ملف كامل عن التحنيط
الجزء الاول
لالاف السنوات مضت ولا زال التحنيط أحد الأسرار الكبرى فى الحضارة الفرعونية ولا زال الكثيرون يتوقون لاكتشاف سره الغامض، كيف استطاعوا مواجهة الفناء والاحتفاظ باجسادهم سليمة تتحدى الزمن؟ ولا زال السؤال قائماً..
آلاف السنوات مضت ولا زال التحنيط أحد الأسرار الكبرى فى الحضارة الفرعونية ولا زال الكثيرون يتوقون لاكتشاف سره الغامض، كيف استطاعوا مواجهة الفناء والاحتفاظ باجسادهم سليمة تتحدى الزمن؟ ولا زال السؤال قائماً..
أحب المصريون الحياة، وكان من المهم لهم أن يستمروا فى التمتع بها حتى بعد الممات. وكانت الدفنات الجيدة جزءاً من قبول الموت. وكان المصريون غير منشغلين بالموت، بل كانوا يستغرقون وقتاً طويلاً فى الإعداد لما بعد الموت ودخولهم العالم الآخر .
و اذا تكلمنا عن التحنيط لابد ان نعرف المومياء، والمومياء "Mummy"عبارة عن جسد أو جثة محفوظة والتي - بحمايتها من التحلل إما بطرق طبيعية أو إصطناعية - حافظت على شكلها العام. وتتم عملية الحفظ إما بالتجفيف التام، التبريد الشديد ، وغياب الأكسجين أو إستخدام الكيماويات. وتطلق لفظة مومياء علي كل البقايا البشرية من أنسجة طرية. والتحنيط قد يكون موجودا في كل قارة لكن الطريقة ترتبط بطريقة قدماء المصريين لهذا ينسب إليهم .وكانت أول دراسة للمومياوات كانت في القرن 19.
أشهر المومياوات هي تلك التي حنطت بشكل متعمد بغرض حفظها لفترات طويلة، وخاصة تلك المومياوات التي تعود لفراعنة المصريين القدماء. آمن المصريون القدماء بأن الجسد هو منزل الكا ، احد العناصر الخمسة التي تشكل الروح ، الأمر الذي جعل من حفظ الجسد ضروريا من أجل الحياة الأخرى التي كان المصريون يؤمنون أن الإنسان ينتقل إليها عند وفاته. وترتبط المومياوات بالأساطيروالمحنطات المصرية. لكن إكتشفت مومياوات عديدة محفوظة تم العثور عليها في كل أنحاء العالم و بكل القارات حيث إتبع التحنيط "mummification".
و بالحديث عن المومياوات المصرية نجد انها ليست مجرد لفائف من قماش الكتان تلف بها الأجساد الميتة فقط . ولكنها طريقة لوجود بيوت دائمة للأرواح. وهذه طريقة تحايلية علي الموت. عرف المصريون الكثير من العلوم و برعوا فيها و أتقنوها و من هذه العلوم التحنيط، فقد أشتهر المصري القديم ببراعته و معرفته بعلم التحنيط الذي لم يتوصل العلماء المعاصرون إلى طريقتة. وكلمة التحنيط مشتقة من اللغة الفارسية، وتعني" قار" والمراد بها هو حفظ الجسد سليماً بعد الموت وهو من الأمور المهمة في نظر العقيدة المصرية القديمة حيث يجب حفظ الجسد حتى تعود له الروح مرة أخرى ليكمل حياتة في سعادة في الحياة الأخرى. كانت أول المجهودات للحفاظ على أجساد الموتى هي تركها للجفاف الطبيعي الذي توفره رمال الصحراء ومناخ مصر.
وكانت عمليات التحنيط تستغرق حوالى سبعين يوماً، وهنا كان جسد المتوفى ينظف ويطهر لكى يبدأ رحلة العالم الآخر. وكانت الخطوة التالية تتمثل فى استخراج الأحشاء الداخلية والقلب، وتعالج على حدة بمواد خاصة وتوزع على 4 أواني سميت بالأواني الكانوبية التي كانت تتخذ شكل الأربع أبناء لحورس وهم:-"إمست " IMSET, "حابي" HAPY"، "دواموتف" DAAMTEF ، وقبح سنوف KEBEHSENOF. ولكى تجف هذه الأحشاء ولمنع تآكلها كانت توضع فى النطرون، وهو نوع من الملح الصحراوى يستعمل فى التجفيف. وقد كانت الأجساد تلف في الجلود الحيوانية و هذه الجلود ضرورة لحفظ الأجسام من الحيوانات المتوحشة، ثم توضع الجثث في صناديق خشبية أو توابيت، وعادة كان يأخذ الميت وضع القرفصاء. ويعتقد أن الميت كان يوسد في وضع القرفصاء ليكون إلي أقرب الأوضاع الطبيعية للنوم وهذا يدل على اعتبارهم الموت ضرباً من ضروب النوم والراحة. كانت أولى خطوات التحنيط حين وصلوا إلي كامل النضج والخبرة هي نزع المخ من الجمجمة وأيضاً كل أعضاء الداخلية والقلب، وتعالج على حدة بمواد خاصة وتوزع على 4 أواني سميت بالأواني الكانوبية . و كما ذكرنا من قبل أشكل هذه الأوانى نجد ان كل إناء من هذه الأوانى مسئول عن عضو من الأعضاء فنرى "إمستى" برأس أدمى مسئول عن الكبد، و"حابى" برأس قرد مسئول عن الرئتين، "دواموتف" برأس ابن أوى مسئول عن المعدة، و اخيرا "قبح سنوّف" برأس صقر مسئول عن الأمعاء. وكان يوضع مكان هذه الأعضاء بعض مواد التحنيط.
=
بعد تنظيف الجسد مرتين يملح الجسم بالنطرون (وهو إحدى المواد التي تتوافر بوادي النطرون والملاحات التي توجد بغرب الفيوم وكان يستخدم أيضاً في تنظيف المنازل)، تغسل الجثة و تلف بأربطة مقصوصة من نسيج الكتان ومشبعة بالصمغ.وكان هذا العمل يحتاج لمواد كثيرة: شمع النحل لتغطية الآذان والعيون وفتحة الأنف والفم والقطع الذي أجراه الجراح لفتح البطن، وخيار شمبر والدار الصيني وزيت خشب وثمار العرعر والبصل ونبيذ النخيل ونشارة الخشب والزفت والقطران والنطرون الذي كان المادة الأساسية في التحنيط، وبعض هذه المواد تجلب من الخارج. وبعد الانتهاء من هذه الخطوات يصبح الجسد هيكلاً عظمياً مكسواً بجلد أصفر اللون ولكن يظل الوجه محتفظ بشكله الذي استخرج منه الأعضاء ويوضع قناع على الوجه من الذهب أو من بعض المواد الأخرى، كما يوضع كتاب الموتى بين ساقي الجسد و تتم هذه العملية في شهرين و نصف. وهناك طريقة أخرى للتحنيط لا تختلف عن الطريقة الأولى كثيراً حيث تنزع الأعضاء الرخوة القابلة للتآكل ويغمر الجسد في ملح النطرون وينقع ويغطى بالزيوت والدهون والعطور ويوضع عليه مختلف أنواع التمائم. ثم يوضع بدلاً من الأحشاء كرات من الكتان، ولكن القلب يبقى مكانه وتحفظ الأحشاء في أربع أواني هي "الأواني الكانوبية"، وكان المخ ينزع من خلال الخياشيم بخطاف معدني.
وكان يوضع بعض من الرمل والطفلة تحت الجلد للحفاظ على الشكل الأصلي. وقد استخدم الصريون القدماء في التحنيط بعض المواد الأخرى مثل كربونات الصوديوم والشمع والمر وزيت الأرز والبخور والعسل والكتان لعمل الأربطة واللفائف التي تلف بها المومياء وزيت الزيتون. بقي أن نذكر أن المحنط الأكبر يعتبر هو الإله " أنوبيس".
يتبع
تعليق