تشميت العاطس
وكما أن للعاطس آدابا ًينبغي له أن يقوم بها ، ويتحلى بحسنها ، فكذلك على من كان بجواره ,وعلى مقربة منه أوسمعه, آداباُينبغي له يقوم بها ليكتمل بذلك الهدي النبوي ,والقيام بالأخلاق الإسلامية من الطرفين .
معنى التشميت:
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ (زاد المعاد 2/400): (فقال: شمته وسمته بالسين والشين فقيل: هما بمعنى واحد، قاله أبو عبيدة وغيره.
قال: وكل داعٍ بخير، فهو مُشمِّت ومُشَمَّت، وقيل بالمهملة دعاء له بحسن السمت,و بعوده إلى حالته من السكون والدعة، فإن العطاس يحدث في الأعضاء حركة وانزعاجاً.
وبالمعجمة: دعاء له بأن يصرف الله عنه ما يُشمت به أعدائه، فشمت إذا أزال عنه الشماتة، كقرد البعير: إذا أزال قُرادة عنه، وقيل: هو دعاء له بثباته على قوائمه في طاعة الله، مأخوذ من الشواميت، وهي القوائم، وقيل: هو تشميت له بالشيطان لإغاظته بحمد الله على نعمة العطاس).
وقال ( مفتاح دار السعادة : 618) يقال شمته إذا قال له: يرحمك الله وسمته بالمعجمة والمهملة وبهما روى الحديث, فأما التسميت بالمهملة فهو تفعيل من السمت الذي يراد به حسن الهيئة, والوقار فيقال: لفلان سمت حسن فمعنى سمت العاطس, وقرته ,وأكرمته وتأدبت معه بأدب الله ورسوله في الدعاء له, لا بأخلاق أهل الجاهلية من الدعاء عليه والتطير به , والتشاؤم منه, وقيل سمته دعا له أن يعيده الله إلى سمته قبل العطاس من السكون, والوقار, وطمأنينة الأعضاء فإن في العطاس من انزعاج الأعضاء ,
واضطرابها ما يخرج العاطس عن سمته ,فإذا قال له السامع: يرحمك الله فقد دعا له أن يعيده إلى سمته, وهيئته, وأما التشميت بالمعجمة فقالت طائفة منهم ابن السكيت وغيره: أنه بمعنى التسميت, وأنهما لغتان ذكر ذلك في كتاب (القلب, والإبدال) ولم يذكر أيهما الأصل ,ولا أيهما البدل , وقال أبو علي الفارسي: المهملة هي الأصل في الكلمة, والمعجمة بدل , واحتج بأن العاطس إذا عطس انتفش ,وتغير شكل وجهه, فإذا دعا له فكأنه أعاده إلى سمته ,وهيأته, وقال تلميذه ابن جني :لو جعل جاعل الشين المعجمة أصلا ,وأخذه من الشوامت , وهي القوائم لكان وجها صحيحا, وذلك أن القوائم هي التي تحمل الفرس ,ونحوه وبهما عصمته ,وهي قوامه فكأنه إذا دعا له فقد أنهضه ,وثبت أمره, وأحكم دعائمه ,وأنشد للنابغة
طوع الشامت من خوف ومن صرد ...
وقالت طائفة منهم ابن الأعرابي يقال :مرضت العليل أي قمت عليه ليزول مرضه ,ومثله قذيت عينه أزلت قذاها, فكأنه لما دعا له بالرحمة قد قصد إزالة الشماته عنه, وينشد في ذلك :
ما كان ضر الممرضي بجفونه ... لو كان مرض منعما من أمرضا
وإلى هذا ذهب ثعلب
وقال ابن حجر (الفتح 10/601): (وقال ابن العربي في (شرح الترمذي): تكلم أهل اللغة على اشتقاق اللفظين ولم يبينوا المعنى فيه وهو بديع، وذلك أن العاطس ينحل كل عضو في رأسه ,وما يتصل به من العنق ونحوه، فكأنه إذا قيل له رحمك الله كان معناه، أعطاه الله رحمة يرجع بها بذلك العضو إلى حاله قبل العطاس، ويقيم على حاله من غير تغيير، فإن كان التشميت بالمهملة فمعناه رجع كل عضو إلى سمته الذي كان عليه، وإن كان بالمعجمة فمعناه صان الله شوامته ـ أي قوائمه ـ التي بها قوام بدنه عن خروجها عن الاعتدال، قال وشوامت كل شيء قوائمه التي بها قوامه وهي رأسه وما يتصل به من عنق وصدر. أ.هـ ملخصاً أ.هـ .
تعليق