إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أهمية مسائل الإيمان

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    أحكام الردة

    الردة : هى الأنتقال من دين الإسلام إلى دين الكفر أو هو كفر بعد أسلام ، ويسمى المرتد كافرا أيضا ، وحيث ما يطلق يراد به الكفر الاكبر ، ولا تحدث الردة الا إذا أتى بناقص يخل بأصل الأيمان .

    قال أبوبكر الحصنى : ( الردة فى الشرع الرجوع عن الإسلام إلى الكفر و قطع الإسلام ويحصل تارة بالقول وتارة بالفعل وتارة بالأعتقاد وكل واحد من هذه الأنواع الثلاثة فيه مسائل لا تكاد تحصر ) [كفاية الأخيار : 223].

    قال الشيخ حمد بن عتيق النجدى رحمه الله : ( أن علماء السنة والحديث قالوا أن المرتد هو الذى يكفر بعد اسلامه أما نطقا أو فعلا أو أقرارا فقرروا ، لأن من قال الكفر كفر وأن لم يعتقده ولم يعمل به أذ لم يكن مكروها و كذلك أذا فعل الكفر ، كفر وأن لم يعتقده ولم يعمل به ولم ينطق به ، و كذلك أذا شرح بالكفر صدره أى فتحه ووسعه وأن لم ينطق بذلك ولم يعمل به ، وهذا معلوم قطعا من كتبهم ومن له ممارسة فى العلم فلابد أن يكون قد بلغه طائفة من ذلك ) [الدفاع عن أهل السنة و الاتباع : 20].

    قال أبن تيمية : ( فالمرتد من أتى بعد الإسلام من القول أو العمل بما يناقض الإسلام بحيث لا يجتمع معه ) [الصارم المسلول : 459].

    ويلاحظ :

    أولا : التعريفات - الأول والثاني - هو تعريف الردة على الحقيقة أى فى الدنيا والأخرة أما فى أحكام الدنيا فلا تحكم بالردة الا بقول أو فعل .

    وثانيا : أقتصر بعض العلماء على أسباب الكفر الثلاثة : قول أو فعل أو أعتقاد ، و زاد بعضهم الشك ، تميزا للشك من الأعتقاد ، مع ان كلاهما من أعمال القلب ، و منهم من زاد أو " ترك " وأن كان الترك فعلا على الصحيح من قول الاصول .

    ومن الأدلة على ما سبق :

    قال تعالى : { و أرتابت قلوبهم وهم فى ريبهم يترددون } ، وقال تعالى : { ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا و الاخرة واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون } ، قال تعالى : { كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات و الله لا يهدى القوم الظالمين } ، قال تعالى : { يا أيها الذين أمنو أن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد أيمانكم كافرين } .

    وقال صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذى بيننا بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ).

    أنواع الردة :
    والردة تنقسم إلى نوعين باعتبار المرتبة :

    1- ردة مجردة .
    2- ردة مغلظة .

    قال أن تيمية : ( الردة نوعان : ردة مجردة وردة مغلظة والتوبة هى مشروعة فى الردة المجردة ) [الصارم المسلول].

    الردة المجردة :هى ردة لايتبعها أذى ولا حرب ولا شتم للاسلام والمسلمين ومن كانت ردته هذا وصفها فانه يستتاب فأن تاب وعاد عن كفره كان خيرا و ألا قتل .

    روى الأمام أحمد فى مسنده عن إبن عباس : أن رجلا من الأنصار أرتد عن الإسلام ولحق بالمشركين فأنزل الله تعالى : { كيف يهدى الله قوما كفروا بعد أيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لايهدى القوم الظالمين } ، إلى قوله تعالى : { ألا الذين تابوا من بعد ذلك و أصلحوا فأن الله غفور رحيم } ، فبعث بها قومه اليه فرجع تائبا فقبل النبى صلى الله عليه وسلم منه وخلى عنه .

    وعن محمد بن عبدالله بن عبد ألقارى قال : ( قدم على عمر ابن ألخطاب رجل من قبل ابو موسى ألآشعرى فسأله عن الناس ، ثم قال : هل من مغربة خبر ؟ ، قال : نعم ، رجل كفر بعد أسلامه . قال: فما فعلتم به ، قال : قربناه فضربنا عنقه ، قال عمر : فهلا حبستموه ثلاثا و أطعمتموه كل يوم رغيفا وأستتبتموه لعله يتوب ويرجع إلى أمر الله ، اللهم أنى لم أحضر ولم أمر ولم أرض أذ بلغنى ) [رواه الشافعى ومالك وصححه : الصارم المسلول].

    وعن عبدالله بن عنبه قال : ( أخذ ابن مسعود قوما أرتدوا عن الإسلام من أهل العراق ، قال ؛ فكتبت فيهم إلى عثمان أبن عفان فكتب اليه أن أعرض عليهم دين الحق و شهادة أن لا اله الا الله فأن قبلوا فخل عنهم فأن لم يقبلوا فأقتلهم ، فقبلها بعضم فتركه ، ولم يقبلها بعضهم فقتله ) [الصارم المسلول].

    الردة المغلضة : وهى ردة يتبعها أذى وقتل وشتم للنبى صلى الله عليه وسلم وحرب للأسلام والمسلمين ، وهذه الردة لا يستتاب صاحبها ولا تقبل توبته بعد القدرة عليه ولا يعامل معاملة الردة المجردة .

    فعن أنس رضي الله عنه قال : ( قدم على النبى صلى الله عليه وسلم نفر من عكل فأسلموا فأجتووا المدينة فأمرهم أن يأتوا أبل الصدقة فيشربوا من أبوالها و ألبانها ففعلوا فصحوا فأرتدوا فقتلوا رعاتهم و أستاقوا الأبل ، فبعث فى أثارهم ، فأوتي بهم ، فقطع أيديهم و أرجلهم وسملت أعينهم ثم نبذوا فى الشمس حتى ماتوا ) .

    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه ، جاء رجل فقال ؛ أن ابن خطل متعلق بستار الكعبة ، فقال ؛ أقتلوه ، وهذا ما أستفاض نقله من بين أهل العلم و أتفقوا عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هدر دم أبن خطل يوم الفتح فيمن هدر و أنه قتل [الصارم المسلول :135].

    وعن مصعب بن سعد عن سعد بن أبى وقاص قال : لما كان يوم فتح مكة أختبىء عبدالله بن أبى سرج عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فجاء به حتى أوقفه على النبى صلى الله عليه وسلم فقال ؛ يارسول الله بايع عبد الله ، فرفع رأسه فنظر اليه ثلاثا ، كل ذلك يأبى ثم بايعه بعد ثلاث ، ثم أقبل على أصحابه ، فقال ؛ ( أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا ، و أني كففت يدي عن بيعته فيقتله ، فقالوا ؛ ما ندرى يارسول الله ما فى نفسك ألا أومات الينا بعينيك ، قال ؛ أنه لا يكون لنبي أن تكون له خائنة أعين ) [رواه أبو داود بأسناد صحيح].

    قال أبن تيمية معلقا : ( فوجه الدلالة أن عبدلله بن أبى السرح أفترى على النبى صلى الله عليه وسلم على أنه كان يتمم له الوحى ويكتب له ما يريد فيوافقه عليه أنه يصرفه حيث يشاء و يغير ما امره به من الوحى فيقره على ذلك ، و زعم أنه ينزل مثل ما أنزل الله أذ كان قد أوحى اليه فى زعمه كما أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى كتابه ، والأفتراء عليه بما يوجب الريب فى نبوته قدر زائد على مجرد الكفر به و الردة فى الدين ) [الصارم المسلول : 115].

    قال أبن تيمية فى المرتد : ( فرق بين الردة المجردة فيقتل الا أن يتوب ، وبين الردة المغلظة فيقتل بلا أستتابة ) [مجموع الفتاوى : 153].

    تعليق


    • #17
      حكم الاستتابة وتوبة المرتد

      قال أبن قدامه رحمه الله : ( لايقتل المرتد حتى يستتاب ثلاثا ، هذا قول أكثر أهل العلم منهم عمر وعلى وعطاء و النخعى ومالك والثورى و الأوزاعى و أسحاق و أصحاب الرأي .

      وروي عن أحمد رواية أخرى أنه لا تجب الاستتابة لكن تستحب ، وهذا القول الثانى للشافعي وهو قول عبيد بن عمر وطاوس ويروى عن الحسن لقوله صلى الله عليه وسلم ( من بدل دينه فأقتلوه ) ولم يذكر الأستتابة .

      وروي أن معاذ رضي الله عنه لما قدم على أبو موسى الأشعري رضي الله عنه القى له وساده قال : أنزل ، فأذا رجل عنده موثوق قال : ما هذا ؟ قال كان يهوديا فأسلم ثم تهود فال : أجلس ، قال : لا أجلس حتى يقتل قضاء رسول الله صلى اله عليه وسلم ثلاث مرات فأمر به فقتل [متفق عليه] ، ولم يذكر الاستتابة و لانه يقتل فلا تجب أستتابته كالاصلي .

      ولنا حديث أم مروان وروى مالك فى الموطا عن عبدالله بن عبدالقاري عن ابيه : ( انه قدم على عمر أبن خطاب رجل من قبل ابو موسى ألآشعرى ، قال له عمر ؛ هل كان من مغربة خبر ؟ قال ؛ نعم رجل كفر بعد أسلامه ، قال ؛ فما فعلتم به ؟ ، قال ؛ قربناه فضربنا عنقه ، قال عمر ؛ هلا حبستموه ثلاثا فأطعمتموه كل يوم رغيفا وأستتبتموه لعله يتوب أو يراجع أمر الله ، اللهم أنى لم أحضر ولم أمر ولم أرض أذ بلغني .

      ولو لم تجب أستتابتهم لما برء من فعلهم ) [المغنى :18 / 124 – 125].

      قال الشيخ محمد نجيب المطيعى فى تكملة المجموع : ( فهل الأستتابة مستحبه أم واجبة ؟ فيه قولان ، قال الشيخ أبو حامد هما وجهان ؛ أحدهما أنها مستحبة ، و به قال أبو حنيفة لقوله صلى الله عليه وسلم : " من بدل دينه فأقتلوه " فأوجب قتله ولم يوجب الأستتابة ) إلى قوله : ( الثانى : أن الاستتابة واجبة لقوله تعالى { قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } ، فأمر الله بمخاطبة الكفار بالأنتهاء ولم يفرق بين الأصلى والمرتد .

      وبالقول الأول قال عبيد بن عمير وطاوس والحسن و أحمد فى أحدى رواياته و بالقول الثاني قال عطاء والنخعي ومالك والثوري و الأوزاعي و أصحاب الرأي .

      و قال الشوكاني بعد الوجوب ، وقال أهل الظاهر يقتل فى الحال ونقله أبن منذر عن معاذ ، وعليه يدل تصرف البخاري فأنه أستظهر بالأيات التى لا ذكر للأستتابة فيها و التي فيها أن التوبة لا تنفع وبعموم قوله صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فأقتلوه " و بقصة معاذ المذكورة و لم يذكر غير ذلك .

      و قال الطاوى رحمه الله فى شرح معانى الأثار : " ذهب هؤلاء إلى أن حكم من أرتد عن الإسلام حكم الحربى الذى بلغته الدعوة فأنه يقاتل من قبل أن يدعى ، قالوا : أنما يشرع الأستتابة لمن خرج عن الإسلام لا عن بصيرة فأما من خرج عن بصيرة فلا ، ثم نقل عن أبى يوسف موافقتهم " ) [المجموع : 21 / 78 ، الفتح البارى : 12 : كتاب أستتاية المرتدين] .

      قلت :
      والقول للشيخ محمد نجيب ، والراجح والله تعالى أعلم عدم وجوب الاستتابة ، فأن الأدلة عند التحقيق ليس فيها تصريح بأشتراط الأستتابة قبل قتل المرتد ، أدلة وجوب قتل المرتد عامة فيمن استتيب و غيره ، ولكن تعرض التوبة على من ارتد فأن تاب والا قتل وليس ذلك على سبيل الايجاب و لكن على سبيل الندب .

      وقد حكى أبن ألقصار من المالكية أجماع الصحابة على وجوب الأستتابة - يعنى الأجماع السكوتي - نقله عنه القاضي عياض فى " الشفا " وحكى لأبن تيمية أيضا هذا الأجماع فى " الصارم " [الصارم المسلول : 323].

      وهذا الأجماع منقوص بما ذكره أبن المنذر عن معاذ رضي الله عنه ، و بما ذكره الحافظ أبن حجر فى كلامه على موضوع الأستتابة حيث نقل عن أبن عباس و عطاء أنهما قالا : ( أن كان أصله مسلما لم يستتب وألا أستتيب ) .

      وكذلك فأن نقل أجماع ألائمة منقوص بما نقله أبن قدامة عن أحمد و الشافعى ، حيث قال أبن قدامة رحمه الله : ( وروي عن أحمد رواية أخرى أنه لا تجب الأستتابة لكن تستحب ، وهذا القول الثاني للشافعي ) ، و قال أبن قدامة أيضا : ( ويروى عن عبيد أبن عمير و الحسن و طاوس ) .

      كيقية توبة المرتد :
      وعلى القول بالوجوب أو الأستحباب فأن توبة المرتد تكون بأتيانه بالشهادتين ورجوعه عما كفر به .

      فأن كان ردته بسبب عمل أو قول أو أعتقاد مكفر فأنه يجب عليه أن يرجع عنه ويقر بما جحده أو رده ويحرم ما أستباحه و على ذلك أجمعت كلمة العلماء .

      قال أبن حجر رحمه الله : ( قال البغوى - فى بيان توبة الكافر - فإن كان كفر بجحود واجب أو أستباحة محرم فتحتاج إلى أن يرجع عما أعتقده ) [فتح البارى : 12/ 279].

      قال الشيرازى : ( وأن أرتد بجحود فرض أو أستباحة محرم لم يصح أسلامه حتى يرجع عما أعتقده ويعيد الشهادتين لانه كذب الله وكذب رسوله صلى الله عليه وسلم بما أعتقده فى خبره فلا يصح أسلامه حتى يأتى بالشهادتين ) .

      وقال المطيعى رحمه الله - فى تكملة المجموع شرح المهذب - : ( وأن أرتد بجحود فرض مجمع عليه كالصلاة أو الزكاة أو باستباحة محرم مجمع عليه كالخمر والخنزير والزنا لم يحكم باسلامه حتى ياتى بالشهادتين و يقر بوجوب ما جحد وجوبه وتحريم ما أستباحه لانه كذب الله وكذب رسوله صلى الله عليه وسلم بما أخبر به فلا يحكم بأسلامه حتى يقر بتصديقهما بذلك ) [المجموع :شرح المهذب : 21 /231].

      وقال أبن مفلح رحمه الله : ( قال شيخنا -يعنى شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله - : ( أتفق الأئمة أن المرتد أذا اسلم عصم دمه وماله و أن لم يحكم به حاكم ) .

      تعليق


      • #18
        الإيمان والكفر عند المخالفين لأهل السنة

        الخوارج = الأعمال كلها شرط صحة فى الأيمان .

        المرجئة = هو التصديق والأعمال شرط كمال فيه .

        الأشاعرة = هو التصديق والأقرار شرط .

        الجهمية = هو المعرفة .

        الكرامية = هو قول اللسان فقط .

        فقهاء الأحناف -مرجئة الفقهاء - = تصديق باللسان والأقرار باللسان .

        ونبحث فى درسنا هذا مسئلة الأرجاء لأهميتها فى هذا العصر :

        الأرجاء :
        لغة : هو التأخير ، قال تعالى { أرجه وأخاه } .

        أصطلاحا : هو تأخير الأعمال عن الأيمان .

        أدلة المرجئة :
        قال القاضى أبو بكر الباقلانى فى التمهيد : ( فأن قالوا خبرونا ما الأيمان عندكم ؟ قيل الأيمان هو التصديق بالله وهو العلم . والتصديق يوجد فى القلب ، فأن قال ؛ ما الدليل على ما قلتم ، قيل ؛ اجماع أهل اللغة قاطبة على أن الإيمان قبل نزول القرآن وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم هو التصديق لا يعرفون فى اللغة أيمانا غير ذلك ، ويدل على ذلك قوله تعالى { وما أنت بمؤمن لنا } أي بمصدق لنا .

        ومنه قولهم : فلان يؤمن بالشفاعة ، و فلان لا يؤمن بعذاب القبر ، أي لا يصدق بذلك ، فوجب أن الإيمان في الشريعة هو الأيمان المعروف فى اللغة ، لان الله ما غير اللسان العربي ولا قلبه ، ولو فعل ذلك لتواتر الأخبار بفعله ، و توفرت دواعي الأمة على نقله ولغلبه أظهاره على كتمانه وفى علمنا أنه لم يفعل ذلك بل أقرار أسماء الأشياء والتخاطب بأمره على ما كان دليل على أن الأيمان في الشريعة هو الأيمان اللغوي ، ومما يبين ذلك قوله تعالى { وما أرسلنا من نبى الا بلسان قومه ليبين لهم } ، وقوله : { أنا جعلناه قرءانا عربيا } ، فأخبر أنه أنزل القرآن بلغة العرب وسمى الأسماء بمسمياتهم ولا للعدول بهذه الأيات عن ظواهرها بغير حجة لا سيما مع القول بالعموم وحصول التوفيق على أن القرءان نزل بلغتهم ) [التمهيد : 346].

        والرد على ذلك :

        أولا : أن ما نقل عن الأجماع ، فنقول من هم و أين ذلك ؟

        ثانيا : لا يعرف من جميعهم أنهم قالوا أن الأيمان فى اللغة التصديق .

        ثالثا : أن نقلهم لم يكن عن تواتر فهم احاد لا يثبت بالتواتر و أين التواتر الموجود فى القرءان .

        رابعا: لم يذكر شاهد من كلام العرب وأنما أستدل بكلام الناس فلان يؤمن بالشفاعة و فلان وغيره .

        خامسا: " لا يعرفون فى اللغة للإيمان قول غير ذلك " ، من أين له هذا النفي الذى لا يمكن الأحاطة به بل هو قول بلا علم [كتاب الأيمان : 121].

        سادسا : أنه لو فرض أن الأيمان فى اللغة التصديق فمعلوم أن الأيمان ليس هو التصديق بكل شىء بل بسبب مخصوص وهو ما أخبر به الرسول صلى الله عليه و سلم فيكون أخص من الأيمان فى اللغة - دلالة عدم الترادف بين اللفظين -

        سابعا : أن لفظ الإيمان ليس مرادف للفظ التصديق لأن لفظ الأيمان فى اللغة لم يقابل التكذيب كلفظ التصديق ، فأنه معلوم أن كل مخبر يقال له صدقت أو كذبت ، ويقال صدقناه او كذبناه ، ولا يقال لكل مخبر أمنا له أو كذبناه ، ولا يقال أنت مؤمن له أو مكذب له ، بل المعروف فى مقابلة الإيمان لفظ الكفر ، يقال هو مؤمن أو كافر ، والكفر لا يختص بالتكذيب [كتاب الأيمان : 277].

        وقولهم " أن الأيمان فى اللغة هو التصديق ، هو باق على معناه اللغوي ولم ينقل عنه فوجب أن يكون ذلك فى الشرع " .

        جوابه : ( ينبغى أن يعلم أن الالفاض الموجودة فى القرءان والحديث أذا عرف تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يحتج فى ذلك أن الأستدلال بأقوال أهل اللغة ، فأسم الصلاة و الزكاة والصيام و الحج ونحو ذلك قد بين الرسول مايراد بها فى كلام الله ورسوله ، و أسم الإيمان والإسلام والنفاق والكفر هي أعظم من هذا كله ، فالنبى صلى الله عليه و سلم قد بين المراد بهذه الألفاظ بيانا لا يحتاج معه إلى الأستدلال على ذلك بالأشتقاق و شواهد العرب ) [كتاب الأيمان : 271].

        وأذا فرض لأنه مرادف للتصديق بقولهم ان التصديق لا يكون الا بالقلب واللسان .

        الجواب : بل الأفعال تسمى تصديقا كما ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه و سلم : ( العينان تزنيان و زناهما النظر و الأذن تزنى و زناها السمع و اليد تزنى و زناها البطش و الرجل تزنى و زناها المشى والقلب يتمنى ذلك ويشتهيه والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) .

        وعن ألحسن البصرى قال : ( ليس الأيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ماوقر فى القلب وصدقه العمل ) .

        وقوله تعالى : { اليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه } .

        مفهوم الكفر عند المرجئة :
        لما حصر المرجئة الإيمان فى التصديق فقط ، حصروا الكفر بالجهل والتكذيب فقط .

        قال الباقلانى فى تعريف " الكفر " : ( هو ضد الأيمان وهو الجهل بالله و التكذيب به الساتر لقلب الأنسان ) [التمهيد : 202].
        قال النسفى : ( الكفر والتكذيب والجحد يكونان فى القلب ) [التمهيد : 100].

        قال أبن تيميه رحمه الله : ( ومن أستهزء بالله وأياته ورسوله فهو كافر باطنا وظاهرا ، و أن من قال أن هذا قد يكون في الباطن مؤمنا بالله و أنما هو كافر في الظاهر ، فأنه قال قولا معلوم الفساد بالضرورة من الدين ، و قد ذكر كلمات الكافر فى القرءان و حكم بكفرهم ، فالقلب أذا كان معتقدا صدق الرسول و أنه رسول الله و كان محبا لرسول الله معظما له أمتنع أن يلعنه أو يسبه فلا يتصور ذلك منه الا مع نوع مع الاستخفاف به ، فعلم أن مجرد أعتقاد أنه صادق لايكون أيمانا الا مع حبه و تعظيمه بالقلب ) [الصارم المسلول].

        الإيمان عند مرجئة الفقهاء و الوعيدية :

        مرجئة الفقهاء :
        ويطلق هذا المصطلح على الأمام ابى حنيفة وأصحابه ، بسبب موافقتهم المرجئة بأخراج الأعمال عن مسمى الأيمان ، وهو قول شيخ ابي حنيفة حماد بن أبي سلمان .
        وقالوا : ( ان الأيمان هو الأقرار باللسان والتصديق بالجنان و جميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق ) ، قال الشارح : ( وذهب كثير من أصحابنا إلى ماذكره الطحاوى ) [شرح العقيدة الطحاوية : 373].

        قال أبن تيمية : ( وهؤلاء معروفون مثل حماد أبن سليمان وأبى حنيفة و غيرهما من فقهاء الكوفة كانوا يجعلون قول اللسان و أعتقاد القلب من الإيمان ) [كتاب الأيمان : 114].

        الوعيدية :
        و نقصد به الذين يغلبون جانب الخوف والوعيد على جانب الرجاء و الوعد و أبرزهم : الخوارج ، الرافضة ، المعتزلة .

        أما الخوارج : فان الإيمان هو التصديق بالطاعة والعمل بها فمن ترك شيئا من ذلك أو أرتكب ما حرم الله عليه أو ترك ما اوجب الله عليه خرج من الإيمان و حل بضده - كالأزارق ، والصفرية ، النجدات - و بعضهم يكفر بالصغائر أيضا كالبهيية والأخنسية .

        أما الأباضية : قالوا ان جميع ما أفترض الله سبحانه وتعالى على خلقه إيمان ، و ان كل كبيرة فهو كفر نعمة لا كفر شرك و ان مرتكب الكبائر فى النار خالد مخلد فيها .

        وقالت المعتزلة : ( عن الأيمان عند أبى على و أ بى هاشم عبارة عن أداء الطاعات والفرائض دون النوافل و أجتناب المقبحات ، وعند أبي الهذيل عبارة عن أداء الطاعات الفرائض منها و النوافل و أجتناب المقبحات وهو الصحيح من المذهب ) [شرح الاصول الخمسة : 707] ، وقالوا عن مر تكب الكبيرة أنه مخلد فى النار فى الاخرة يطلق عليه منزلة بين منزلتين فى الدنيا .

        تعليق


        • #19
          الذنوب

          و تقسم الذنوب إلى كبائر و صغائر ، لقوله تعالى : { أن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } .

          قال القرطبي : ( لما نهى تعالى فى السورة على أثام هي كبائر وعد على أجتنابها التخفيف من الصغائر دل هذا على أن فى الذنوب كبائر و صغائر ، وعلى هذا جماعة أهل التأويل وجماعة الفقهاء ) [تفسير القرطبي]

          و قال تعالى : { الذيعن يجتنبون كبائر الأثم والفواحش ألا اللمم أن ربك واسع المغفرة } ، و الأستثناء فى الأية منقطع .

          وفى تفسير اللمم قولان : ( فالجمهور على ان اللمم ما دون الكبائر ، و قال الاخرون انه الألمام بالذنب ثم لا يعود اليه ) [مدارج السالكين : 1/343].

          وقوله تعالى : { وكل صغير و كبير مستطر } ، وقوله تعالى : { و قالوا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبية الا أحصاها } .

          و قوله صلى الله عليه و سلم : ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان مكفرات مابينهن أذا اجتنب الكبائر ) [رواه مسلم : 3 /117].

          قال النووى : ( فسمى الشرع ماتكفره الصلاة و نحوها الصغائر وما لا تكفره الكبائر ) [شرح النووى لمسلم : 2 / 85].

          و قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أمرء مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوئها و خشوعها و ركوعها ألا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب مالم يات كبيرة و ذلك الدهر كله ) [رواه مسلم : 3 / 113].

          عن أنس رضي الله عنه قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر ، أو سئل عن الكبائر ، فقال : ( الشرك بالله و قتل النفس وعقوق الوالدين . . .الحديث ) [رواه البخارى ، فتح الباري] .

          قال ابن حجر الهيثمى : ( فخص الكبائر ببعض الذنوب ولو كانت الذنوب كلها كبائر لم يسم ذلك ) [الزواجر على أقتراف الكبائر : 5].

          و أنكرت الأشاعرة هذا التقسيم ، و قالوا أن المعاصى كلها كبائر وأنما يقال لبعضها صغيرة بالأضافة إلى ما هو اكبر منها ، كما يقال القبلة مرة باضافتها إلى الزنى وكلها كبائر ، " وقالوا لا ذنب عندنا يغفر واجبا باجتناب ذنب أخر ، بل كل ذلك كبيرة و مرتكبه فى المشيئة " [الفتح البارى : 10/ 409].

          عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه و سلم : ( أن الله كتب عن أبن أدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة و زنى العين النظر و زنى اللسان النطق والنفس تتمنى وتشتهى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) [رواه البخارى ، فتح الباري]

          تعريف الكبيرة :
          ومن أشهر التعاريف ما نقل عن أبن عباس وسعيد أبن جبير و الحسن البصرى : ( أن الكبائر كل ذنب قدمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب ) [فتح البارى : 10 /410].

          وقال ألأمام أحمد فيما نقله القاضى أبو يعلى : ( هي ما أوعد الله عليه بنار فى الأخرة أو أوجب منه حدا فى النيا ) .

          قال الماوردي : ( الكبيرة ما وجب فيه الحدود أو توجه اليها الوعيد ) .

          قال القرطبي : ( الراجح أن كل ذنب نص على كبيرة أو عظمة أو توعد عليه بالعقاب أو علق عليه حد أو شدد النكرة عليه ) [المبهم : 10/411].

          أختار هذا التعليق شيخ الإسلام لشموليتها و اقترابها من الصواب لعدة أعتبارات أهمها :
          أولا : أنه يشمل كل ما ثبت فى النصوص أنه كبيرة .
          ثانيا : أنه مأثور عن السلف .
          ثالثا : به يمكن الفرق بين الصغائر و الكبائر [مجموع الفتاوى : 11/654].

          حكم أهل الكبائر :
          وهم عند أهل السنة مؤمنون ناقصوا الأيمان ويطلق عليهم وصف الفسق وهم تحت المشيئة أن ماتوا بلا توبة .
          و عند المرجئة و الأشاعرة ؛ مؤمنون كاملوا الأيمان وهم فى الأخرة تحت المشيئة .
          وعند الخوارج ؛ أنهم كفار فى الدنيا و الأخرة خالدين مخلدين فى النار .
          أما الأباضية ؛ قالوا أنه كافر كفر نعمة وهو فى الأخرة مخلد فى نار جهنم .
          والمعتزلة تقول ؛ أن حكمه فى الدنيا منزلة بين منزلتين ويطلق عليه فاسق ليس كفسق أهل السنة بل هو مخلد فى نار جهنم فى عذاب أخف من عذاب أهل الشرك

          تعليق


          • #20
            الشفاعة

            لغة : اسم من شفع يشفع أذ جعل الشىء أثنين والشفع ضد الوتر ، قال تعالى : { والشفع والوتر } .

            أصطلاحا : التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة .

            الشفاعة نوعان :

            الشفاعة المنفية : وهى شفاعة المشرك والكافر أو شفاعة عباد الأصنام والأوثان ، قال تعالى : { و أتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون } ، وقوله : { والذين أتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله زلفى أن الله يحكم بينهم يوم القيامة فى ما هم فيه يختلفون أن الله لا يهدى من هو كاذب كفار } .

            والشفاعة المثبتة : وهى خالصة لاهل التوحيد و الاخلاص وقيدها بامرين :
            الاول : أذنه للشافع أن يشفع ، قال تعالى : { من ذا الذى يشفع ألا بأذنه } .
            الثاني : رضاه عن المشفوع فيه لقوله تعالى : { ولا يشفعون الا لمن أرتضى } .

            والمقصود من الشفاعة أكرام الشافع ونفع المشفوع له .

            والشفاعة على ستة أنواع :

            أولا : شفاعة لاهل الجنة بدخولها بعد عبورهم الصراط فيجدون باب الجنة مغلقا فيشفع النبى صلى الله عليه وسلم بفتح أبواب الجنة لاهلها [الحديث رواه مسلم : 196].

            ثانيا : الشفاعة الكبرى التى يتأخر عنها أولوا العزم حتى تنتهى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها وذلك حين يرغب الخلائق إلى الأنبياء ليشفعوا لهم إلى ربهم حتى يريحهم من مقامهم فى الموقف [حديث فى البخارى : 4712].

            ثالثا : الشفاعة للعصاة من هذه الأمة ممن أستوجبو ا النار بذنوبهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلم يموت فيقوموا على جنازته أربعون رجلا لايشركون بالله شيئا الا شفعهم الله فيه ) [شرح مسلم : 655].

            رابعا : شفاعة فى العصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم فيخرجون بشفاعة و هذه متواترة و لم ينكرها الا الخوارج و المعتزلة .

            خامسا : الشفاعة لقوم من أهل الجنة لزيادة ثوابهم ورفع درجاتهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أغفر لأبى سلمة و أرفع درجته فى المهدين و أفسح له فى قبره ونور له فيه وأخلفه فى عقبه ) [مسلم : 2/132].

            سادسا : شفاعة فى بعض أهل الكفار من أهل النار حتى يخفف عذابه وهذه خاصة بعمه أبو طالب [فتح المجيد : 216].

            فائدة :أن الشفاعة وأن كانت مثبته للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره الا أنها لا تطلب الا من الله لان سؤالها دعاء ، فتقول " اللهم شفع فينا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " أو " لا تحرمنا شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " ، ومن ذلك قوله تعالى : { أن الشفاعة لله جميعا } .

            تعليق

            يعمل...
            X