الآلهة الاثني عشرة الكبار
عند الرومان
كرم الرومان بصفة خاصة اثني عشر إلها سميت بال dii consentes. وهم ستة من الذكور وستة من الإناث
1- جوبتر
جوبيتر (Iupiter) هو ملك الآلهة الرومانية وإله السماءوالبرق في الميثولوجيا الرومانية. يعد مناظرًا لزيوس في الميثولوجيا الإغريقية. كان يوبيتر هو راعي وعراب روما وكان يقر القوانين ويضمن العدالة والنظام الاجتماعي. كان يوبيتر هو الإله الرئيسي في ثالوث كابيتولين بالإضافة إلى يونوومينرفا.
في الميثولوجيا الرومانية، يعد جوبيتر أبًا لإله الحرب مارس وبالتالي يعد جوبيتر جدًا لكل من رومولوس ورموس المؤسسين الأسطوريين لروما.
وهو ابن الإله ساتورن.
كان يوبيتر موقرًا جدًا في الديانة الرومانية القديمة ولا يزال موقرًا في نظر الوثنيين الجدد الذين يؤمنون بالآلهة القديمة في روما. وقد اكتشف تمثال في مدينة روما يمثل الاله جوبيتر نقش عليه باليونانية ما معناه: جوبيتر ملك يبرود نسبة إلى مدينة يبرود السورية
اكتشف هذا التمثال النادر في جنوبي سورية(حوران)وهو يمثل كبير الألهة عند الرومان (جوبيترالعظيم) وصاحب الدور السياسي عند الأمة الرومانية لأنه يمثل وحدة الامبراطورية الشاسعة.
كذلك هو قائد جيوشها إلى النصر وحامي قانونها، واسمه أيضاً إله السماء المشعة وهو يرتدي(البولوس)القبعة الطويلة، ويبدو أنه كان ممسكاً بيديه بأشياء فقدت، وتشير المصادر التاريخية إلى أن النسر رسوله والبرق صولجانه، ويبدو من حركة اليدين أنهما كانتا تمسكان بهذين الرمزين المفقودين.
صنع هذا التمثال المهيب من البرونز ويمثل كغالبية التماثيل الأخرى(جوبيتر)وهو جالس على العرش وتستند قدماه إلى قاعدة وينزاح طرف ردائه على عضد يده اليسرى وهو ملتح بوجه ينم على القوة والوقار مع أن ارتفاعه لايزيد عن تسعة سنتمترات يعود بصناعته إلى القرن الثاني الميلادي ـ وهو محفوظ اليوم في متحف دمشق الوطني.
تاريخ دير الأحمر قديم قِدَم هياكل بعلبك، إذ بنى فيها الرومان هيكلاً للإله جوبيتر كبير الآلهة، وما تزال آثاره ماثلة للعيان في شرقي البلدة
1- معبد جوبيتر:
أ- أثار المعبد:
لم يبق من المعبد سوى حائطين، بُنيا بحجارة ضخمة مماثلة لحجارة بعلبك، وسُقِفا فيما بعد وحُوِّلا إلى كنيسة ومن ثمّ إلى مدرسة. وحجارة الحائطين غير متوازية في الحجم، تقوم على أربعة مداميك. وعلى بعد سبعة أمتار حجرٌ قديم عليه نقش روماني، وهو الآن مهمل موضوع على جانب الطريق قرب كنيسة سيدة البرج.
أما باقي حجارة المعبد والأعمدة فهي مردومة تحت التراب، أما القسم الذي بقي ظاهراً على وجه الأرض، فقد استعمل السكان حجارته كمادةٍ لبناء منازلهم القريبة من المكان، وكذلك اليعاقبة الذين بنوا ديراً لهم مكان المعبد، وفي حدود القرن العاشر ميلادياً والذي أصبح فيما بعد مركزاً أسقفياً حتى القرن السادس عشر، كما يذكر القاصد الرسولي "ليوناردي" في رحلته إلى المنطقة، فيقول:
"منذ القرن الثامن كانت بدعة اليعاقبة قدّ عمت سهل البقاع، وأصبحت مدينة بعلبك مقرّ أسقفيتهم لهذه المنطقة، ولكن المقام المفضّل لهؤلاء الأساقفة كان الدير الكبير المعروف باسم دير الأحمر، وفي القرن السادس عشر رعى هذا الدير الأسقف يسوع آخر الأساقفة اليعقوبيين في هذه المنطقة."
معبد جوبيتير الدمشقي
ب- معبد جوبيتر:
وممّا لا شكّ فيه أنّ آثار المعبد الباقية في شرقي البلدة، تعود إلى هيكلٍ أقيم إكراماً للإله جوبيتر كبير آلهة الرومان. والدليل على ذلك براهين عدّة:
1- إنّ مدخل الهيكل موجّه ناحية الشرق، لكي تدخل أشعةّ الشمس عند شروقها، وتضيء قدس الأقداس في الداخل.
2- تأكيداً من قبل عالم الآثار جورج تايلور إذ يقول في كتابه أنّ الهيكل مكرّس بدون شكّ للإله جوبيتر الهيليوبولي.
3- الكتابة الرومانية المحفورة على الصخرة القريبة من الآثار وهي تؤكّد بشكلٍ واضح أن المعبد كان مكرّساً للإله جوبيتر الهيليوبولي:
(الكتابة الرومانية). وكما نلاحظ أن الجملة ناقصة، فنهاية الجملة مهمّشة، لأنّ الحجر مكسور بعد حرف I، وبقية الحجر غير موجودة. فربما استعملت في بناءٍ ما.
- أما معنى هذه الكتابة، فقد أخذه المؤرخ عصام كرم عن تفسير الكتابات المماثلة التي وُجدت في هيكل جوبيتر في بعلبك، والتي قامت البعثة الألمانية، التي أرسلها الملك غليوم الثاني إمبراطور ألمانيا بعد زيارته لآثار بعلبك في العاشر من شهر تشرين الثاني سنة 1898، وقد
قامت بالدراسات منذ أيلول سنة 1900 حتّى شهر آذار من سنة 1904.
- وقد ذكر المؤرّخ، ميخائيل موسى ألوف البعلبكي، في كتابه "تاريخ بعلبك" بأن الإمبراطور سبتيموس سفيروس (193-211م) وابنه كركلا (211-217م) قد ضربا مسكوكات في بعلبك، عليها صورة هيكل وأخرى هيكلين تحيط بها العبارة المعتادة المقدمة لجوبيتر الهيليوبولي
"Col, Hel, J.O.M.H."، أما ترجمة الكتابة فهي التالية، حسب ما جاء في ترجمة البعثة الألمانية:
J (Jupiter), O (Optimus), M (Maximus), H (Heliopolitanus) et (ET) FANIE (Lieu consacré).
إلى جوبيتر الكبير العظيم الهيليوبولي والمكان المقدّس ....
إذاً يمكننا أن نستنتج، أن المعبد هو لجوبيترالهيليوبولي، وربّما يعود بناؤه إلى الإمبراطور كركلاّ (211-217م)، إذ بعد ارتقائه عرش الإمبراطورية، أكثَرَ من أبنية المعابد لجوبيتر، وذلك تكفيراً عمّا اقترفه من الجناية بحق أخيه "جيتا".
الرواق البيزنطي وبقايا أعمدة بوابة معبد جوبيتير المسمى اليوم باسم باب بريد
ج- تصوّر هيكلية المعبد:
ممّا يقوله المؤرخون أن الرومان بنوا هياكلهم في أعالي الجبال، وقرب منابع المياه وفي المناطق الطبيعية الخلاّبة، وفي ظلال غابات السنديان المقدّسة، حيث كانوا يقدّمون البخور والذبائح للآلهة.
والسؤال هنا هو لماذا بنى الرومان هذا المعبد في هذه المنطقة الخالية إلاّ من الوحوش الضارية، والمفتقرة إلى المياه، بينما الجوار تغمره المياه من كلّ جانب، والجواب البسيط هو، أن غابات السنديان والملول التي كانت تغطّي المنطقة ابتداءً من السهل حتى أعالي الجبال كانت غابات مقدّسة. ولا غرو أن الرومان، كما بنوا الهياكل عند أقدام السلسلة الشرقية (بعلبك)، كذلك بنوا المعابد عند أقدام السلسلة الغربية
(قصر البنات في حرف شليفا، ومعبد جوبيتر في دير الأحمر).
- أما اليوم، وكما ذكرنا، فالهيكل آثار محطّمة لا تزيد على كمية من الحجارة الضخمة الباقية، ومن الصعب جداً إعادة تصوير بناء الهيكل وقد وضع المؤرّخ عصام كرم بمؤازرة الأب موريس تالون اليسوعي، رسم الهيكل بالمقارنة مع الهياكل التي أُقيمت للإله جوبيتر في منطقة البقاع.
د- موقع الهيكل:
كان يقوم مقام كنيسة سيدة البرج ( كلمة برج يبدو أنّها أخذت مكان كلمة معبد، إذ أنّ العرب بعد احتلالهم لمنطقة البقاع على يد أبي عبيدة بن الجرّاح سنة 636م، حوّلوا المعبد إلى برج أو قلعة حربية، ومن هنا انتقل الإسم من معبد إلى برج)، والكنيسة إلى اليوم تقوم أساساتها على صفٍّ من الحجارة الرومانية الضخمة. مساحته لم تكن تزيد على الألفي متر مربّع. شكله مستطيل يحدّه من ناحية الجنوب بئر يسمّى اليوم بئر الجماجم لكثرة ما دُفن فيه من أموات، وبئر آخر من الجهة الشمالية، ويسمّى بئر الخرزة، لوجود خرزة من حجر على فوهته، كانت مياهه تستعمل لسقي الطرش، إنّما للأسف لم يعد موجوداً اليوم، أما من الناحية الغربية، فيقوم إلى اليوم مقلع أُخذت منه الحجارة لبناء المعبد، ولا تزال آثاره ترى بوضوح، وقد أُقيمت فوقه أساسات مدرسة راهبات العائلة المقدّسة المارونيات.
أما في الوسط، وباتجاه الشرق، فكان الهيكل المذكور، مدخله يرتكز على ستّة أعمدة كما في معابد جوبيتر الكبير - مثلاً في بعلبك - كانت تقوم على عشرة أعمدة، والمعابد الثانوية على ستة أعمدة يمتدّ بعدها الهيكل في اتجاه شرقي غربي، لكي تدخل أشعة الشمس عند شروقها وتضيء قدس الأقداس.
بُني هذا المعبد على مُرتفع طبيعي مكان قسم من المقلع بعد أن فُرِّغ من الحجارة التي استعملت في بنائه، واليوم، ما زالت أساساته ظاهرة على أرض صخرية، إذ أنشئت عليها كنيسة سيدة البرج، وأمام المعبد، تنحدر الأرض حيث "دكة" على مستوى مدخل المعبد وذلك لتقدمة الذبائح عليها، وحيث كان يجتمع الشعب والكهنة لتقدمة القرابين، وبما أن المنطقة تفتقر إلى المياه، فقد نحتَ الرومان بئرين، واحداً من ناحية الشمال، وآخر من ناحية الجنوب ولا تزال آثارهم إلى اليوم. ويبدو أنّ الدكّة كان يصعد إليها بواسطة درج حجري زالت آثاره. وعلى مدخل المعبد، كانت قنطرة على عمودين، وعلى عتبتها الحجر الذي نُقشت عليه كتابة تقدمة الهيكل لجوبيتر، وما زالت حيث وقعت، بسبب خراب الهيكل، إمّا على يد المسيحيين، وإمّا بسبب الزلازل.
ه- رسم الهيكل:
ومعبد جوبيتر يفترض في حجارة جدرانه أن تكون منحوتة ومصقولة، كما يبدو ذلك من خلال الحجارة التي هي في أساس كنيسة سيدة البرج، أما سطحه، فلربما كان صخرياً على شكل هرمي لتصريف مياه المطر. وقد اعتمدنا في ذلك حسب ما جاء على لسان البعثة الألمانية في وصف هيكل جوبيتر بعلبك، من أنّ بناء الهيكل في دير الأحمر قد تمَّ في الزمن نفسه الذي تمّ فيه بناء هيكل جوبيتر بعلبك.
- كان الهيكل وسط غابات كثيفة من السنديان والملول، لذا انتقى الرومان مرتفعاً صغيراً قرب السهل، وبين الأشجار، كي يظلّ كاشفاً على مشرق الشمس وسهل البقاع وعلى مدينة بعلبك الماثلة أمامه في ناحية الجنوب، وعلى قصر البنات الواقع على تلّة في الجهة الجنوبية الغربية والهياكل في بعلبك وشليفا ودير الأحمر هي أشبه بمثلث، يربط سهل البقاع من الشرق إلى الغرب، وهو الممرّ الوحيد بين طريق حمص عبر البقاع الجنوبي.
يتبع
تعليق