مجمع أفسس و"تبني النسطورية"
بالرغم من فترة الاضطهادات العنيفة في القرن الرابع إلى أن كنيسة المشرق خرجت كمؤسسة قوية فيالقرن الخامس وأخذت تلعب دورا محوريا في الإمبراطورية الساسانية. ويعود ذلك بشكلخاص إلى الطبيعة الإرسالية لهذه الكنيسة التي جذبت العديدين من أبناء الدياناتالأخرى إليها. وأصبح من الواضح أن الاضطهاد لم يعد يجدي نفعها، ولعل هذا السببالأخير هو الذي دعى الأباطرة الساسانيين في نهاية الأمر إلى الاعتراف بهذه الكنيسةرسميا في محاولة لإضفاء طابع فارسي عليها وجعلها ندا للكنيسة الرومانية(البيزنطية). غير هذه السياسة لم تبع بطريقة موحدة حيث سرعان ما حاول يزدجرد الثاني إعادة فرض الزرادشتية على الأرمنوالسريان بدون جدوى في منتصف القرن الخامس.
لم تطبق جميع قرارات السينودس الأول لكنيسةالمشرق بشكل كامل ما دعى الجاثليق يهبالاها الأول إلى الدعوة لسينودس ثاني سنة 420بحضور أسقف آمدأكاكوس مندوبا عن الكنيسة الغربية. تمت مناقشة عدة مواضيع خلال هذا السينودس أهمهاتوحيد عقيدتي كنيستي المشرق والغرب وحل الخلافات الداخلية في كنيسة المشرق، كماتمت كذلك مناقشة مخاوف الزرادشتية نتيجة لانتشار المسيحية السريع. كانت من نتائج هذاالسينودس تأكيد سلطة أسقف قسيطفون يهبالاها على سائر أساقفة المشرق وتثبيت الإيمانبمجمع نيقية والسينودسات الغربية كافة بدون أستثناء بالرغم من طابعها المحلي. عادالساسانيين مجددا لاضطهاد المسيحيين في اواخر فترة حكم يزدجرد الأول وبهرام الخامس بسبب تجدد الحرب مع البيزنطيينوازدياد مخاوف الزرادشتيين بانتشار المسيحية خارج المجتمعات المتحدثة بالسريانيةوخاصة بين طبقة النبلاء الفرس. تم اعتقال الجاثليق داديشوع بعد اتهامه بموالاةالرومان،وأخلي سبيله سنة 422 بمجرد عقد الصلح مع البيزنطيين. تم عقد سينودس ثالثسنة 424 في مركبتا بطلب من داديشوع الذي رغب بإعلان استقالته كرأس للكنيسة غير أنأهم ما ميز هذا الأجتماع كان خلوه من مندوبي كنيسة الغرب ورفضه للاستحكام لدىأساقفة الإمبراطورية البيزنطية وذلك تأكيدا على الاستقلالية الكاملة لكنيسة المشرقفي محاولة لدفع شبهة تعاونها مع البيزنطيين.
لعل أهم حدثفي هذه الفترة كان الخلاف بين نسطوربطريرك القسطنطينية وكيرلس بطريرك الإسكندرية حول استخدام عبارة "ثيوطوكس" (أم الله) في وصف مريم العذراء. ففي حين رفض نسطور وأسقفالرها وبطريرك أنطاكيا هذه التسمية، دعمها كيرلس وسلستين الأول بطريرك روما.بعد قيام الطرفين بعقد مجمعين متوازيين في أفسس في حزيران 431, حدث انقسام بينالأنطاكيين والإسكندريين. غير أن شرخا حدث عندما غير رابولا أسقف الرها موقفه وتحالف مع كيرلس، فدخلفي صراع مع مدرسة الرها التي ظل رئيسها إيباس الرهاويعلى موقفه داعما لنسطور فتم طرده مع تلاميذه وحرق كتب معلمه ثيودور الموصي.[20] تم عقد الصلح بينبطريركتي أنطاكيا والإسكندرية سنة 433 وكانت من نتائجه تحالف الطرفين وهزيمة نسطورونفيه إلى مصر حيث توفي سنة 451، كما تم طرد عدد من الأساقفة الذين وجدو في كنيسةالمشرق الفارسية مجلأا لهم. تلت هذه الخلافات تشديد على مدرسة الرها التي ظلت وفيةللصيغة النسطورية حتى قام الإمبراطور زينون بإغلاقها نهائيا سنة 489 وتم تحويلهاإلى كنيسة تحت اسم أم الله. ففر آخر معلميها بقيادة نرسايإلى نصيبين الواقعة ضمن حدود الإمبراطورية الساسانيةمنشئين بذلك مدرسة نصيبين اللاهوتية برعاية أسقف المدينة برصوما سنة 496.
عقدت كنيسةالمشرق سينودسا غير رسمي سنة 484 في بيث لافط من أجل تسوية الخلافات بين الجاثليقباباوي وبرصوما مطران نصيبين، فتدخل الشاه فيروز الأول لمصلحة برصومافاعتقل باباوي وقام بإعدامه وتم تعيين أقاق مكانه. تم عقد صلح بين أقاق وبرصوما فيسينودس سلوقيا-قطيسفون الرسمي الذي تم خلاله تحريم الأمتناع عن الزواج بين الرهبانغير أن أهم ما ميزه كان إصداره لعقيدة تعكس تأثرا واضحا بتعاليم ثيودور الموصيوالمدرسة الرهاوية. اكتسبت كنيسة المشرق لقب "الكنيسة النسطورية" خلالهذا السينودس، بالرغم من أن عقيدته لا تدعم ولا ترفض وجهة نظر نسطور خلال مجمعأفسس. إذ يبدو أن كنيسة المشرق اعتبرت ذلك الخلاف صراعا داخليا في الكنيسة الغربيةفلم تصدر أي إشارة بخصوصه..
أواخر العهد الساساني والتوسع شرقا
خلف أقاقباباي ومن ثم سيلاس على سدة البطريركية، غير أنه وبوفاة الأخير نشبت خلافات حولخلفه ونصب ابن أخيه أليشع بدعم من أسقف مروبينما سيم نرسيس في خوزستان كمعارض له. غير أنه وبالرغم من وفاة نرسيس المبكرة إلىأن الخلاف ضمن كنيسة المشرق استمر 15 سنة حتى سينودس 539 الذي قرر ببطلان بطركيةكل من أليشع ونرسيس، وتم ترشيح بولس الخوزستاني بطريركا، غير أن بولس توفي بعدشهرين من انتخابه فانتخب آبا خليفة عنه. يعتبر آبا الملقب بالعظيم أحد أهم شخصياتكنيسة المشرق في القرن السادس، حيث سبق له أن ارتحل إلى الإمبراطورية البيزنطيةكما درس اللاهوت والفلسفة في مدرستي الرها ونصيبين وقام بترجمة عدا كتب مناليونانية إلى السريانية كما قام بعد انتخابه بتأسيس مدرسة لاهوتية في قطيسفون.ولعل أهم اعماله كانت تأسيس علي اختيار البطاركة الجدد خلال سينودس سنة 544. تدخلالإمبراطور الساساني خسرو الأول فعزل آبا ونصب طبيبه يوسف بطريركا بين552-567, فعقد سينودس جديد نص على أن يتم إختيار البطريرك من بين المطارنة لحدالتدخل الساساني، فعزل يوسف وعين حزقيال، أحد تلامذة آبا مكانه.أدت سيطرةالساسانين على اليمن خلال فترة بطركية حزقيال إلى تأسيس أبرشيات لكنيسة المشرق في صنعاءوسوقطرة ما سرع في انتشار المسيحية بين العرب.خلال فترة بطركية يشوعيهب الأول الأرزوني (582-596) عقدسينودس سنة 585 أكد على التقليد الرسولي للكنيسة بكون بطريرك قطيسفون خليفةللرسولين بولس وبطرس،كما أكد سينودس يشوعيهب الأول على كون قطيسفون البطريركية الخامسة في المسيحيةبجانب كل من الإسكندرية وأنطاكية والقسطنطينية وروما في المسيحية الغربية. واجهةالكنيسة خلافا داخليا بعد أن نشر حنانا الحديابي، أحد أبرز معلمي مردسة نصيبين،عدة أعمال لاهوتية اعتمدت على تعاليم يوحنا فم الذهب بدلا من ثيودور الموصي كما كانمتعارفا عليه في كنيسة المشرق. حازت كتابات حنانا على شعبية واسعة وخاصة بين أوساطتلاميذ مدرسة نصيبين. قام يشوعيهب بانتقاد حنانا غير أن الأخير استمر في منصبهبدعم من أسقف نصيبين.
بالرغم من فترة الاضطهادات العنيفة في القرن الرابع إلى أن كنيسة المشرق خرجت كمؤسسة قوية فيالقرن الخامس وأخذت تلعب دورا محوريا في الإمبراطورية الساسانية. ويعود ذلك بشكلخاص إلى الطبيعة الإرسالية لهذه الكنيسة التي جذبت العديدين من أبناء الدياناتالأخرى إليها. وأصبح من الواضح أن الاضطهاد لم يعد يجدي نفعها، ولعل هذا السببالأخير هو الذي دعى الأباطرة الساسانيين في نهاية الأمر إلى الاعتراف بهذه الكنيسةرسميا في محاولة لإضفاء طابع فارسي عليها وجعلها ندا للكنيسة الرومانية(البيزنطية). غير هذه السياسة لم تبع بطريقة موحدة حيث سرعان ما حاول يزدجرد الثاني إعادة فرض الزرادشتية على الأرمنوالسريان بدون جدوى في منتصف القرن الخامس.
لم تطبق جميع قرارات السينودس الأول لكنيسةالمشرق بشكل كامل ما دعى الجاثليق يهبالاها الأول إلى الدعوة لسينودس ثاني سنة 420بحضور أسقف آمدأكاكوس مندوبا عن الكنيسة الغربية. تمت مناقشة عدة مواضيع خلال هذا السينودس أهمهاتوحيد عقيدتي كنيستي المشرق والغرب وحل الخلافات الداخلية في كنيسة المشرق، كماتمت كذلك مناقشة مخاوف الزرادشتية نتيجة لانتشار المسيحية السريع. كانت من نتائج هذاالسينودس تأكيد سلطة أسقف قسيطفون يهبالاها على سائر أساقفة المشرق وتثبيت الإيمانبمجمع نيقية والسينودسات الغربية كافة بدون أستثناء بالرغم من طابعها المحلي. عادالساسانيين مجددا لاضطهاد المسيحيين في اواخر فترة حكم يزدجرد الأول وبهرام الخامس بسبب تجدد الحرب مع البيزنطيينوازدياد مخاوف الزرادشتيين بانتشار المسيحية خارج المجتمعات المتحدثة بالسريانيةوخاصة بين طبقة النبلاء الفرس. تم اعتقال الجاثليق داديشوع بعد اتهامه بموالاةالرومان،وأخلي سبيله سنة 422 بمجرد عقد الصلح مع البيزنطيين. تم عقد سينودس ثالثسنة 424 في مركبتا بطلب من داديشوع الذي رغب بإعلان استقالته كرأس للكنيسة غير أنأهم ما ميز هذا الأجتماع كان خلوه من مندوبي كنيسة الغرب ورفضه للاستحكام لدىأساقفة الإمبراطورية البيزنطية وذلك تأكيدا على الاستقلالية الكاملة لكنيسة المشرقفي محاولة لدفع شبهة تعاونها مع البيزنطيين.
لعل أهم حدثفي هذه الفترة كان الخلاف بين نسطوربطريرك القسطنطينية وكيرلس بطريرك الإسكندرية حول استخدام عبارة "ثيوطوكس" (أم الله) في وصف مريم العذراء. ففي حين رفض نسطور وأسقفالرها وبطريرك أنطاكيا هذه التسمية، دعمها كيرلس وسلستين الأول بطريرك روما.بعد قيام الطرفين بعقد مجمعين متوازيين في أفسس في حزيران 431, حدث انقسام بينالأنطاكيين والإسكندريين. غير أن شرخا حدث عندما غير رابولا أسقف الرها موقفه وتحالف مع كيرلس، فدخلفي صراع مع مدرسة الرها التي ظل رئيسها إيباس الرهاويعلى موقفه داعما لنسطور فتم طرده مع تلاميذه وحرق كتب معلمه ثيودور الموصي.[20] تم عقد الصلح بينبطريركتي أنطاكيا والإسكندرية سنة 433 وكانت من نتائجه تحالف الطرفين وهزيمة نسطورونفيه إلى مصر حيث توفي سنة 451، كما تم طرد عدد من الأساقفة الذين وجدو في كنيسةالمشرق الفارسية مجلأا لهم. تلت هذه الخلافات تشديد على مدرسة الرها التي ظلت وفيةللصيغة النسطورية حتى قام الإمبراطور زينون بإغلاقها نهائيا سنة 489 وتم تحويلهاإلى كنيسة تحت اسم أم الله. ففر آخر معلميها بقيادة نرسايإلى نصيبين الواقعة ضمن حدود الإمبراطورية الساسانيةمنشئين بذلك مدرسة نصيبين اللاهوتية برعاية أسقف المدينة برصوما سنة 496.
عقدت كنيسةالمشرق سينودسا غير رسمي سنة 484 في بيث لافط من أجل تسوية الخلافات بين الجاثليقباباوي وبرصوما مطران نصيبين، فتدخل الشاه فيروز الأول لمصلحة برصومافاعتقل باباوي وقام بإعدامه وتم تعيين أقاق مكانه. تم عقد صلح بين أقاق وبرصوما فيسينودس سلوقيا-قطيسفون الرسمي الذي تم خلاله تحريم الأمتناع عن الزواج بين الرهبانغير أن أهم ما ميزه كان إصداره لعقيدة تعكس تأثرا واضحا بتعاليم ثيودور الموصيوالمدرسة الرهاوية. اكتسبت كنيسة المشرق لقب "الكنيسة النسطورية" خلالهذا السينودس، بالرغم من أن عقيدته لا تدعم ولا ترفض وجهة نظر نسطور خلال مجمعأفسس. إذ يبدو أن كنيسة المشرق اعتبرت ذلك الخلاف صراعا داخليا في الكنيسة الغربيةفلم تصدر أي إشارة بخصوصه..
أواخر العهد الساساني والتوسع شرقا
خلف أقاقباباي ومن ثم سيلاس على سدة البطريركية، غير أنه وبوفاة الأخير نشبت خلافات حولخلفه ونصب ابن أخيه أليشع بدعم من أسقف مروبينما سيم نرسيس في خوزستان كمعارض له. غير أنه وبالرغم من وفاة نرسيس المبكرة إلىأن الخلاف ضمن كنيسة المشرق استمر 15 سنة حتى سينودس 539 الذي قرر ببطلان بطركيةكل من أليشع ونرسيس، وتم ترشيح بولس الخوزستاني بطريركا، غير أن بولس توفي بعدشهرين من انتخابه فانتخب آبا خليفة عنه. يعتبر آبا الملقب بالعظيم أحد أهم شخصياتكنيسة المشرق في القرن السادس، حيث سبق له أن ارتحل إلى الإمبراطورية البيزنطيةكما درس اللاهوت والفلسفة في مدرستي الرها ونصيبين وقام بترجمة عدا كتب مناليونانية إلى السريانية كما قام بعد انتخابه بتأسيس مدرسة لاهوتية في قطيسفون.ولعل أهم اعماله كانت تأسيس علي اختيار البطاركة الجدد خلال سينودس سنة 544. تدخلالإمبراطور الساساني خسرو الأول فعزل آبا ونصب طبيبه يوسف بطريركا بين552-567, فعقد سينودس جديد نص على أن يتم إختيار البطريرك من بين المطارنة لحدالتدخل الساساني، فعزل يوسف وعين حزقيال، أحد تلامذة آبا مكانه.أدت سيطرةالساسانين على اليمن خلال فترة بطركية حزقيال إلى تأسيس أبرشيات لكنيسة المشرق في صنعاءوسوقطرة ما سرع في انتشار المسيحية بين العرب.خلال فترة بطركية يشوعيهب الأول الأرزوني (582-596) عقدسينودس سنة 585 أكد على التقليد الرسولي للكنيسة بكون بطريرك قطيسفون خليفةللرسولين بولس وبطرس،كما أكد سينودس يشوعيهب الأول على كون قطيسفون البطريركية الخامسة في المسيحيةبجانب كل من الإسكندرية وأنطاكية والقسطنطينية وروما في المسيحية الغربية. واجهةالكنيسة خلافا داخليا بعد أن نشر حنانا الحديابي، أحد أبرز معلمي مردسة نصيبين،عدة أعمال لاهوتية اعتمدت على تعاليم يوحنا فم الذهب بدلا من ثيودور الموصي كما كانمتعارفا عليه في كنيسة المشرق. حازت كتابات حنانا على شعبية واسعة وخاصة بين أوساطتلاميذ مدرسة نصيبين. قام يشوعيهب بانتقاد حنانا غير أن الأخير استمر في منصبهبدعم من أسقف نصيبين.