبب ذلك انه كان لابليس لعنة الله عليه صنما من العقيق الاحمر وكنت انا موكل عليه لابليس لعنه الله وكان الصنم لملك من ملوك البحر وكان يعبده هو وقومه من دون الله تعالي وكان يحكم ذلك الملك علي الف الف من الانس والف الف من الجان يضربون بين يديه بالسيوف ويجيبون دعوته ان أشار باصبعه وكانت الجن التي تحت يديه كلهم يطيعونني في امري ويتسمعون لقولي وكلنا كنا عصاة علي سليمان ابن داود عليه السلام وكنت انا في ذلك الصنم اغوي الناس فيه فوصفت لسليمان ابن داود عليه السلام هذا
قال فلما سمع هذا ارسل الي ابيها يقول» اريد ان ترسلي قومك وتكسر صنمك وتقول لا اله الا الله وان سليمان نبي الله فان فعلت ذلك رجوت لك الخير ، وان انت ابيت فاستعد للمنية جوابا وللموت جلبابا واني اسير اليك بجنود تملا الارض والفناء واجعلك كالامس الدي مضا ما له عودة ابدا «
قال فلما وصل الكتاب اليه مع الرسول اخده وقراه ورماه بين يديه وغضب غضبا شديدا وقال لوزرائه ما تقولون في قول سليمان ابن داود - عليه السلام - فانه قد ارسل الي يطلب قومي ويامرني ان اكسر صنمي وادخل في دينه ؟
فقالوا : ايها الملك الكريم والسيد العظيم ما الذي يقدر سليمان ان يفعل وانت ملك عظيم مثل سليمان واعظم وتحت حكمك الف الف من الانس والف الف من الجان وانت في هذا البحر العظيم ؟
وان سار اليك فلا يقدر عليك ولا يصل اليك والانس والجن تقاتل بين يديك وبعد ذلك فاستشير ربك وصنمك فان اشار عليك بلقاه فالقاه
قال فقام الملك ودخل على الصنم وقرب له قربانا وخر له ساجدا من دون الله تعالى ثم انشد يقول
يا رب انا طالبون نصركَ ... هذا سليمان يريد كسركَ
يا ربنا مُـرْنا فـانا لامـركَ ... طوعاً وانّا عارفون قدركَ
قال العفريت
فدخلت انا وقتها في جوف الصنم بجهلي وقلة معرفتي بسليمان ابن داود عليه السلام فاجبته علي شعره قائلا ...
اما انا فلست منه خائفـا ... وان يرد حربي فاني اليه زاحفا
فلست القاه بقلب راجفـا ... لانـنـي بكـل امـر عـارفــا
وانني للروح منه خاطفا
قال صاحب الحديث فلما سمع الملك شعري قوي قلبه علي حرب سليمان ونفر في وجه الرسول ورده رداً شنيعاً وقال له قل لسليمان لقد اوهمته نفسه بالمحال وزور الاقوال فليجهد جهده وان لم يسير الي والا سرت اليه !
تابعوا معنا بقية القصة... ان شاء الله
تعليق