شعب ما بين النهرين
ـ ككل شعب بدائي قدس شعب ما بين النهرين مظاهر الطبيعة ، فعبدوا القوى الكامنة
ورائها ، كحرارة الشمس او قوة المياه او الطوفان احيانا ( ملحمة كلكامش )
وعنها اخذت قصة الطوفان ايام نوح .
فكان طبيعي في بلاد خصبة ان يؤله الخصب في الدرجة الاولى .
ولقد احتفظ سكان مابين النهرين في المراحل التاريخية بآلهتهم ، فنرى البابليون
يحتفظون بآلهة سومر وآكاد ولكنهم جعلوا (مردوخ ) اله بابل في مقدمة آلهتهم ،
والآشوريون جعلوا (آشور ) في المقدمة وكانت الالهة (عشتار) ملازمة له .
ولقد تعددت الآلهة بتعدد المدن ـ (انو) اله السماء (انليل ) اله الارض (ايا)
اله المياه الجوفية (شمش ) اله الشمس (سين) اله القمر (ادد) اله الطبيعة ،
واضافت كل دولة اله خاص بها ، مثل (مردوخ)(آشور)(عشتار)(نبو).
وفي المرتبة الثانية : كرم سكان ما بين النهرين انصاف الآلهة مثل كلكامش ).
فنون النحت والبناء
ـ في مجال النحت اهتم الفنانون في بلاد ما بين النهرين في ابراز معالم الوجه
وتقاسيمه ، فأتى التمثال مطابقا لاوصاف صاحبه ، فبرع السومريون بالحفر والتطعيم
بالعاج ، واتقنوا صناعة الخزف ، ولقد اختلفت الاشكال في المراحل التاريخية في
ما بين النهرين ، فالشكل المحبب لدى السومريون لم يظهر في التماثيل البابلية ،
وجسد الآشوريون في نماذجهم كل ما يمثل القوة ، كالاسد والثيران المجنحة ،
فنانوهم تفاصيل الوجه والعضلات المفتولة للدلالة على القوة ، بينما يسترون بقية
الجسم برداء فضفاض ، ومن هذه الفنون الآشورية قبس الفرس فيما بعد اشكال
تماثيلهم .
وفي فن العمارة، اعتمد البنائون على الطين المجفف او اللبن ، وكلاهما اصل صناعة
الآجر فشووا الحجارة في الافران حتى غدت قاسية ، ومن اهم اشكال العمارة
واشهرها: قصر (خورساباد) في نينوى عاصمة الآشوريون ، وقصر بابل في العهد
الكلداني ، وقصر نبوخذنصر ، وبرج بابل بجنائنه المعلقة ، ومن الابنية الدينية
وعرفت بالمعبد باسم (الزاقورة) .
ـ خلفت حضارة ما بين النهرين الكثير من الآثار الفكرية ، وحفظ معظمها في مكتبة
آشور بانيبال ، وتقدموا في العلم فتركوا منجزات لا نزال نقرها في حياتنا
اليومية ، وعبرت عن آدابها بالعديد من الاساطير والملاحم .
فالسومريون دونوا افكارهم فوضعوا اسس الكتابة وطورها الاكاديون من بعدهم وعرفت
بالكتابة المسمارية .
وكتبت الاعمال الادبية والتي تناولت الرثاء بشكل اناشيد .
ولقد كان التشريع والقانون من اهم هذه الآثار التي اهتموا بها واهم ذلك (قانون
حمورابي) فجمع 282 مادة تشريعية ، وتبنى هذه القوانين الآشوريون ليصبح قانون
الدولة الرسمي .
التقويم
ـ انبثق معرفة سكان ما بين النهرين بمعرفة التقويم بألمامهم بالتنجيم .
ويبدأ العام في الربيع ببداية نيسان ، فترة انتعاش الطبيعة ، وقسمت السنة الى
فصلين ، ويبدأ احدهما في نيسان والثاني في (تشريت ) (تشرين الاول ) .
الفصل الاول : نيسان آذار ـ نيسان ) ايار : (نيسان ـ ايار) سيوان : (ايار ـ
حزيران) تموز : ( حزيران ـ تموز ) آب : (تموز ـ آب ) ألول (أب ـ ايلول) .
الفصل الثاني : تشريت : (ايلول ـ تشرين الثاني) حسامنا : (تشرين الاول ـ تشرين
الثاني) كسيمو : (تشرين الثاني ـ كانون الاول ) تابت : (كانون الاول ـ كانون
الثاني ) شباط : (كانون الثاني ـ شباط) آذار : (شباط ـ آذار ) .
الاعداد والمقاييس
ـ لقد تم تطوير العد ونظام العد الرقمي ، بحيث يتم العد الى الستون ، ويظهر
اعتماد النظام الستيني في تقسيم الساعة الى ستين دقيقة ، والدقيقة الى ستين
ثانية ، كذلك المثقال يساوي ستين وزنة ، والوزنة ستين حبة ، (والشكلو) (180)
حبة ، وجاء مكملا للنظام الاثني عشري ، لا ناقصا له ، كقسمة اليوم الى اثني
عشرة فترة (مدة كل منها ساعتان) والاعداد الى دزينات (12 وحدة) وكل خمس دزينات
تساوي العدد ستين ، ونحن اليوم اذ نشتري (بالرطل) (12 اوقية) انما نطبق هذا
النظام الذي كان يطبقه سكان ما بين النهرين منذ اكثر من 5300 سنة!
الطب
ـ كانت مهنة الطب مرادفة في اغلب الاحيان لكهنة المعابد ، وكانت معلوماتهم
اولية ، ومن اجل تنظيم مهنة الطب فلقد وضعت شروط قاسية لمن يمتهنها بحيث كان
يعاقب كل طبيب يخطئ بالوصفة او يجري عملية تودي بحياة المريض ، ولقد نظم الملك
حمورابي قانون مهنة الطب ، ولقد اقتبس الآشوريون الوسائل العلمية الفرعونية ،
وفصلوا بين المفهومين الديني والعلمي ، وغدا للطب مهنة مستقلة وقربهم الملوك
منهم نظرا للحاجة لهم .
المحتمع والجيش
ـ كان الملك هو رأس المجتمع ، وصاحب السلطة الزمنية ويمثل الاله على الارض ،
دون ان يتخذ وصفة الألوهية ، وينقسم المجتمع الى ثلاثة طبقات :
1 ـ الاحرار: وقد اعتبرهم حمورابي العنصر الرئيسي ، والعائلة لديهم نواة
المجتمع ، وتأسيس العائلة يمر بنفس المراحل التي نعرفها اليوم ، كالخطوبة تسبق
الزواج والانجاب غاية الزواج .
2 ـ المساكين : (مشكينو) اي الفقراء وحياتهم اليومية هي العمل المستمر في
الحقول والري والعناية بالاقنية ، فيعتنون عادة باراضي الملك او المعبد او
الاقطاعي .
3 ـ العبيد : وهم الطبقة الدنيا والأخيرة ، وهم ملك لاسيادهم ، ووصلوا الى هذا
الامر اما عن طريق الاسر في الحروب او البيع ، ولقد انيط بهم تنفيذ الاعمال
الشاقة والمهن الوضيعة .
ـ الكهنة: تميز الكهنة بسلطة قوية ايام السومريون ، فالملك السومري هو الكاهن
في الوقت ذاته ، واخذت سلطة رجال الدين تتضاعف ، نتيجة لاعتقاد الناس بالسحر
والتنجيم والطلاسم ، واصبحت استشارتهم واجبا في حال انتقال الحكم من السلف الى
الخلف ، وهذا لم يمنع من الاعتراف بالملك كاهنا اعلى ، دون ان تكون له صفة
الهية ، وتضم حاشيته عددا كبيرا من كهنة البلاط ، وفي مرتبةادنى كهنة المعابد
ولهم مرتبة معنوية لانهم ربطوا بين الطب والدين ويفسرون مشيئة الآلهة في اختيار
العرش وفي تأدية النصح اذا كانت الظروف ملائمة للحرب .
ـ الكتبة والموظفون:
يؤخذ الكتبة من بين الكهنة ، ومن بين الكتبة يؤخذ الموظفون الكبار ، ومع اتساع
رقعة الامبراطورية اشتدت الحاجة الى الموظفين ، ونشط التراسل العاصمة
والمقاطعات ، وانتشرت الكتابة المسمارية خارج بلاد الرافدين ، وبلغ عدد
الموظفين في ايام حمورابي عشرات الآلاف ، اما الآشوريون فقد اختصروا المعاملات
الادارية وبسطوها ، لان الحكم عسكري والمعاملات الادارية تناط بالجيش .
ـ الجيش :
لم يتطور الجيش الا مع الآشوريون وفي هذا الوقت وصلت الفتوحات الى البحر
المتوسط ، واتسعت امبراطورية ما بين النهرين لتكون الاكبر والاقوى ، وكان يرأس
الجيش الملك نفسه ، او قائد من قبله يدعى (تورتان)
الاختصاصات في الجيش :
1 ـ المشاة :
عددهم وفير سلاحهم القسي والحراب والسيوف يتقون الطعن بالخوذة والدروع ، يجهزون
القوارب ليجتازوا الانهار وهذا ما يتيح السرعة في الحركة والمناورة ويعزز عنصر
المباغتة .
2 ـ الخيالة :
وهي فرقة مستحدثة لدى الآشوريون ، اعتمادها على سرعة الهجوم والالتفاف تكتفي
بما خف من السلاح .
3 ـ الهندسة :
وتبرز مهمتها في حرب الحصار ، مجهزة بسلالم لتسلق الاسوار وبمدكات ضخمة لتحطيم
ابواب القلاع والحصون ، يلبس افرادها الدروع كحاجز وقائي ، ولهذه الفرقة مهمتها
ايام السلم ايضا فهي التي تمهد الطرقات وتبني الجسور .
4 ـ المركبات :
ويجر المركبةجوادان او ثلاثة ، فعاليتها في الصدام مع العدو وهو سلاح مصمم
للهجوم واقتحام الصفوف ، يقف فيه جنديان احدهم يقود والثاني يرمي السهام.
5 ـ البحرية:
اعتمد الآشوريون على الفينيقيون في انشاء اسطول حربي لكثرة الخشب في جبل لبنان
، والسفن المعدة للصدام مقدمتها دقيقة ومنخفضة وظيفتها اختراق سفن العدو ، اما
ما كان منها مخصصا لنقل الجنود والاعتدة فله مقدمة عالية تمثل رأس حيوان .