اكاذيب محرقة اليهود
بعملية بحث بسيطة على الانترنيت نصل الى العديد من المواقع التي تنفي حدوث عمليات الابادة الجسدية لليهود من قبل الالمان، في الحرب العالمية الثانية. المواقع تنفي حدوث القتل بالغاز وتصر على ان عدد القتلى بين اليهود كانت اقل بكثير مما هو معلن. غير ان هذا النفي لايمكن ان يصمد للحقائق، وفي الاصل فهو لايقوم على الحقيقة اصلا.
على الرغم من ان الابادة الجماعية جرى البرهنة على حدوثها من خلال آلاف الشهود من الضحايا والجنود والتحقيقات الرسمية، الا انه لازال هناك من ينكر حدوثها، تماما كما اصبح هناك من ينكر مسؤولية القاعدة عن جريمة التفجير في نيويورك وقتل المدنيين.
قبل انتحار رئيس الاس اس Heinrich Himmler في عام 1945 ادعى بكل اصرار ان يهود اوروبا ماتوا موتا طبيعيا في معسكرات الاعتقال بسبب الامراض المعدية. هذا الادعاء هو الذي شكل الاساس الذي بنى عليه من نفى حدوث الابادة الجماعية نظريته. الفرنسي Paul Rassinier, كان من اوائل من نفى حدوث الابادة في كتابه "Le Passage de la Ligne" (تعدي الحدود) من عام 1948 وجاء فيه انه بالتأكيد حدثت حوادث فردية للقتل والخنق بالغاز ولكنه امور حدثت من قبل المتطرفين ولم تكن سياسة النازيين.
يكتب قائلا:" لم يحدث ابدا في اي وقت ان الادارات الحكومية المعنية في الرايخ الثالث كانت لها النية في اعطاء اوامر - او اعطت او لم تعطي- بإبادة اليهود".
ومنذ نشر كتاب راسينير صار اتباع نظرية المؤامرة يزداد اعدادهم. وعلى الرغم من محاولة جعل النظرية مقنعة الا انها تتناقض مع الوقائع والمستمسكات والبراهين العلمية. حدوث الابادة جرى تأكيده من شهادات الاف الحراس النازيين ومن مئات آلاف الوثائق التي لم يلحق النازيين بإتلافها قبل انتهاء الحرب.
انكار حدوث الخنق بالغاز
احدى اكثر الاشاعات شيوعا بين الناكرين ان السرداب في معتقل Birkenau ، حيث كانت الافران، لم يمكن بالامكان استخدامه كغرف قتل بالغاز لان الابواب كانت تفتح للداخل ولن يكون بالامكان فتحها من الخارج إذا امتلئت الغرفة بجثث البشر.
غير ان هذه الحجة مبنية على مخططات غرف الحرق المبكرة Krematorium II i Auschwitz-Birkenau, حيث بالفعل كانت الخطة ان يفتح الباب الى الداخل.
غير ان المخططات اللاحقة تشير بكل وضوح الى ان الباب اصبح يفتح الى الخارج. التغيير جرى مع نشوء الرغبة بتحويل غرف الحرق الى غرف خنق ايضا وذلك في عام 1943. غير ان اتباع الانكار يختارون عدم رؤية المخططات اللاحقة والاستمرار بالنفي، بما فيه ان النازيين اوصوا على ابواب عازلة للغاز لغرف الحرق.
في البداية كان فقط المتشددين هم الذي يتفقون مع هذه الادعاءات ولكن في منتصف السبعينات تغيرت نوعية المتفقين بعد ان غير الناكرين من اساليبهم. الناكرين الجدد اصبحوا يصنعون مقالاتهم على شكل المقالات العلمية ويضيفون اليها اسماء نخبة من العلماء والمعاهد العلمية المعروفة. بعض الالقاب العلمية ، وليس جميعها، كانت مزورة، إضافة الى استخدام وثائق لدراسات معقدة ممتلئة بالمصطلحات الكيميائية والتكنيكية، وقسم منها مزور تماما، لخلق ترابط من اجل اقناع القارئ. ومع كثرة البراهين تملك مشتركا واحدا: تفاصيل جرى انتزاعها من سياقاتها لخلق رؤية جديدة.
الادعاء ان غاز زيلكون ب كان لمكافحة البق
يدعي الناكرين ان غاز ZyklonB يستخدم من اجل مكافحة البق وليس مناسبا لخنق البشر، وانه لو كان النازيين يرغبون.
غير ان الحقيقة المخيفة ان غاز الزيلكون اكثر فعالية على الانسان منه على البق. الانسان يموت بعد 5-10 دقيقة بعد استنشاقه للغاز بكثافة 300 جزء من المليون. في حين ان البق من الحشرات الباردة الدم والتبادل الخلوي لديها بطئ للغاية ولذلك تموت بعد بضعة ساعات من تعرضها للغاز بكثافة 16000 جزء من المليون. واستخدام غاز الزيليكون كان يملك افضلية اخرى: ان هذا الغاز كان يستخدم في المعسكر سابقا لمكافحة البق ولذلك فإن الاستمرار في شرائه واستخدامه لخنق البشر لن يثير شبهات.
سرداب للاموات وليس غرفة غاز
غرف افران الحرق جرى بنائها من اجل حرق الاموات الذين ماتواموتا طبيعيا ، مثل خلال انتشار وباء التيفوس، وليس غرف لخنق الناس. ان من يعرض صورا يدعي انها لغرف غاز في واقع الامر ليست الا سرداب لجمع الجثث في انتظار الحرق.
في الحقيقة ان الكثير من المعتقلين في معسكرات الاعتقال ماتوا فعلا بالتيفوس وامراض اخرى ولكن ليس بالحجم الذي يبرر بناء هذا العدد الكبير من الافران في معسكرات الاعتقال بما فيه Auschwitz. غير ان السراديب التي يدعي الناكرين انها لحفظ الجثث تحوي منظومة تدفئة وهو امر يتعارض مع كونها غرف لحفظ الجثث. منظومة التدفئة تحافظ على حرارة ثابتة بحدود 26-27 درجة مئوية وهي بالذات الحرارة التي يكون فيها غاز زيلكون الاكثر فعالية.
الادعاء ان الغاز مجازفة غير مبررة
النازيون لايمكن ان يكونوا قد استخدموا غاز زيلكون ب في غرف الافران لان الحرارة المرتفعة والغاز يؤدي الى حدوث انفجار.
في الواقع من الصحيح ان كميات كبيرة من الغاز في الهواء الى جانب حرارة الافران المرتفعة ستؤدي الى انفجار كبير. غير ان التجربة العملية اظهرت ان الكمية اللازمة لقتل البشر 200 مرة اقل من الكمية اللازمة لتسبيب الانفجار. وحتى لو استخدم النازيون كمية مضاعفة ( مرة او مرتين او حتى اربعة مرات) من الغاز لن يسبب ذلك اي خطورة عليهم.
اعداد اليهود التي ماتت في فترة الابادة مبالغ بها
يدعي الناكرون الى ان اعداد اليهود الذين ماتوا اثناء الابادة مبالغ بها للغاية. على الاكثر لايزيدون عن 200-300 الف شخص وماتوا لاسباب طبيعية.
غير ان الدراسات التي بحثت في هذا الامر توصلت الى رقم حد ادنى هو 3 مليون، في حين ان دراسات مختلفة اخرى تصل تقديراتها الى ستة ملايين. ناكري الابادة جلبوا ارقامهم من دراسة تدعى ”General Psychologus” غير انها لمؤلف مجهول، يقدم نفسه بإسم , Alexander Scronn. والغريب ان الكتاب جرى نشره عام 1965 في البرازيل وهي بلد هرب اليها العديد من النازيين بعد الحرب العالمية الثانية. المؤلف يدعي ان ارقامه مؤسسة على معطيات الصليب الاحمر غير ان الصليب الاحمر ينفي ذلك بإستمرار وينفي ان الوثائق المعروضة في الكتاب صادرة عنه. والصورة اعلاه احدى الوثائق المزورة التي اعتمد عليها الكتاب ونسبها الى الصليب الاحمر.
إدعاء ان حرق المليون مستحيل
يدعي الناكرين ان حرق الجثة الواحدة يتطلب ساعة كاملة وبالتالي سيكون من المستحيل حرق 1،1 مليون جثة على مدى 3-4 سنة التي وجدت فيها الافران في معتقل اوشويتز.
هذا الموقف كلاسيكي لدى ناكري الابادة وينطلقوا في إدعائهم من مقارنة عملية الحرق النازي مع عملية الحرق الجاري اليوم للاموات. يتناسى الناكرين ان العملية الحالية تهدف الى المحافظة على رماد الميت نظيفا من غير اختلاط لتقديمه لاهل المتوفي، ولذلك يجب اطفاء الفرن بعد كل عملية حرق لجمع الرماد بدون ان يختلط بالرماد التالي. هذا الامر لم يكن مهما مراعاته لدى النازيين الذين استخدموا اسلوبا صناعيا. عندما يجري تزويد الفرن بالجثث الجديدة على الدوام يحصل الفرن على متوسط حرارة اعلى ثابت إضافة الى ان الوقت الاكبر يذهب لعملية حرق الجذع.
هذا الامر لم يكن بخافي على النازيين ولم يكن من الصعب عليهم ايجاد حلا له. لقد امروا المعتقلين ان يدقوا جذع الجثث في المحارق بقضبان حديدية لتسريع احتراقها، حسب شهادة الباقين على قيد الحياة.
إدعاء ان هتلر لم يكن يعلم
يدعون ان هتلر لم يعلم بعملية الابادة وان الفكرة ليست فكرة النظام. هذا الادعاء قدمه المؤرخ العصامي البريطاني David Irving.
غير ان كراهية اليهود كانت العمود الفقري لكامل السياسة الهتلرية. في كلمته الى الصحفي Josef Hell عام 1919 قال:" عندما استلم السلطة ستكون ابادة اليهود اول واهم مهماتي".
على مدى فترة الحرب كانت عمليات نقل اليهود ومن ثم حرقهم يجري التحكم بها من قبل هيملر وهتلر، غير انه كقاعدة كان هتلر يوزع اوامره شفويا لثلة صغيرة من الاشخاص ولهذا السبب لاتوجد وثائق مكتوبة. مدير معسكر الاعتقال والحرق Rudolf Höss, ذكر في شهادته امام المحكمة انه، وقبل البدء بعمليات الابادة الجماعية، جرى دعوته الى اجتماع في برلين مع هملير، الذي قال:
" الفوهرر اعطى امرا بالحل النهائي للمسألة اليهودية. نحن في الاس اس سنقوم بتنفيذ الامر. مركز الابادة الموجود في الشرق في وضعه الحالي لايسمح بتنفيذ خطة العمليات الكبرى الموضوعة، لذلك قررت استخدام اوشويتز لهذا الغرض".
إدعاء عدم وجود ادلة على استخدام الغاز
يشيرون الى انه في حالة استخدام غاز زيلكون ب سيؤدي ذلك الى وجود آثار من الحمض الازرق على الجدران، غير ان الدراسات لم تجده.
وعلى الرغم من صحة النظرية الا ان الادعاء خاطئ من عدة وجوه. فمن جهة كان استخدام الغاز بكميات قليلة للغاية وبكثافة منخفضة ولفترة قصيرة. عادة كان الغاز في غرفة الافران لفترة 20-30 دقيقة على الاكثر، وهي فترة لاتكفي لخلق آثار.
إضافة الى ذلك ذكر اليهود الذين عملوا في غرفة الغاز انهم كانوا يقومون بحملة تنظيف شاملة بعد كل عملية اعدام جماعية، بأوامر من مدير المعتقل والاس اس بسبب ان الغرفة تصبح مغطاة بالبراز والبول والدم.
عام 1944 فجر النازيون غرفة الافران عند انسحابهم من Auschwitz. والاطلال كانت لسنوات عديدة تحت الماء جزئيا ولذلك فبقايا الغاز شطف مع الماء الى حد كبير بالمقارنة غرفة اخرى لازالت موجودة ويقدمها المعترضين للمقارنة. ومع ذلك فإن التحاليل العلمية تشير الى وجود آثار غاز زيكلون ب في الاجزاء الباقية من حيطان غرف الافران.
الذكريات تختفي ببطء
تقديرات الاختصاصيين انه لازال يعيش اليوم 35 الف شخص من الذين كانوا في معسكرات اعتقال الابادة الجماعية. اصغرهم عمره 70 عاما، وقريبا لن يكون منهم احد، القضية مسألة وقت.
العديد منهم يختار ان يسرد معايشته ومعاناته في معتقلات النازيين الالمان. واليوم يوجد يوم عالمي هو 27 يناير لتعظيم ضحايا النازية وقد جرى اختيار هذا التاريخ لانه اليوم الذي قام فيه الجيش السوفيتي بتحرير اليهود من معتقل Auschwitz.
توسيع معسكر الموت
في عام 1941 اصبح معسكر الاعتقال اوشويتز 1 صغير لايتسع للمعتقلين المتزايد عددهم. لهذا السبب جرى اجبار الاسرى الجدد على بناء شبكة تصريف للمياه في ارض تقع على بعد كيلومترين من المعسكر الاول لبناء معتقل اوشويتز 2 الذي اصبح اسمه Birkenau.
المعتقل كان يملك اربعة غرف غاز وافرانهم واصبح مركز الابادة الرئيسي لليهود في اوشويتز. في البداية لم يكن خط الحديد يدخل الى داخل المعتقل وانما كان ينتهي امام بوابته. عندما كانت عربات تحميل الحيوانات التي تنقل اليهود تصل الى المعتقل كان يجري تصنيفهم وتوزيعهم الى مجموعات.
جميع اغراض اليهود كان يجري مصادرتها ونقلها الى المخزن. بعد ذلك كان يجري ارسال الاصحاء والقادرين على العمل الى منطقة الحجر الصحي التي كانت مهمتها تحطيم الانسان نفسيا وجسديا وانهاكهم حتى يصبحوا خاضعين وغير قادرين على الرفض. بعد ذلك يجري ارسالهم الى القاوش حسب جنسهم. الاطفال والعجائز والغير قادرين على العمل يرسلوا على الفور الى غرف الغاز التي تقع في منطقة منفصلة. هذا المعتقل بقي في العمل حتى اغلاقه من قبل الجيش الاحمر عام 1944.
تعليق