بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوف نتحدث في هذا الموضوع عن الارتقيون وعملاتهم التي سكت في عهد ملوكهم
قبل ان ابدأ بالحديث عن عملات الارتقيون لا بد من التعريج على تاريخيهم ومن هم بالضبط حتى يتمكن الاخوة من معرفتهم ومعرفت دولهم وتاريخهم وسوف اسهب قليلا فيهم
تنتسب الأسرة الأُرْتُقية إلى مؤسسها أُرْتُق ابن أَكْسَك أو أكسب الملقب بظهير الدين، وهو من قبيلة الدُقِر Doger إِحدى العشائر الكبيرة التي تنتمي إلى الغز التركمان، وقد شاركت هذه القبيلة في بناء كيان الدولة السلجوقية، ثم أتيح لها أن تؤسس دولة في جهات ديار بكر ومارِدِين وحصن كَيْفا وخَرْتَبِرت (وهو حصن زياد) وميّافارقين، ومنبج، وامتد سلطانها في بعض الأزمنة إِلى حلب. وقد عمرت هذه الدولة طويلاً فامتد حكمها من أواخر القرن الخامس إلى أوائل القرن التاسع الهجريين/ الحادي عشر - الخامس عشر الميلاديين. وانقسمت إلى ثلاث دول: أراتقة كَيْفا وآمد، وأراتقة مارِدِين، وأراتقة خرتبرت. وكانت هذه الدويلات تستقل تارة وتخضع للدول الكبرى المجاورة تارة أخرى كالسلاجقة والأيوبيين والمماليك والمغول، كما كانت تسالم الفرنجة الصليبيين حيناً وتحاربهم أحياناً.
تأسيس الدولة
عمل السلاجقة على استمالة قبيلة الدقر بمنحها الإقطاعات، وفوضوا إلى أفراد منها قيادة بعض الحملات العسكرية، فبرز منهم أُرْتُق الذي كان من أبطال المغامرين، ثم أصبح من مماليك السلطان السلجوقي ملك شاه بن ألب أرسلان، وقدم له خدمات عسكرية كبيرة في جهات عدة فقاتل البيزنطيين في آسيا الصغرى سنة 465هـ/1072م، وقاتل قرامطة البحرين سنة 470هـ/1077م، وأخضع المنطقة للسلاجقة، واستولى على حُلْوان والجبُّل وما جاورهما شرقي العراق، فولاه ملك شاه على حلوان وماوليها من العراق حتى سنة 477هـ/1084م. وشارك في حملة السلاجقة الثانية على بلاد الشام وديار بكر، وكان له دور مهم في الاستيلاء على الموصل. ثم نقل خدماته إلى الشام ودخل في طاعة تاج الدولة تُتُش بن ألب أرسلان وساعده في قتاله مع سليمان بن قتلمش. ونظراً لما اتصف به أُرْتُق من الشجاعة والإِقدام وحسن التوفيق في الحروب فقد أقطعه تُتُش القدس سنة 479هـ/1086م، لما لها من أهمية دينية من جهة، ولوقوعها على الخطوط الأمامية في الصراع بين السلاجقة والفاطميين من جهة أخرى، وتوفي أُرْتُق فيها سنة 484هـ/1091م، تاركاً حكمها لولديه سُقمان (سكمان) وإِيلغازي.
يعد أُرْتُق واضع الكيان السياسي للأُراتقة، لأن القدس أصبحت مركز تجمعهم وحجر الزاوية في نشاطهم السياسي والعسكري. وبقي أبناؤه فيها حتى سنة 491هـ/1097م، وكان لهم شأن مهم في الصراع الذي شهدته بلاد الشام والمناطق التابعة للسلاجقة، فقد ظلوا على موالاتهم لتتش حتى مقتله سنة 488هـ/1095م، وأسهم سُقمان وإِيلغازي بعد تُتُش في أحداث الصراع الذي نشب بين ولديه رضوان ودُقاق.
وقد حاول رضوان ضم الأراتقة إلى صفه في صراعه مع أخيه دُقاق، فأقطع سُقمان معرة النعمان وأعمالها سنة 489هـ/1095م، وكان تُتُش قد أقطعه سروج قبل ذلك. ونتيجة انتصار سُقمان في معركة القويق سنة 490هـ/1097م على دقاق وحليفه يغي سيان (ياغي سيان) صاحب أَنطاكية، أصبح له نفوذ كبير على رضوان. وبعد سقوط القدس بأيدي الفاطميين سنة 491هـ/1098م، (استولى الصليبيون على القدس بعد أحد عشر شهراً من ذلك الحين) سمح الأفضل بن بدر الجمالي لسُقمان وإِيلغازي بالخروج آمنين إلى دمشق ومعهما ابن أخيهما ياقوتي، وابن عمهما سونج، فمضى سُقمان إلى ديار بكر وانفرد بالسلطة فيها لكثرة التركمان في المنطقة، ومكنته الظروف من الاستيلاء على حصن كَيْفا سنة 495/1101م، فاتخذه قاعدة لتوسيع ممتلكاته هناك فاستولى على حصن دارا القريب، وسيطر على بعض المقاطعات في أقصى الشمال، ثم استولى في السنة التالية على مارِدِين وأتبعها برأس العين وهكذا استطاع سُقمان في غضون سنتين فقط أن يضم إليه عدداً من المراكز العسكرية والاقتصادية المهمة في ديار بكر واتبع سياسة ودية مع الحكام المحيطين بإمارته ليثبت أقدامه في المنطقة فاعترف باستيلاء قليج أرسلان على ميّافارقين سنة 498هـ/1105م، إلا أن حكم سُقمان لديار بكر لم يدم طويلاً فقد توفي في السنة نفسها.
أما إِيلغازي ففارق أخاه بعد لجوئهما إلى دمشق وسار إلى بغداد وحصل على حلوان، التي كانت لأبيه، إقطاعاً له، وتسلم «شحنة» بغداد فلم يحسن السيرة فيها وتسببت فتنة سنة 496هـ/1102م في خروجه منها، فارتد إلى حلوان، وما إِن علم بوفاة أخيه سُقمان حتى سار إلى ديار بكر واستولى على مارِدِين وبعض الحصون الأُرْتُقية الأخرى. على حين أخذ ابن أخيه إِبراهيم بن سُقمان حصن كَيْفا، فانقسمت إِمارة الأراتقة في ديار بكر إِلى قسمين فكانت مارِدِين قاعدة إِيلغازي بن أُرْتُق وأبنائه، وكان حصن كَيْفا قاعدة أبناء سُقمان بن أُرْتُق، وكان يتبع كلاً من هاتين الإِمارتين عدد من الحصون والقرى، التي كانت تتسع أو تتقلص بحسب قوة الأراتقة وضعفهم من جهة، وبحسب الظروف العامة التي كانت تعيشها المنطقة من جهة أخرى. ولم يحاول أي من الطرفين في البداية توحيد الإِمارتين لمجابهة الأخطار المحدقة بهما، بل كثيراً ما كانت العلاقات تسوء بين الإِمارتين إلى درجة الحرب والغزو.
أما علاقة الأراتقة الرسمية بالخلافة العباسية والسلطنة السلجوقية منذ تأسيسها حتى سنة 521هـ/1127م، فقد كانت ودية فيما عدا مرات قليلة، وكانوا يخطبون للخلفاء العباسيين، وللسلاطين السلاجقة معاً ويضربون السكة باسمهم، ويقدمون لهم الطاعة والخضوع الاسمي، فضلاً عن وضع قواتهم، ولو اسمياً بتصرف السلاجقة. وربما أدوا إِليهم قطيعة (إِتاوة) سنوية بحسب ما هو مقرر في النظام الإِقطاعي السلجوقي.
توسع دولة الأُرْتُقيين
سار إِيلغازي أمير مارِدِين على سياسة أخيه سُقمان في استغلال الأحداث السياسية والعسكرية في ديار بكر، وفي الانضمام إِلى بعض الأمراء على البعض الآخر، وتشكيل الأحلاف والتكتلات من أجل توسيع ممتلكاته في المنطقة. فقد استغل وفاة صاحب الموصل سنة 500هـ/1107م وما نجم عنها من خلافات بين ورثته فضم نصيبين إلى أملاكه. ولما تولى الموصل مودود بن التونتكين سنة 502هـ/1108م أخذها منه مقابل إِقطاعه حرَّان ثم ضم إِليه الضياع التي كانت حول ميّافارقين.
وساعدته الظروف سنة 511هـ/1117م على ضم حلب وما يحيط بها بدعوة من أهلها لعجز أمرائها من أحفاد رضوان بن تُتُش وأوصيائهم عن حمايتها من الصليبيين، وبعد أن تم له الأمر عوض بعض أمرائها عدداً من المواقع والحصون المجاورة كبالس والقُلَيعة. وبهذا بلغت إِمارة مارِدِين أقصى اتساعها.
لم يستطع إِيلغازي الاستقرار في حلب فكان يتردد بينها وبين مارِدِين وأناب عنه على حلب ابنه حسام الدين تمُرتاش، من دون أن يتخذ الإِجراءات الكفيلة بتعزيز دفاعها أمام الصليبيين، كما أن أبناءه لم يحسنوا الإِدارة فيها، وكانت لهم فيها مظالم ومصادرات، إِضافة إِلى اختلافهم فيما بينهم. فقد خلع سليمان بن إِيلغازي طاعة أبيه في حلب، فاضطر أبوه إِلى التوجه إِليها على جناح السرعة سنة 515هـ/1122م، ودخل حلب وسط مظاهر الحفاوة، فأحسن إِلى أهلها، ورفع عنهم بعض الضرائب، ثم ارتد إِلى مارِدِين في المحرم من سنة 516هـ/1122م لخطر أحاق بها. ولم يلبث أن توفي في السنة نفسها ودفن في ميّافارقين، فانقسمت إِمارة مارِدِين وخَرْتَبِرت، وسارعت القوى المحيطة إلى اقتطاع أجزاء منها إِلا أن حسام الدين تِمُرتاش بن إِيلغازي تمكن سنة 518هـ/1124م من إِعادة توحيد إِمارة أبيه واستعاد بالتدريج، ما سلخ منها.
لم تتضح في هذه المرحلة طبيعة العلاقات بين إِمارة مارِدِين، وإِمارة حصن كَيْفا، ويبدو أن إِمارة كَيْفا كانت تتبنى سياسة انعزالية، فلم تسهم في الأحداث العامة سواء في ديار بكر أم في شمالي الشام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوف نتحدث في هذا الموضوع عن الارتقيون وعملاتهم التي سكت في عهد ملوكهم
قبل ان ابدأ بالحديث عن عملات الارتقيون لا بد من التعريج على تاريخيهم ومن هم بالضبط حتى يتمكن الاخوة من معرفتهم ومعرفت دولهم وتاريخهم وسوف اسهب قليلا فيهم
تنتسب الأسرة الأُرْتُقية إلى مؤسسها أُرْتُق ابن أَكْسَك أو أكسب الملقب بظهير الدين، وهو من قبيلة الدُقِر Doger إِحدى العشائر الكبيرة التي تنتمي إلى الغز التركمان، وقد شاركت هذه القبيلة في بناء كيان الدولة السلجوقية، ثم أتيح لها أن تؤسس دولة في جهات ديار بكر ومارِدِين وحصن كَيْفا وخَرْتَبِرت (وهو حصن زياد) وميّافارقين، ومنبج، وامتد سلطانها في بعض الأزمنة إِلى حلب. وقد عمرت هذه الدولة طويلاً فامتد حكمها من أواخر القرن الخامس إلى أوائل القرن التاسع الهجريين/ الحادي عشر - الخامس عشر الميلاديين. وانقسمت إلى ثلاث دول: أراتقة كَيْفا وآمد، وأراتقة مارِدِين، وأراتقة خرتبرت. وكانت هذه الدويلات تستقل تارة وتخضع للدول الكبرى المجاورة تارة أخرى كالسلاجقة والأيوبيين والمماليك والمغول، كما كانت تسالم الفرنجة الصليبيين حيناً وتحاربهم أحياناً.
تأسيس الدولة
عمل السلاجقة على استمالة قبيلة الدقر بمنحها الإقطاعات، وفوضوا إلى أفراد منها قيادة بعض الحملات العسكرية، فبرز منهم أُرْتُق الذي كان من أبطال المغامرين، ثم أصبح من مماليك السلطان السلجوقي ملك شاه بن ألب أرسلان، وقدم له خدمات عسكرية كبيرة في جهات عدة فقاتل البيزنطيين في آسيا الصغرى سنة 465هـ/1072م، وقاتل قرامطة البحرين سنة 470هـ/1077م، وأخضع المنطقة للسلاجقة، واستولى على حُلْوان والجبُّل وما جاورهما شرقي العراق، فولاه ملك شاه على حلوان وماوليها من العراق حتى سنة 477هـ/1084م. وشارك في حملة السلاجقة الثانية على بلاد الشام وديار بكر، وكان له دور مهم في الاستيلاء على الموصل. ثم نقل خدماته إلى الشام ودخل في طاعة تاج الدولة تُتُش بن ألب أرسلان وساعده في قتاله مع سليمان بن قتلمش. ونظراً لما اتصف به أُرْتُق من الشجاعة والإِقدام وحسن التوفيق في الحروب فقد أقطعه تُتُش القدس سنة 479هـ/1086م، لما لها من أهمية دينية من جهة، ولوقوعها على الخطوط الأمامية في الصراع بين السلاجقة والفاطميين من جهة أخرى، وتوفي أُرْتُق فيها سنة 484هـ/1091م، تاركاً حكمها لولديه سُقمان (سكمان) وإِيلغازي.
يعد أُرْتُق واضع الكيان السياسي للأُراتقة، لأن القدس أصبحت مركز تجمعهم وحجر الزاوية في نشاطهم السياسي والعسكري. وبقي أبناؤه فيها حتى سنة 491هـ/1097م، وكان لهم شأن مهم في الصراع الذي شهدته بلاد الشام والمناطق التابعة للسلاجقة، فقد ظلوا على موالاتهم لتتش حتى مقتله سنة 488هـ/1095م، وأسهم سُقمان وإِيلغازي بعد تُتُش في أحداث الصراع الذي نشب بين ولديه رضوان ودُقاق.
وقد حاول رضوان ضم الأراتقة إلى صفه في صراعه مع أخيه دُقاق، فأقطع سُقمان معرة النعمان وأعمالها سنة 489هـ/1095م، وكان تُتُش قد أقطعه سروج قبل ذلك. ونتيجة انتصار سُقمان في معركة القويق سنة 490هـ/1097م على دقاق وحليفه يغي سيان (ياغي سيان) صاحب أَنطاكية، أصبح له نفوذ كبير على رضوان. وبعد سقوط القدس بأيدي الفاطميين سنة 491هـ/1098م، (استولى الصليبيون على القدس بعد أحد عشر شهراً من ذلك الحين) سمح الأفضل بن بدر الجمالي لسُقمان وإِيلغازي بالخروج آمنين إلى دمشق ومعهما ابن أخيهما ياقوتي، وابن عمهما سونج، فمضى سُقمان إلى ديار بكر وانفرد بالسلطة فيها لكثرة التركمان في المنطقة، ومكنته الظروف من الاستيلاء على حصن كَيْفا سنة 495/1101م، فاتخذه قاعدة لتوسيع ممتلكاته هناك فاستولى على حصن دارا القريب، وسيطر على بعض المقاطعات في أقصى الشمال، ثم استولى في السنة التالية على مارِدِين وأتبعها برأس العين وهكذا استطاع سُقمان في غضون سنتين فقط أن يضم إليه عدداً من المراكز العسكرية والاقتصادية المهمة في ديار بكر واتبع سياسة ودية مع الحكام المحيطين بإمارته ليثبت أقدامه في المنطقة فاعترف باستيلاء قليج أرسلان على ميّافارقين سنة 498هـ/1105م، إلا أن حكم سُقمان لديار بكر لم يدم طويلاً فقد توفي في السنة نفسها.
أما إِيلغازي ففارق أخاه بعد لجوئهما إلى دمشق وسار إلى بغداد وحصل على حلوان، التي كانت لأبيه، إقطاعاً له، وتسلم «شحنة» بغداد فلم يحسن السيرة فيها وتسببت فتنة سنة 496هـ/1102م في خروجه منها، فارتد إلى حلوان، وما إِن علم بوفاة أخيه سُقمان حتى سار إلى ديار بكر واستولى على مارِدِين وبعض الحصون الأُرْتُقية الأخرى. على حين أخذ ابن أخيه إِبراهيم بن سُقمان حصن كَيْفا، فانقسمت إِمارة الأراتقة في ديار بكر إِلى قسمين فكانت مارِدِين قاعدة إِيلغازي بن أُرْتُق وأبنائه، وكان حصن كَيْفا قاعدة أبناء سُقمان بن أُرْتُق، وكان يتبع كلاً من هاتين الإِمارتين عدد من الحصون والقرى، التي كانت تتسع أو تتقلص بحسب قوة الأراتقة وضعفهم من جهة، وبحسب الظروف العامة التي كانت تعيشها المنطقة من جهة أخرى. ولم يحاول أي من الطرفين في البداية توحيد الإِمارتين لمجابهة الأخطار المحدقة بهما، بل كثيراً ما كانت العلاقات تسوء بين الإِمارتين إلى درجة الحرب والغزو.
أما علاقة الأراتقة الرسمية بالخلافة العباسية والسلطنة السلجوقية منذ تأسيسها حتى سنة 521هـ/1127م، فقد كانت ودية فيما عدا مرات قليلة، وكانوا يخطبون للخلفاء العباسيين، وللسلاطين السلاجقة معاً ويضربون السكة باسمهم، ويقدمون لهم الطاعة والخضوع الاسمي، فضلاً عن وضع قواتهم، ولو اسمياً بتصرف السلاجقة. وربما أدوا إِليهم قطيعة (إِتاوة) سنوية بحسب ما هو مقرر في النظام الإِقطاعي السلجوقي.
توسع دولة الأُرْتُقيين
سار إِيلغازي أمير مارِدِين على سياسة أخيه سُقمان في استغلال الأحداث السياسية والعسكرية في ديار بكر، وفي الانضمام إِلى بعض الأمراء على البعض الآخر، وتشكيل الأحلاف والتكتلات من أجل توسيع ممتلكاته في المنطقة. فقد استغل وفاة صاحب الموصل سنة 500هـ/1107م وما نجم عنها من خلافات بين ورثته فضم نصيبين إلى أملاكه. ولما تولى الموصل مودود بن التونتكين سنة 502هـ/1108م أخذها منه مقابل إِقطاعه حرَّان ثم ضم إِليه الضياع التي كانت حول ميّافارقين.
وساعدته الظروف سنة 511هـ/1117م على ضم حلب وما يحيط بها بدعوة من أهلها لعجز أمرائها من أحفاد رضوان بن تُتُش وأوصيائهم عن حمايتها من الصليبيين، وبعد أن تم له الأمر عوض بعض أمرائها عدداً من المواقع والحصون المجاورة كبالس والقُلَيعة. وبهذا بلغت إِمارة مارِدِين أقصى اتساعها.
لم يستطع إِيلغازي الاستقرار في حلب فكان يتردد بينها وبين مارِدِين وأناب عنه على حلب ابنه حسام الدين تمُرتاش، من دون أن يتخذ الإِجراءات الكفيلة بتعزيز دفاعها أمام الصليبيين، كما أن أبناءه لم يحسنوا الإِدارة فيها، وكانت لهم فيها مظالم ومصادرات، إِضافة إِلى اختلافهم فيما بينهم. فقد خلع سليمان بن إِيلغازي طاعة أبيه في حلب، فاضطر أبوه إِلى التوجه إِليها على جناح السرعة سنة 515هـ/1122م، ودخل حلب وسط مظاهر الحفاوة، فأحسن إِلى أهلها، ورفع عنهم بعض الضرائب، ثم ارتد إِلى مارِدِين في المحرم من سنة 516هـ/1122م لخطر أحاق بها. ولم يلبث أن توفي في السنة نفسها ودفن في ميّافارقين، فانقسمت إِمارة مارِدِين وخَرْتَبِرت، وسارعت القوى المحيطة إلى اقتطاع أجزاء منها إِلا أن حسام الدين تِمُرتاش بن إِيلغازي تمكن سنة 518هـ/1124م من إِعادة توحيد إِمارة أبيه واستعاد بالتدريج، ما سلخ منها.
لم تتضح في هذه المرحلة طبيعة العلاقات بين إِمارة مارِدِين، وإِمارة حصن كَيْفا، ويبدو أن إِمارة كَيْفا كانت تتبنى سياسة انعزالية، فلم تسهم في الأحداث العامة سواء في ديار بكر أم في شمالي الشام.
تعليق