750 مليون ريال مقابل الزواج بـ«جِنّية»
قصة غريبة
«منذ 15عاماً وأنا متزوج من جنية اسمها ميمونة وأريد أن أطلقها الآن لأنها آذتني كثيراً، إلا أنها ترفض ذلك وتريد قتلي بعدما لجأت للمعالجين بالرقية الشرعية لتخليصي منها ولم يستطع أحد أن يخلعها من جسدي حتى الآن».
هكذا بدأ هاني باخشوين البالغ من العمر 38 عاماً حكايته التي ربما تكون من قصص «الخرافة» التي يتناقلها السعوديون في مجالسهم عندما يكون الحديث عن الجن والسحر والشعوذة، إلا أن هناك شاهداً على حكايته مع هذه الزوجة «الجنية» وهو أحد المعالجين بالرقية الشرعية في محافظة جدة.
وتعود قصة باخشوين كما يرويها لصحيفة "الحياة" عندما شاع في الحي قبل 15 عاماً بأن والده يحتفظ بكنز في منزله، الأمر الذي دفعه إلى الاستعانة بأحد السحرة وهو من الجنسية النيجيرية لاستخراج الكنز، إلا أن ذلك الساحر اقترح أن يزوجه من إحدى بنات الجن لتمنحه بعد ذلك الجنية مبلغ 750 مليون ريال، وقال«عندما سمعت هذا المبلغ الضخم طمعت في المال فوافقت على الزواج من الجنية دون أي اعتبار، خصوصاً وأن دخلي الشهري ضعيف جداً إذ كنت أعمل معقباً في جوازات منطقة مكة المكرمة».
وتابع باخشوين حديثه وهو ينتظر من يساعده ويخلصه من آلامه، إنه استأجر شقة في حي الجامعة بحسب رغبة الساحر الذي طلب اسمه واسم والدته في وقت سابق اٍستعداداً لزفافه على عروسه «الجنية»، وأضاف أنه دفع للساحر مبلغ خمسة آلاف ريال مهراً للعروسة، خلافاً للمجوهرات وتجهيزات العروس التي كبدته خسائر مالية كبيرة حتى تورط في الديون، مؤكداً في الوقت ذاته أنه كان يدفع الأموال لذلك الساحر بين الفينة والأخرى طواعية ومن دون جدال.
وأشار باخشوين إلى أن الساحر النيجيري الذي يبلغ من العمر 35 عاماً، أحضر الفتاة «الجنية» إلى الشقة بلباس الزفاف، وقال: «رأيتها أمامي ترتدي الفستان الأبيض ورائحتها عود ومسك وعنبر ولونها قمحي وليست بالجميلة وتتحدث العربية ووعدتني بمبلغ 750 مليون ريال ستضعها بين يدي بعد ثلاثة أيام من الزواج».
وأضاف في حديثه أنه عندما عاشرها معاشرة الأزواج لم يجدها بكراً واستمرت معه ثلاثة أيام ومن ثم اختفت من الشقة، لافتاً إلى أنه بعد اختفاء عروسه أصيب بأمراض عضوية ونفسية وتكالبت عليه الهموم والديون، حتى نصحه أصدقاؤه بالذهاب للشيوخ ومعالجي الرقية الشرعية داخل السعودية وخارجها للوقوف على حاله، إلا أن محاولته فشلت ولم يستطع أحد أن يخرج زوجته الجنية من جسده.
وأضاف انه أبلغ الجهات الأمنية في المحافظة عن قصته وعنوان ذلك الساحر الذي استولى على أمواله، وعلى الفور تم مداهمة منزل الساحر وقبض عليه، ولم يعثر على أموال معه، وتم إيداعه سجن بريمان، إلى أن توفي بعد خمسة أعوام من حبسه داخل السجن.
عمرها 170 سنة
من جهته، أوضح الشيخ صالح مقبل العزاني، وهو معالج بالرقية الشرعية، أنه اطّلع على حال هاني، واكتشف أنه وقع ضحية السحر والشعوذة، مؤكداً في الوقت ذاته أنه مصاب بالمس وقال: « لقد قرأت عليه الرقية الشرعية فكان المس حاضراً وتحدثت مع الجنية وهي اسمها ميمونة وعمرها 170 عاماً ورفضت رفضاً قاطعاً أن تخرج من جسد هاني، وبدأت في التحذير من الاستمرار في قراءة القرآن على جسد هاني ومحاولة إخراجها».
وأشار العزاني في حديثه إلى أن هاني متزوج فعلياً من هذه الجنية التي تعشقه وتغار عليه بجنون، إلا أن هذا الزواج وصفه بـ«الباطل»، وبالتالي ليس بالضرورة أن توافق تلك الجنية على طلاقها كما يريد زوجها هاني.
وكشف العزاني أنه تعرض للأذى هو وزوجته بسبب رقيته لهاني، حتى إن ابنه مصاب حالياً بالصرع نتيجه لتطوعه في تقديم الرقية الشرعية للمرضى ومحاولة مساعدتهم وإخراج الجن من أجسادهم.
وأضاف في حديث أن هاني وغيره من المرضى المصابين بالمس لا يملكون إلا الصبر على هذا البلاء ومعالجته بالرقية الشرعية والاستمرار عليها حتى يزول ذلك الشر، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن المريض هاني يحتاج في هذه الحالة إلى أن يساعده أحد على الزواج بأسرع وقت ممكن، لأن ذلك جزء من العلاج الذي يحتاجه لإخراج «ميمونة» من جسده.
زواج جاء بقصد مادي
رجح أستاذ نظم الحكم والقضاء والمحكم الدولي في مجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن سفر أن حكاية هاني ربما حقيقية، لما للسحرة من طرائق وآليات في جلب الزبائن ومعاشرة الجن والاتفاق معهم على شيء، مضيفاً أن هذا العمل فيه تهديد للأسرة وابتزاز للزوج ولو أنجب ذرية من هذه «الجانة» لأصبح في موضع المساومة والابتزاز بشكل مستمر.
وأوضح في حديث إلى «الحياة» أن الله عز وجل خلق من كل زوجين، اثنين في عالم الحيوان والإنسان والنبات وهذا الزواج له مقاصد وأسرار في جميع العوالم لا يعلمها إلا الله عز وجل، وقد أوضحت الشريعة المحمدية مقاصد الزواج بين الرجل والمرأة إذ تتلخص في إيجاد السكن النفسي والروحي لكل منهما، إضافة إلى إعمار الأرض بالذرية الصالحة.
وقال: «يتضح من قصة هاني أن زواجه من الجنية جاء بقصد مادي بحت، وهذه الحادثة بعيدة عن مقاصد الزواج في نظام الأسرة في الإسلام، حيث طمع الزوج بواسطة هذا الساحر أن يجني مالاً فاستعجل في المقصد، وفي القاعدة الشرعية أن من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه».
ولفت أستاذ نظم القضاء إلى إمكان وجود «توالس» بين الجنية والساحر النيجيري فوقع المواطن السعودي في هذه المكيدة، مؤكداً أن المرأة الجنية لا تملك من نفسها شيئاً ويمكن أن تكون هذه القصة قد قامت على الخداع والتدليس وجلب النفع لهذا الساحر.
وأضاف سفر بما أن الزوج قد طرق باب ساحر فإن إقدامه أمر مخالف للشرع، لأنه صدّق هذا الساحر، وقد ورد في تصديق الساحر النهي عن ذلك، ناصحاً في الوقت ذاته بعدم طرق باب السحرة والمشعوذين لأي سبب كان لأن هدفهم مادي.
منقول من جريدة القبس
العدد / 15426
تعليق